ما هو مرض الزهري

مرض الزُهريّ

هو أحد الأمراض المنقولة جنسيّاً، ينتج عن الإصابة بعدوى من البكتيريا اللولبيّة الشّاحبة، وتشير الدّراسات إلى إصابة أكثر من 56 ألف شخص بمرض الزُهريّ في الولايات المُتّحدة الأمريكيّة، وقد يُصيب النّساء والرّجال على حد سواء، إلّا أنّ نسب الإصابة قلّت في السّنوات الأخيرة ضمن النّساء، مع أنّها في تزايد عند الرّجال، خصوصاً بعد انتشار المِثليّة الجنسيّة. ويعتبر ظهور تقرّحات صغيرة غير مؤلمة أولى علامات الإصابة بمرض الزُهريّ، وقد تظهر هذه التقرّحات، إمّا على الأعضاء الجنسيّة أو على المُستقيم أو داخل الفم، ولا يلاحظها المُصاب عادةً. ويصعب في الكثير من الأحيان تشخيص الإصابة بمرض الزُهريّ، فقد لا تظهر على المريض أيّة أعراض لسنوات. ويُعتبر التّشخيص المُبكّر لهذا المرض ذا فائدة كبيرة، إذ إنّ بقاء المريض دون علاج لفترة طويلة له مُضاعفات عدّة قد تُؤثّر على الأعضاء الحيويّة في جسم الإنسان، كالقلب والدّماغ. ينتقل مرض الزُهريّ بين الأشخاص عن طريق التّلامس المُباشر مع التقرّحات، فهو لا ينتقل عبر استخدام نفس المِرحاض، أو ارتداء ملابس المريض، أو حتّى عند استعمال آنية الطّعام الخاصّة به.

مراحل الإصابة بمرض الزُهريّ

تأتي الإصابة بمرض الزُهريّ على مراحل تختلف فيما بينها بالأعراض التي تظهر على المريض، وقد تتداخل هذه المراحل مع بعضها البعض، وقد لا تظهر الأعراض على التّرتيب، كما أنّ بعض المَرضى لا يُعانون من أيّة أعراض لسنوات. أمّا مراحل الإصابة بمرض الزُهريّ فهي على النّحو الآتي:

  • الزُهريّ الابتدائيّ: وتظهر فيه القرحة الخاصّة بمرض الزُهريّ التي تُعدّ أُولى أعراض الإصابة ويكون حجمها صغيراً وغير مُؤلمة، وتظهر عند نقطة دخول البكتيريا للجسم. وفي مُعظم الحالات يُصاب المريض بقُرحة واحدة، مع أنّ بعض المُصابين يَختبرون العديد من التقرّحات، وتظهر هذه التقرّحات بعد الإصابة بالمرض بثلاثة أسابيع تقريباً. وقد يَصعُب على العديد من المَرضى ملاحظة هذه التقرّحات، إذ لا يُصاحبها أيّة آلام، كما أنّها قد تختفي في المهبل أو المستقيم. وتُشفى عادةً وحدها في مدّة تتراوح بين ثلاثة وستّة أسابيع.
  • الزُهريّ الثانويّ: ويدخل المريض في هذه المرحلة في غضون أسابيع بعد شفاء القرحة، ويظهر على المريض فيه طفح جلديّ يشمل الجذع بدايةً ولكنّه ما يلبث حتّى يُغطّي الجسم بأكمله حتّى باطن اليد والقدم. ولا يُثير هذا الطّفح الجلديّ الحكّة عادةً، ولكنّه قد يُصاحبه ظهور تقرّحات شبيهة بالثّآليل في الفم وعلى المناطق الجنسيّة. وقد يختبر بعض المرضى أعراضاً أُخرى، كتساقط الشّعر، والشّعور بآلام في العضلات، وارتفاع درجة حرارة الجسم، والتهاب الحلق، وانتفاخ الغدد اللمفاويّة. وقد تختفي هذه الأعراض خلال أسابيع قليلة وفي بعض الأحيان تستمّر بالظّهور والاختفاء مدّة سنة كاملة.
  • الزُهريّ الكامن: وينتقل المريض من المرحلة الثانويّة إلى الكامنة بعد عدم علاج المرض بالشّكل المطلوب، وقد تستمّر لسنوات دون ظهور أيّة أعراض، وإمّا أن تختفي الأعراض تماماً ولا يشعر بها المريض مُجدّداً، أو أن ينتقل المريض إلى المرحلة الثالثيّة.
  • الزُهريّ الثالثيّ: وتُسمّى أيضاً بالمرحلة المُتأخّرة لمرض الزُهريّ، وهي المرحلة التي تظهر فيها مضاعفات مرض الزُهريّ عند المرضى الذين لم يخضعوا للعلاج المطلوب، ويختبرها ما بين 15 إلى 30 % من مرضى الزُهريّ. ويُؤثّر فيها المرض على مُختلف أعضاء الجسم؛ كالدّماغ، والقلب، والأعصاب، والعيون، والعضلات، والعظام، والكبد، والأوعية الدمويّة.
  • الزُهريّ الخلقيّ: ويُصاب بها حديثو الولادة لأمّهات مُصابات بمرض الزُهريّ، إذ ينتقل المرض إمّا عن طريق المَشيمة أو عند الولادة. ومعظم حديثو الولادة المُصابون بمرض الزُهريّ لا تظهر عليهم أيّة أعراض، على الرّغم من مُعاناة بعضهم من طفح جلديّ يظهر على باطن القدم واليد، وقد تظهر أيضاً أعراض مُتأخرة تتمثّل بفقدان السّمع، أو تشوّهات في الأسنان، أو في الأنف.

علاج مرض الزُهريّ

يتمّ علاج مرض الزُهريّ في مرحلتيه الابتدائيّ والثانويّ باستخدام البنيسيلين على شكل حقن، ويعتبر أكثر المُضادّات الحيويّة استخداماً وهو فعّال بشكل كبير في القضاء على مرض الزُهريّ. أمّا الأشخاص الذين يعانون من حساسيّة البنسلين فقد يتمّ إعطائهم مُضادّات حيويّة أُخرى عن طريق الفم، مثل دوكسيسايكلين، وسيفترياكسون، وأزيثرومايسين. أمّا في حال الإصابة بمُضاعفات الزُهريّ على الأعصاب يحتاج المريض حينها العلاج بالبنسلين عن طريق الوريد، ويلزم بذلك البقاء في المستشفى، وللأسف لا يمكن عكس الأضرار العصبيّة النّاجمة عن مرض الزُهريّ.

في خلال مرحلة العلاج يجب على المريض عدم القيام بأيّ اتّصال جنسيّ حتّى يتم شفاء جميع التقرّحات النّاتجة عن مرض الزُهريّ، ويجب على الزّوج كذلك الخضوع للعلاج، ويجب عليهما الامتناع عن مُمارسة الجنس لحين إكمال علاجهما. وتُعتبر ممارسة الجنس الآمن باستخدام الواقي أفضل الوسائل للوقاية من الإصابة بمرض الزُهريّ، ويُنصح كذلك بتجنّب مُمارسة الجنس مع شُركاء كثر، وكذلك استخدام الواقي عند ممارسة الجنس الفموي، بالإضافة إلى إجراء الفحوصات التي تكشف عن الأمراض المَنقولة جنسيّاً بشكل دوريّ. كما يمكن أن ينتقل الزُهريّ عبر الأبر، لذلك يُنصح بأخذ الحذر عند استخدامها.

مُضاعفات مرض الزُهريّ

قد يُؤدّي مرض الزُهريّ إلى مُضاعفات عدّة، وذلك إذا لم يتمّ علاج المريض بشكل سليم. أمّا أبرز هذه المُضاعفات فهي على النّحو الآتي:

  • ظهور نتوءات أو أورام: وتظهر إمّا على الجلد أو العظم أو الكبد أو على أعضاء أخرى، في المرحلة الأخيرة من المرض. وتختفي عادةً بعد الخضوع للعلاج بالمُضادّات الحيويّة.
  • المُعاناة من مَشاكل على مستوى الجهاز العصبيّ: كالإصابة بالسّكتة الدماغيّة، أو التهاب السّحايا، أو فقدان السّمع، أو مشاكل في النّظر، أو الإصابة بالخَرَف، أو فقدان الإحساس بالحرارة.
  • الإصابة باضطرابات في جهاز القلب والدّوران: أبرزها المُعاناة من انتفاخ وتهيّج جدار الشّريان الأورطيّ وأوعية دمويّة أخرى، وقد يلحق كذلك ضرر بصمّامات القلب.
  • الإصابة بعدوى فيروس العوز المناعي البشري: فعند المعاناة من مرض الزهري، تزداد فرصة انتقال هذا الفيروس المؤدي لمرض الأيدز بمعدل ضعفين إلى خمسة أضعاف الشخص السليم.