تعريف فقر الدّم
يعرف فقر الدّم بمفهومه المبسّط، بأنّه عدم وجود عدد كافٍ من كريات الدم الحمراء الصحيّة اللازمة لنقل الكميّة المطلوبة من الأكسجين التي تحتاجها خلايا الجسم، حيث إنّ هذه المهمّة هي المهمّة الرئيسيّة للهيموغلوبين والذي هو المكوّن الرئيسي لكريّات الدّم الحمراء، إذ يتكوّن الهيموغلوبين بشكل أساسي من عنصر الحديد، الذي يقوم بالارتباط بعنصر الأكسجين ونقله من الرئة إلى أجزاء الجسم كافة؛ لذلك فإنّ نقص عنصر الحديد من الدّم عن الحد الطبيعي – لأسباب كثيرة- سوف يؤدّي بشكل مباشر إلى نقص الهيموغلوبين، مؤدياً إلى مشكلة فقر الدّم، مسبّباً الأعراض التي يواجهها مرضى فقر الدم.
الأكل المفيد لأنواع فقر الدّم
بشكلٍ عام، يختلف علاج فقر الدم، لا سيما العلاج التغذويّ، باختلاف نوعه وسببه. فيما يأتي أهمّ الأغذية الضروريّة في علاج كلٍّ من أنواع فقر الدم التي يمكن علاجها بالغذاء.
فقر الدم بعوز الحديد
يعتبر هذا النوع من فقر الدم الأكثر شيوعاً، حيث إنّ نقص الحديد هو الأكثر شيوعاً بين جميع حالات نقص العناصر الغذائيّة، ويعاني منه حوالي 1.2 بليون شخص، ومن المجموعات الأكثر عرضة للإصابة به الأطفال في عمر ما قبل المدرسة والنّساء الحوامل، حيث يصاب بنقصه حوالي نصف هذه المجموعات، ويعتبر الشّخص مصاباً بفقر الدم بعوز الحديد عندما ينخفض مستوى الحديد في جسمه إلى حدّ يقلل من مستوى الهيموجلوبين في الدّم، والذي يحتاج إلى الحديد لتكوينه، وتشمل أسباب فقر الدم بعوز الحديد ما يأتي:
- عدم الحصول على كميّات كافية من الحديد من الحمية الغذائيّة، وخاصة في الأطفال والمراهقين والنباتيّين.
- ارتفاع احتياجات الجسم اليوميّة من الحديد، مما يؤدي إلى استهلاك مخزون الجسم منه، كما يحدث في حالات الحمل والرّضاعة.
- الحيض، وخاصة في حالات غزارته.
- فقدان الدّم بالنّزيف أو القرحة أو غيرها من مشاكل الجهاز الهضميّ.
- تكرار التّبرع بالدّم.
- ممارسة التّمارين الرياضيّة (الأيروبيك) بكثرة.
- بعض أمراض الجهاز الهضمي مثل مرض كرون، أو إزالة جزء من المعدة أو الأمعاء الدّقيقة بالجراحة.
- بعض الأدوية والأغذية والمشروبات المحتوية على الكافيين.
يتم علاج هذا النّوع من فقر الدم عن طريق زيادة تناول الحديد، بتناول مكمّلاته الغذائيّة وزيادة تناول مصادره الغذائيّة، بالإضافة إلى علاج المُسبّب، مثل حالات خسارة الدّم بأي طريقة عدا الحيض، والتي يتطلّب علاجها الجراحة أحياناً، وتشمل المصادر الغذائيّة الغنيّة بالحديد اللّحوم الحمراء، والأسماك، والأسماك القشريّة، والدّواجن، والبيض، والبقوليّات، والحبوب الكاملة والحبوب المُدعّمة بالحديد مثل حبوب الإفطار المُدعّمة بالحديد والخبز المُدعّم، وتليها الفواكه المجففة والخضروات الخضراء مثل البروكلي.
يجب الأخذ بعين الاعتبار إمكانيّة الاستعانة ببعض العوامل الغذائيّة التي ترفع من امتصاص الحديد لتسريع عمليّة العلاج عن طريق تناولها في نفس الوجبات مع مصادر الحديد، حيث توفّر المصادر الحيوانيّة الحديد الهيمي العالي الامتصاص، بالإضافة إلى أنها تحتوي على عامل يُحسّن من امتصاص الحديد غير الهيمي الموجود في المصادر الحيوانيّة والنباتيّة، كما يعمل فيتامين ج على زيادة امتصاص الحديد غير الهيمي، بالإضافة إلى بعض السكّريات والأحماض التي ترفع أيضاً من امتصاصه.
فقر الدم بعوز فيتامين B12
يُسبّب نقص الفيتامين B12 فقر دم يتميّز بالخلايا الحمراء الكبيرة الحجم، ويحصل نقص الفيتامين B12 غالباً بسبب عدم قدرة الجسم على امتصاصه وليس بسبب قلّة تناول مصادره الغذائيّة، ولكنّه يمكن أن يحصل بسبب نقص الحمية الغذائية بمصادره،، ويتم علاج فقر الدّم الذي بعوز الفيتامين B12 في الغالب باستعمال الحقن، وفي الحالات التي يحصل فيها نقص فيتامين B12 بسبب قلّة تناوله في الأغذية، يمكن أن يتم علاجه بالمُكمّلات الغذائيّة أو بالغذاء، حيث إنّه موجود طبيعيّا في المصادر الحيوانيّة فقط، وتعتبر اللّحوم، والأسماك، والدّواجن، والأسماك القشريّة، والحليب، والأجبان، والبيض من أهمّ مصادره، كما أنّه موجود في منتجات الحبوب المُدعّمة به.
فقر الدم بعوز حمض الفوليك
يُسبّب نقص الفولات فقر دم يتميّز بالخلايا كبيرة الحجم، وهو يحصل في حال فقر الحمية بمصادر الفولات أو بسبب عمليات الطّبخ الزّائد، ويمكن أيضاً أن يحصل نقصه بسبب ارتفاع احتياجات الجسم له كما يحصل في حالات الانقسام السّريع للخلايا كالحمل بتوأم أو ثلاثة توائم، وفي مرض السّرطان، وفي بعض الأمراض الجلديّة، كالحصبة، وجدري الماء، والحروق، وفي حالات خسارة الدّم، وتقدّم العمر، واستعمال مُضادّات الحموضة والأسبرين بشكل دائم، بالإضافة إلى أدوية منع الحمل والتدخين، ويتم علاج هذا النوع من فقر الدم بالمكملات الغذائية وبزيادة تناول مصادر الفولات الغذائيّة، ومن أهمّ مصادره الغذائيّة الكبدة، والخضار الورقيّة الخضراء مثل السّبانخ، والبروكلي والهليون والبندورة، والبقوليّات كالعدس والفاصوليا الجافّة، كما وتعتبر الحبوب المدعّمة بحمض الفوليك وخبز القمح الكامل، والبطاطس مصادراً جيدة له أيضاً، أما بالنسبة للّحوم والحليب ومنتجاته فهي تعتبر مصادر سيئة وفقيرة بهذا الفيتامين، وتجدر الإشارة هنا إلى أن حمض الفوليك حسّاس للحرارة والأوكسجين، بالتّالي يتمّ فقد حوالي 50% إلى 90% منه خلال التّخزين والطّبخ، ويجب أن يتم أخذ هذه العوامل بعين الاعتبار عند علاج نقصه بالغذاء.
فقر الدم بعوز الفيتامينات
- نقص الفيتامين B6: يمكن أن يؤدي نقص الفيتامين B6 (البيريدوكسين) إلى فقر دم يتسم بخلايا الدم الحمراء صغيرة الحجم، ويتم علاجه غذائيّاً عن طريق التركيز على تناول مصادره، والتي تشمل اللّحوم، والأسماك، والدّواجن، والبطاطس، والبقوليّات، والفواكه غير الحمضيّة، والحبوب المُدعّمة، والكبدة، ومنتجات الصّويا، كما يتمّ أيضاً علاجه بالمُكمّلات الغذائيّة.
- نقص الفيتامين C: يمكن أن يؤدي نقص الفيتامين C إلى فقر دم من النوع الذي يتسم بكريات الدم الحمراء صغيرة الحجم، ويتمّ علاج هذا النوع من فقر الدم بالمُكمّلات الغذائيّة أو بالحمية، وتشمل المصادر الغذائيّة للفيتامين C الفواكه والخضروات، مثل الفواكه الحمضيّة، والبروكلي، والفلفل الحلو، والفراولة، والبطاطس، والبندورة، والخسّ، والمانجا، والبابايا، والبطّيخ، والشّمام، والكيوي.
- نقص الفيتامين E: يُسبّب نقص الفيتامين E فقر الدم الانحلالي (Hemolytic anemia)، وهو نوع نادر من أنواع فقر الدم، ويرتبط غالباً بأمراض سوء الامتصاص، ويتمّ علاجه بالمُكمّلات الغذائيّة والحمية، حيث تشمل مصادر فيتامين E الزّيوت النباتيّة غير المشبعة، والخضار الخضراء الورقيّة، والحبوب الكاملة، وأجنّة القمح، والكبدة، وصفار البيض، والمكسّرات، والبذور، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الفيتامين E يعتبر حسّاساً للأكسدة والحرارة.
فقر الدم بعوز النّحاس
تعتبر الإصابة بنقص النّحاس أمراً نادراً، وفي حال حصل نقصه فإنه يسبب العديد من الأعراض، والتي تشمل فقر الدم، ويتم علاجه بالمُكمّلات الغذائيّة وعن طريق تناول مصادره الغذائيّة، والتي تشمل الأغذية البحريّة، والمكسّرات، والحبوب الكاملة، والبذور، والبقوليّات.
أسباب فقر الدم
هناك ثلاثة أسباب رئيسة لفقر الدم:
- فقدان الدم: يعد فقدان الدم من أكثر أسباب فقر الدم انتشاراً، وخصوصاً فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، ويكون فقدان الدم إما على مدة قصيرة بكمية كبيرة أو على فترات طويلة مزمنة، مثل: الدورة الشهرية المفرطة، أو نزيف في القناة الهضمية، أو نزيف في المجاري البولية، أو عملية جراحية، أو إصابات نازفة، أو سرطانات وغيرها من الأمور المؤدية لفقدان الدم.
- ضعف في إنتاج خلايا الدم الحمراء: وينتج هذا الضعف إما عن سبب مكتسب أو عن سبب خلقي لدى المريض، ومن هذه الأسباب:
- التغذية: إن اتباع نظام غذائي يفتقر إلى الحديد وحمض الفوليك (الفولات) ، أو فيتامين B12 قد تمنع الجسم من صنع ما يكفي من خلايا الدم الحمراء، ويحتاج الجسم أيضا على كميات صغيرة من فيتامين سي، وفيتامين بي، والنحاس لإنتاج خلايا الدم الحمراء.بالإضافة إلى بعض الظروف الصحية، مثل التهابات المزمنة للأمعاء، التي تجعل من الصعب على الجسم على امتصاص المواد المغذية التي تمنع الجسم من صنع ما يكفي من خلايا الدم الحمراء.
- الهرمونات: يحتاج الجسم هرمون الإريثروبويتين لإنتاج خلايا الدم الحمراء، وهذا الهرمون يحفّز نخاع العظم لصنع هذه الخلايا، وانخفاض مستوى هذا الهرمون يمكن أن يؤدي إلى فقر الدم.
- الأمراض وعلاجاتها:بعض الأمراض المزمنة، مثل: أمراض الكلى والسرطان، يمكن أن تجعل من الصعب على الجسم إنتاج ما يكفي من خلايا الدم الحمراء.وبعض علاجات السرطان قد يؤدي إلى تلف نخاع العظام أو تلف قدرة خلايا الدم الحمراء على حمل الأكسجين.ففي حالة تلف نخاع العظام، فإنه لا يمكن صنع خلايا الدم الحمراء بالسرعة الكافية لتحل محل تلك التي تموت أو يتم تدميرها.وعند مرضى الإيدز قد يظهر فقر الدم بسبب العدوى أو الأدوية المستخدمة لعلاج المرض.
- الحمل:يمكن أن يحدث فقر الدم أثناء الحمل نظراً لانخفاض مستويات الحديد وحمض الفوليك والتغييرات الفسيولوجية في الدم، وعادةً ما يحدث هذا خلال الستة أشهر الأولى من الحمل، حيث يزيد انتاج الجزء السائل من الدم (البلازما) بشكل أسرع من انتاج خلايا الدم الحمراء فهذا يخفف الدم ويمكن أن يؤدي إلى فقر الدم.
- فقر الدم اللاتنسّجي:من الممكن أن يكون خَلقي أو مكتسب.فيولد بعض الأطفال بدون القدرة على إنتاج ما يكفي من خلايا الدم الحمراء، وتسمى هذه الحالة فقر الدم اللاتنسّجي وغالباً ما يحتاجون إلى نقل الدم لزيادة عدد كريات الدم الحمراء في الدم لديهم، وبعض الظروف أو العوامل المكتسبة، مثل بعض الأدوية والسموم، والأمراض المعدية، وأيضاً يمكن أن تسبّب فقر الدم اللاتنسّجي.
- ارتفاع في معدل تدمير خلايا الدم الحمراء: بعض الظروف والعوامل المكتسبة أو الموروثة يمكن أن تتسبب للجسم بتدمير عدد كبير جداً من خلايا الدم الحمراء، وأحد الأمثلة على الظروف المكتسبة هو تضخم أو اعتلال الطحال -حيث يعتبر الطحال هو العضو الذي يصفّي خلايا الدم الحمراء المهترئة من الجسم- فيؤدي ذلك إلى إزالة المزيد من خلايا الدم الحمراء أكثر من المعتاد، مما يُسبّب فقر الدم.
من الأمثلة على الظروف الموروثة التي يمكن أن تُسبّب تدمير عدد كبير جداً من خلايا الدم الحمراء: فقر الدم المنجلي، والثلاسيميا، ونقص بعض الإنزيمات.هذه الظروف تخلق تشوّهات في خلايا الدم الحمراء التي تسبّب لهم الموت بصورة أسرع من خلايا الدم الحمراء الطبيعية.
وكذلك فقر الدم الانحلالي هو مثال آخر على هذه الحالة فبعض الظروف أو العوامل الموروثة أو المكتسبة يمكن أن تسبب فقر الدم الانحلالي ومن الأمثلة على ذلك الاضطرابات المناعية، والالتهابات، وبعض الأدوية، أو ردود الفعل الناتجة من عمليات نقل الدم.
أعراض فقر الدم
هنالك عدة أعراض لفقر الدم وتختلف من مريض إلى آخر حسب المُسبّب الرئيسي للمرض، كأن يشترك بعض المرضى بهذه الأعراض حيث يفتقر الجسم إلى الأكسجين، لذلك قد يواجه واحد أو أكثر من الأعراض الآتية :،
- ضعف عام.
- سرعة ضربات القلب أو عدم انتظامها.
- قصف أو الطنين في الأذن.
- صداع الرأس.
- ألم في الصدر.
- الدّوار المستمر: حيث يشعر المريض بدوخة بشكل كبير ومتكرّر.
- الغثيان وعدم الرّاحة: يشعر المريض برغبة متكرّرة بالاستفراغ، وشعوره بالإعياء العام، والتّعب بدون بذل أي جهد.
- ضيق التنفّس: حيث يشعر المريض بالإختناق، وعدم القدرة على التنفّس بسهولة، ومحاولة أخذ شهيق قوي لاسترداد النّفس، وقد يؤدّي هذا إلى آلام في الصّدر.
- غياب لون الجلد الطبيعي وشحوبه: وذلك نتيجة لنقص الهيموغلوبين، حيث يصبح جلد المريض مائلاً إلى الاصفرار، غائباً عنه اللّون الوردي الصحّي.
- تكسّر الأظافر: يصبح تهتك الأظافر وتكسّرها سريع وسهل جداً.
- تساقط الشعر: تزداد نسبة تساقط الشعر بشكل ملحوظ وغير مسبوق.
- برودة وخدر الأطراف: حيث يشعر المريض بخَدَران في أطرافه، وبرودة مستمرة في يديه وقدميه وخصوصاً في منطقة الأصابع، ويشعر بمعاناة هذه البرودة تحديداً في فصل الشّتاء والأيّام الباردة.