جدريّ الماء
هو مرضٌ معدٍ جدّاً، يسبّبه الإصابة بعدوى من فيروس يُسمّى “الحُمّاق النّطاقي”. وقد كانت هذه العدوى من أكثر الأمراض شيوعاً في الولايات المتحدة الامريكيّة والتي تصيب الأطفال تحت سن 12 عاماً، إلّا أنَّه أصبح نادراً بعد استخدام مطعوم جدريّ الماء، والذي يُعطَى للأطفال الَّذين تتراوح أعمارهم بين السَّنة والخمسةَ عَشَرَ شهراً، يتبعه إعطاء جرعة إضافيّة عند بلوغهم من العمر ما بين أربع وست سنوات. إذ تتمّ حماية الأطفال المُطعّمين ضدّ هذه العدوى، وحتّى إذا تمّت إصابتهم، فإنّهم يُعانون من حالةٍ خفيفةٍ للمرض، كما أنّهم يتماثلون للشِّفاء في فترة زمنيّة أقلّ من أولئك الأطفال غير المُطعَّمين. ويعاني الأطفال المُصابون بجدريّ الماء من ظهور طفحٍ جلديٍّ على شكل بُقعٍ مثيرةٍ للحكّة، كما أنّهم يعانون من أعراض شبيهة بأعراض الأنفلونزا. ويجب على الأطفال عندها الالتزام بالرَّاحة التامّة في البيت لحين اختفاء الطّفح الجلدي. وتشكّل الإصابة بجدريّ الماء خطراً على حياة المريض في حالات معيّنة، كأن يُصاب به الأطفال في مقتبل العمر أو البالغون أو الأشخاص ذوو المناعة الضعيفة.
أعراض الإصابة بجدريّ الماء
تظهر أعراض الإصابة بجدريّ الماء بعد التعرّض لفيروس الحماق النّطاقي بفترة ما بين عشرة أيّام وواحد وعشرين يوماً، وتستمر ما بين خمسة لعشرة أيّام. ويُعتبر الطَّفح الجلديّ أبرز مؤشّر على الإصابة بجدريّ الماء، إلّا أنّ المريض يعاني من عدّة أعراض قبل ظهور الطَّفح الجلدي بيوم أو يومين. ومن هذه الأعراض؛ ارتفاع درجة حرارة الجسم، وفقدان الشهيّة للطعام، والشعور بألم في الرأس، بالإضافة إلى الإعياء والتّعب العام.
أمّا عند ظهور الطَّفح الجلديّ فإنّه يمرّ بثلاث مراحل؛ بدايةً يبدو الطَّفح الجلديّ على شكل نتوئات حمراء أو ورديّة اللّون مرتفعة عن سطح الجلد، تتفشّى خلال عدّة أيّام. بعد ذلك تتحوّل هذه النتوئات إلى بُثُور صغيرة مملوءة بالسوائل تسمّى بالحويصلات، وتستمر تلك البُثُور ليوم واحد تقريباً قبل أن تنفجر ويتسرّب ما بداخلها من سوائل. أمّا المرحلة الأخيرة فتتضمّن ظهور قشور تغطّي النتوئات بعد تفجّرها، وتستغرق عدّة أيّام أخرى للشفاء. وقد يستمر ظهور نتوئات جديدةً لعدّة أيّام، ولذلك قد يظهر على المريض المراحل الثلاثة للطفح الجلديّ في نفس الوقت عادةً في اليوم الثاني للطَّفح الجلديّ.
وإذا ما أُصيب الشخص بالعدوى، يكون معدياً لمدّة أقصاها يومين قبل ظهور الطَّفح الجلديّ، ويستمر كذلك حتّى تغطّي القشور كامل بقع الطَّفح الجلديّ. وعادةً ما تكون العدوى خفيفةً عند الأطفال الأصحاء، أمّا في الحالات الشديدة، فقد يتفشى الطَّفح الجلدي ليغطي الجسم بأكمله، فقد يظهر في الحلق أو العينين أو الأغشية المخاطيّة في الإحليل (وهي القناة الناقلة للبول من المثانة إلى الخارج) أو الشرج أو المهبل.
علاج جدريّ الماء
تكون الإصابة بجدريّّ الماء خفيفةً عادةً ويتم علاجها منزليّاً، ويشعر المريض بتحسُّن ملحوظ خلال أسبوع من الإصابة. ومن الضروريّ أيضاً العمل على منع انتقال العدوى للآخرين، كالبقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى العمل أو المدرسة لحين اختفاء البُثُور تماماً. ولا وجود لعلاجٍ محدّدٍ لجدريّّ الماء، إلّا أن هنالك عدّة طرق تساعد على تخفيف الأعراض بينما يقوم الجسم بمحاربة العدوى. من أهم هذه الطرق ما يلي:
- تناول مسكّنات الألم: وأفضل المسكّنات على الإطلاق تلك المحتوية على باراسيتامول، فاستخدامها آمن لمعظم الأشخاص، حتّى النّساء الحوامل والأطفال الأكبر من شهرين. وقد يتمّ استخدام مسكّن أيبوبروفين في بعض الحالات كبديل للباراسيتامول، إلّا أنّ استخدامه غير ملائم للجميع. وتعمل هذه المسكّنات على تخفيف الحرارة والشعور بعدم الراحة المصاحبين لجدريّّ الماء. ويجب الحرص على عدم إعطاء الأسبرين للأطفال دون عمر السَّادسة عشر فذلك قد يشكّل خطراً على حياتهم.
- العمل على منع الحكّة: إذ يعاني مرضى جدريّ الماء من الحكّة الشديدة. ومن الضَّروري منعها، فذلك يعمل على زيادة فرصة التهاب الجلد ممّا يؤدّي إلى ظهور ندبات مكان البُثُور. ولتحقيق ذلك يجب الحرص على إبقاء الأظافر قصيرةً ونظيفة، وكذلك ارتداء قفازات قطنيّة أو جوارب في اليدين ليلاً، والاستحمام بماء دافئ أو بارد نسبيّاً، بالإضافة إلى ارتداء ملابس قطنيّة ناعمة. وبالإمكان أيضاً استخدام مستحضرات عدّة كتلك المحتوية على كولامين، أو كريمات الترطيب، أو الأدوية المضادّة للهيستامين مثل كلورفينارامين.
- الاهتمام بالغذاء: فمن الضَّروري شرب كميّات كبيرة من السوائل لمنع الإصابة بالجَّفاف. حيثُ يُعتبر شرب الماء أفضل بكثير من تناول المشروبات الغازيّة أو الحامضة أو المحتوية على السكّر، خصوصاً إذا ما كان المُصاب طفلاً ويعاني من بُثُور في الفم. ويجب تجنّب تناول الأطعمة الصلبة أو الحارّة أو المالحة، فذلك قد يؤدّي إلى الإصابة بتقرّحات في الفم، ويُنصح عادةً بتناول الحساء، بعد تركه ليبرد.
- تناول أنوعاً من الأدوية تُصرف بأمر الطبيب: ويُلجَأ إليها إذا ما كان المريض مُعرَّض للإصابة بحالة شديدة من عدوى جدريّ الماء، كالنّساء الحوامل، أو البالغين، خصوصاً المدخنين منهم، وكذلك الأطفال الذين بلغوا من العمر أقل من أربعة أسابيع، بالإضافة إلى الأشخاص منقوصي المناعة، كالمُصابين بفيروس العوز المناعي البشري (الإيدز) أو الذين يتناولون أدوية الستيرويد أو أولئك الخاضعين للعلاج الكيميائي. أمّا تلك الأدوية فهي:
- الأدوية المضادّة للفيروسات: مثل دواء أسيكلوفير، ويبدأ استخدامها عادةً بعد يوم من ظهور الأعراض. وتُؤخَذ غالباً على شكل أقراصٍ، خمسَ مرّات في اليوم ولمدّة أسبوع. ولا تعمل هذه الأدوية على القضاء على الفيروسات بشكل كامل، إنّما تساعد على التخفيف من الأعراض.
- الجلوبيولينات المناعيّة: ويُعطى هذا الدَّواء على شكل حُقن، حتّى قبل ظهور الأعراض، للأشخاص المعرّضين للإصابة بجدريّ الماء أو للذين لم يُصابوا به سابقاً، ممًن هم في خطر الإصابة بعدوى شديدة.