ما وظيفة كريات الدم الحمراء

كريات الدم الحمراء

يتكوّن دم الإنسان من خلايا وبلازما، إذ تُشكّل البلازما ما نسبته 55% من حجم الدم، وهي عبارة عن سائل أصفر اللّون. أمّا النّسبة الباقية فتشغلُها مُختلف أنواع خلايا الدم، مثل كريّات الدم الحمراء، والبيضاء، والصّفائح الدمويّة. وتُمثّل خلايا الدم الحمراء 99% من نسبة المُكوّنات الصّلبة للدّم، أمّا شكلها فيُشبه القرص، وتكون مُقعّرةً من الجهتين، مع وجود نتوءات على قمّة الخليّة وقاعها. وعلى العكس من الكثير من خلايا الجسم، لا تحتوي كريات الدم الحمراء على نواة، بل تحتوي على جُزَيء هيموجلوبين الذي يُعتبر ذا أهميّة كبيرة للجسم؛ إذ يعمل على نقل الأكسجين اللّازم لعمليّة البناء والهدم من الرّئتين إلى مُختلف خلايا الجسم، وكذلك نقل ثاني أكسيد الكربون من الخلايا إلى الرّئتين.

تمتاز هذه الخلايا بالمرونة التي تُمكّنها من الإنحناء بسهولة كي تستطيع المرور عبر الشُعيرات الدمويّة الدقيقة. تنشأ كافّة خلايا الدم من خلايا جذعيّة مُشترَكة فيما بينها، ويتمّ إنتاج هذه الخلايا الجذعيّة في نخاع العظم بشكل أساسيّ، وتمرّ فيما بعد بمراحلَ تطوّرٍ عدّة، تنتهي بتكوين خلايا دم حمراء أو بيضاء أو صفائح دمويّة ناضجة.

يتمّ التحكّم بإنتاج خلايا الدم عن طريق إطلاق أنواع مُعيّنة من المُركّبات الكيميائيّة؛ فيتمّ التحكّم بإنتاج خلايا الدم الحمراء عبر هرمون إريثروبيوتين الذي يُنتَج بدوره من الكلى. يحتوي جسم الذّكر البالغ على حوالي 5 مليون خليّة دم حمراء/ مليلتر مُكعّب من الدم، أمّا الأنثى البالغة فيحتوي جسمها على كميّة أقلّ نسبيّاً قد تصل إلى 4.5 مليون خليّة/ مليلتر مُكعّب من الدم. تتفاوت أعداد خلايا الدم الحمراء وفقاً للموقع الجغرافيّ للإنسان، فتزداد كميّاتها مثلاً عند الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المُرتفعة جدّاً عن مستوى سطح البحر. تمتدّ دورة حياة خليّة الدم الحمراء إلى ما يُقارب 120 يوماً، فعندما تكبر في العمر، أو إذا لحقها ضرر ما، يتمّ تحطيمها في نخاع العظم أو الكبد أو الطّحال.

وظيفة كريّات الدم الحمراء

تُعتبر خلايا الدم الحمراء من أكثر خلايا الجسم أهميّةً، فهي تقوم بالعديد من الوظائف، أمّا وظيفتها الأساسيّة فتتمثّل بنقل الأكسجين؛ فتقوم بدايةً الكريات الحمراء الموجودة في الشُعيرات الدمويّة الدّقيقة في الرّئتين بأخذ الأكسجين من الهواء، ومن ثمّ نقله عبر الدّورة الدمويّة إلى كافّة خلايا الجسم، إذ تحتاجه الخلايا للقيام بعمليّة البناء والهدم. ينتج عن هذه العمليّة عدّة فضلات، منها ثاني أكسيد الكربون، فتقوم كريات الدم الحمراء بنقله أيضاً إلى الرئتين، وذلك عن طريق إفرازها لإنزيم كاربونيك أنهيدريز. تعمل كريات الدم الحمراء أيضاً على إمداد مُختلف خلايا الجسم بالمواد الغذائيّة وبالمُركّبات الأساسيّة، ونقل فضلاتها إلى الكبد. ومن وظائفها أيضاً التحكّم بمُستوى حموضة الدم، أو ما يُسمّى بـ pH؛ فهي تعمل كمُنظّم للتّوازن الحمضيّ القاعديّ في الدم.

الأمراض التي قد تُصيب كريات الدم الحمراء

هنالك العديد من الاختلالات التي قد تلحق بخلايا الدم الحمراء، منها ما ينتج عن حالات مرضيّة، أو من نقصٍ في تناول الفيتامينات، كفيتامين B12، وحمض الفوليك، والحديد، ومنها ما يكون نتيجةً لأمراض وراثيّة. من أبرز أمراض خلايا الدم الحمراء ما يُسمّى بفقر الدم الذي تكون فيه أعداد هذه الخلايا قليلة، ممّا يُؤدّي إلى الإخلال في إمداد خلايا الجسم بالأكسجين. وقد يُؤثّر هذا المرض أيضاً على شكل وحجم خلايا الدم الحمراء، وذلك وفقاً لنوع فقر الدم؛ فقد يكون شكلها إمّا طبيعيّاً أو مُختلّاً، وقد تكون أكبر أو أصغر من حجمها الطبيعيّ.

قد يُعاني مريض فقر الدم من العديد من الأعراض، كالشّعور بالتّعب والإعياء الشّديدين، وشحوب لون الجلد، وعدم انتظام ضربات القلب أو قصور عضلة القلب في الحالات الشديدة. أمّا عند الأطفال فقد يُؤدّي إلى اضطراب النمّو مُقارنةً بالأطفال الأصحّاء. أكثر أنواع فقر الدم شيوعاً فهي على النّحو الآتي:

  • فقر الدم النّاتج عن نقص الحديد: فالحديد ضروريّ لصنع خلايا الدم الحمراء، ويُعتبر أكثر أنواع فقر الدم شيوعاً. وقد ينتج من أسباب عدّة، بعضها مُرتبط بقلّة تناول الحديد في الطّعام، ومنها ما ينشأ نتيجةً لحدوث نزيف مُفاجئ، أو من المعاناة من نزيف مُزمن، أو قد يكون ناتج عن اختلال امتصاص الحديد في الجسم.
  • فقر الدم المنجليّ: وهو مرض وراثيّ يختلّ فيه شكل كريات الدم الحمراء فتصبح كالمِنجل أو كنصف القمر، ممّا يُفقدها مرونتها، ويجعلها أكثر لزوجة، فيصعب مرورها عبر الأوعية الدمويّة، مُؤدّياً بذلك إلى انسداد مجرى الدّم. قد ينتج عن هذا الانسداد العديد من المُضاعفات، كالشّعور بآلام حادّةٍ أو مُزمنة، بالإضافة إلى زيادة عرضة الأنسجة للعدوى، وكذلك موت الأعضاء أو الأنسجة المُصابة. تموت الخلايا المنجليّة في فترة أقصر بكثير من الخلايا السّليمة؛ أي في غضون حوالي 10-20 يوماً.
  • فقر الدم النّاتج عن الأمراض المُزمنة: كأمراض الكلى، أو الأورام السرطانيّة، أو التهاب المفاصل الروماتيزميّ وغيرها. على الرّغم من قلّة أعدادها في هذه الأمراض، إلّا أنّ شكلها وحجمها يكون طبيعيّاً.
  • فقر الدّم الانحلاليّ: ويحصل هذا النّوع بسبب تدمير كريات الدم الحمراء نتيجةً لعمليّة غير طبيعيّة وذلك قبل إكمالها لعمرها الافتراضيّ. وتقلّ بذلك أعداد كريّات الدم الحمراء، ولا يكون باستطاعة نخاع العظم تعويض هذا النّقص.
وهنالك حالات أخرى تُسبّب زيادة أعداد خلايا الدم الحمراء، كتناول المُنشّطات الستيرويديّة، أو التسمّم بأحادي أكسيد الكربون، أو المُعاناة من اضطربات خَلقيّة في القلب، وكذلك استخدام حقن إريثروبيوتين من قبل الرياضيّين لتحسين أدائهم، بالإضافة إلى الإصابة بحالة الجفاف، والإصابة ببعض الحالات المرضيّة أيضاً. تُؤدّي تلك الأسباب إلى زيادة إفراز الكلى لهرمون إريثروبيوتين، وبالتّالي زيادة إنتاج نخاع العظم لخلايا الدم الحمراء، إلّا أن سعة حمل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء تقلّ في هذه الحالات.