حمّى التيفوئيد
تُعتبر حمّى التيفوئيد من أكثر الأمراض المُعدية انتشاراً في العالم، خصوصاً في الدّول النامية التي تفتقر إلى معايير الصحّة العامّة. تنتشر هذه العدوى في المكسيك ودول أمريكا الجنوبيّة، بالإضافة إلى مصر والباكستان والهند، وفي باقي الدّول ذات الكثافة السُكانيّة المُرتفعة. تُشير إحدى الدّراسات إلى إصابة حوالي 21 مليون شخص في العالم سنويّاً بحمّى التيفوئيد، وتُسبّب وفاة ما يُقارب 200 ألف شخص.
تنتج هذه العدوى من الإصابة ببكتيريا تُسمّى سالمونيلا تايفي، وكذلك بكتيريا سالمونيلا باراتايفي التي تُسبّب شكلاً من حمّى التيفوئيد أقل خطورة من تلك النّاتجة عن تايفي، ويقترن هذا المرض بالحمّى لتَسبُّبه بارتفاع شديد في درجة حرارة المريض. تنتقل عدوى هذا المرض بتلويث الطّعام والشّراب بالبكتيريا، خصوصاً عن طريق براز المريض الذي يحتوي على أعداد هائلة منها، وهنالك نسبة قليلة من المرضى يصبحون حاملين للمرض لسنوات عديدة بعد شفائهم منه، ولا تظهر عليهم أيّة أعراض، ويكونون أيضاً مصدراً للعدوى.
يتم تشخيص حمّى التيفوئيد عادةً عبر إجراء فحص للبراز، وقد يلجأ بعض الأطباء إلى إجراء فحص الدم لتأكيد ذلك. يشعر المرضى بتحسّن خلال أيّام بعد تناول المُضادّات الحيويّة المُناسبة، إلّا أن بعضهم قد يُعانون من مُضاعفات هذه العدوى، وعلى الرّغم من وجود لقاح مُضادّ لحمّى التيفوئيد، إلّا أن فاعليته محدودة، ويبقى استخدامه مُقتصراً للوقاية منه؛ وذلك بإعطائه للأشخاص المعرّضين للإصابة بالمرض، ولأولئك الذين سيسافرون إلى المناطق المُنتشرة فيها حمّى التيفوئيد.
أعراض حمّى التيفوئيد
تبدأ أعراض حمّى التيفوئيد بالظّهور خلال مدّة تتراوح ما بين أسبوع إلى أسبوعين بعد الإصابة ببكتيريا السالمونيلا تايفي، فإذا ما تمّ علاج هذا المرض بشكل سليم سيشعر المريض بتحسّن، وقد تختفي الأعراض خلال ثلاثة أو خمسة أيّام. أمّا إذا لم تعالج فسيحتاج المريض لأسابيع أو لأشهر حتّى يشعر بالتحسّن، وغالباً ما يُعاني من تكرار نفس الأعراض، وقد تسوء حالته بشكل كبير خلال أسابيع، بالإضافة إلى إمكانيّة إصابته بمُضاعفات مرض التيفوئيد الخطيرة. أمّا أبرز الأعراض المُصاحبة لحمّى التيفوئيد فهي على النّحو الآتي:
- ارتفاع درجة حرارة الجسم: وعادةً ما تبدأ بارتفاع طفيف يزداد يوماً بعد يوم، وقد تصل في بعض الحالات إلى 40 درجةً مئويّةً.
- التعرّق بشكل مُفرِط.
- التّعب العام والإعياء الشّديدين.
- الشعّور بآلام حادّة في الرّأس، وكذلك في مُختلف عضلات الجسم.
- فقدان الوزن غير المبرّر، بالإضافة إلى انعدام شهيّة المريض للطّعام.
- المُعاناة من الانتفاخ وكثرة الغازات في البطن، وقد يُصاحبه الشّعور بآلام شديدة في البطن.
- المُعاناة من السّعال الجاف.
- ظهور طفح جلديّ ورديّ اللون على الجسم بأكمله.
- الشّعور بالغثيان، وقد يكون مَصحوباً بالاستفراغ في بعض الأحيان.
- المُعاناة من الاسهال، خصوصاً عند الأطفال، وكذلك الامساك الذي يعاني منه البالغون بشكل أكبر.
- وتظهر الأعراض السّابقة في الطّور المُبكّر من المرض، وتختفي بعد الخضوع للعلاج السّليم، فإذا لم يتم ذلك قد تظهر أعراض أخرى، كالهذيان النّاتج عن الارتفاع الشّديد في حرارة الجسم، بالإضافة إلى استلقاء المريض مُتعباً دون القيام بأيّة حركة مع إبقاء عينيه مُغلقتين بشكل جزئيّ، وهذا ما يُعرف بوضعيّة التيفوئيد.
علاج حمّى التيفوئيد
تُعتبر حمّى التيفوئيد من الأمراض التي تُشفى بشكل تامّ باستخدام المُضادّات الحيويّة، وغالباً ما يتمّ استخدام دوائَي سيبروفلاكساسين وسيفترياكسون اللذين يُعطيا عن طريق الحقن، وقد يُصاحبهما العديد من المُضاعفات الجانبيّة. يجب على المرضى الخضوع للعلاج لمدّة تتراوح بين 7 و14 يوماً، وعادةً ما ينصح الأطباء بالرّاحة التامّة وشرب كميّات كبيرة من الماء؛ لتلافي الإصابة بحالة الجفاف، ولتعويض السّوائل التي خسرها المريض بالإسهال والتعرّق، بالإضافة إلى تقسيم الطّعام على وجبات صغيرة ومُتعدّدة بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة.
يجب على المريض كذلك المُحافظة على النّظافة الشخصيّة، والقيام بغسل اليدين جيّداً؛ لتقليل فرصة نقله للمرض لأشخاص آخرين. وقد يحتاج بعض المرضى، في حال الإصابة بشكل شديد بحمّى التيفوئيد، إلى الإدخال للمُستشفى، وبذلك الخضوع للعلاج بالمُضادّات الحيويّة عبر الوريد. كما قد يتمّ اللّجوء في بعض الحالات إلى إجراء عمليّات جراحيّة لعلاج المُضاعفات النّاتجة عن حمّى التيفوئيد.
مضاعفات حمّى التيفوئيد
تظهر مُضاعفات حمّى التيفوئيد غالباً في حال عدم علاجه بشكل مُناسب، وعادةً ما يُعاني منها المرضى خلال الأسبوع الثّالث من المرض. أمّا أكثر مُضاعفات حمّى التيفوئيد شيوعاً هي كالآتي:
- الإصابة بالنّزيف الداخليّ: وقد يُصاحبه المُعاناة من العديد من الأعراض، كضيق التنفّس، وشحوب الجلد، والشّعور بالتّعب باستمرار، بالإضافة إلى عدم انتظام ضربات القلب، وخروج دم مع البراز أو مع التقيّؤ. وعلى الرّغم من تسبّبه بالعديد من المشاكل للمريض، إلّا أنّه لا يُشكّل خطراُ على حياته. وقد يحتاج المُصاب لنقل الدم أو لإجراء جراحة لوقف النّزيف.
- المُعاناة من ثقب الجهاز الهضميّ والتهاب الصّفاق، وهو طبقة رقيقة تُبطّن الجدار الداخليّ للبطن وتُغطّي معظم الأعضاء الداخليّة، وأبرز الأعراض المُصاحبة لهذه المُضاعفة الشّعور بآلام شديدة ومُفاجئة في البطن تزداد سوءاً مع مرور الوقت. تنتج من انتقال البكتيريا المُسبّبة للمرض، والتي تعيش في الأمعاء، إلى المعدة، ومنها إلى الصّفاق، الأمر الذي يُشكّل خطراً كبيراً على حياة المريض؛ وذلك لإمكانيّة تسبّبه بتسمّم الدم، وبالتّالي فشل العديد من أعضاء الجسم، وقد يُؤدّي ذلك إلى الوفاة. يحتاج المرضى في هذه الحالة إلى الإدخال إلى المُستشفى والخضوع لعلاج مُكثّف بالمُضادّات الحيويّة بالحقن العضليّة أو عبر الوريد، وغالباً ما يتمّ اللّجوء إلى إجراء العمليّات الجراحيّة لإصلاح الضّرر اللاحق بالجهاز الهضميّ.
- وهنالك أيضاً مُضاعفات أقلّ شيوعاً لحمّى التيفوئيد، كالتهاب عضلات القلب أو الصمّامات، وذات الرّئة، والتهاب البنكرياس والكلى، والتهاب السّحايا، بالإضافة إلى الهلوسة والهذيان.