انخفاض ضغط الدم
يكون ضغط الدم منخفضاً عندما تقلّ قراءته عن 90/60 مم زئبقي، ويُعبّر عن ضغط الدم عادةً بقراءتين: الأولى والأعلى تقيس الضغط الانقباضي، أي ضغط الدم في الشرايين لحظة انقباض عضلة القلب وملئِها بالدم، أمّا القراءة الثانية والصغرى فتقيس الضغط الانبساطي، وذلك عند ارتخاء عضلة القلب بين النبضات، وتكون القراءة الطبيعيّة لضغط الدم أقل من 120/80 مم زئبقي عند الأشخاص الأصحّاء.
لا يُعتبر انخفاض ضغط الدم غير المُسبّب للأعراض أمراً ذا أهميّة وهو لا يحتاج للعلاج عادةً، ولكن في بعض الأحيان قد يدلّ على وجود مشكلة صحيّة، خصوصاً عند الكبار في السن؛ إذ قد يؤدّي إلى قلّة إمداد الأعضاء الحيويّة، كالقلب والدماغ من الدم والأكسجين، فإذا ما حدث ذلك يؤدّي إلى الشعور بالدوخة أو الدوار.
هنالك أنواع عدّة لانخفاض ضغط الدم، أكثرها شيوعاً ما يُسمّى بانخفاض ضغط الدم الوضعي، الذي يحصل بشكلٍ مفاجئ عند الوقوف بعد الاستلقاء أو الجلوس لفترةٍ طويلة؛ إذ يَتجمّع الدم عند الوقوف في الأطراف السفليّة، وينشأ هذا النوّع نتيجةً لفشل جهاز الدوران والجهاز العصبي في الجسم في الاستجابة بشكلٍ مُناسب لهذا التغيّرات المفاجئة، وبعدها يرسل جسم الإنسان إشاراتٍ للقلب كي يزيد من نبضاته، وللأوعية الدمويّة كي تنقبض، وذلك لمقاومة هذا الانخفاض.
هنالك نوع آخر يسمّى بانخفاض ضغط الدم العصبيّ، الذي يحصل عند الوقوف لفتراتٍ زمنيّة طويلة، وتزداد فرصة الإصابة بانخفاض ضغط الدم بازدياد العمر، وذلك نتيجةً للتغيّرات التي تحصل لجسم الإنسان، إذ ما يقارب 10 إلى 20% من الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم الخامسة والستّين يُصابون بانخفاض ضغط الدم الوضعي.
أسباب انخفاض ضغط الدم
لانخفاض ضغط الدم أسباب عديدة؛ ففي بعض الحالات يكون دَلالةً على التمتّع بصحّة جيّدة وعلى النّشاط، كما قد يكون أمراً متوارثاً في العائلة. قد تختلف قراءات الضغط خلال اليوم الواحد، وذلك باختلاف الحالة النفسيّة، ودرجة الحرارة، والحمية الغذائيّة، ويجب أخذ كل تلك الأمور بعين الاعتبار عند قياس ضغط الدم، أمّا إذا كان انخفاض ضغط الدم مستمرّاً فقد يكون نتيجةً لحالات عدّة كالآتي:
- الحمل: فيكون ضغط دم المرأة الحامل منخفضاً عادةً، نتيجةً للتوسّع السريع في دورتها الدمويّة، ويعتبر هذا الأمر طبيعيّاً خلال الحمل، وعادةً ما يعود ضغط الدم إلى طبيعته بعد الولادة.
- أمراض القلب: فقد تؤدّي بعض أمراض القلب إلى انخفاض ضغط الدم، مثل الانخفاض الشديد في ضربات القلب، وأمراض صمّامات القلب، والذبحة الصدريّة بالإضافة إلى قصور عضلة القلب؛ إذ تُسبّب هذه الأمراض تدنّي كميّة الدم التي تسري في الشرايين، وذلك ما ينعكس على ضغط الدم.
- أمراض الغدد الصمّاء: مثل أمراض الغدّة الدرقيّة، وأمراض الغدد جارات الدرقيّة، وقصور الغدد الكظريّة، كمرض أديسون، بالإضافة إلى انخفاض مستوى السكّر في الدم، وقد يُحفّز داء السكّري في بعض الأحيان الإصابة بانخفاض ضغط الدم.
- الإصابة بالجفاف: تحصل هذه الحالة عند فقدان سوائل الجسم بشكل كبير، وتنتج من ارتفاع درجة حرارة الجسم والتقيّؤ والإسهال، ومن الاستخدام المُفرط للأدوية المدرّة للبول بالإضافة إلى الإجهاد. من المضاعفات الخطيرة للجفاف ما يُسمّى بصدمة نقص حجم الدم، الذي يسبّب انخفاض ضغط الدم، وبالتالي تقليل كميّة الدم والأكسجين الواصلة لمختلف أنسجة الجسم، وإذا ما تُركت هذه الحالة دون علاج، قد تؤدّي إلى الوفاة في غضون دقائق أو ساعات.
- الإصابة بالنزيف: ففقدان الدم نتيجةً إمّا لجرح كبير أو لنزيف داخليّ أو لعمليّة جراحيّة كبيرة يؤدّي إلى الانخفاض المفاجئ في ضغط الدم.
- المعاناة من العدوى الشديدة أوالإصابة بتسمّم الدم؛ إذ يسبّب ذلك الدخول في نوع آخر من الصدمة يسمّى بالصدمة الإنتانيّة.
- الإصابة بحالة حساسيّة شديدة: هي حالة خطيرة تنتج إمّا من تناول بعض الأدوية أو الأطعمة أو من سموم الحشرات أو الأفاعي، وتسبّب المعاناة من مشاكل في التنفّس، وظهور طفح جلديّ، والشعور بالحكّة الشديدة، بالإضافة إلى انخفاض ضغط الدم.
- تناول بعض الأنواع من الأدوية مثل:
- الأدوية المُدرّة للبول: مثل فروزيمايد، وهيدروكلوروثيازايد.
- الأدوية المثبّطة لمستقبلات ألفا: مثل برازوسين، ولابيتالول.
- الأدوية المُثبّطة لمستقبلات بيتا: مثل أتينولول، وبروبرانولول.
- الأدوية المُستخدمة لعلاج مرض باركينسون: مثل براميبيكسول، وتلك المُحتوية على مركّب ليفيدوبا.
- بعض الأدوية المُضادّة للاكتئاب: مثل دوكسيبين، وإيميبرامين.
- المعاناة من فقر الدم: ينتج عادةً من تناول الأطعمة المفتقرة لفيتامين B12 أو لحمض الفوليك.
أعراض انخفاض ضغط الدم
لا يُصاحب انخفاض ضغط الدم المعاناة من أيّة أعراض عادةً، خصوصاً إذا لم يكن المُصاب يُعاني من أيّة أمراض، أمّا الأعراض التي قد يسبّبها انخفاض ضغط الدم فتعتمد بشكلٍ كبير على العضو الذي قلّ إمداد الدم له، وتشمل الشعور بالدوخة والدوار، بالإضافة الى الضعف العام والإعياء، وكذلك ضيق التنفس، والشعور بالخفقان، وتسارع دقّات القلب، وعدم وضوح الرؤية، وقلّة التركيز، بالإضافة إلى الشعور بالعطش الشديد والغثيان، وقد تسبّب كذلك برودة الجلد وشحوب لونه.
علاج انخفاض ضغط الدم
يلزم علاج ضغط الدم فقط إذا ظهرت بعض أعراض؛ إذ لا يحتاج عادةً لأي علاج، ويكون العلاج باتّخاذ تدابير عامّة وتناول بعض الأدوية بالإضافة إلى علاج السبب الكامن وراءه. إنّ علاج انخفاض ضغط الدّم يكون على النّحو الآتي:
- اتّباع تدابير عامّة من شأنها تخفيف الأعراض المُصاحبة للأنواع الأكثر شيوعاً من انخفاض ضغط الدّم، ومن هذه التدابير:
- الوقوف بشكل تدريجيّ: خصوصاً عند الاستيقاظ في الصباح، ويُنصح عادةً بممارسة حركات جسديّة قبل الوقوف، كالتمدّد، وذلك لزيادة نشاط القلب، وتدفّق الدّم في أعضاء الجسم.
- تجنّب الوقوف لفترات زمنيّة طويلة: ذلك لمنع حدوث انخفاض ضغط الدم العصبيّ.
- ارتداء الجوارب الطويلة: تُدعى أيضاً بالجوارب الضّاغطة؛ إذ تزيد الضغط على القدمين والبطن، ممّا يُحسّن الدورة الدمويّة ويرفع ضغط الدم، ويجب استشارة الطبيب قبل اللّجوء لهذه الطريقة فهي لا تناسب الجميع.
- تجنّب تناول المشروبات المحتوية على الكافيين ليلاً، بالإضافة إلى عدم تناول المشروبات الكحوليّة: ذلك لمنع الإصابة بالجفاف الذي قد يؤدّي إلى انخفاض ضغط الدم.
- تناول الطعام على وجبات صغيرة مُتكرّرة، كما قد يُساعد الاستلقاء أو الجلوس بعد الانتهاء من الطعام على منع الإصابة بانخفاض ضغط الدم.
- زيادة تناول السوائل والأملاح: ذلك يُساعد في عدم الدخول بحالة الجفاف التي تُعدّ أحد الأسباب الشائعة لانخفاض ضغط الدم.
- تغيير بعض الأدوية: ذلك إذا ما كان المُصاب يتناول أدويةً من شأنها تخفيض ضغط الدّم، عندها قد يُبدل الطبيب تلك الأدوية بأدوية أخرى.
- تناول بعض الأدوية: قد يلجأ البعض إلى أنواع من الأدوية تُستخدم لعلاج انخفاض ضغط الدم، وذلك في حال فشل الطّرق السابق ذكرها، ومن هذه الأدوية دواء فلودروكورتيزون، الذي يزيد حجم الدم ممّا يرفع الضغط فيه، بالإضافة إلى دواء ميدودرين، الذي يقلّل قدرة الأوعية الدمويّة على التمدّد.