الرّوماتيزم
هو أحد أمراض المناعة الذاتيّة، التي يهاجم فيها جهاز المناعة في جسم الإنسان مفاصل الجسم عن طريق الخطأ، محدثةً بذلك تهيّج تلك المفاصل ممّا يُسبّب انتفاخ الأنسجة المُحيطة بها، وينتج عن ذلك حدوث تورّم وشعور بالألم داخل وحول المفصل المُصاب، وإذا استمرّ الالتهاب دون علاج فقد ينتج عنه تدمير الغضاريف المُغطيّة لنهايتَي العظم في المفصل بالإضافة إلى العظم نفسه. ومع مرور الوقت تختفي الغضاريف وتصغر المسافة الموجودة أصلاً في المفصل، والتي كانت تشغلها تلك الغضاريف، وبذلك تصبح المفاصل المُصابة مؤلمة ورخوة وغير مُستقرّة، كما قد تفقد قدرتها على الحركة، وقد يحصل أيضاً تشوّهٌ في المفصل المُصاب.
لا يمكن عكس الأضرار اللاحقة بالمفصل عند حصولها، وبما أنّ تلك الأضرار قد تَحدُث في مرحلة مُبكّرة من سير المرض، يُشير الأطبّاء إلى أهميّة التّشخيص المُبكّر والعلاج المُناسب في السّيطرة على التهاب المفاصل الروماتيزمي، إذ يُصيب هذا المرض عادةً مفاصل اليد، والقدم، والرّسغ، والرّكبة، والكاحل، ويكون تأثيره على تلك المفاصل مُنتظماً على كلتا الجهتين؛ أي إذا أصاب الالتهاب إحدى اليدين ستُصاب غالباً اليد الأخرى أيضاً. كما أنّه يُؤثّر على عدّة مفاصل معاً.
يُعتَبر هذا المرض مرضاً جهازيّاً؛ فيُصيب مُختلف أجهزة الجسم، كجهاز القلب والدّوران، والجهاز التَنفُسيّ. وتُشير الإحصائيّات إلى إصابة حوالي مليون ونصف المليون شخص بالتهاب المفاصل الروماتيزميّ في الولايات المُتّحدة الأمريكيّة. وتُصاب النّساء بهذا المرض بنسبة أكبر من الرّجال بثلاثة أضعاف، وتبدأ الإصابة عادةً ما بين عمر 30 و60 عاماً، وغالباً ما يُصاب الذّكور بعد هذا العمر. تزداد نسبة الإصابة عند وجود تاريخ عائليّ للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتيزميّ، على الرّغم من عدم وجود إصابات أُخرى في العائلة عند مُعظم المَرضى.
أعراض الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتيزميّ
تُصاحب الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتيزميّ ظهور أعراضٍ وعلاماتٍ عديدة، ومع أنّ الأعراض المُبكّرة تكون مُشابهةً لأعراض أمراض التهاب المفاصل الأُخرى، إلّا أنّ هنالك أعراضٌ يتميّز بها التهاب المفاصل الروماتيزميّ عن غيره، ومن هذه الأعراض الآتي:
- التّعب العام: وهو عَرَض شائع يشعر به المريض في جميع مراحل الإصابة بالمرض، خصوصاً عندما يكون التَهيُّج نشطاً، ويحصل ذلك نتيجةً لردّ فعل الجسم للالتهاب، أو لقلّة النّوم، أو فقر الدّم، أو جرّاء تناول الأدوية. وقد يُؤثّر الإعياء المُصاحب للرّوماتيزم على حياة المريض الشخصيّة، وعلى عمله، وعلاقته بالآخرين، كما قد يُسبّب فقدانَ الشَهيّة وانخفاض الوزن.
- الشّعور بألم في المِفصل المُصاب: ويحصل ذلك نتيجةً لتهيُّج المفصل إذا ما كان المرض في طوره النّشط. وقد يشعر المريض كذلك بآلام في المفصل حتّى إذا لم يكن المرض نشطاً أو تمّت السّيطرة عليه بالأدوية، وذلك إذا ما حدث تدمير سابق للمفصل. ويحدث في المرحلة النّشطة لالتهاب المفاصل الروماتيزمي تورّم المفصل نتيجةً لتضخُّم الأنسجة المُحيطة به، بالإضافة إلى ازدياد كميّة السّوائل فيه.
- الإحساس بألم عند الضّغط على المِفصل: وذلك بسبب تهيُّج الأعصاب الموجودة بالمفصل، ولذلك يُصاب المريض بصعوبةٍ في النّوم.
- تورّم المفصل المُصاب: وقد تتباين درجة التورّم من خفيف وغير ملحوظ إلى شديد يُسبّب تحديد مدى الحركة في المفصل المُصاب.
- احمرار المفصل المُصاب: إذ يحصل احمرار الجلد المُغطّي للمفصل المُتهيّج؛ وذلك نتيجةً لتوسّع الشُّعيرات الدمويّة فيه كإحدى علامات الالتهاب. وليس بالضّرورة أن يحدث ذلك في جميع المفاصل المُلتهبة.
- ارتفاع درجة حرارة المفصل المُصاب: ويحدث ذلك كعلامة للالتهاب كذلك، ويُعتبر دفء المِفصل المُصاب إشارةً يَستدِلّ من خلالها الأطبّاء على سير المرض؛ فإذا ما استجاب المرض للعلاج تختفي هذه العلامة.
- تصلُّب المِفصل: ويشعر بذلك المرضى بشكل أكبر خلال الصّباح، ويُصبح التَصلُّب أقلّ حدّة بعد ذلك.
- تحديد مدى الحركة في المفصل المُصاب: إذ يُلاحِظ المريض بعدم قدرته على تحريك المفصل بشكلٍ كامل، وذلك ناتج بشكلٍ رئيس من تورّم الأنسجة داخل المِفصل.
- الإصابة بالعَرَج: ويحصل ذلك إذا ما أثّر مرض الرّوماتيزم على مفاصل الحوض، أو الرّكبة، أو الكاحل، أو القدم. وعادةً ما يُصاب مرضى الرّوماتيزم من الأطفال بالعَرَج غير المُصاحِب للألم كأُولى علامات الإصابة بالمرض.
- تشوّه المفصل المُصاب: وذلك ناتج عن تآكل الغضاريف والعظام، بالإضافة إلى ارتخاء الأربطة الموجودة في المفصل. ويُعتَبر الكشف المُبكّر والعلاج السّليم لمرض الرّوماتيزم أمراً ضروريّاً للحدّ من حدوث هذه التَشوُّهات.
- الإصابة بفقر الدّم: وذلك لأنّ التهاب المفاصل الروماتيزمي المُزمِن يُؤثّر على عمل نخاع العظم في إنتاج خلايا الدّم الحمراء، فتنقص أعداد تلك الخلايا. وعادةً ما يتمّ تدارك ذلك إذا عولج الرّوماتيزم بشكلٍ سليم.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم: وعلى الرّغم من ندرة حدوثه بسبب الرّوماتيزم، إلّا أنّ بعض المرضى يُصابون بحمّى خفيفة في الطّور النّشط من المرض. وعند حصول ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار إصابة المريض بالعدوى كونه يتناول أدويةً من شأنها إضعاف مناعته.
- يُعاني حوالي 40% من مرضى الرّوماتيزم من أعراض وعلامات عند تأثيره على أعضاء أُخرى غير المفاصل، كالجلد، والعينين، والرّئتين، والقلب، والغُدد اللُعابيّة، والأنسجة العصبيّة، والأوعية الدمويّة.
العوامل التي قد تزيد من فرصة الإصابة بالروماتيزم
هناك عدّة عوامل تزيد من فرصة الإصابة بهذا المرض منها:
- الجنس: فنسبة الإصابة تكون أكثر ضمن النّساء.
- العمر: فعلى الرّغم من أنّه قد يحدث في أيّ عمر، إلّا أن نسبة الإصابة تزداد ما بين عمر 30 و60 عاماً.
- وجود إصابات أُخرى بالتهاب المفاصل الروماتيزمي في العائلة.
- التّدخين: بالإضافة إلى زيادة فرصة إصابة المُدخّن بالمرض، يُساهم التّدخين في تفاقمه عند المُصابين.
- التعرّض لعوامل بيئيّة مُختلفة: فقد وُجِدَ أنّ تعرّض الشّخص لموّاد مُعيّنة، كالصّوف الصخريّ والسّليكا، من شأنه زيادة فُرَص إصابته بالمرض.
- زيادة الوزن أو السُّمنة المُفرطة، خصوصاً عند النّساء.