القولون
القولون أو المعيّ الغليظ هو الجزء الأسفل من الجهاز الهضمي الموجود في أحشاء البطن، ويمتدّ على عدة مناطق في البطن، ويقسم لعدة أقسام بناءً على طريقة مسيرته، حيث يبدأ من الجهة اليمنى لأسفل البطن، ويُسمّى هذا الجزء “بالأعور” والذي تتدلّى منه الزائدة الدودية، ويصعد من الجزء الأسفل للجهة اليمنى للبطن إلى الجزء الأعلى للجهة نفسها من البطن أسفل الكبد ويسمّى “بالقولون الصاعد”.
يمتدّ القولون بعد ذلك عرضياً من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى من أعلى البطن ليصل أسفل الطحال ويُسمّى “القولون المستعرض”، ومن ثمّ يهبط من الجزء الأعلى من الجهة اليسرى للبطن إلى الجزء الأسفل من الجهة نفسها للبطن ويسمّى “القولون الهابط”، وفي أسفل البطن من الجهة اليسرى يلتف على شكل حرف “S” بالإنجليزية ليدخل الحوض، ويُسمّى هذا الجزء “بالقولون السيني”، ومن ثم يبدأ “المستقيم” وهو الجزء الأخير من أجزاء القولون الذي يقع خلف المثانة البولية ويمتد حتى فتحة الشرج.
للقولون وظيفتان رئيسيتان: الأولى: تشكيل البراز من خلال ما تبقى من سوائل زائدة ومواد غذائيّة، وبالتالي تتشكّل الكتلة الصلبة من البراز، ويتمّ التخلص منها عبر فتحة الشرج، أمّا الوظيفة الثانية هي تحويل بعض المواد الغذائية والفيتامينات ليتمّ امتصاصها عن طريق البكتيريا، حيث يعتبر القولون هو الوسط الذي تعيش فيه البكتيريا النافعة اللازمة لتصنيع الفيتامين.
سرطان القولون
القولون مثله مثل بقية أعضاء جسم الإنسان وتركيباته يُصاب بمجموعة من الأمراض الالتهابية، والتقرحية، والميكانيكية مثل الانغلاق والالتفاف، وكذلك بعض الأمراض المناعية، والتحسسية، ويتأثر بكثيرٍ من الأمراض الأخرى، والحالة النفسية للشخص؛ حيث يمكن أن يُصاب بالتهيّج بما يعرف بالقولون العصبيّ، وكذلك يمكن أن يصاب بأورام سواءً الحميدة منها، أو الخبيثة والتي يصطلح عليها بسرطان القولون.
معظم حالات أورام القولون حميدة، وتكون عبارة عن تجمّعٍ من الخلايا على شكل زوائد لحمية صغيرة الحجم وغير مسرطنة تُسمّى سليلة ورميّة غديّة (بالإنجليزية: ِAdenomatous polyps)، ومع مرور الوقت بعض هذه الزوائد اللحميّة تتحول إلى أورام خبيثة، وقد تتسبّب الزوائد اللحمية بأعراض قليلة أو تكون دون أعراض. أمّا سرطان القولون فهو من أمراض القولون الشائعة، وقد تكون مميتة إذا لم يتمّ تشخيصها مبكراً، حيث إنّ نسبة حدوثه تقدر بحوالي 9.2% مقارنةً بالأنواع الأخرى من السرطانات عند النساء، وهو ثاني القائمة على ترتيب السرطانات الأكثر شيوعاً لديهنّ.
أمّا عند الرجال فيحتل سرطان القولون ثالث الترتيب بنسبة 10% من سرطانات الرجال، لذلك ينصح الأطباء بإجراء فحوصات دورية عن هذه الزوائد للمساعدة على منع حدوث سرطان القولون بالكشف المبكر عن الزوائد اللحمية قبل أن تتحوّل لمسرطنة.
قد تشمل الأعراض التي تدلّ على نشوء سرطان القولون حدوث تغيّر في نشاط الأمعاء الاعتياديّة، أو ظهور دم بالبراز، أو انتفاخ غازيّ أو ظهور أوجاع في البطنِ، أو تشنّجات معويّة مستمرّة.
أعراض سرطان القولون
عادةً في المراحل الأولى لسرطان القولون يكون صغيراً لا يُسبّب أيّة أعراض، ومع مرور الوقت ونموّها تظهر الأعراض المختلفة حسب موقع السرطان في القولون، ومن أكثر الأعراض شهرةً:
- نزيف الدم من الورم؛ حيث يلاحظ المريض خروج الدم مخلوطاً مع البراز بشكل قليل على شكل خيوط دموية، ومن الممكن أن يلوّنه باللون الغامق بحيث يكون لون البراز يميل إلى البني الداكن أو الأسود.
- قد يتسبّب النّزيف المتكرر بفقر الدم فيؤدي إلى شحوب لون البشرة.
- يصاحب خروج البراز مخاط.
- اختلاف في طبيعة حركة الأمعاء فتكون على شكل إمساك وإسهال متكرّر، بشكل غير معتاد المريض عليه.
- عدم الشعور بإتمام عملية التبرز؛ حيث يشعر بعدم تفريغ الأمعاء لديه بشكل كامل.
- آلام في البطن.
أعراض متقدمة لسرطان القولون
مع نمو السرطان داخل القولون ستزداد الأعراض سوءاً وتصاحبه أعراض أخرى مثل:
- الشعور بالوهن والضعف العام، ونقص الوزن.
- قد يُسبّب انغلاقاً تاماً في القولون، وبالتالي انتفاخ البطن وارتجاع محتويات القولون للأمعاء الرفيعة والمعدة والتقيؤ المستمرّ، وعدم قدرة المريض على التبرز أو حتى إخراج الريح، وفي حالات كثيرة يتطلّب التدخّل الجراحي الفوري في هذه الحالات.
- في بعض الأحيان قد يتسبّب السرطان بثقب في جدار القولون يؤدّي إلى تسرب البراز إلى داخل البطن مسبّباً ألماً شديداً جداً.
أسباب سرطان القولون
إنّ الأسباب التي يمكن أن تؤثّر أو تزيد من احتماليّة الإصابة بمرض سرطان القولون والمستقيم هي:
- خللٌ وراثيّ له تأثير على القولون: يمكن أن تزيد المتلازمات الوراثيّة المنتقلة في العائلة من جيلٍ لآخر من خطر الإصابة بسرطان القولون. وهي كذلك مسؤولة عن 5% من حالات سرطان القولون. وتسمّى إحدى هذه المتلازمات بداءِ السّلائل الورميّة الغديّة العائليّة، وهي نادرة ومسبّبة لإنتاج آلاف السّلائل في داخل المستقيم، وعلى جدران الأمعاء.
- التاريخ الطبيّ: إذا كان المريض مصاباً بسرطان القولون أو أورام غديّة حميدة من قبل، فإنّه يكون أكثر عرضةً للإصابة بسرطان القولون أو المستقيم.
- شرب الكحول: الاستخدام المفرط للكحول يعتبر عاملاً مهمّاً في زيادة خطر الإصابة بمرض سرطان القولون.
- العمر: الغالبيّة العظمى من المصابين بسرطان القولون هم من يبلغون الخمسين عاماً. ويمكن أن يصاب الشّباب بسرطان القولون أيضاً، لكنّ نسبة حدوثه قليلة جدّاً في هذه الحالات.
- أمراض التهابيّة في الأمعاء: مثل التهاب القولون التقرحيّ، وداء كرون؛ حيث يعمل وجودها على زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون.
- النّظام الغذائي: الأنظمة الغذائيّة الغنيّة بالدّهون، والسّعرات الحراريّة، أو الأغذية قليلة الألياف، قد تكون سبباً من أسباب نشوء سرطان القولون أو المستقيم.
- النّشاط البدني: إنّ للنشاط البدنيّ دوراً مهمّاً في المحافظة على أعضاءِ الجسم؛ فكما يعمل على الحفاظ على نشاطِ العضلات وصحّة العظام، فإنّه يساعد الجسم على التخلّص من المواد الضّارة، ويحفزّه على مقاومة الأمراض التي قد تصيبه، مثل: السّرطانات أو الالتهابات الداخليّة. ويعمل كذلك على حماية الجسم من السّمنة، والتي تعتبر سبباً إضافيّاً من أسباب الإصابة بسرطان القولون.
- اضطرابات في هرمون النموّ: وهو اختلال في نسبة هرمون النموّ الذي تفرزه الغدّة النخاميّة؛ وقد يرجع هذا الاختلال لوجود خلل في عمل الغدّة، والذي يؤثّر سلباً على نموّ أعضاء الجسم بالشكل الصّحيح، وعليه تزيد احتماليّة الإصابة بالأمراض المختلفة، ومنها سرطان القولون.
- مرض السّكري: إنّ الأشخاص الذين يعانون من مرض السّكري يعدّون الأكثر عرضةً للإصابة بمرض سرطان القولون.
- التّدخين: حيث أنّ الأشخاص المدخنين بكميّات كبيرة هم الأكثر عرضةً للإصابة بسرطان القولون؛ لأنّ تجمّع النّيكوتين في الجسم يتحوّل مع مرور الأيّام إلى سرطانات، ومنها إلى سرطان القولون.
أنواع سلائل القولون
إنّ هناك أنواعاً عديدةً من السّلائل في القولون، من بينها:
- سلائل مفرطة التنّسج: ويعتبر هذا النّوع من السّلائل نادراً جداً، ولا يشكّل مكاناً مناسباً لتكوين وتطوير سرطان القولون.
- سلائل التهابيّة: يمكن أن تتكوّن هذه السّلائل نتيجةً لالتهاب القولون التقرحيّ، ويمكن أن تتحوّل إلى أورامٍ سرطانيّة؛ ولذلك يعتبر الشّخص الذي يعاني من التهاب الأمعاء التقرحيّ أكثر عرضةً للإصابة بسرطانِ القولون.
- ورمٌ غديّ: وهو النّوع الأكثر احتماليّةً للتحوّل إلى ورم سرطانيّ، وتتمّ عادةً إزالته واستئصاله خلال اختبارات الكشف، مثل فحص التنظير السّيني، أو تنظير القولون.
تشخيص سرطان القولون
يفضّل إجراء الفحوصات المسحيّة الروتينيّة للكشف عن مرض سرطان القولون، ويبدأ من سنّ الخمسين عاماً، وذلك لجميع الأشخاص المعرّضين للإصابة بالمرض. ويوجد الكثير من الفحوصاتِ المسحيّة للكشف عن سرطان القولون، منها:
- فحص الحمض النّووي(DNA) في البراز: على الرّغم من أنّ المريض لا يعلم كم من الوقت عليه أن ينتظر ما بين الفحص والتّالي.
- فحص بحقنة الباريوم : وذلك مرةً واحدةً كلّ خمس سنواتٍ، حيث يقوم الطبيب في هذا الاختبار بفحص القولون بمساعدة الأشعّة السّينية والباريوم، وهو صباغ عاكس يتمّ إدخاله إلى القولون عن طريق حقنة شرجيّة.
- فحص سنويّ : وذلك للكشف عن أيّ دمّ خفيّ في البراز، حيث يفحص هذا الاختبار عيّنةً من البراز، ويشمل تحليل عدّة أحماض نوويّة، مصدرها الخلايا التي أفرزتها السّلائل ما قبل السّرطانية في البراز.
- فحصٌ بالتنظير السينيّ : وذلك مرّةً واحدةً كلّ خمس سنوات، وهو فحص للمناطقِ الداخليّة في القولون، ويستخدم الطبيب في هذا الاختبار أنبوب ضوء مرن؛ لكي يرى ما بداخل القولون، لمعاينة مسافةٍ تصل إلى ستّين سنتيمتراً في داخل القولون.
- تنظير القولون الافتراضيّ: وذلك مرّةً واحدةً كلّ خمس سنوات، وهو تنظير يتمّ عن طريق جهاز التّصوير المقطعيّ المحوسب، والذي ينتج صوراً للقولون، وذلك بدلاً من استخدام المعدّات التي تدخل في الأمعاء عبر الفتحة الشرجيّة. علماً أنّ هذا الفحص غير متوّفر في جميع المراكز الطبيّة.
علاج سرطان القولون
هناك ثلاثة أنواع رئيسيّة من العلاجات المستخدمة في علاج سرطان القولون، وهي: المعالجة الجراحيّة، والمعالجة الإشعاعيّة، والمعالجة الكيميائيّة.
كما تقسم العمليّات الجراحيّة المستخدمة في العلاج إلى:
- إجراءات جراحيّة: يزيل من خلالها الجرّاح جزءاً من القولون المتسرطن مع حوافّ إضافيّة من أنسجة القولون السّليمة، والتي تحيطه من جميع الجهات، وذلك للتأكّد من إزالة الورم السّرطاني بالكامل. إضافةً إلى إزالة الغدد اللمفاويّة المجاورة للأمعاء الغليظة؛ بهدف فحصها ومعاينتها، للتأكد من خلوّها تماماً من الخلايا السّرطانية.
- عمليّات جراحيّة للوقاية من سرطان القولون: وذلك في حالات نادرة جدّاً، مثل وجود عوامل وراثيّة، ومتلازمة السّلائل الغديّة الورميّة، أو متلازمات الأمعاء الالتهابيّة، والتهاب القولون التقرحيّ، حيث ينصح طبيب الأورام السّرطانية بإجراء استئصال كليّ للقولون؛ وذلك لحمايته من ظهور خلايا سرطانيّة في المستقبل.
- عمليّات جراحيّة للمراحل المبكرة من سرطان القولون: إذا كان الورم السّرطاني يتمركز في داخل سليلة في المراحلِ الأوليّة، فيستطيع حينها الطبيب الجراح إزالة الورم كله من خلال فحص تنظير القولون. أمّا إذا أظهرت الفحوصات أنَّ الورم السّرطاني غير موجود في الموقع الذي ترتبط فيه السّليلة في جدار القولون، فإنّه من المحتمل أن يقوم الأطباء بإجراء إزالة كليّة للقولون.
- عمليّات جراحيّة للمراحل المتقدمة من سرطان القولون: إذا كان السّرطان قد وصل إلى مراحله المتقدّمة، أو إذا كان الوضع الصحيّ للمريض ضعيفاً جدّاً؛ فإنّ الحلّ الأفضل في هذه الحالة هو إجراء جراحة لفتح الانسداد في القولون، ممّا قد يقلّل من الأعراض المسبّبة للآلام.
الوقاية من سرطان القولون
للوقاية من مرض السّرطان عامّةً، ومن سرطان القولون خاصّةً، يجب على الشّخص تغيّر نمط الحياة الخاطئ، وذلك للحدّ من خطر الإصابة بالمرض، ومن هذه الأنماط:
- الإقلاع التامّ عن التّدخين، ويمكن للمريض أن يقوم باستشارة الطبيب حول طرق التقليل ثمّ الإقلاع عن التّدخين.
- ممارسة التّمارين الرّياضية يوميّاً أو مرّتين في الأسبوع على الأقلّ؛ ويُنصح بممارسة التّمارين لمدّة لا تقلّ عن 30 دقيقة كلّ مرّة، ويمكن للمريض أن يبدأ بممارسة التّمارين البسيطة، إلى أن يعتاد عليها، ثمّ يعمل على زيادة فترات التّدريبات إلى 45 دقيقة تدريجيّاً.
- التقليل من شرب الكحول، والتّوقف التامّ عن أخذ الجرعات المخدّرة.
- الحفاظ على وزن صحيّ؛ ويمكن أن يحافظ المريض على وزن صحيّ من خلال اعتماد نظامٍ غذائيّ صحيّ ومنتظم، مع ممارسة النّشاطات الرّياضية اليوميّة.