سرطان الثّدي هو أكثر السرطانات التي تصيب النّساء فى العالم. ويقدّر أنّ واحدة من كل تسع نساء متوقّع أن يصيبها هذا الورم. لذلك أصبح الإهتمام بهذا السرطان أهميّة بالغة لكشفه مبكراً. وقد أدّى الكشف المبكر له إلى تخفيض نسبة الوفيّات به تخفيضاً ملحوظاً. وفي الأردن رأيت نساء يصبن بسرطان الثدي بعمر 17 سنة الى 90 سنة.
الكشف المبكر:يبدأ التّشيخص بالمرأة نفسها التي أنصح بشدّة أن تفحص نفسها دوريّاً وأمام مرآة بحث تلاحظ إن كان هناك أي فرق بين الثديين وهى مرخيّة يديها إلى الأسفل وهى رافعة يديها إلى الأعلى. ثم تفحص كل ثدي بالأصابع الثلاث الوسطى (البنصر والوسطى والسبابة) من اليد الأخرى. ويقسّم الثدي عند الفحص إلى أربعة أرباع. وتهتم المرأة لترى إن كان كل ربع هو خالي من أي كثل. فإن وجدت كتلة فى مكان ما، عليها مراجعة الطّبيب. ويجب أن يكون هذا الفحص فى كل شهر. أمّا عن أشعّة الثدي (Mamogram) فلا ينصح بها للنساء اللّواتى تقل أعمارهن عن 40 سنة حيث أنّ فعاليتها قليلة. ولكن ينصح بها للنساء فوق هذا السن إن لم تكن تحس بورم أو كتلة. أمّا إن كان الورم أو الكتلة محسوسة فلاداعي لعمل مثل هذه الأشعة.
التشخيص:يجب على المرأة أن تذهب إلى الطبيب المختص فى مثل هذه الأمور. ويجب أخذ عيّنة من الورم ويفضل كثيراً أن تكون هذه العيّنة بواسطة الابر وبدون جراحة حيث نستطيع أن نكشف سبب هذا الورم إن كان ورم سرطانى أم ورم حميد ،وتؤخذ الخزعة تخت التّخدير الموضعي حيث أن ّالمريض لايشعر بشيء بتاتاً. كما أنّ هذه الابرة دقيقة جدا،ً وعادةً ما تؤدّي إلى التشخيص الدقيق. بالإضافة إلى أنّها لاتترك ندباً فى الثّدي، ولاتؤدّي إلى انتشار الورم فى حالة ماكان الورم سرطانيّاً. وقد تم عملها فى الأردن الآن فى أكثر من 3 ألاف حالة. والطريقة الصحيحة المتبعة عالمياً والتي نتبعها هنا فى مختبرنا: هى أخذ عينات من أورام الثدى بالابرة الدقيقة لأخذ خلايا ودراستها وكذلك إبر لأخذ أنسجة ودراستها بالإضافة إلى أخذ عيّنات من الغدد تحت الابط.
أنواع الأورام فى الثدي:
ليس كل ورم فى الثدي هو ورم خبيث وليس كل ورم يجب إزالته. فأورام الثدي تقسم إلى أربعة أنواع رئيسيّة يجب أن تعرفها جميع النّساء: النّوع الأوّل تليّفات الثدي: تبدو كأنّها ورم وهي فى حيقيقتها ليست كذلك. وقد تجمّع هذه التليّفات سوائل تتحوصل فى الثدي وتبدأ المرأة بعدها بالاحساس بالورم وعادةً ما تنتبه المرأة فجأة لهذا النّوع لأنّه عادةً مايتحوصل السّائل ويكبر خلال أيّام مما يثير الذعر لدى المرأة. وقد يصاب تجمّع السوائل بالتهاب بكتيرى ويسبّب حرارة وألم للمرأة المصابة. هذا النّوع يكتشف بأخذ عدّة عينات من عدّة أماكن فى الورم. فإن كان هناك سائل يجب أن يسحب بالإبرة ثم يدرس تحت المجهر بالتفصيل. هذا النّوع من الأورام لايتحوّل إلى سرطان ولاينصح بإجراء الجراحة له لأنّه عادة ما يرجع بعد الجراحة بل أنّ الجراحة بتكوّنها تليفات جديدة قد تساهم فى ارجاعها. ففى هذا النّوع يستطيع الفحص بالإبرة أن ينجي المريضة من عمليّة غير ضرورية وغير مجدية. النوع الثانى وهى الأورام الحميدة : وفى هذا النوع عادة ماتلاحظ المرأة ورم فى الثدى ويكون من مميزاته أنه متحرّك فى الثدى (أى أنه غير ملتصق بالأنسجة المحيطة بالثدى). فأخذ العينات بالابرة يكتشف هذا النوع بدقّة كبيرة. فان كانت المرأة غير منزعجة من الورم فلاينصح بازالته (وهذا الاسلوب هو المتبع فى مراكز السرطان العالمية) أمّا ان كانت المرأة منزعجة منه فتستطيع أن تزيله ولكن دون عجلة. حيث أن هذا النوع لايتحول الى سرطان بتاتا وعادة ما يمتصه الجسم بعد مدة. وهذا النوع من الأورام يحدث عادة فىالنساء من سن 15 وحتى الثلاثين وان كان غير محصورا فقط فى هذا العمر. ولذلك اخراج مثل هذا الورم من الثدي فى مثل هذا العمر قد يؤذي مظهر الثدي وهذا قد يؤثر سلبيّاً على المرأة التي تحافظ أن يكون مظهرها جميلاً. ولعلنى أسرد قصة ابنة طبيب كانت على شرف الزواج عندما جاء بها والدها الى قبل 6 سنوات لأفحص ورم فى ثديها. فلما تم اجراء الفحص تبين لنا أنّ هذا الورم هو من الأورام الحميدة فنصحته بألا يزيلها. وقد تزوجت المرأة ولم يزال الورم الى الآن وقد صغر الورم كثيرا بعدها فى الحجم. النوع الثالث الأورام القبل سرطانية: وهى الأورام التى لا تكون سرطانيّة فى الوقت الحالى ولكنها قد تتحوّل الى أورام سرطانية فى المستقبل المنظور. وتكون عادة الخلايا بها تكاثر غير طبيعة أو تكون بها ورم سرطانى ولكنّه متحوصل داخل القنوات الحليبية. وأكثر ماينتشر هذا النّوع عند النساء من سن 30-الى سن 50 . وعادة ماتحس المرأة بورم فى الثدى أو يتم اكتشافه عن طريق فحص الأشعة للثدي والذى عادة مايرى فيه تكلسات مجهرية فى الورم. وهذا الورم بعدما يتم تشخيصه عن طريق الأبرة يجب ازالته تماما بواسطة الجراحة. ويجب على الجراح أن يزيل جميع المناطق التى تكثر فيها هذه الخلايا. كما أن على المرأة المتابعة الحثيثة لثديها وأخذ عينات دورية بواسطة الابر للتأكد من خلو الثدى من مثل هذه الأورام “القبل سرطانية”. النوع الرابع الأورام السرطانية: وكما ذكرت أن هدا النوع موجود بالنساء بالأردن من سن 17 وحتى سن 90 ولكنه أكثر مايكون فوق سن 35. ويمثل حوالى 1/3 النساء اللّواتي قد قدمن إلى مختبري وأخذت لهم عينات بواسطة الإبرة. وعندما يتم تسخيص مثل هذا الورم على المرأة ألا تجزع، بل تواجه الأمر بجرأة لتتمكّن من علاج الورم بأحدث الطرق. فعلاج مثل هذا الورم يكون بأحد ثلاث طرق رئيسية: إمّا أن يستأصل الثدي كاملاً مع الغدد الليمفاوية تحت الابط. 2) أو إن كان الورم صغيراً أن يزال الجزء المصاب مع حواف الثّدي بحيث يشعر الجراح أنّه أزال جمع الورم ولم يتبقى منه شيء ، 3) أو أن تعالج المرأة أولاً بالأدوية الكيماويّة ليتم تصغير الورم إلى أقصى حد ثم إزالة الورم مع حواف الثدي كاملاً مع الغدد اللّيمفاوية. والعلم والأبحاث الجديدة تنصح بالطريقة الثالثة حيث أنّها أثبتت أنها الأكثر فعاليّة لمنع تكرار رجوع الورم إلى الثدي والكافية لمنع انتشاره، ولكن يجب أخذ النّصيحة لكل حالة على انفرادها. وعادة ما تحتاج مثل هذه الأورام إلى الأشعّة العلاجية لمنظقة الثدي. ولعله من المفيد أن نذكر أن تصرف كل ورم سرطاني فى الثدي وطريقة علاجه تعتمد إلى حد كبير على نوع المستقبلات للهرمونات المختلفة والتى نجريها على أنسجة الورم المأخوذ من الثدي. وبعض هذه الأدوية الجديدة فعّالة جداً فى إيقاف أوراماً كنّا نعتبرها فتّاكة فى السابق.
مما سبق يتبن لنا أن أورام الثدي هى مجموعة مختلفة من الأورام كلّها تظهر ككتل فى الثدي ولكن علاجها يتحدّد حسب الفحص المجهري لكل واحد منها والذي أصبح الآن متوفراً بفضل تقنية أخذ العينات بالابر وبدون عملية جراحية.
د. حسام أبو فرسخ