مرض السّكر
يترأسُ مرضُ السّكر لائحةَ الأمراض المنتشرة والمتعارَف عليها، والذي يعبّر بوضوح عن خللٍ في البنكرياس، وإفرازه لهرمون الإنسولين في الدّم، وينتشرُ هذا المرض بين فئاتٍ واسعة من النّاس، وتختلفُ أعراضه باختلاف درجة الإصابة به، وتجاوب الجسد للمرض، ونظام الحياة المختلف من شخصٍ إلى آخر، ولكن بشكلٍ عامّ تعتبرُ أعراض مرض السّكر شائعةً ومألوفةً لدى مختلف المصابين.
تتفاوتُ درجة خطورة مرضِ السكّر بشكلٍ عامّ، لكنْ يمكنُ السّيطرة على هذا المرض طالما تمّ تشخيصُ أعراضِه بطريقة سليمة، وتمّ اكتشافه مبكّراً، وعلمَ المريض بذلك، ليعي ويهتمّ بنفسه. وتظهر أعراضُ السكّر بشكل متفاوت بين المرضى صغار السّن، ومَن يقابلهم من كبار السّن، ويكون الاختلاف واضحاً أيضاً بين مريض السّكر الذّكر والمريضة الأنثى؛ فاختلاف الجنس عامل ٌمهمٌّ لظهور أعراض السّكر وتباينها.
أعراض مرض السّكر
مرض السّكر من الأمراض المنتشرة في هذا العصر، وهو الدّاء الذي تكونُ فيه مستويات سُكّر الدّم عاليةً جداً، وله عدّة أعراض يمكن تقسيمها كما يلي:
- أعراض السّكر بشكلٍ عامّ:
- فقدان وخسارة الوزن بشكل كبير.
- حاجة المريض بالسكّر للتبوّل بشكلٍ كبير ودائم؛ فلا يستطيع الاستغناء عن بيت الخلاء لفترة طويلة.
- شرب كميّاتٍ كبيرة من الماء، فيصبح الماء رفيقه أينما حلّ.
- تدهور نظر مريض السّكر كثيراً؛ حيث يصعب عليه رؤية الأشياء بوضوح.
- ظهور بعض الالتهابات على جلد مرضى السّكر، وحدوث التهاباتٍ أخرى كالتهاب الأذن الوسطى، والتهاب في الأصبع وحول الأظافر، والتهاب في اللثّة، والتهاب في المرارة، وغيرها الكثير.
- الإصابة بالعصبيّة الشّديدة وكثرة التوتّر.
- عدم التّركيز والتشتّت لدى الأطفال المصابين بمرض السّكر.
- هناك أعراضٌ غريبة يمرّ بها مصاب مريض السّكر، وهي شغفُه الشّديد، وحبّه لتناول الحلويّات كثيراً، وإن كان من قبل الإصابة ليس من محبّي السّكريات، وليس مدمناً عليها.
- تعرّض المرأة المصابة بمرض السكّر لحكّة قويّة مزعجة في جهازها التناسليّ.
- تعرّض الأطفال المصابين بمرض السّكر للقيء الشديد، والذي يؤدّي إلى الجفاف الحادّ.
- إصابة الأطفال المرضى بالسّكر بتشنّجات قويّة، والتي تضرّ بهم كثيراً.
- تعرّض مريض السّكر للدّوخة في كثير من الأحيان.
- تعرّض مرضى السّكر من كبار السّن للزّيادة في الوزن بشكل كبير.
- تعرّض مرضى السكّر بنسبةٍ أكبر من باقي النّاس لأمراض تصلّب الشّرايين، والجلطات والذّبحات الصدريّة، وأمراض الكلى، والزّائدة.
- تأثّر الرّئتين بشكل كبير، والإحساس بالألم الشّديد فيهما، وحدوث ما يُسمّى بالدّرن الرّئويّ.
- التّسبّب بخطورة كبيرة في فترة الحمل لدى المرأة؛ إذ يمكنُ أن يسبّب في بعض الحالات الإجهاض، أو يتسبّب في وفاة الجنين داخل أحشائها، أو يعمل على إحداث التشوّهات في الجنين.
- تأثّر الرّغبة الجنسيّة عند مصابي السّكر، خاصةً عند الرّجال.
- تأثّر الإحساس لدى مرضى السكّر؛ فيفقدهم الشّعور بأطرافهم، ويحدث آلاماً فيها، ويشعرون أحياناً ببرودتها، وأحياناً أخرى بحرارتها، وأحياناً يفقدُهم الإحساس بها تماماً.
- ظهور الدّمامل بكثرةٍ يعدّ من أعراض مرض السّكر.
- تناوب حدوث الإسهال والإمساك لمريض السّكر.
- أعراض مرض السّكر لمصابي الفئة الأولى:
- زيادة التبوّل الذي يرافقه زيادة الشّعور بالعطش، والنّتيجة الحتميّة لذلك هي زيادة الإقبال على شرب السّوائل.
- الشهيّة المفتوحة باستمرار على تناول الأطعمة، ويكون هذا العرض واضحاً عند مصابي الفئة الأولى من الأطفال.
- فقدان الوزن.
- الإصابة بالخمول والتّعب المستمر، والإصابة بالإعياء، والتوتّر، وربّما الاستثارة السّريعة، والغضب.
- الإصابة بآلام الأطراف، وحصول التهابات في اللثة والأسنان.
- تدهور حالة الفم إذا لم يهتم المريض بالصّحة الفمويّة.
- زيادة نسبة تعرّض المريض إلى تفاقم الالتهابات والجروح، التي قد تكون عاديّةً لدى غير المصابين.
- تدهور حاسّة البصر، وتكون الرّؤية مشوّشة باستمرار، وتفاقمُ لدى مرضى السّكر من الفئة الأولى، ومتدرّجةً بالظّهور لنظرائهم من الفئة الثّانية.
- أعراض الأنثى المصابة بالسّكر:
- التهاب مستمرّ مصحوب بنوع من الحكّة في الأعضاء التناسليّة.
- تزايد نسبة الإجهاض، وولادة أطفال مشوّهين.
- أعراض الذّكر المصاب بالسّكر:
- الضّعف الجنسي، وفقدان الرّغبة الجنسيّة.
- فقدان الوزن والنّحول، على الرّغم من أنّ السّمنة قد تكون إحدى مسبّبات المرض.
- خللٌ واضح في ضغط الدّم؛ لذلك نرى أنّ نسبةً كبيرةً من مرضى السكّر مصابون بخلل في ضغط الدّم أيضاً.
- الإصابة بحالة خطيرة تسمّى بتحمّض الدم التكتونيّ، والتي يسبّبها خلل تمثيل النّظام الغذائي، والتي قد تؤدّي في حالات نادرة إلى غيبوبة مسبّبة للوفاة، وإلى سرعة التنفّس وعمقه.
- وجود رائحة مشابهة لمزيل طلاء الأظافر (الأسيتون) عند المرضى.
أخطار مرض السّكر
في مرض السّكر من النّوع الأوّل، يهاجم الجهاز المناعي الخلايا المسؤولة عن إفراز الإنسولين في البنكرياس ويتلفها، بدلاً من مهاجمة وتدمير الجراثيم والفيروسات الضّارة، كما يفعل في الحالات الطبيعيّة عادةً. ونتيجةً لذلك يبقى الجسم مع كمّية قليلة من الإنسولين، أو دون إنسولين على الإطلاق. وفي هذه الحالة، يتجمّع السّكر ويتراكم في الدّورة الدمويّة، بدلاً من أن يتوزّعَ على الخلايا المختلفة في الجسم. وليس معروفاً حتى الآن ماهيّة المسبّب العينيّ الحقيقيّ لمرض السّكر من النّوع الأوّل، ولكن يبدو أنّ التّاريخ العائليّ يلعب على الأرجح دوراً مهمّاً. فخطر الإصابة بمرض السّكري من النّوع الأوّل يزداد لدى الأشخاص الذين يعاني أحد والديهم أو إخوتهم وأخواتهم من مرض السّكر.
عند المصابين بمقدّمات السّكر (التي قد تتفاقم وتتحوّل إلى السّكر من النّوع الثّاني)، والسّكر من النّوع الثّاني، تقاومُ الخلايا تأثير عمل الإنسولين، بينما يفشل البنكرياس في إنتاج كمّية كافية من الإنسولين للتغلّب على هذه المقاومة. في هذه الحالات، يتجمّع السّكر ويتراكم في الدّورة الدّموية، بدلاً من أن يتوزّع على الخلايا ويصل إليها في مختلف أعضاء الجسم.
أسباب مرض السكر
هناك عدّة أسباب من الواضح أنّها تزيدُ من خطر الإصابة بمرض السّكر، ومن بينها:
- عمر أكبر أو يساوي 45.
- قريب عائلة من الدّرجة الأولى مريض بمرض السّكر.
- فئات عرقيّة معيّنة، ومعروف عن وجود خطورة مرتفعة لديها للإصابة بمرض السّكر.
- قلّة النّشاط البدنيّ.
- ارتفاع ضغط الدّم، والمعرّف بواسطة قيم ضغط دم أعلى من mmHg 90/140.
- فرط الكوليسترول الضّار.
- مستوى مرتفع من ثلاثيّ الغليسيريد في الدّم، وهو أحد أنواع الدّهنيات الموجودة في الجسم.
- تاريخ شخصيّ لأمراض الأوعية الدمويّة.
- تاريخ شخصيّ لسكّر الحمل.
- السُّمنة المفرطة.
- التاريخ الوراثيّ للعائلة المرتبط بالإصابة بمرض السكّر.
- إصابة المرأة بمتلازمة تكيُّس المبايض.
- وجود ضعف في نسبة تحمُّل الجلوكوز في الدّم.
- إصابة البنكرياس بالتهاب فيروسيّ.
مضاعفات مرض السّكر
المضاعفات قصيرة المدى النّاجمة عن السّكر من النّوعين الأوّل والثّاني تتطلّب المعالجة الفوريّة. فمثل هذه الحالات التي لا تتمّ معالجتها فوراً قد تؤدّي إلى حصول اختلاجات وإلى غيبوبة. ومن أهمّ مضاعفات مرض السّكر قصيرة المدى:
- فرط السّكر في الدّم.
- مستوى مرتفع من الكيتونات في البول.
- نقص السّكر في الدّم.
- أمّا المضاعفاتُ طويلة المدى النّاجمة عن السّكر فتظهرُ بشكل تدريجيّ. ويزداد خطر ظهور المضاعفات كلّما كانت الإصابة بالسّكر في سنّ أصغر، ولدى الأشخاص الذين لا يحرصون على موازنة مستوى السّكر في الدّم. وقد تؤدّي مضاعفات السّكر في نهاية المطاف إلى حصول إعاقات أو حتّى إلى الموت، ومن أهمّ مضاعفات مرض السّكر طويلة المدى:
- مرض قلبي وعائيّ.
- ضرر في الأعصاب أو اعتلال عصبيّ.
- ضرر في الكليتين أو اعتلال الكلية.
- ضرر في العينين.
- ضرر في باطن القدمين.
- أمراض في الجلد وفي الفمّ.
- مشاكل في العظام والمفاصل.
تشخيص مرض السّكر
هناك العديد من فحوصات الدّم، والتي يمكن بواسطتها تشخيص أعراض السّكر من النّمط الأوّل أو أعراض السّكر من النّمط الثّاني، ومن بينها:
- فحص عشوائيّ لمستوى السّكر في الدّم.
- فحص مستوى السّكر في الدّم أثناء الصّيام.
علاج مرض السّكر
نستطيع تقسيمَ علاج مرض السّكر إلى عدّة أقسام، وهي:
- تغييرات في نمط الحياة، ومنها:
- التّغذية الصّحية والملائمة لهذه الفئة من المرضى.
- الرّياضة البدنيّة الموصى بها من قبل الأطباء المعالجين، والتي تلائم كلّ مريض بشكل خاصّ، بحسب مجمل الأمراض التي يعاني منها، والتي من الممكن أن يؤثّر عليها القيام برياضة بدنيّة بشكل منتظم وسليم، كأمراض القلب، والإعاقات الجسديّة، وغيرها من الأمراض.
- تخفيض الوزن وال BMI، والذي من شأنه أن يساعدَ الجسم في التّخفيف من مقاومة الإنسولين، والذي يسبّب مرض السّكر.
- علاج السّكر بواسطة الحقن: أصبح العلاجُ بواسطة الإنسولين شائعاً أكثرَ في الفترة الأخيرة، رغم رفض العديد من المرضى تقبّل العلاج بواسطة حقن بشكل يوميّ. وينقسم علاج الإنسولين إلى نوعين:
- العلاج بواسطة إنسولين ذي فعاليّة طويلة الأمد: وهو عبارة عن حقن يوميّة، توفّر للجسم كمّية الإنسولين الأساسيّة. وهو ما يهوّن على المريض قَبول العلاج أكثر، نظراً لعدم الحاجة إلى الحقن لأكثر من مرّة يوميّاً. ويمكنُ وصف هذا النّوع من العلاج مع أدوية أخرى، يتمّ تناولها بواسطة الفم، لموازنة المرض بشكل أكثر نجاعةً.
- العلاج بواسطة إنسولين ذي فعاليّة قصيرة الأمد: وهو الإنسولين الذي يؤخذ مباشرةً بعد تناول الوجبات اليوميّة، وعادةً ما يتمّ ملاءمة كمّية الأكل لكميّة الإنسولين قصيرة الأمد المتناولة بعده.
- تقليل خطورة الإصابة بالأمراض الوعائيّة القلبيّة، والذي يشتمل على:
- الحدّ من التّدخين قدر المستطاع.
- علاج فرط ضغط الدّم.
- علاج فرط شحميّات الدّم.
- العلاج بواسطة الأسبيرين.
الوقاية من مرض السّكر
- الحرص على تغذية صحيّة.
- زيادة النّشاط البدنيّ.
- التّخلص من الوزن الزّائد.
سكّر الحمل
خلال فترة الحمل تنتج المشيمة هرمونات تساعدُ الحمل وتدعمه، هذه الهرمونات تجعل الخلايا أشدّ مقاومةً للإنسولين، وفي الثّلثين الثّاني والثّالث من الحمل تكبرُ المشيمة وتنتج كمّيات كبيرة من هذه الهرمونات، والتي تعسّر عمل الإنسولين، وتجعله أكثر صعوبةً، وفي الحالات العاديّة الطبيعيّة يصدر البنكرياس ردّة فعل على ذلك، تتمثّل في إنتاج كمّية إضافية من الإنسولين، للتغلب على تلك المقاومة، لكنّ البنكرياس يعجز أحياناً عن مواكبة الوتيرة، ممّا يؤدّي إلى وصول كمّية قليلة جدّاً من السّكر أو الجلوكوز إلى الخلايا، بينما تتجمّع وتتراكم كمّية كبيرة منه في الدّورة الدمويّة. وهكذا يتكوّن سّكر الحمل.
أمّا عوامل خطر الإصابة بمرض سّكر الحمل فتشمل:
- النّساء فوق سنّ 25 عاماً.
- التّاريخ العائليّ أو الشّخصي.
- الوزن الزّائد.
مضاعفات سكّر الحمل
غالبية النّساء اللواتي يُصبْنَ بمرض سكّر الحمل يَلدن أطفالاً أصحّاء، ومع ذلك، فإذا كان السّكر في دمّ المرأة الحامل غير متوازن، ولم تتمّ مراقبته ومعالجته كما ينبغي، فإنّه قد يسبّب أضراراً لدى الأمّ والمولود على السّواء.
ومن أهمّ المضاعفات التي قد تحصل لدى المولود بسبب سكّر الحمل:
- فرط النّمو.
- نقص السّكر في الدّم.
- متلازمة الضّائقة التّنفسية.
- اليرقان.
- السّكري من النّوع الثّاني في سنّ متقدّم.
- الموت في الحالات الخطرة.
ومن أهمّ المضاعفات التي قد تحصل لدى الأمّ بسبب سكّر الحمل:
- مقدّمات الارتعاج.