ارتفاع السكّر
يحدث ارتفاع السكر عند وجود كميّاتٍ كبيرة من سكر الجلوكوز في الدم بسبب عدم قدرة الجسم على استخدامها بالشكل الصحيح، ويحدث هذا الارتفاع بسبب وجود مرض السكري (بالإنجليزية: Diabetes) وهو مشكلة صحيّة تستمرّ لمدى الحياة. يوجد نوعان من مرض السكريّ؛ النوع الأول (بالإنجليزية: Type 1 diabetes)، وهو مرضٌ ذاتيّ المناعة يحدث عند مهاجمة الجسم للخلايا المُنتِجة للإنسولين في البنكرياس وتحطيمها مما يؤدي إلى عدم إفراز هرمون الإنسولين نهائيّاً، ويعمل هذا الهرمون في الوضع الطبيعيّ على نقل سكر الجلوكوز من الدم إلى خلايا الجسم ليتمّ استخدامها كمصدر للطاقة، ولا يوجد تفسيرٌ علميّ للآن لسبب حدوث هذه المشكلة، ومن الجدير بالذكر أن نظام الحياة أو طبيعة الغذاء لا يؤثران على احتمالية حدوثه، والنوع الثاني (بالإنجليزية: Type 2 diabetes)، حيث لا يقوم الجسم بإفراز كمياتٍ كافية من الإنسولين أو أنّ الإنسولين الذي يتمّ إفرازه لا يكون فعّالاً كما يجب، مما يتسبّب في تراكم سكر الجلوكوز في الدم، ويحدث بسبب وجود عوامل وراثيّة بالإضافة إلى العوامل البيئيّة، ويمكن تأخير احتمالية الإصابة به عن طريق اتباع نظام حياةٍ صحيّ.
العلاج غير الدوائيّ لارتفاع السكّر
يمكن تخفيض قراءات سكر الجلوكوز في الدم عن طريق ممارسة التمارين الرياضيّة، لكن من المهم التأكد من عدم وجود الكيتونات (بالإنجليزية: Ketones) عند ممارسة التمارين الرياضيّة لأنّ ذلك سيؤدّي إلى ارتفاعٍ أكثر في قراءات الجلوكوز، ويجب التأكد من ذلك عند زيادة قراءات الجلوكوز في الدم عن مائتان وأربعين ميلليغرام لكل ديسيليتر. يساهم تقليل كميات الطعام التي يتم تناولها في تخفيض سكر الدم، ويجب مراجعة أخصائي تغذية لوضع نظامٍ غذائيّ صحيح، وفي الحالات التي لا تستجيب لممارسة التمارين الرياضيّة والحِمية الغذائيّة يضطرّ الطبيب إلى التعديل على الأدوية التي يتناولها المريض. إنّ تخفيض الوزن قد يساعد على السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني أو تقليل احتماليّة حدوثه والحماية منه، إذ إنّ السكري من النوع الثاني مرتبط بشكلٍ كبيرٍ بالوزن، كما يمكن اللجوء للعمليّات الجراحيّة المختصّة بتخفيض الوزن كحلّ أخيرٍ في الحالات التي لا تستجيب للطرق الأُخرى لتخفيض الوزن.
العلاج الدوائيّ لارتفاع السكّر
تُستخدم بعض الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم لتخفيض نسبة السكر في الدم ومن هذه الأدوية ما يأتي:
- مركبات البيغوانيد (بالإنجليزية: Biguanides): تقلل من إفراز الكبد للجلوكوز، وتقلّل من امتصاص الجهاز الهضميّ للجلوكوز، بالإضافة إلى أنّها تزيد من حساسيّة خلايا الجسم لهرمون الإنسولين، ومنها دواء الميتفورمين (بالإنجليزية: Metformin).
- مركبات السلفونيليوريا (بالإنجليزية: Sulfonylureas): تزيد من إفراز الإنسولين من خلايا بيتا في البنكرياس، وتقلّل من إنتاج الكبد للجلوكوز، وتزيد من حساسيّة مُستقبلات الإنسولين في الخلايا المحيطيّة المُستهدَفة.
- مركبات الثيازوليدينديون (بالإنجليزية: Thiazolidinediones): تزيد هذه المركبات من حساسيّة مُستقبلات الإنسولين، وتؤثر على إنتاج الجين المعنيّ في عمليّات الأيض للجلوكوز والدهنيات، وتعتمد آلية عملها على وجود الإنسولين من أجل فاعليّتها.
- مثبّطات ألفا جلوكوسيديز (بالإنجليزية: Alpha-glucosidase inhibitors): تمنع هذه المركّبات عمل الإنزيم الموجود في الجهاز الهضميّ المسؤول عن تحويل مركّبات النشا والمركّبات السكّرية المعقّدة إلى سكريات بسيطة يمكن امتصاصها.
يُمكن استخدام الإنسولين الصناعيّ للسيطرة على سكّر الدم، حيث يُستَخدم على شكل حُقنة أو قلمٍ معبّأ مُسبقاً، وهناك الإنسولين الذي يؤخذ عن طريق الاستنشاق، وغيرها. تكون أعلى نسبة امتصاص للإنسولين عند حقنه في منطقة البطن، ويوجد للإنسولين الصناعيّ أربعة أنواعٍ وهي الإنسولين الفوري (بالإنجليزية: Rapid-acting insulin)، حيث تبدأ فاعليّته خلال دقائقٍ وتستمر لعدّة ساعاتٍ، والإنسولين المنتظم سريع المفعول (بالإنجليزية: Regular short-acting insulin)، ويحتاج إلى حوالي ثلاثين دقيقةٍ لتحقيق الفعاليّة الكاملة ويستمرّ من ثلاث إلى ستّ ساعاتٍ، والإنسولين متوسّط المفعول (بالإنجليزية: Intermediate-acting insulin)، ويحتاج لمدة ساعتان إلى أربع ساعاتٍ لتحقيق فعاليّته الكاملة، ويمكن أن يستمرّ مفعوله إلى ثمان عشرة ساعة، والنوع الأخير هو الإنسولين بطيء المفعول (بالإنجليزية: Long-acting insulin)، حيث يمكن أن تستمرّ فعاليّة هذا النوع طوال اليوم، ويعتمد تكرار وتوقيت أخذ الإنسولين على النوع المُستخدم.
أعراض ارتفاع السكّر
تظهر أعراض ارتفاع السكّر بشكلٍ بطيءٍ على مدى عدّة أيّامٍ أو أسابيع، لكنّها عادةً لا تبدأ بالظهور إلا عند ارتفاع قيَم سكر الجلوكوز في الدم بشكلٍ كبير؛ أي عند وصول تركيزها في الدم إلى مئتي ميليغرام لكلّ ديسيليتر أو أكثر، وكلّما بقيت قراءات الجلوكوز مرتفعةً أكثر، كلّما زادت خطورة الأعراض. من الأعراض الأوليّة التي تظهر وتساعد على البدء في حلّ المشكلة فوراً، هي كثرة التبوّل، وزيادة العطش، وعدم وضوح الرؤيا، والشعور بالتعب العام والإرهاق، والصداع. عند استمرار ارتفاع سكر الدم وعدم علاجه، وتراكم بعض الأحماض السامّة في الدم والبول مثل الكيتونات، تظهر الأعراض المتأخرة لارتفاع السكر وتتضمن إحداث رائحةٍ شبيهةٍ بالفواكه للنَفَس، والشعور بالغثيان، والتقيّؤ، وضيقٍ في التنفس، وجفاف الفم، وآلامٍ في البطن، وحدوث الغيبوبة (بالإنجليزية: Coma)، وغيرها. من الجدير بالذكر أنّ بعض الأشخاص المُصابين بالنوع الثاني من السكري لا يُظهرون أيّ أعراضٍ سوى ارتفاع قراءات سكّر الدم.
الفحوصات المخبريّة لارتفاع السكّر
يساعد قياس مستوى السكّر في الدم على السيطرة على ارتفاع السكّر، حيث يُعرّف ارتفاع السكّر حسب منظّمة الصحّة العالميّة على أنه زيادة قراءات جلوكوز الدم عن مئة وستة وعشرين ميلليغرام لكلّ ديسيليتر بعد الصيام، أو زيادته عن مئتي ميليغرامٍ لكلّ ديسيليتر بعد ساعتين من تناول الوجبة، ويساهم الحفاظ على المستوى الصحيح للسكر التراكميّ في الدم (بالإنجليزية: HbA1c) على منع وتقليل احتماليّة حدوث مضاعفاتٍ للسكري. من المهم معرفة أنّ مرضى السكري معرّضين بنسبةٍ أكبر لزيادة نسبة الكولستيرول بشكلٍ غير صحيّ؛ حيث يساهم السكري في تخفيض نسبة البروتين الدهني مرتفع الكثافة (بالإنجليزية: High-density-lipoprotein) وزيادة نسبة البروتين الدهني منخفض الكثافة (بالإنجليزية: Low-density-lipoprotein) والدهنيّات الثلاثيّة مما يزيد من احتماليّة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.