الغدة الدرقية هي من أكبر الغدد الصماء، شكلها كالفراشة، وتقع في مقدمة العنق وتلتف حول الحنجرة تحت الغضروف الدرقي الذي يشكل بروز الحنجرة بما يسمى بتفاحة آدم. تتحكم هذه الغدة بالعديد من نشاطات الجسم أهمها؛ التحكم بسرعة الأيض (أي حرق مصادر الطاقة في الجسم من بروتينات أو دهون أو كربوهيدرات)، وصنع البروتينات، وتتحكم بمدى حساسية الجسم للهرمونات الأخرى، ولها دور مهم في تطور وتمايز جميع خلايا الجسم، كما تتحكم بطريقة غير معروفة للآن بالنشاط العصبي وذلك مهم في دورات السبات التي تدخلها بعض أنواع الحيوانات الثدية، ويكون ذلك التنظيم كله من خلال إفراز الهرمونات الدرقية؛ هرمون تيترا أيودو ثيرونين (الثيروكسين (تي 4)، وهرمون تراي أيودو ثايونين (تي3). وتسمى هذه الهرمونات ب (تي3) و (تي4) نسبة للحرف الأولي من اسم الغدة وهو حرف (تي) باللغة الإنجليزية، وأما الرقم فيرمز لعدد ذرات اليود في المركب الهرموني.
هرمونات الغدة الدرقية (تي3) و (تي4) هي بالأصل مركبات عضوية تتألف من بروتينات أساسها الحمض الأميني (تايروسين) وذرات من اليود، والذي يعتبر العنصر الأساسي والمهم في هذين المركبين، وتعتبر هرمونات محبة للدهون (أي أنها تذوب في الدهون). أما الهرمون الدرقي الأساسي هو هرمون الثيروكسين (تي4)، حيث أن نسبته إلى هرمون (تي3) هي 99.9 % إلى 0.1 %، وإن عمر النصف له ضعف عمر النصف لهرمون (تي3). بالمقابل، يعتبر هرمون (تي3) هو الهرمون النشط الذي يقوم بالوظيفة المنشودة للغدة الدرقية، ويكون هرمون (تي4) هو طليعة (أي المصدر) لهرمون (تي3)، حيث يتحول الثايروكسين إلى شكله النشط (تي3) بواسطة أنزيم (دي أيودينيز) عند دخوله الخلايا الهدف، لذا يستخدم بعض العلماء مصطلح (الهرمون الدرقي) وليس (الهرمونات الدرقية).
يتم تنظيم إنتاج الهرمونات الدرقية وضخها في الدم عبر آلية هرمونية تبدأ من (تحت المهاد) التي تفرز هرمونا يسمى (الهرمون المحرر للثايروتروبين-تي آر أتش) الذي يتم إرساله إلى الغدة النخامية لتفرز الهرمون (الهرمون المحفز للغدة الدرقية-تي أس أتش)، والذي يتم إرساله إلى الغدة الدرقية لتعمل على إطلاق مخزونها الهرموني في الدم (فهي من الغدد الصماء، أي ليس لها قنوات ناقلة للمواد التي تنتجها لإيصالها للخلايا المنشودة). ويتم تنقل الهرمونين في الدم بطريقتين: كهرمونات حرة غير مرتبطة، وهرمونات مرتبطة ببروتينات ناقلة تنفصل عنها حين وصولها الخلايا الهدف، ويتم نقل معظم كمية الهرمونين على شكل مرتبط وتبقى كمية قليلة جداً فقط من الشكل غير المرتبط تجري مع الدم وتكون هي الشكل النشط للهرمون، لذلك تكون نسبة هرمون (تي3) إلى هرمون (تي4) مهمة جدا في التشخيص؛ فمثلا لو كانت نسبة (تي4) الحرة مرتفعة بالمقارنة مع نسبة (تي3) الحرة فذلك دليل على فرط نشاط الغدة الدرقية دون الحاجة لهذا النشاط. وعندما يصل الهرمونين إلى الخلايا الهدف، فإنها تعبر الغشاء الخلوي عن طريق قنوات بروتينية ناقلة تحتاج إلى الطاقة لتعمل (وذلك حتى يكون التحكم بدخولها إلى الخلية حسب الحاجة إليها، وأيضا لأن حجم المركبين الهرمونيين يفوق قدرة الخلية على نقلها من الخارج إلى الداخل بالطريقة الإسموزية او الإنتشار)، ثم تصل إلى الغشاء النووي لترتبط بمستقبلاتها الخاصة بها على هذا الغشاء، فتتم الإستجابة المنشودة من قبل نواة الخلية.
يتم الكشف عن مستويات هذه الهرمونات مخبريا عن طريق عينة من الدم وبالتالي تحديد ما إذا كان الشخص مصابا بفرط نشاط أو قصور بالغدة الدرقية. حيث يتم قياس الشكل الحر للهرمونين في الدم وليس المرتبط بالبروتينات الناقلة (والذي يعتبر مؤشرات مهمة على نشاط الهرمونين في الجسم) أو بقياس النسبة الإجمالية لكل من الهرمونين (الشكل المرتبط مع الشكل الحر)، لكن هذا الفحص لا يفضل بسبب خضوع البروتينات الناقلة للتأثر بالحالات الفسيولوجية مثل الحمل أو تناول الأدوية. وتكون المستويات الطبيعي لهرمون (تي4) الكلي في الدم يتراوح ما بين 4,5-12,5 ميكروجرام/100 ملليترآ (65-160 نانومول / لترآ)، بينما يتراوح المستوى الطبيعي لهرمون (تي3) الكلي في الدم بين 0.07-0.17 ميكروجرام / 100 ملليتر دم ( 0.91 – 2.2 نانومول/لتر). أما المستوى الطبيعي لهرمون (تي4) الحر ما بين 0.8-2.4 نانوجرام/100ملليتر (0.01-0.03 نانومول/لتر).