القلب
القلب هو عضلة لا إرادية تمتاز عن باقي العضلات بأنّها تصنع فرق الجهد بنفسها فليست بحاجة لمحفز خارجي، وتقع في وسط منطقة الصدر مائلة نحو الجهة اليسرى، يضخ الدم خلال الأوعية الدموية لأنحاء الجسد فينقل لها الدم المؤكسد ويسحب منها الفضلات وثاني أكسيد الكربون، وهو عضلة رائعة حيث ينبض في اليوم ما يقارب المئة ألف نبضة، ويضخّ الدم كاملاً من أربع إلى خمس مرّات في الدّقيقة، أي ما يقارب ألفي غالون في اليوم.
يتكوّن القلب من أربع حجرات، العلويتين وتُسمّيان بالأذينين اللذين يستقبلان الدم، والحجرتين السفليتين وتُسمّيان البطينين اللذين يضخّان الدم. ويغذي القلب الشرايين التاجية التي تمتد على سطح القلب لتمده بالأكسجين، ويُغذّيه عصبياً مجموعة من الأعصاب تمرّ خلاله لتنظم عملية النّبض من الانقباض والانبساط، ويحيط بالقلب غشاءً كالكيس يسمى التّأمور.
القلب والإجهاد
تُعتبر عضلة القلب من أغرب عضلات الجسم؛ لأنها لا تتشابه مع باقي العضلات في الإجهاد، حيث تستمر العضلة بالانقباض والانبساط طوال حياة الإنسان دون تعب أو توقّف، ولكن في بعض الحالات القليلة إذا بذل الإنسان جهداً عالٍ وفوق طاقته لفترة طويلة، فإن العضلة سوف تعمل بشكل أسرع من الطبيعيّ لدرجة تفوق طاقتها وقدرة استيعابها، لمواكبة تطلُّبات الجسم من التّروية الدمويّة والأكسجين، فتُجهَد هذه العضلة، وتتباطأ حركتها قليلاً، فتزيد فترة الانقباض عن مُعدّلها الطبيعيّ.
لأهمية عضلة القلب، إنّ أيّ خلل في هذه العضلة يُحدِث ألماً شديداً في منطقة الصّدر، وقد يمتدّ إلى الكتفين، فيشعر الإنسان بانقباض وضيق يُجبره على التوقّف عن الحركة ومُمارسة ما كان يفعله، ولكن إذا استمرّ بما كان يقوم به، قد يتطوّر هذا الألم العرضيّ ويتحوّل إلى مُشكلة حقيقيّة تضرّ القلب بشكل دائم، ويتحوّل إجهاد هذه العضلة إلى احتشاء العضلة القلبيّة.
إذا استجاب الشّخص لهذه العلامات بشكل مُبكّر وعَمِدَ إلى الرّاحة التّامة سيزول الألم بشكل تدريجيّ حتى يتلاشى في غضون ثلاث دقائق كحدّ أقصى، وهذه الحالة لا تُعتبر خطيرة أبداً في حال أخذ الرّاحة المناسبة، بل هي تعبير عن زيادة الضّغط على العضلة وإجهادها. وفي حال تكرّرت هذه الحالة لأكثر من مرّة في غضون فترة قصيرة يجب على الشّخص مُراجعة الطّبيب في أقرب وقت.
أسباب وجع القلب
هناك عدّة أسباب لآلام القلب، ولكننا سنستعرض بعض هذه الأسباب:
- أمراض الشّرايين التاجيّة: انسداد الأوعية الدمويّة القلبيّة يُقلّل من وصول الدّم والأكسجين لعضلة القلب نفسها، وهذا يُسبّب آلاماً تُسمّى الذّبحة الصدريّة، وهي عَرَض لمرض قلبيّ، وفي العادة لا تُسبّب عَطَلاً دائماً في العضلة، ويدل هذا على إمكانيّة الإصابة بنوبة قلبيّة في المستقبل. وهذا الألم من المُمكن أن يمتد إلى اليد، أو الكتف، أو الحنك، أو حتى الظّهر، حيث قد يشعر المريض بإحساس الضّغط أو الثّقل على الصّدر، وهذه الذّبحة الصدريّة يُحفّزها الإجهاد، أو الحماسة الزّائدة، أو الضّغوطات النفسيّة، وتُقلّلها أو حتى تُخفيها الرّاحة.
- احتشاء عضلة القلب: استمرار قلّة وصول الدّم لعضلة القلب يؤدّي إلى موت الخلايا العضليّة القلبية، وآلامها مُشابه لألم الذّبحة الصدريّة لكنّها أشد ألماً يُوصَف بالسّاحق ويكون في مُنتصف الصّدر أو مائلاً للجهة اليسرى ولا يذهب مع الرّاحة، ويُصاحب هذا الألم الشّديد التعرّق، أو ضيقاً في النَّفَس، أو ضعفاً عاماً في الجسد.
- التهاب عضلة القلب: بالإضافة لألم في الصّدر، يُصاحب التهاب العضلة القلبية ارتفاعاً في الحرارة، وإرهاقاً عاماً، وتسارعاً في نبضات القلب، ومشاكلاً في التنفُّس. ومع أنه لا يوجد انقطاع في تروية القلب ولكن قد تتشابه أعراض التهاب القلب مع أعراض الذبحة والاحتشاء.
- التهاب غلاف القلب: وتتشابه أعراضه مع أعراض الذّبحة الصدريّة، ويكون في العادة ألماً حادّاً ثابتاً في مقداره على طول الرّقبة والأكتاف، ويزيد سوءاً مع التنفّس، أو بلع الطّعام، أو الاستلقاء على الظّهر.
- اعتلال عضلة القلب الضخاميّ: وهو مرض جينيّ يُسبّب نمواً غيرَ طبيعيّ لعضلة القلب ليجعلها أكثر سُمكاً، فيؤثّر ذلك سلباً على تروية القلب. وأعراضه: ألم في الصّدر، وضيق في التنفّس عند الإجهاد، ومع مرور الوقت من المُمكن حدوث فشلٍ في القلب عند تضخّم العضلة أكثر من اللازم، فيصعب عملية ضخّ الدّم من القلب إلى سائر الجسد. ويُصاحب آلام الصّدر بعض الأعراض الأخرى، مثل: الدّوخة، والإغماء، وغيرها من أعراض فشل القلب.
- ارتخاء الصّمام التاجيّ: حالة مرضيّة يفشل فيها الصّمام التاجيّ في الانغلاق التام، وله مجموعة واسعة من الأعراض التي تتضمّن ألماً في الصّدر، وخفقاناً في القلب، ودوخة، ومن الممكن ألّا يُصاحب هذا المرض أيّة أعراض، خصوصاً إذا كان الارتخاء بسيطاً.
- تسلّخ الشّريان التاجي: تُسبّبه مجموعة من العوامل النّادرة لكنّها قاتلة، فيشعر المريض بألم مُمزّقٍ حادّ في الصّدر يمتدّ إلى الرّقبة والظّهر أو حتى البطن.
هناك آلام أخرى قد تحدث في منطقة الصّدر تنتج عن ازدياد التوتّر والقلق، حيث يُصاب الجسم بالتشنّجات في عضلات الصّدر والكتفين، ولتشابهها مع أعراض الذّبحة الصدريّة قد تُثير مخاوف الشّخص المُصاب، بالإضافة إلى ذلك فإنّ بعض أمراض الرّئة وأمراض المريء قد تتشابه مع اعتلالات القلب، لذلك يجب الانتباه جيّداً لطبيعة الألم وكيفيّته، والأعراض المُصاحبة له لتشخيص الحالة بشكل صحيح، وفي بعض الأحيان حتّى الأطبّاء يجدون صعوبةً في التّشخيص الصّحيح للمرض، فيجب عدم الاستهانة بأوجاع الصّدر أبداً، ومراجعة الطّبيب فوراً في حال عدم زوال الألم بعد عدّة دقائق.