ما هي أعراض قرحة المعدة

قرحة المعدة وآليّة حدوثها

قرحة المعدة هي إحدى مشاكل الجهاز الهضمي الشّائعة والتي تشكّل نسبة لا بأس بها حول العالم، فنسبة المصابين بها تتراوح ما بين الـ 15%-30% في المئة في العالم، وتكاد تصل إلى الـ 70% في الدول الصّناعيّة والغربيّة، فما هي القرحة من منظور طبّي؟

هي عبارة عن تآكل في جدار القناة الهضميّة والذي تبطنه طبقة من غشاءٍ مخاطيّ أو شبه مخاطيّ يسمى الـ “ميوكوزا”، وهذا حسب التّركيب الهستولوجي للقناة الهضميّة، وعوامل تآكل هذا الغشاء كثيرة سنذكرها لاحقاً بإذن الله، أمّ عن أهمّ وظائفه فتتلخّص بحماية جدار القناة الهضميّة من أي إفرازات -إنزيمات- تنتجها خلايا المعدة بالذّات، وبالأخص الإفرازات الحامضيّة والتي تقوم على هضم المواد البروتينيّة في داخل المعدة، فعندما تفرز هذه الإنزيمات بشكل كبير لسبب أو لآخر، فإنّ طبقة الميوكوزا سوف تتشقق ويحدث فيها بما يسمى بالقرح والتي تتسرب من خلالها هذه الإنزيمات الهاضمة مثل _الببسين_ وتعمل على هضم جدار المعدة نفسها.

من المهم أن نذكر هنا أنّ هذه العمليّة أي إحداث الثقوب قد تحصل في أكثر من مكان على طول القناة الهضميّة ممتدّة من “المريء، إلى المعدة، إلى الإثنى عشر”. المكان الأشهر هو الإثنى عشر، أمّا عن تلك التي تحصل في جدار المعدة نفسه فهي قليلة مقارنةً بها، لذا فهي تسّمى “القرحة المعديّة” أو “القرحة الهضميّة” أي لحدوثها في القناة الهضميّة.

أسباب قرحة المعدة

هنالك العديد من الأسباب والتي منها ما له دورٌ واضح وجليّ في إحداثها، ومنها ما هو ذو دورٍ مختلف على آليته حتى الآن وقد وجد حديثاً أنّه ذو دورٍ رئيسي لكن ليس بتفاصيل واضحة ومفسّرة تفسيراً كاملاً، وتتمثّل أسباب قرحة المعدة “القرحة الهضميّة” في:

الجرثومة الملويّة البوابيّة

الإصابة بجرثومة المعدة والمسّماة بالجرثومة الملويّة البوابيّة وتسمّى بذلك تسمى لأنّها تصيب بوابة المعدة السفليّة والتي تسمى “فتحة البّواب”، يتّم انتقال هذه الجرثومة عن طريق تناول الطّعام الملوّث باختلاف الوسائل التي تتيح ذلك، وقد وجدت في ما يقارب الـ 75% من إجمالي الحالات المصابة بقرحة المعدة، وبالتّالي فهي تعدّ السّبب الأول والأهم في التّسبب في حدوثها.

تصل إلى فتحة البواب محدثة تدميراً في الغشاء المخاطي “الميوكوزا” والمبطّن لهذه المنطقة من المعدة، مسببة زيادةً في إفراز الأحماض هناك، والتي بدورها تعدّ بيئة جيّدة ومناسبة لهذا النّوع من البكتيريا للعيش فيها والتّكاثر أيضاً، ممّا يسبب حدوث ما يسمى بردّة الفعل الالتهابيّة في الجسم، لكن من المحتمل أن تتواجد هذه البكتيريا في ميوكوزا أشخاص آخرين ولكن بدون أن تظهر عليهم أي أعراض أو آلام، وهذا أمرٌ ليس بغريب، لأننّا نتحدّث هنا عن أنّ أكثر المصابين بقرحة المعدة مصابون بهذه الجرثومة وليس كلّ من هو مصاب بالجرثومة فهو مصاب بقرحة المعدة الهضميّة… فرقٌ واضح!

أدويّة مضادة للالتهابات غير السّتيرويدية

تناول بعض أنواع الأدويّة والمسمّاة بالأدويّة مضادة الالتهابات غير السّتيرويدية: هذه المجموعة أو الفئة من الأدوية تتضمن أنواعاً عدّة نذكر منها :(الإسبرين، والأيبوبروفين، والدّيكلوفيناك) وهي فئة ليست بنادرة أو قليلة التّناول بين النّاس، فقد وجد أنّه في 30% من حالات القرحة المعدية أنّ تناول هذه الأصناف من الأدوية يتسبّب في إضعاف العوامل الوقائيّة لدى المعدة نفسها في حماية نفسها من الأحماض الزّائدة في الوضع الطّبيعي، فبزيادة الإضعاف وتكرار تناولها تنعدم هذه القدرة مما يزيد في حدوث عمليّة مشابهة لما تحدثه الجرثومة، لذا فهي إحدى الأسباب الرّئيسيّة أيضاً والتي من المهم تجنبها.

التّدخين

هذا اللّعين والذي فضلاً عن كونه من أكثر الأسباب وأهمها في إحداث الكثير من الأمراض ولا سيّما السّرطانيّة منها، فهو أيضاً يدخل هنا كسبب مهم في التّسبب في إحداث قرحة المعدة بل ومن أهم الأسباب في سرعة تدّهورها والوصول إلى مضاعفات قد تكون مضاعفاتٍ خطيرة.

عوامل جينيّة ووراثيّة

أثبتت بعض الدّراسات الوراثيّة أثبتت وجود رابط جيني بين الأجيال لإحداث قرحة المعدة، ونخص بالذّكر هنا الأقارب من الدّرجة الأولى، لذا فمن المهم أن نضع ذلك في بالنا إن واجهتنا بعض الأعراض والتي سنذكرها بعد قليل إن كان أحد آبائنا مصاب بالقرحة المعديّة لا سيّما إن كان أحدنا في العشرينات من عمره.

عوامل أخرى

رغم الأهميّة الكبيرة لهذه العوامل لكنّها نادرة وقليلة منها:

  • حاملو فصيلة الدّم “O”
  • المصابون بنشاط في عمل الغدد جار الدرقيّة، حيث تقوم بإنتاج كميات زائدة عن الحاجة من الكالسيوم والذي بدوره يزيد إنتاج الأحماض، لكن في هذه الحالة إن تمّ علاج السّبب أي الاضطراب في هذه الغدد- بإزالتها جراحياً مثلاً- فإنّ المشكلة قد تمّ حلّها.
  • متلازمة زولينجرإليسون: وهي متلازمة نادرة جداً.

أعراض قرحة المعدة

هناك أعراض عدّة يمكن مواجهتها وملاحظتها على الشّخص المصاب بقرحة المعدة ولكن ليس ضرورياً أن تتواجد جميعها في شخص واحد، لذا كان معرفتها كلها مهماً وهي:

  • ألم متكرّر في منطقة المعدة أي المنطقة العلويّة من البطن، وهذا الألم ذو طبيعة حارقة، ويمكن للمريض تحديد مكانه بدّقة، حيث أثبتت بعض الدّراسات أنّه في حال كانت القرحة في المعدة نفسها فإنّه يمكن تمييز هذا الألم بكونه يحدث أثناء تناول الطّعام ويختفي عند الاستفراغ -قذف ما في المعدة-، أمّا في حين لو كان العكس أي أنّه ألم يشعر به المريض في حالات الجوع ويختفي عند تناول الطّعام، فإنّه في الغالب هي قرحة الاثنى عشر.
  • الشعور بالألم في منطقة أسفل الصّدر، ويلتبس بها أحياناً بأنّ المشكلة صدريّة.
  • الشعور بعدم الرّغبة في تناول الطّعام مهما كان نوعه.
  • بعض الحالات يحدث فيها ارتجاع مفاجئ لللعاب من القناة الهضميّة إلى الفم.
  • يمكن حصول بعض المرّات من الاستفراغ ولكن ليس بشكل دائم.

لذا وكما ذكرنا سابقا فإنّه ليس شرطاً أن تتجمّع هذه الأعراض كلها في مريض واحد، فعلينا الانتباه جيداً لمثل هذه الأعراض، وذلك سرعةً في تشخيص الحالة وسرعةً في معالجتها، قبل أن تبدأ بالتّأثير على حياة الشّخص وتسبيب المتاعب اليوميّة له، وللوقاية أيضاً من الوصول إلى مرحلة حدوث مضاعفات نحن بغنىً عنها.