نزول الدّم مع البراز
لون البراز الأسود (بالإنجليزيّة: Melena) يعني مخالطته للدّم، ويختلف البراز الذي يخالطه دمٌ عن النّزيف الشرجيّ (بالإنجليزيّة: Hematochezia)؛ فالنّزيف الشرجيّ يعني أنّ النّزيف من منطقةٍ خارجيّةٍ، أو من الجزء السفليّ من القناة الهضميّة على الأغلب، وهو غير مختلط بالبراز، ويكون لون الدّم في هذه الحالة أحمرَ قانياً، أمّا البراز الذي يخالطه دمٌ فلونه أسودُ وداكنٌ؛ وسببه نزيف من مكانٍ داخليٍّ من القناة الهضميّة، وهو أعلى من منطقة الشّرج تشريحيّاً، وهذا يعني أنّ الدّم هُضِم مع الطّعام الذي كان في القناة الهضميّة، ونزل معه على شكل برازٍ، وأنّ النزيف قادمٌ من الجزء الأوّل من الأمعاء أو المعدة أو المريء.
يمكن أن يكون لون النّزيف المصاحب للبراز حتّى لو كان نزيفاً من القناة الهضميّة بلونٍ أحمرَ قانٍ إذا كان النزيف حادّاً؛ حيث ينزل الدّم بسرعةٍ من القناة الهضميّة دون أن يُهضَم أو يتأثّر بالعمليّة الهضميّة، ونزول الدّم مع البراز سواءً كان مختلطاً به أو غير مختلط به؛ عَرَضٌ شائعٌ، وبسببه يراجع العديد من الناس من مختلف الأعمار الأطبّاءَ، وتتفاوت أسبابه في درجتها من بسيطةٍ لا تحتاج تدخُّلاً طبيّاً، إلى أسباب أخرى تستوجب عنايةً طبيّةً أو جراحيّةً.
أسباب نزول الدّم مع البراز
هناك أسبابٌ عديدةٌ قد تؤدّي إلى نزول الدّم مع البراز؛ سواءً مختلطاً به أو غير مختلطٍ به، ويُرجّح التّشخيص حسب الأعراض الأخرى التي تظهر على المريض، بالإضافة إلى لون الدّم وطبيعة البراز، أمّا الشّيء الرّئيس الذي يمكن تشخيص المريض بناءً عليه هو عمر المريض؛ فالأسباب الشّائعة لنُزول الدّم مع البراز تختلفُ باختلاف عُمر المريض؛ فإذا كان المريض صغيراً في السّن؛ فالأسباب الشّائعة لنزول الدّم مع البراز هي: البواسير، أو الشقوق الشرجيّة، أو التهاب القولون، أمّا إذا تجاوز عمر المريض خمسين عاماً، فعندها يجب التأكُّد من عدم إصابته بسرطان القولون، وبشكلٍ عامٍّ فإنّ الأسباب التي تؤدّي إلى نزول الدّم مع البراز هي :
- بعض الأطعمة قد تؤدّي إلى صبغ البراز، وجعله داكناً أو أسودَ، مثل: التّوت، والسّوس الأسود، والملوخيّة.
- تناول بعض أنواع الأدوية يؤدّي إلى صبغ البراز، مثل: الأدوية التي تحتوي عنصرَ الحديد، أو دواء بزموت (بالإنجليزيّة: Bismuth).
- الإصابة بسرطان القولون؛ فقد يكون خروج الدّم مع البُراز العرَض الوحيد للإصابة بسرطان القولون في مراحله المُبكّرة، ولذلك يجب الذّهاب إلى الطّبيب للتَأكّد من عدم الإصابة به؛ إذ إنّ اكتشافه مُبكّراً يُساعد وبشكلٍ كبيرٍ على علاجه، ويَنصح بعض الأطباء بإجراء عَمليّة تنظيرٍ للقولون كلّ خمس سنواتٍ للأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم خمسين عاماً، حتّى وإن لم يشعروا بأيّة أعراضٍ.
- الإصابة بورمٍ قولونيٍّ حميدٍ؛ وهو زوائدُ تظهر في بطانة القولون، قد تُسبّب نزول الدّم مع البُراز في بعض الحالات.
- الشقوق الشرجيّة؛ إذ تظهر هذه الشّقوق على الجلد المُحيط بفَتحة الشَّرج، وتُسبّب الشّعور بألمٍ شديدٍ؛ فمنطقة نشوئها حسّاسةٌ جدّاً، ومليئةٌ بالمُستقبِلات العصبيّة، أمّا النّزيف المُصاحِب لها فيكون ذا لونٍ أحمرَ قانٍ، ويتوقّف على الفور، وقد يُصاحبها كذلك شعورٌ مُتكرّر بضرورة الذّهاب إلى الحمّام حتّى إن لم تستدعِ الحاجة ذلك، وعادةً ما تُشفَى وَحدها في غضون أسابيع، مع الحرص على عدم الإصابة بالإمساك.
- البواسير.
- قرحة المعدة المُزمِنة.
- قرحة الاثني عشر المُزمِنة.
- قرحة المريء المُزمِنة.
- دوالي المريء.
- سرطان المستقيم.
- الإصابة بخللٍ في الأوعية الدّمويّة الخاصّة بالجهاز الهضميّ؛ ويُسبّب هذا الخلل نزول دمٍ مع البُراز، ولا يُصاحبه عادةً الشّعور بأيّة آلامٍ، ويحدث بشكلٍ أكثر شيوعاً عند كبار السنّ.
- الالتهاب المعويّ القولونيّ النّاخر (بالإنجليزيّة: Necrotizing enterocolitis)، وهذا المرض يصيب الأطفال.
- متلازمة مالوري وايس (بالإنجليزيّة: Mallory-Weiss Syndrome).
- التهاب المريء.
- تآكل الاثني عشر أو المعدة.
- تناول أدويةٍ قد تؤدّي إلى حدوث نزيفٍ، مثل: الأدوية المُضادّة للتَخثُّر، ومنها: وارافارين (بالإنجليزيّة: Warfarin)، أو هيبارين (بالإنجليزيّة: Heparin)؛ فعلى الرّغم من أهميّة تناولها لمنع حدوث تخثُّرٍ في الدّم، إلّا أنّ من أعراضها الجانبيّة التسبُّب بالنزيف، ومن الأعراض الجانبيّة لتناول الأسبرين (بالإنجليزيّة: Aspirin) تسبُّبه بقرحةٍ في المعدة والاثني عشر، وقد تؤدّي بدورها إلى حدوث نزيفٍ.
- الإصابة بِرُتُوج القولون؛ وهي انتفاخاتٌ صغيرةٌ تظهر في بِطانة القولون.
- سرطان المعدة.
- اضطراب في تخثّر الدّم.
- التهاب الأمعاء أو القولون؛ وهي أمراض مُزمنةٌ تُسبّب تهيُّج بطانة الأمعاء، وهناك نوعان رئيسان منها: مرض كرون، والتهاب القولون التَقرُّحي، وكلاهما يُسبّبان الإسهال الدّمويّ.
أعراض نزول الدّم مع البراز
هناك أعراضٌ قد تصاحب اسوداد البراز واختلاطه بالدّم، وأعراضٌ أخرى تصاحب نزول الدّم مع البراز غير المُختلط به، ومن أعراض الحالتين:
- استفراغ يصاحبه دم (بالإنجليزيّة: Heamatemesis)، وإذا صاحب البرازَ المختلطَ بالدّم استفراغٌ يصاحبه دمٌ؛ فذلك يرجّح كفّة وجود نزيفٍ حادٍّ في القناة الهضميّة، أمّا إذا كان العَرَض فقط برازاً يصاحبه دم؛ فذلك يعني أنّ النزيف أقلّ كميّةً وحِدّةً، وإذا كان النّزيف قادماً من المعدة، فسيكون مهضوماً جزئيّاً، وسيظهر بلونٍ بنيٍّ مع الاستفراغ، مثل: البُنّ المطحون (بالإنجليزيّة: Coffee Ground).
- تعب عام.
- دوخة.
- غثيان.
- تعرُّق.
- هبوط في الضّغط، وزيادة في عدد دقّات القلب، وبرودة في الأطراف إذا كان النّزيف حادّاً.
- ألم وحكّة في مكان الشّرج، وهذا يعني أنّ النّزيف خارجيٌّ، وليس قادماً من القناة الهضميّة.
- فقدان الوزن.
- شحوب، خاصّةً في حال حدوث فقر دمٍ؛ نتيجة نزيفٍ مُزمنٍ.
حالاتٌ توجب مراجعة الطّبيب فوراً
يُعدّ خروج الدّم مع البُراز سبباً كافياً لمُراجعة الطّبيب؛ لأنّه عرَضٌ غير بسيطٍ، ولكن توجد حالاتٌ تستدعي الذّهاب إلى الطّبيب فوراً؛ بوصفها حالاتٍ خطيرةً أو طارئةً، مثل:
- المُعاناة من أيّة أعراضٍ قد تدلّ على الإصابة بحالة الصّدمة: وتنتج هذه الحالة من النّزيف الشّديد، ويشعُر المريض عندها بالدّوخة أو الدّوار؛ خصوصاً عند الوقوف، وقد يُصبِح تنفُّسه سريعاً، أو يُعاني من عدم وضوحٍ في الرّؤية، أو يشعر بآلامٍ في الصّدر، أو يصبح جلده بارداً وشاحباً، أو يقلّ عنده إدرار البول.
- إذا كان لون البُراز أسودَ أو شبيهاً بالقطران: فقد يكون عندها المريض مُصاباً بنزيف الجهاز الهضميّ العُلويّ، وهي حالةٌ طارئةٌ تُشكّل خطورةً على حياته، ويكون المَرضى المُصابون بأمراض الكبد أكثرَ عُرضةً للإصابة به.
- إذا كان نزول الدّم مع البُراز مُصاحِباً لارتفاع درجة حرارة الجسم، أو آلامٍ في البطن.
- إذا كان لون الدّم الخارج مع البُراز أحمر داكناً أو عِنابيّاً: ويدلّ ذلك على الإصابة بنزيف الجهاز الهضميّ العُلويّ، أو نزيف الأمعاء الدّقيقة.
الفحوصات اللازمة للتّشخيص
هناك عدّة فحوصاتٍ لازمةٍ كي يُشخِّص الطّبيب السّبب الذي أدّى إلى نزول الدّم مع البراز، بالإضافة إلى قياس ضغط الدّم، ودرجة حرارة المريض، وعدد دقّات القلب، ووتيرة التنفّس؛ ومن هذه الفحوصات: فحص شامل للدّم؛ كي يعرف الطبيب نسبة خضاب الدّم وعوامل التخثّر؛ فقد يُؤدّي نزول الدّم مع البراز إلى فقر دمٍ، أو يكون السّبب هو خلل في عوامل تخثّر الدّم، وتجب معرفة نوع الدّم في حال احتاج المريض إلى نقل دمٍ، كما يجب أن يجري المريض تنظيراً للقناة الهضميّة؛ لمعرفة سبب نزول الدّم مع البراز، وقد يفحص الطّبيب فتحة الشّرج خاصّةً إذا كان الدّم غير مختلط بالبراز، وربّما يطلب فحصاً لوظائف الكبد بناءً على الأعراض الأخرى التي قد يأتي بها المريض.
علاج نزول الدّم مع البراز
يكون العلاج حسب السّبب الذي أدّى إلى خروج الدّم مع البراز؛ لكن بشكلٍ رئيسيٍّ في حال فقدان الجسم الكثير من الدّم، فهذا يتطلّب تدخلُّاً طبيّاً عاجلاً، وقد يتطلّب نقل دمٍ إلى المريض، ويختلف العلاج حسب السّبب؛ فيلجأ الطّبيب أحياناً إلى العلاج الدوائيّ إن كانت هناك اضطراباتٌ في عوامل التخثّر، وتوصَف الأدويةُ لتخفيف حامضيّة المعدة إذا كان سبب النّزيف قرحةً، وقد يلجأ إلى العلاج الجراحيّ في حال وجود أورامٍ وسرطاناتٍ، أو ثقبٍ في جُدُر الأمعاء أو المعدة أو المريء، أو إذا كان هناك نزيفٌ داخليٌّ كبيرٌ، وهناك علاجاتٌ أخرى تُستخدَم حسب التّشخيص الطبيّ.