كيف يتم الهضم

مقدمة

يعيش الإنسان على التنفس والطعام والشراب، والتي لا يمكن أن يحيا بدون أي واحد منهم، والهضم هي من العمليات المعقدة التي تحدث في جسم الإنسان، ويحتاج الإنسان للطعام بشكل مستمر وبشكل يومي، فالطعام غذاء للأنسجة والخلايا التي تعطي الإنسان الطاقة لممارسة حياته بشكل طبيعي، وبدون الطعام يصبح الجسم هزيلاً وغير قادر على الحركة، وعلى مدى -ليس ببعيد- يسبب الوفاة، لذلك كان الإنسان البدائي كل همه البحث عن الطعام ليسد جوعه، ويمنح جسمه الطاقة اللازمة لإمكانية البحث عن طعام ليوم آخر، وهذه من الحاجات الأساسية للإنسان، ولكي يشعر الإنسان بالشبع ويستفيد جسمه من الطعام الذي يأكله، يمر بعده مراحل كل مرحلة ذات أهمية إلى أن يصل للمرحلة التي يتحول بها الطعام إلى بروتينات وسكر ودهون، والتي يكون الجسم بحاجتها بشكل دائم. هناك الكثير من الناس الذين ليس لديهم أي فكرة عن المراحل التي تمر بها عملية الهضم، فهم يظنون أن الهضم خاص بالمعدة -فقط- ولا يعلمون ما الذي يحدث أثناء تناولهم الطعام؟ ولكن في هذا المقال سيتم توضيح كافة المراحل التي يمر بها الطعام.

مرحلة الهضم في الفم

إن أول إشارة لبدء عملية الهضم هي سيلان اللعاب، ويحدث سيلان اللعاب عند رؤية الطعام أو عند اشتمام رائحة طعام مفضل، وعندما يحدث ذلك تكون هذه هي أولى مراحل عمليات الهضم، فهي تحدث في الفم، من الوظائف المهمة للعاب في الفم أن يجعل الطعام رطباً أثناء قيام الأسنان بعملية الطحن والهرس، وتحويل القطع الكبيرة إلى قطع صغيرة ومتناهية الصغر حتى يسهل بلعها، ولعاب الفم يقوم بإفرازه ثلاثة أزواج من الغدد اللُّعابية وهي الغدد النكفية، الغدة تحت الفك الأسفل، والغدة تحت اللسان، وتقوم هذه الغدد مجتمعة بإفراز ما يقارب اللتر ونصف اللتر من اللعاب يومياً، يحتوي اللعاب على البروتين الذي يعمل على تماسك الطعام المهروس وتجهيزه للبلع، حيث تنتقل إلى المرحلة الثانية من رحلتها، وأيضاً يحتوي اللعاب على أنزيم يسمى الأميلايز وهذا الأنزيم يساعد على هضم الأطعمة التي تحتوي على نشويات مثل البطاطس والأرز، ولا يمكن أن نتجاهل أهمية اللسان في عملية طحن وهرس الطعام فاللسان هو مركز التذوق في جسم الإنسان، وبدونه لا يمكن للإنسان أن يعرف طعماً للطعام، ناهيك عن مهمته في تحريك الطعام أثناء عملية المضغ والطحن، كل هذه المراحل تتم فقط في أولي عمليات الهضم والتي تحدث في الفم.

مرحلة الهضم في المعدة

بعد هرس الطعام وبلعه تكون المرحلة الثانية،و هي وصول الطعام إلى المعدة، وتقوم المعدة بمزج المفرزات مع الطعام، وتقوم المعدة بإفراز حوالي 2000-2500 ملم من العصارة المعدية يومياً، حيث تحتوي العصارة المعدية على الأحماض التي تزيد من عملية هضم الطعام، والمعدة تعتبر المخزن المؤقت للطعام.

مرحلة الهضم في الأمعاء الدقيقة

الأمعاء الدقيقة هي المكان الرئيسي الذي يحدث فيه هضم الطعام ويتم إفراز بعض الأنزيمات التي تفرز من البنكرياس وجدار الأمعاء الدقيقة، وتكون وظيفة هذه الأنزيمات هي تحويل الطعام إلى جزيئات من الدهون والسكر والبروتينات والتي يتم امتصاصها عبر جدار الأمعاء الدقيقة لتتغذى عليها الأنسجة والخلايا في الجسم، ويتحرك الطعام في الأمعاء الدقيقة بمعدل 1سم كل دقيقة، حيث تتطلب عملية الهضم في الأمعاء من 3-8 ساعات تقريباً حتى تكتمل العملية في الأمعاء الدقيقة وتنتقل إلى الأمعاء الغليظة.

مرحلة الهضم في الأمعاء الغليظة

يصل طول الأمعاء الغليظة تقريباً 1.5 متر، وتتكون من المصران الأعور والقولون والمستقيم، والأمعاء الغليظة هي موقع امتصاص الماء والأملاح والفيتامينات المركبة التي تتبقي من عملية الهضم في الأمعاء الدقيقة وذلك من خلال عمل البكتيريا، يتم امتصاص ما يقارب 500-1000 ملم من الطعام الذي يدخل القولون يومياً ويتم ترك 50-200 ملم يخرج مع البراز؛ تتحرك محتويات القولون بمعدل 5سم لكل ساعة كي يتسنى للقولون امتصاص بعض المغذيات. يتم إفراز كميات كبيرة من الغشاء المخاطي للأمعاء الغليظة؛ وذلك بهدف حمايتها من عمل البكتيريا أو الكشط، وأيضاً تأمين الوسيط لتجميع البراز ببعضه، والذي يتابع طريق خروجه من الجسم عبر المستقيم ثم فتحة الشرج.

سوء الهضم

إن جزيئات الطعام التي تم تحويلها في الأمعاء الدقيقة من بروتينات وسكريات ودهون والتي تم امتصاصها عبر تلك الأمعاء تنتقل إلى الدورة الدموية حتى تصل إلى الكبد، ويتم تفكيك المزيد من جزيئيات الطعام فيتم تحويل بعض هذه الجزيئات التي تم تفكيكها إلى وقود يتم تخزينه في الجسم لحين الحاجة إليه.
من المفترض -ومن الطبيعي- أن تحدث عملية هضم الطعام بسرعة وفاعلية من أجل الحصول على القيمة الغذائية من تحليل الطعام، وإن لم تكن عملية الهضم سريعة قد يسبب ذلك تخمر الطعام غير المهضوم، ويؤدي ذلك إلى سوء امتصاص المواد المغذية، وسوء الهضم، فما هو سوء الهضم؟ إن سوء الهضم هو العبارة التي تستخدم في وصف الانزعاج الذي يحصل في المعدة بعد تناول وجبة الطعام، حيث يشعر الشخص إما بألم في المعدة أو الغثيان وانتفاخ البطن والتجشؤ المفرط، وتكون الأسباب الأكثر انتشاراً لوجود سوء في الهضم هي التهاب غشاء المعدة الرغوي، أو التسبب في قرحة بالمعدة، أو حموضة حادة أو بسيطة.

ولتفادي حصول سوء في الهضم لا بُد من معرفة الأمور التي تسبب ذلك والابتعاد عنها فمثلاً، عدم مضغ الطعام في الفم بشكل جيد وهذا يجعل مهمة المعدة صعبة ومن الممكن صعوبة بلعها مما يسبب الاختناق، وأيضاً الأكل بسرعة قد يسبب الكثير من المشاكل وعدم إتاحة الفرصة للمعدة بإفراز الأحماض التي تساعد على الهضم، أو حتى عدم إتاحة الفرصة للغدد اللعابية في الفم بإفراز اللعاب الذي يلعب دوراً هاماً في عملية المضغ والبلع، وأيضاً من السيِّئ القيام بتناول وجبات كبيرة بحيث لا يستطيع الجهاز الهضمي إنجاز كمية كبيرة من الطعام دفعة واحدة، ولذلك كلما كانت الوجبة كبيرة كلما كانت قدرة الجهاز الهضمي غير جيدة، مما يسبب مشاكل في عملية الهضم، ومن الأمور الهامة أيضاً عدم شرب كميات كبيرة من السوائل أثناء تناول الطعام فهذا يخفف من إفراز الأحماض والأنزيمات التي تساعد على الهضم، ودون هذه الإنزيمات والأحماض لا تكون عملية الهضم فاعلة ويصبح لديك مشكلة كبيرة، أيضاً الوجبات التي تكون في وقت متأخر من الليل أو قبل النوم بوقت قصير يجعل عملية الهضم بطيئة، ويسبب ذلك مشاكل هضمية، والاجهاد والتعب يعطلان عملية الهضم السليم.

ومن الأعراض السيئة لعملية الهضم السيئ هو الافتقاد للطاقة التي يكون الجسم بحاجتها للممارسة الأنشطة المختلفة، لأن الطعام غير المهضوم بطريقة صحيحة يؤدي إلى نقل المواد المغذية بكميات أقل إلى الدورة الدموية، ويصبح الجسم مفتقر إلى الفيتامينات والمعادن الأساسية التي تأتي عبر عملية الهضم، وهذا يؤدي إلى نقص في الغذاء قد يسبب الكثير من العواقب طويلة الأمد مثل أمراض القلب والسرطان، بالإضافة إلى ذلك سوء عملية الهضم أو بطئها يؤدي إلى تخمر الطعام في الأمعاء ويؤدي ذلك إلى مشاكل في توليد ريح البطن، انتفاخ وعدم الشعور بالراحة، وقد يؤدي إلى الشعور بآلام في المعدة، ويؤدي إلى مشاكل في الإمساك أو الإسهال.