الإسهال عند الأطفال
يُعرّف الإسهال على أنّه إخراج البُراز إمّا على الشّكل السّائل أو لمرّات عديدة، وله نوعان: الإسهال الحادّ يكون بالتبرّز لثلاث مرّات أو أكثر خلال فترة لا تزيد عن 14 يوماً، أمّا النّوع المُزمن فيكون عند مُعاناة المريض من الإسهال لمدّة تزيد عن ذلك. ولا يعتبر الإسهال مرضاً، بل هو عَرَض يُصاحِب الإصابة بحالات مرضيّة عدّة، ولذلك يوجد العديد من الأمور التي تؤخَذ بعين الاعتبار لتحديد السّبب الكامن وراء الإصابة به؛ كخصائص البُراز من لون وكثافة وحجم، وكذلك إذا ما صاحبه أعراض أخرى كالاستفراغ والغثيان وألم البطن. ويجب الاستفسار عن الوجبات الأخيرة التي تناولها الطّفل، أو إذا ما تعرّض لحيوانات أليفة، أو تناول مُضادّات حيويّة مُعيّنة، أو تمّ إدخاله إلى المستشفى مُؤخّراً، أو عانى من نقصٍ في المناعة. وعلى الرّغم من كون الإسهال شائع الحدوث إلّا أنّ خطورته محدودة، وتكمن تلك الخطورة في التسبّب بإصابة الطّفل بحالة الجفاف، ممّا يؤدّي إلى اضطراب توازن الماء والأملاح في جسمه. وعلى كل حال يجب التّعرف على أسباب الإسهال وعلاجه بالشّكل المناسب لتلافي أيّة خطورة على حياة الطّفل.
أسباب الإصابة بالإسهال عند الأطفال
تختلف أسباب الإصابة بالإسهال باختلاف نوعه، حادّاً كان أم مُزمناً؛ فالإسهال الحاد ينتج عادةً عن الإصابة بالتهاب الأمعاء النّاتج في مُعظم الحالات عن العدوى الفيروسيّة على الرّغم من احتماليّة نشوئه من عدوى بكتيريّة أو طُفيليّة، وقد يصاحب أيضاً المعاناة من التسمّم الغذائيّ الذي يحصل عند تناول الطّعام المُلوّث بأنواع مُعيّنة من البكتيريا؛ مثل البكتيريا المُكوّرة العنقوديّة أو الكلوستريديا، كما قد يُسبّب الاستخدام المُفرِط لأنواع مُعيّنة من المُضادّات الحيويّة في حدوث الإسهال عن طريق القضاء على أنواعٍ مُحدّدة من البكتيريا النّافعة الموجودة في الامعاء، ممّا يتيح الفرصة لأنواع أُخرى ضارّة وخطيرة، مثل الكلوستريديا العسيرة، للتّكاثر ولإطلاق سمومها مُسبّبة تهيّج بطانة الأمعاء، وقد ينتج الإسهال الحادّ كذلك من مُعاناة الطّفل من الحساسيّة ضدّ أنواعٍ مُعيّنة من الطّعام، أو من الإصابة بحالات أكثر خطورة، كالتهاب الزّائدة الدوديّة، أو الانغماد المعويّ (وهي حالة مرضيّة تُصيب الأطفال تنتج عن تداخل جزء من الأمعاء في تجويف الجزء المُجاور له)، أو من مُتلازمة إنحلال الدّم اليوريميّ. أمّا الإسهال المُزمن فقد يَنتج عن الإصابة بالعدوى الطُفيليّة، وكذلك عن عوامل مُتعلّقة بالغذاء كالمعاناة من حالة عدم تحمّل اللاكتوز، أو من الإصابة بمرض اضطراب الهضم (أو ما يسمّى بمرض سيلياك)، وقد يحدث أيضاً عند الإصابة بمرض الأمعاء الالتهابيّ أو بمرض التليّف الكيسيّ (الذي يحصل فيه خلل في إفرازات الجسم المُختلفة).
الحالات التي يجب عندها مراجعة الطبيب
لا يحتاج معظم الأطفال المُصابين بالإسهال إلى الذّهاب إلى الطّبيب وإنّما يتم علاجهم منزليّاً، ولكن هنالك حالات تُلزم بذلك، منها:
- إذا استمرّ الإسهال مدّة تزيد عن ثلاثة أيّام.
- إذا كان عمر الطّفل يقلّ عن ستّة أشهر.
- إذا كان شكل الطّفل يوحي بأنّه مريض جدّاً، أو بدت عليه أعراض الإصابة بالجفاف، كالإعياء العام، وقلّة التبوّل، وذرف الدّموع، وكذلك إذا كانت عيناه غائرتين.
- إذا تقيّأ الطّفل مادّة خضراء مع الدّم أو سائلاً أصفر اللّون.
- إذا عانى الطّفل من ارتفاع درجة الحرارة لما يزيد عن 40 درجة مئويّة.
- إذا ظهر طفح جلدّي على الطّفل، أو اشتكى من ألمٍ في البطن مدّة تزيد عن السّاعتين، أو إذا كان يُعاني أصلاً من ضعفٍ في المناعة.
علاج الإسهال عند الأطفال
يختفي الإسهال عند الأطفال في غضون عدّة أيام عادةً عندها يكون جهاز المناعة في الجسم قد قضى على العدوى المُسبّبة له في معظم الحالات. وغالباً ما يتّم علاج الإسهال عبر إجراءات تُتّخَذ منزليّاً، وفي قليل من الحالات يحتاج الطّفل الدّخول إلى المُستشفى إذا ما كان الإسهال شديداً، أو إذا صاحبه أيّة مُضاعفات. أمّا علاج الإسهال فيكون على النّحو الآتي:
- الغذاء: ففي حال عدم مُعاناة الطّفل من الجفاف جرّاء الإصابة بالإسهال يُنصح عادةً بالاستمرار بالحمية الغذائيّة المُعتادة، أو إذا كان رضيعاً لا بأس في إكمال رضاعته بشكل طبيعيّ. وهنالك أصناف مُعيّنة يُنصح بتناولها عند الإصابة بالإسهال إذا لم يعاني الطّفل من الجفاف، وكان قادراً على تحمّل غذائه المعتاد، وتكون كالآتي:
- تناول مُنتجات الحليب البقريّ: فلا داعٍ لتجنّب تناول الحليب أو منتجاته في هذه الحالة، إلّا إذا كان الطّفل يُعاني أصلاً من حساسيّة تجاهها.
- تناول أغذية تحتوي على الكربوهيدرات المُعقّدة، كالأرز، والقمح، والبطاطا، والخبز، وكذلك تناول الفواكه والخضروات. ويُنصَح بتجنّب تناول الأصناف المُحتوية على الدّهون كونها صعبة الامتصاص.
- تجنّب تناول المشروبات الرياضيّة المُحتوية على نسب عالية من السكّر فقد تزيد الإسهال سوءاً، كما أنّها قد لا تحتوي على الأملاح والمعادن المُناسبة للطّفل المُصاب بالإسهال. ويُنصح عادةً بتناول عصير التّفاح الطبيعيّ.
- علاج الجفاف الفمويّ: وهو الخطوة الأهم في علاج الإسهال عند الأطفال، فمن الضروري جدّاً مُراقبة علامات الجفاف عند الطّفل؛ كجفاف الفم والحلق، والعطش، ونقص إدرار البول. فإذا ما وُجِدت هذه الأعراض يُنصح بتناول ما يُسمّى بأملاح الإماهة الفمويّة؛ وهي عبارة عن محلول يحتوي على السكّر والمعادن كالصّوديوم والبوتاسيوم والكلور التي خسرها الطّفل بسبب الإسهال. وبالإمكان شراء هذه المحاليل من الصيدليّات، ولها أنواع ومقادير كثيرة، لذلك يجب مُراجعة الطّبيب لتحديد الجُرعة المُناسبة للطّفل.
- استخدام البروبيوتيك: وهي مُكمّلات غذائيّة مُتكوّنة من البكتيريا النّافعة الموجودة بشكل طبيعيّ في الأمعاء، وُجد أنّ استخدامها قد يُقلّل مدّة المُعاناة من الإسهال، ولكنّ الفائدة منها ليست كبيرة، كما أنّ سعرها مُرتفع.