كيف يتم علاج الاكتئاب

الاكتئاب

يُعرَّف الاكتئاب (بالإنجليزية: Major Depressive Disorder) على أنّه مشكلةٌ صحيّةٌ تؤثّر في حياة الشخص، وتصرّفاته، ومشاعره، ويُعتبَر الاكتئاب أحد الاضطرابات شائعة الحدوث، إذ إنّه يصيب الأشخاص بمعدّل شخصٍ واحدٍ من بين كلّ خمسة عشر شخصاً. ومن الممكن حدوث الاكتئاب في أيّ مرحلةٍ من العمر، إلّا أنّه غالباً ما يظهر للمرّة الأولى في أواخر مرحلة المراهقة أو منتصف العشرينيّات. وتُعتبَر النساء أكثر عُرضةً للإصابة بالاكتئاب.

العلاج النفسيّ

يُعتبَر العلاج النفسيّ (بالإنجليزية: Psychotherapy) أو ما يُسمّى العلاج بالتحدُّث (بالإنجليزية: Talk Therapy) جزءاً مهمّاً من علاج بعض الاضطرابات النفسية ومنها الاكتئاب؛ إذ يهدف هذا النوع من العلاج إلى إيجاد حلولٍ بدلاً من التحدث عن المشاكل فقط، فمثلاً يتركّز محور العلاج النفسيّ على الحديث عن الحاضر بشكلٍ أساسيٍّ، لتمكين الشخص المُصاب من التأقلم مع الحاضر والتحضير للمستقبل، كما يُعتبَر وجود الثقة، والمُشاركة، والتعاوُن، والتواصل، والقدرة على التفهُّم والاستيعاب واتّخاذ المواقف أجزاءاً رئيسيّةً ومهمّةً لأنواع العلاج النفسيّ المُختلفة.

العلاج السلوكيّ المعرفيّ

يُعتبَر العلاج السلوكيّ الإدراكيّ (بالإنجليزية: Cognitive-Behavioral Therapy) إحدى طرق العلاج المُستخدمة في حالات الاكتئاب، حيث يتمّ فيه دمج العلاج الإدراكي (بالإنجليزية: Cognitive Therapy) -وهو معرفة مدى تأثير أفكار الشخص على مشاعره- والعلاج السلوكيّ (بالإنجليزية: Behavioral Therapy) -وهو محاولة تغيير تصرّفات الشخص تجاه المواقف التي تحتاج إلى التحدّي- ويُعتبَر تعاوُن الشخص أمراً مهمّاً لزيادة فاعليّة العلاج. فمثلاً يهدف العلاج السلوكيّ المعرفيّ إلى مساعدة الشخص على تحديد الأفكار التلقائيّة والمُعتقدات الأساسيّة التي تُسهم في خلق مشاعر سلبيّةٍ لديه؛ كأن يعتقد مثلاً بأنّ جميع البشر سيّئون بسبب وجود شخصٍ سيّءٍ واحد، أو أن يعتقد بأنّه يجب على جميع الأشخاص أن يحبّوه بلا استثناء. أمّا بالنسبة للعلاج السلوكيّ، فيتمّ البدء به عند تحقيق درجةٍ من السكون والاستقرار الذهنيّ لدى الشخص، وذلك عن طريق اتّخاذ إجراءاتٍ تساعده على العودة لحياته الطبيعية وتسديد خُطاه نحو أهدافه؛ وذلك بتشجيعه على ممارسة الهوايات وقضاءِ وقتٍ مع الأصدقاء إذا كان الاكتئاب قد تسبّب بحدوث الانعزال الاجتماعيّ مثلاً، وكذلك يمكن توجيه الشخص تحت الإشراف على مواجهة المواقف والأشخاص الذين يتسبّبون بشعوره بالخوف مثلاً.

العلاج الاجتماعيّ

يُعتبَر العلاج الاجتماعيّ (بالإنجليزية: Interpersonal Therapy) من العلاجات المستخدمة في الاكتئاب، ويهتمّ العلاج الاجتماعيّ بالتركيز على الأمور التي تجري في الوقت الحالي والمكان الحالي، ولا يهتمّ بالتركيز على الدوافع والأفكار في اللاوعي، وهو علاجٌ محدّدٌ بمدّةٍ زمنيّة معيّنة وموجّهٌ لتحقيق أهدافٍ معيّنة، إذ يهتمّ بمعرفة أعراض الشخص المُصاب، ودوره، وعلاقاته الاجتماعيّة، ويهدف إلى مساعدة الشخص على تغيير التصرّفات -وليس تغيير الشخصيّة- وتعلُّم مهاراتٍ جديدةٍ تساعده على تخفيف الأعراض بدلاً من الاكتفاء باستيعاب أفعاله وردود أفعاله.

ويُمكن للمعالج أن يساعد الشخص المريض على استذكار أعراضه وربطها بواحدٍ من الأمور الآتية ليتمكّنا من تفنيد المواقف والتخفيف من الأعراض والتوّتر:

  • الحزن على خسارة شيءٍ أو أحد.
  • الاختلافات مع الآخرين.
  • حدوث تغييرٍ في حياة الشخص، كالانتقال إلى وظيفةٍ جديدة مثلاً.
  • العُزلة وفقدان المهارات الاجتماعيّة.

العلاج النفسي الديناميكيّ

يَعتمد العلاج النفسيّ الديناميكيّ (بالإنجليزية: Psychodynamic Psychotherapy) أو العلاج بالتحليل النفسيّ (بالإنجليزية: Psychoanalytic Psychotherapy) على كتابة الشخص لجميع الأفكار التي تدور في رأسه، حيث يُساعد ذلك على إدراكه لنمط أفعاله وأقواله التي قد تلعب دوراً في مشاكله.

العلاج بالإرشاد والمشورة

يهدف العلاج بالإرشاد والمشورة (بالإنجليزية: Counselling) إلى معرفة المشاكل التي تواجه الشخص ومحاولته في إيجاد طرقٍ للتعامل معها تحت إشراف المُعالِج الذي يُساعد المصاب على إيجاد الحلول دون أن يخبره بما يجب القيام به بالتحديد. ويُعتبَر العلاج بالمشورة مناسباً للأشخاص الأصحاء الذين يعانون من أزمةٍ حاليّةٍ فقط مثل؛ فقدان شخصٍ ما، أو وجود مشاكل في العلاقات الشخصيّة، أو العقم وعدم القدرة على الإنجاب، أو الإصابة بمرضٍ خطيرٍ مثلاً، وغيرها.

العلاج الدوائيّ والإجراءات العلاجيّة

الأدوية المُضادّة للاكتئاب

تُساهم الأدوية المُضادّة للاكتئاب (بالإنجليزية: Antidepressants) في تخفيف ظهور أعراض المرض، ويوجد العديد من أنواعها، وقد يستجيب المصاب لنوعٍ ما دون الآخر، حيث إنّ أغلب حالات الاكتئاب المتوسّطة والشديدة تستجيب لها ولكنّ ذلك ليس شرطاً، لذلك تجب مراجعة الطبيب المختص بمعدّل مرّة كل أسبوعٍ أو أسبوعين لمدّة أربعة أسابيع لتقييم مدى فاعليّة الدواء. ومن أصناف الأدوية المُضادّة للاكتئاب ما يأتي:

  • مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة: تساعد مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائيّة (بالإنجليزية: Selective Serotonin Reuptake Inhibitors) على زيادة الناقل العصبيّ السيروتونين الذي يُعتقَد بأنّه مسؤولٌ عن تحسُّن المزاج. ومن الأمثلة عليها؛ باروكسيتين (بالإنجليزية: Paroxetine)، وفلوكسيتين (بالإنجليزية: Fluoxetine)، وسيتالوبرام (بالإنجليزية: Citalopram).
  • مضادات الاكتئاب ثلاثيّة الحلقات: تساعد مضادات الاكتئاب ثلاثيّة الحلقات (بالإنجليزية: Tricyclic Antidepressants) على زيادة كلٍ من السيروتونين (بالإنجليزية: Serotonin) والنورأدرينالين (بالإنجليزية: Noradrenaline) في الدماغ، الأمر الذي يسهم في تحسين المزاج. وتُعتبَر مدّة فعاليّة مضادات الاكتئاب ثلاثيّة الحلقات أطول من مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة. ومن الأمثلة عليها؛ إيميبرامين (بالإنجليزية: Imipramine)، وأميتريبتيلين (بالإنجليزية: Amitriptyline).
  • مثبّطات إعادة امتصاص السيرتونين والنورأدرينالين: تُعتبَر الأدوية التي تنتمي إلى مجموعة مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورأدرينالين (بالإنجليزية: Serotonin-Noradrenaline Reuptake Inhibitors) من الأدوية الجديدة نسبيّاً، وعلى الرّغم من كونها أكثر فاعليّة من مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة إلّا أنّها لا تُستخدَم بشكلٍ كبيرٍ وذلك لأنّها قد تتسبّب في حدوث ارتفاعٍ في ضغط الدم (بالإنجليزية: Blood Pressure). ومن الأمثلة عليها؛ فينلافاكسين (بالإنجليزية: Venlafaxine)، ودولوكسيتين (بالإنجليزية: Duloxetine).

علاجات أخرى

بالإضافة لمضادّات الاكتئاب، هناك بعض العلاجات التي قد تُساعد على السيطرة على الاكتئاب، ومنها ما يأتي:

  • الليثيوم: يُضاف الليثيوم (بالإنجليزية: Lithium) إلى أدوية الاكتئاب عند عدم حدوث استجابةٍ وتحسّنٍ بعد استخدام الأنواع المختلفة من مضادات الاكتئاب، ولليثيوم نوعان وهما؛ كربونات الليثيوم (بالإنجليزية: Lithium Carbonate)، وسترات الليثيوم (بالإنجليزية: Lithium Citrate). ويجدر التنبيه إلى أنّ ارتفاع مستوى الليثيوم في الدم قد يكون سامّاً، لذا فإنّه يجب إجراء تحليلٍ للدم كل ثلاثة أشهرٍ، والابتعاد عن الأنظمة الغذائيّة قليلة الملح لأنّها قد تتسبّب في ارتفاع مستواه في الدم.
  • عشبة القديس يوحنّا: تُستخدم في بعض الأحيان عشبة القديس يوحنا (بالإنجليزية: St John’s Wort) لعلاج الاكتئاب إلّا أنّ الأطباء لا يوصون عادةً باستخدامها، وذلك بسبب اختلاف كميّة المادّة الفعالة بين الأنواع المختلفة منها، كما أنّها قد تسبّب مشاكل عند استخدامها مع عدّة أنواع من العلاجات مثل مضادّات التشنُّج (بالإنجليزية: Anticonvulsants)، ومُضادّات الاكتئاب، ومضادّات التخثُّر (بالإنجليزية: Anticoagulants)، وحبوب منع الحمل (بالإنجليزية: Oral Contraceptives).
  • العلاج بتحفيز الدماغ: يُستخدَم العلاج بتحفيز الدماغ (بالإنجليزية: Brain stimulation) في حالات الاكتئاب الشديدة عند عدم الاستجابة للعلاجات السابقة، ولهذه الطريقة أنواع عديدة؛ منها التحفيز باستخدام التيّار المُباشر عبر الدماغ (بالإنجليزية: Transcranial Direct Current Stimulation) والذي يشمل تركيب أقطابٍ صغيرةٍ على الرأس ترسل تياراً منخفض القوّة وثابتاً إلى الدماغ، حيث يُحفّز التيار الكهربائيّ وظائف الدماغ لتخفيف أعراض الاكتئاب، وهناك التحفيز المغناطيسيّ المتكرّر للدّماغ (بالإنجليزية: Repetitive Transcranial Magnetic Stimulation) وفيه يتمّ توجيه ملفٍّ كهرومغناطيسيٍّ باتّجاه الرأس، حيث يُرسل نبضاتٍ متكرّرة وذات تردّداتٍ ثابتة من الطاقة الكهرومغناطيسيّةٍ، مما يؤدّي إلى تحفيز الدماغ.