يُصيبُ الإنسان العديد من المشاعر المختلطة أحياناُ ، فأحياناً تراه يشعر بالسعادة وتارةً يُصيبه الحَزن والشرود ، لِذا فالانسان هو كائنٌ متغيّرُ المشاعر والانفعالات ، ولا تستطيع القول بوحدة المشاعر لديه ، وهذا أبرز ما يميّزه ، ويكون ذلك نتيجةً للمؤثّرات الخارجيّة ، والاحاسيس التي تصله من الناس الذين حوله او من المواقف التي تمرّ به عبَرَ حياته اليوميّة.
ومن أبرز العوارض والمشاكل التي تعتري حالتهَ النفسيّة هي مرض الاكتئاب ، وهذا هو مرض الحزن ، وهو الذي كان يدعو النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالنجاة منه ، وكان يستعيذ بالله منه ، كيف لا وهو هذا المرض الذي يُحبط الطاقات ويقتُلُ الإبداع ، ويقضي على كلّ مُحاولةٍ للنهوض بعد السقوط ، فهذا المرض هو استمرار للسقوط في وَحل الحزن.
فلكلُّ إنسانٍ بدأ بمعاناته مع هذا المرض الذي يُسبّب لصاحبه الحُزن عليه أن يتذكّر متى بدأت معه هذه المشاعر والإنفعالات وهل هي نتيجة لموقف معيّن قادته لمثل هذه المشاعر أو لحادثة معينة ، وعندها فليحاول أن يرجِع القهقرى ليصنع من هذا الموقف أو ذاكَ موقفاً مُشابهاً ، ويتخلّص من من هذا الشعور ، وإذا كانت الكآبة قد أصابته نتيحةً لفقدان عزيزٍ عليه فليتذكّر أنّ الدنيا كُلّها هي دارٌ فانية ، وليسَ عليها ما يبقى وإنّما كلُّ من عليها سيفنى.
وللقضاء على الاكتئاب عليك أن تبتعد قدّر الإمكان عن العزلة ، وعليكَ أن تُخالط الناس ، وأن تجلسَ مع أهلك ، وأن تذهَب في رحلةٍ مثلاً ، وأن تُشاركَ أصحابكَ في فعالياتهم ، ولا تبقى ساكناً مكانك دون أن تُبادِرَ بتغيير الواقعِ الذي أنت فيه.
وللتخلّص من الاكتئاب عليكَ أن تقرأ الكتب النافعة ، وأن تُمارس الهوايات التي تُحبّها ، وأن تسجّل في أنديةٍ للّياقة البدنيّة مثلاً ، وأن تلعبَ كرة القدم أو كرة السلّة وهي من الألعاب التي يكون فيها وجود جماعة وليست ألعاب انفراديّة ، فالهدف أولاً وأخيراً منها هو التفاعل مع الآخرين ، وأن لا ينكفئ صاحب الاكتئاب على نفسه فيزداد حُزنُهُ ، وتتراجع حالته النفسيّة إلى الوراء.
وللقضاء على الاكتئاب ، عليكَ أولاً واخيراً بكلام الله عزَّ وجلّ ، فإنّ الله سُبحانَهُ وتعالى وذِكرُهُ وكلامه تطمئنُ إليه القلوب ، وبِهِ تسعدُ نُفُوسُنا وترتقي إلى أعلى درجاتِ السعادة ، وعلى الذي يكتنفه الحزنُ والاكتئاب ان يفزع إلى الصلاة ؛ لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كانَ يقول لبلال رّضيَ الله عنه ، أرِحنا بها يا بلال ، أي أنّ الصلاة هي راحةٌ للقلوب والنفوس من عوارضها المُزعِجَة كالأحزان والهموم ، وأخيراً لا تنسى أن تلتجئ بالدعاء إلى الله سبحانَهُ وتعالى أن يَحفّظّكَ من الحزن والهمّ إنّه سميعٌ مجيبُ الدعاء.