تعتبر الهموم واحدة من المشاكل الهامّة التي تعترض سبيل الإنسان وطريقه، فإن لم يحسن الإنسان التعامل معها فإنه سيدخل في متاهة لا أحد سيعلم إلى أين ستفضي به إلا الله تعالى، وهذا ليس غريباً فالهموم تثقل على نفس صاحبها لدرجة لا يتصور عقل، فتشل تفكيره وتشل جسمه وتقعده ساكناً بلا أية حركة، وتجعله شارد الذهن وتستنزف طاقته إلى درجة ربما تفنيه خاصة إن كانت من النوع الثقيل الذي يثقل على نفس صاحبه والذي يجعله غير عالم بحاله ولا بأحوال من حوله ولا بأحوال صحته، ومن هنا كان لزاماً على كل إنسان أن حاول ويجتهد ويجاهد نفسه في سبيل الخلاص من الهموم ووأدها إلى الأبد، لما فيها من شر كبير يسيطر على الإنسان بشكل لا يتصوره عقل.
طريقة التخلص من الهم والغم تعتمد أولاً على إرادة الإنسان، فهو الوحيد القادر على تحديد ما إذا كان يريد التخلص من الهموم أم لا، وهو الوحيد القادر على مساعدة نفسه أولاً، فالبعض من الناس قد وصلوا إلى درجة من الكآبة أصبحت فيه جزءاً من حياتهم اليومية، وأصبحوا مصدرين لها لمن حولهم من شدة سيطرتها عليه، حتى أصبحت جزءاً من شخصيته، وهذه الحالة عي مصدر خطر على نفسه على من حوله، وخاصة إن كان من الناس الذين لم تعرف الابتسامة طريقاً إلى وجوههم.
طرق التخلص من الهم عديدة ومتنوعة، فأولاً يتوجب الابتعاد عن مصدر الهم، أو معرفة سببه، فبمعرفة الداء سيعرف الدواء، والدواء عادة ما يحتاج من الإنسان إلى الجهد القليل لإيجاده ونيله وبالتالي دفن الهم إلى الأبد. كما ويمكن التقليل آثار الهم على الإنسان وربما نسيانه لفترة قصيرة جزئية أم طويلة أم إلى الأبد، وذلك عن طريق أن يقوم الإنسان بعمل أنشطة تحتاج منه إلى إعمال عقله وتدخل الراحة والسكينة والسرور إلى قلبه، مثل أن يلجأ إلى الفنون التي تسبب له البهجة والسرور، أو أن يذهب في رحلة سواء وحده أم مع شريك الحياة أم مع الأسرة أم مع الأصدقاء، ففي بعض الأحيان يحتاج الإنسان إلى تغيير مكان جلوسه وإقامته ولو مؤقتاً لأن هذا المكان يكون هو مصدراً من مصادر الهم والغم له، كما ويتوجب أن يعمل الإنسان على ممارسة ما يحبه من الأمور المختلفة أو من الهوايات فالهوايات من شأنها أن تدخل السرور إلى نفس صاحبها وممارسها لما لها من أثر كبير جداً عليه.