الاكتئاب
الاكتئاب مصطلحٌ شائعٌ يستخدمه عامة الناس أحياناً لوصف حالة اليأس أو الإحباط التي قد يمرّ بها الشخص، ولكنّه ليس مجرد حزنٍ أو إحباط، بل هو مرضٌ يسبّب ألماً نفسيّاً للشخص المريض، ويؤثر في صحته النفسيّة والجسديّة وفي حياته وعلاقاته بشكل عام، وفي أسوأ الأحوال إذا تطوّر الاكتئاب ولم يُعالَج المريض منه فإنه قد يقوده إلى الانتحار.
تعريف الاكتئاب
الاكتئاب بحسب تعريف منظمة الصحة العالميّة هو (مرض يميّزه الشعور الدائم بالحزن وفقدان الاهتمام في الأنشطة التي يتمتّع فيها الشخص عادةً، وهو يقترن بالعجز عن أداء الأنشطة اليوميّة لمدة أسبوعين على الأقل).
أسباب الاكتئاب
هناك عدّة أسبابٍ قد تؤدّي للإصابة بالاكتئاب ومنها:
- وجود تاريخٍ عائليٍّ لحالات الاكتئاب.
- التعرّض لصدمةٍ نفسيّةٍ قويّةٍ تؤدي لحالة حزن كبير، مثل موت شخصٍ عزيزٍ.
- بعض الأدوية التي قد تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
- التعرّض لاعتداء أو إساءة وسوء معاملة.
- الصراعات والنزاعات الشخصيّة مع العائلة أو الأصدقاء قد تسبب الاكتئاب لبعض الأشخاص.
- المشاكل الشخصيّة، مثل العزلة الاجتماعيّة قد تزيد من حالة الاكتئاب.
- التعرّض لأمراضٍ خطيرة يصعب الشفاء منها كالسرطان.
- الإدمان على الكحول أو المخدّرات.
- التعرّض لحدثٍ مصيريٍّ كبيرٍ كفقدان الوظيفة أو تجربة طلاق.
أعراض الاكتئاب
هناك العديد من الأعراض التي تدلّ على الاكتئاب في حال ظهرت على الإنسان واستمرّت تلازمه لمدة إسبوعين على الأقل فهي ناقوس خطر يدلّ على الاكتئاب، ومن هذه الأعراض:
- القلق.
- التردّد والاضطراب.
- الضعف العام وفقدان الطاقة.
- تغيّر في الشهيّة.
- اضطرابات النوم كالنوم لفترات أطول أو أقصر.
- انخفاض معدل التركيز.
- تدني احترام الذات أو الشعور بالذنب أو اليأس
- التفكير في إيذاء النفس أو الإقدام على الانتحار.
علاج الاكتئاب
هناك نوعان أساسيّان من الأنواع المستخدمة لعلاج مرض الاكتئاب وهما:
العلاج الدوائي
المصاب بالاكتئاب يعاني من تغيّر توازن بعض كيماويّات المخ، بحيث لا يستفيد المخ من هذه المواد الكيماويّة بالطريقة اللازمة، وتجعل مضادات الاكتئاب هذه المواد متاحة أكثر لامتصاصها من خلايا المخ، وتُصرَف بإشراف الطبيب المختصّ الذي يساعد المريض على التعامل معها في حال كانت لها أي أعراض جانبيّة مثلاً. ومن الضروري هنا أن يتم توضيح بعض الأفكار المغلوطة حول تعاطي الأدوية المضادة للاكتئاب، فالبعض قد يظنّ أنّها قد تستمرّ مدى الحياة وهذا اعتقاد خاطئ؛ حيث إنّ العلاج قد يستمرّ لحوالي ستة أشهر، وحتى عام ولا يستمر مدى الحياة، والاعتقاد الآخر أنّ المريض قد يصبح متبلّد المشاعر وهذه معلومات خاطئة أيضاً، حيث إنّ الدواء لا يؤثر في شعور المريض بالحزن أو القلق، إنما هو يخفف من حدة هذه المشاعر حتى لا تتفاقم وتشكل له أزمةً نفسيّةً، والطبيب فقط يستطيع تحديد مدة العلاج بالأدوية، حيث لا يكفي أن يشعر المريض بالتحسّن ويوقف العلاج من تلقاء نفسه حتى لا تحدث له انتكاسة، أو تراجع في الحالة، بل يحدّد الطبيب الوقت والطريقة المناسبة لوقف العلاج عن طريق التخفيف التدريجيّ لجرعات العلاج.
العلاج النّفسي
للعلاج النفسي دورٌ كبيرٌ في الشفاء من مرض الاكتئاب، وفي حين أن بعض المرضى قد يستفيدون من العلاج في مدةٍ زمنيّةٍ قصيرةٍ، إلا أنه وفي حالات أخرى ولدى الذين يعانون من الاكتئاب منذ فترةٍ طويلةٍ فلا بد لهم من الخضوع للعلاج النفسي لفتراتٍ أطول، وتشير الدراسات إلى أنّ العلاج طويل الأمد يؤدي إلى تحسنٍ أكبر في أعراض الاكتئاب، ويحسّن من حالة الرضى العام عن الحياة والعمل والجوانب الاجتماعيّة، ويمكن أيضاً أن يقلّل من مخاطر حصول انتكاساتٍ، ومن أهداف العلاج النفسي بأنواعه أنه يساعد المريض على:
- التكيف مع الأزمات أو صعوبات الحياة.
- تحديد السلوكيات والتصرّفات الخاطئة التي يقوم بها المريض، وتعليمه تصحيح هذه التصرفات، ومناقشة الأفكار غير الصحيحة لديه، وتعلّم طريقة التفكير السليمة.
- تطوير العلاقات والخبرات الاجتماعيّة، وتطوير التفاعل الإيجابيّ مع الآخرين.
- استعادة الشعور بالرضى، والتحكّم في مشاعر اليأس والغضب، وتمكين الشخص من استعادة السيطرة على حياته.
- زيادة قدرة الشخص على تحمل ضغوطات الحياة، وذلك عن طريق استخدام سلوكيّات صحيّة.
- اكتشاف أفضل الطرق لمواجهة المشاكل وحلها.
- تحديد القضايا التي تزيد من الاكتئاب، وتجعل الأمور أسوأ.
- تعلّم طريقة وضع أهداف واقعيّة للحياة.
- أساليب العلاج النفسي
- وهناك عدة أنواعٍ وأساليب تُستخدم في العلاج النفسي تساعد المريض على التخلّص من الاكتئاب ومنها:
- الإرشاد الفردي: ويقوم على الجلسات الفرديّة بين المريض والمعالج، والتي يتحدّث فيها المريض عن حالته، ويساعده المعالج المختصّ على فهم الأسباب التي أدت لحصول المرض، والخطط التي عليه أن يتبعها حتى يتخلّص من هذه الأسباب ويتخطّاها، وحتى يتبنى طريقة معيشةٍ جديدة وصحيّة تساعده على التخلص من الاكتئاب.
- علاج المجموعات: إنّ هذا العلاج يوفّر للمريض فرصةً للقاء آخرين يمرون بالأشياء نفسها التي يمرّ هو بها، ويشعرون بالمشاعر نفسها التي يعاني منها، وبالتالي فإنه يمكّنه من تبادل الخبرات مع المرضى الآخرين، وهذا التواصل أيضاً وسيلة جيّدة ليتعلّم المريض طرقاً جديدةً للتفكير في المرض ولرؤيته من زاويةٍ جديدةٍ.
- العلاج الخاص بالعلاقات الشخصيّة: وفي هذا العلاج يركز المعالج على العلاقات الشخصية في حياة المريض، وكيف تؤثر هذه العلاقات في حصول الاكتئاب، وكيف يمكن التعامل معها بطريقةٍ سليمةٍ ترفع من الصحة النفسيّة للمريض.
- العلاج النفسي الديناميكي: وفي هذا العلاج يركّز المعالج على الأنماط السلوكيّة لدى المريض، وعلى الدوافع التي تجعله يتصرّف بطريقة خاطئة تحفّز الاكتئاب لديه، ويعمل على تعديل هذه السلوكات معه.
- العلاج الأسريّ: وهنا يُشرك المعالج المختص جميع أفراد العائلة في العلاج، على اعتبار أنّ الاكتئاب يؤثر فيهم أيضاً، وليس فقط في المريض، وأنّ الأسرة إذا لم تتعلّم الطريقة المناسبة للتعامل مع المريض، فهي قد تجعل حالة الاكتئاب أسوأ دون أن تقصد، لذا فمن المهم جداً الاجتماع بالمعالج واتباع تعليماته. وتشير الدراسات إلى أنّ الجلسات العائليّة لها تأثير كبير؛ فهي تقوّي الروابط بين الأسرة، وتجعلهم قادرين على الحديث بحريّة حول ضغوط حالة الاكتئاب وتأثيرها في حياتهم تحت إشراف الطبيب الذي يوجه النقاش ليحصل بالطريقة الصحيحة، كما أنه يساعد على تحسين نمط حياة المريض، ويساعده على الامتثال للدواء، ويحسّن من عادات النوم لديه، كما أنّ الإرشاد الأسري هو وسيلة مهمّة للتوعية لأقارب المريض لمعرفة المزيد عن الاكتئاب، وعلامات الإنذار المبكّر بحدوث المرض.