نوبات الهلع
اضطراب الهلع أو الفزع هو اضطرابٌ نفسيٌّ صعبٌ يصيب الأشخاص، ويكون على شكل خوفٍ شديدٍ؛ حيث يُصاب الشّخص بنوباتٍ مفاجئةٍ غير مرتبطةٍ بسببٍ مباشرٍ، حتّى المريض نفسه يجهل سببها، ومع الوقت يصبح قلقاً وخائفاً طوال الوقت، فلا يسيطر على القلق الذي يُصبح عادةً، ليس لها أيّ سببٍ منطقيٍّ، فثؤثّر على أدائه اليوميّ، وتعيق حياته، وتعكّر صفوها.
أسباب نوبات الهلع
سبب اضطراب نوبات الهلع ما يزال غير معروفٍ، ولكنّ العوامل الآتية قد تلعب دوراً في حدوثه، ومنها:
- الوراثة أو الاستعداد الوراثيّ.
- مزاج الشّخص، ومدى حساسيّته تجاه الأمور.
- تغيّراتٌ في الدّماغ.
- ضغوطات الحياة.
أعراض نوبات الهلع
توجد أعراض نفسيّة لنوبات الهلع، مثل: سيطرة الخوف والأفكار المزعجة على المريض، بالإضافة إلى الأعراض الجسديّة أو العضويّة التي قد تظهر عليه أيضاً، ومنها:
- تسارع نبضات القلب بشكلٍ كبيرٍ.
- ضيق النّفس، وجفاف الحلق.
- ارتجاف الأطراف.
- الدّوار.
- الغثيان، والتعّرّق.
- الشّعور بالخطر، أو الخوف من الموت.
- اضطراباتٌ في المعدة والجهاز الهضميّ.
- بردٌ، وقشعريرةٌ.
- الشّعور بهبّاتٍ ساخنةٍ.
- الاحساس بالخدران، أو التّنميل، أو الوخزات.
- نوع من الانفصال عن العالم المحيط، وعدم الواقعيّة.
تشخيص اضطراب نوبات الهلع
يتعرّض الشّخص أحياناً إلى نوباتٍ شبيهةٍ بنوبات الهلع؛ ممّا يدعو إلى ضرورة التأكّد من مراجعة طبيبٍ مختصٍّ؛ لفحص المريض، وتشخيصه التّشخيص السليم للحالة، والتّمييز بين النوبة التي سببها اضطرابٌ ما، وتلك الّتي لها مسبّباتٌ أخرى، مثل: النوبات التي قد تنتج عن مشكلاتٍ في هرمونات الغدّة الدرقيّة، أو عدم انتظام ضربات القلب، أو بسبب الإصابة بمرض الصرع، فتحدث نوباتٌ لكنّها لا تُعدّ اضطراباً بحدّ ذاته بل عارضاً لمرض ما.
علاج نوبات الهلع
هناك العديد من أنواع العلاجات التي قد تُستخدَم جميعها أو بعضها لعلاج نوبات الهلع، ومنها:
العلاج النفسي
توجد عدّة وسائل وأنواعٍ يمكن استخدامها في العلاج النفسيّ، مثل:
- العلاج النفسيّ الفرديّ: تُعقد جلساتٌ مع المريض؛ لدعمه وتشجيعه على مواجهة هذه النوبات، فيشرح له الطبيب أنّ زيادة دقّات القلب وضيق التنفّس ليست أعراضاً جسديّةً خطيرةً، بل هي أعراضٌ نفسيّةٌ تزول بزوال النّوبة، ولا يمكن أن تؤدّي إلى الموت أو الجنون، وتعليم المريض أنّه من الضّروريّ تذكّر هذه الحقائق أثناء حدوث النّوبة، فهي أمورٌ تساعد المريض على تجاوزها، وتقليل حدّة الخوف.
- تمارين الاسترخاء والتنفّس: إنّ تعليم المريض على تهدئة نفسه عن طريق تمارين الاسترخاء والتنفّس، قد يساعد على تنظيم التنفس، وتجاوز النّوبة، وتخفيف حدّتها؛ فالاسترخاء يقلّل التوتّر المصاحب لها، ويُشعر المريض بالثقة بالنّفْس وقدرته على السيطرة على نفْسه، أمّا تمارين التنفُّس فإنّها تهدّئ الأعراض الجسديّة المصاحِبة للنّوبة، ولكن على المريض والطبيب التحدّث، وتحديد توقّعات كلٍّ منهما لهذا النوع من العلاج، وإعلام المريض أنّ عليه تعلّم هذه التمرينات وممارستها يومياً دون انقطاعٍ؛ حتّى يُتقنها تماماً، ويستطيع السيطرة على نوبات الهلع لديه.
- العلاج الجماعيّ: أثبتت هذه الطريقة فعاليّتها في علاج اضطراب نوبات الهلع والسّيطرة عليها، عن طريق العلاج الجماعيّ للحالات التي تعاني من الاضطراب نفسه، وتعليم آليّات السّيطرة على النّوبات وتقنياتها.
- التّغذية الرّاجعة البيولوجيّة: يعتمد هذا العلاج على جعل المريض يشاهد أو يسمع ما يحصل له ولجسده أثناء تعلّم الاسترخاء، وكيف يستجيب جسده عندما يكون مسترخياً، مثل: إسماعه ضربات قلبه.
العلاج السلوكيّ المعرفيّ
يدمج العلاج السلوكيّ المعرفيّ بين العلاج المعرفيّ الذي يُعنى بتعديل الأنماط الفكريّة التي تسبّب نوبات الهلع وتغييرها، والعلاج السلوكيّ المعنيّ بسلوكات المريض أثناء النوبة، وكيف يتحكّم بها ويحسّنها؛ حيث يعاني المريض في مثل هذه الأمراض من تشوّهاتٍ في أفكاره تسبّب له كلّ ما يشعر به من معاناةٍ، فيتعاون المعالج والمريض في جلساتٍ فرديّةٍ على تعديل هذه الأفكار، والسيطرة على النفس عن طريق نموذجٍ سلوكيٍّ معرفيٍّ يتّبعه المريض، ويستطيع من خلاله فهم ما يعانيه بطريقةٍ صحيحةٍ، وأنّ النّوبة مثلاً هي نوبةُ هلعٍ بسيطةٌ وليست أعراض نوبةٍ قلبيّةٍ، وأنّها ستمضي وسيكون بخير، فيسيطر على قلقه، ويقلّل من شدّته، وبذلك يقلّ تأثير نوبات الهلع عليه، ويتخلّص تدريجيّاً منها بالاستمرار على العلاج والمتابعة المستمرّة، والفرق بين هذا العلاج والعلاج النفسيّ أنّه يُعنى بالحاضر فقط، ولا يحلّل ماضي المريض أو أحداث حياته، بل يركّز على الاضطراب مباشرةً، ولكنّه يستخدم أيضاً أساليب الاسترخاء والتنفّس؛ لتهدئة المريض.
العلاج الدوائيّ
يُستخدَم العلاج الدوائيّ عن طريق وصفاتٍ طبيّةٍ؛ ولكن قد يدمن المريض هذه الأدويةَ، ولهذا يجب التّعامل معها بحذرٍ مُطلقٍ، وتختلف الوصفات حسب حالة كلّ مريضٍ، فتُصرف في العادة مضادّات الاكتئاب مثلاً للمساعدة على تخفيف حدّة نوبة الهلع؛ حيث تضبط هذه الأدوية عمل الجهاز العصبيّ، وتخفّف الانفعال، كما تُستخدَم أحياناً المهدّئات وبعض الأدوية الخاصّة التي تُصرَف لاضطراب الهلع.
العلاج الذاتيّ لنوبات الهلع
رغم أنّ اضطراب نوبات الهلع قد يحتاج مساعدةَ مختصٍّ كي لا تشتدّ الحالة وتصعب السّيطرة عليها، إلّا أنّ هناك مجموعة إرشاداتٍ يستطيع الشخص تجاوز النوبات عن طريقها في الحالات البسيطة، ومنها:
- الابتعاد عن الكحول، والمخدّرات، وأيٍّ من الموادّ المسبّبة للإدمان.
- ممارسة الرّياضة، والتأمّل، والاسترخاء.
- إرخاء الكتفين، ومدّ السّاقين بالتّناوب، مع أخذ نفسٍ عميقٍ أثناء النّوبة.
- محاولة إبطاء التنفّس، والسّيطرة عليه، والتنفّس بهدوءٍ قدر المستطاع.
- تذكير الشخص نفسَه أنّه إن استطاع الكلام، فهو قادرٌ على التنفّس؛ إذن فهو لا يختنق، وما يعانيه سينتهي بسلامٍ.
- زيادة وعي المريض بحالته، وسؤال الطبيب المختصّ عن سبب النّوبة؛ فقد يكون عضويّاً بحتاً.