ما هو علاج الاكتئاب

اضطراب المزاج

مزاج الإنسان هو وصفٌ لحالة الشّخص العاطفيّةِ والشعوريّة، ويُوصفُ المَزاج بالفرح والحزن والغضب والانفعال؛ حيث تُؤثّر العوامل الخارجيّة والداخلية عليه، فمن الطبيعي أن يتغيّر مزاج الشخص من وقتٍ لآخر، ولكن في الوقت نفسه فإنّ الإنسانَ الطبيعيّ يُمكنه أن يتحكّم بمزاجه ويُسيطر عليه.

حتّى يتم تشخيص الشخص بأنّ لديه اضطراباً في المزاج يجب أن يُعاني من نطاقٍ غير طبيعي من تَغيّرات المزاج، وأن لا يستطيع التحكم والسيطرة عليه، فيحدث له شعور بالضيق، ويُؤثّر على حياته الاجتماعية والعمليّة.

الاكتئاب

يُعدّ الاكتئاب من أحد أكثر أنواع اضطراب المزاج شيوعاً، ويؤثّر على تَفكير وعواطف الشخص، ويُؤدّي إلى فقدان اهتمام الشخص بالأنشطة اليومية؛ حيث إنّ حوالي 12% من الناس حول العالم مصابون بالاكتئاب، والأشخاص في أيّ عمرٍ معرّضون للإصابة بالاكئتاب لكن غالباً ما تكون ذروة الإصابة به في العشرينات، كما يتأثّر المُصابون بالأمراض المُزمنة إذا أصيبوا بالاكتئاب، فتزاداد حينها نِسب الوفيّات في الفئة المُصابة بالأمراض المزمنة والاكتئاب معاً. من الجدير ذكره أنّه لا بُدّ من الاهتمام بهذا الاضطراب لأنّ الأفكار الانتحاريّة تزداد لدى المُصابين بالاكتئاب، أو قد تخطر لديهم أيضاً أفكار لقتل الآخرين.

علاج الاكتئاب

توجد عدّة خيارات لعلاج مرضى الاضطراب الاكتئابيّ، كخيارالعلاج النفسيّ والعلاج الدوائيّ، وقد يَحتاجُ المريض إلى العلاج بالصّدمات الكهربائية، كما يجب أن يتمّ الإبقاء على المرضى الذين من المُمكن أن ينتحروا أو يقتلوا غيرهم أو لا يستطيعون الاعتناء بأنفسهم في المستشفى.

العلاج النفسيّ

يكون العلاج النفسي عن طَريق العلاج السلوكي المعرفيّ؛ وهو من أكثر الطّرق شيوعاً في علاج الحالات النفسيّة المُختلفة خاصّةً في عِلاج الاكتئاب والقلق، عن طريق مُساعدة الشخص على إدارة مَشاكله بطرقٍ أكثر إيجابيّة، وتُركّز هذه الطريقة في العلاج على المُشكلة الحاليّة التي يُعاني منها المريض عوضاً عن التركيز على المشاكل السابقة؛ حيث يتمّ تقسيم هذه المشكلة إلى أجزاء صغيرة، كما يُمكن أن يتضمّن العلاج العلاج الجماعي، والدعم، ومحاولة حلّ المشكلات التي يُعاني منها المريض، ويُمكن استِخدام العلاج النفسي وحده، أو إلى جانب العلاج الدوائيّ.

العلاج الدوائيّ

إنّ نسبة استجابة مرضى الاكتئاب للعلاج الدوائي تصل إلى 60%- 70%، ومن بين الأدوية المُستخدمة في علِاج الاضطراب الاكتئابي مضادّات الاكتئاب (بالإنجليزية: Antidepressants)، ويَجب معرفة أنّ مُضادّات الاكتئاب كُلّها متساوية في تأثيرها لكنّها تختلف في الأعراض الجانبيّة التي تُسبّبها للمريض، كما أنّها تحتاج من أربعة إلى ثمانية أسابيع كي تعمل تماماً وتُعطي مفعولاً، ومضادات الاكتئاب تظهر على المريض أعراض انسحاب إذا توقّف المَريض عن تناولها من تلقاء نفسه، لذلك يعمل الطبيب على إنقاص جرعات مضادات الاكتئاب تدريجياً، أما عن أنواع مضادات الاكتئاب؛ فالأنواع الرئيسية هي:

  • مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (بالإنجليزية: Selective serotonin reuptake inhibitors): مثل فلوكسيتين (بالإنجليزية: Fluoxetine) وسيرترالين (بالإنجليزية: Sertraline)، ومن الجدير ذكره أنّ هذه الفئة هي الأكثر أماناً لذا أكثر الأدوية المضادّة للاكتئاب وصفاً تكون من هذه الفئة؛ حيث إنّ الأعراض الجانبيّة لأدوية هذه الفئة إن حدثت فإنّها تَختفي في غضون أيّامٍ إلى أسابيع وتتضمن: الشعور بالغثيان، والإسهال، والأرق، بالإضافة إلى فقدان الشهية وفقدان الوزن، ويُمكن أيضاً أن تُخفّف من الرغبة الجنسيّة.
  • مثبطات أوكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase inhibitors): مثل فينيليزن (بالإنجليزية: Phenelzine)، ومن الأعراض الجانبيّة التي يُمكن أن تُسبّبها أدوية هذه الفئة أزمة ارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن، وجَفاف الفم إلى جانب الدوخة، كما أنّه لا يجب أخذ أدوية هذه الفئة مع أدوية مُثبّطات امتصاص السيروتونين الانتقائية؛ لأنها تزيد مستوى السيروتونين ممّا قد يؤدي إلى حدوث متلازمة السيروتونين المُتمثّلة بحدوث رعشة في اليدين، وتشنّجاتٍ، وتعب، وغزارة في التعرّق، أيضاً يجب الانتباه إلى عدم تناول أدوية هذه الفئة مع المحاكيات الوديّة (بالإنجليزية: Sympathomimtics) أو الأطعمة الغنية بالتايرمين (بالإنجليزية: Tyramine) لأنها تزيد من خطر الإصابة بأزمة ارتفاع ضغط الدم.
  • مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (بالإنجليزية: Tricyclic Antidepressents): مثل إيميبرامين (بالإنجليزية: Imipramine) وأميتريبتيلين (بالإنجليزية:Amitriptyline)، ومن الأعراض الجانبيّة التي تُسبّبها هذه الفئة زيادة الوزن، والشعور بالنعاس، إلى جانب الدوخة، والإمساك، وجفاف الفم، واحتباس البول.

العلاج بالصدمات الكهربائية

إذا لم يستجب المريض للعلاج الدوائيّ، أو إذا كان المريض لا يَستطيع احتمالَ العلاج الدوائيّ كأن تكون المريضة حاملاً إذا شكّل العلاج الدوائيّ خطراً على الجنين، أو إذا احتاج المريض عِلاجاً سريعاً لكون حالة الاكتئاب التي يعاني منها تُشكّل خطراً على صحّته وحياته كأن يَرفض تناول الطعام والشراب، حينها يلجأ الطبيب للعلاج بالصدمات الكهربائية، ويُعدّ العلاج بالصدمات الكهربائية آمناً؛ حيث يُمكن أيضاً استعماله مع العلاج الدوائيّ، ويتمّ العلاج بالصدمات عن طريق تخدير المريض أثناء إجراء الصدمات الكهربائية؛ حيث يتمّ إجراء ما يقارب سبع جلسات على مدى أسبوعين أو ثلاثة، أمّا عن الأعراض الجانبيّة للعلاج بالصدمات الكهربائية فقد يتعرّض المَريض إلى فقدان ذاكرة تقدميّ (بالإنجليزية: Anterograde Amnesia) لكنّه سيَختفي في غضون ستّة أشهر، بالإضافة إلى أعراض أخرى مثل: الغثيان، والصداع، وألم في العضلات.

أعراض الاكتئاب

لتشخيص أنّ لدى الشخص حالة اكتئاب لا بُدّ من أن يُعاني على الأقل من خمسة أعراض من الأعراض الآتية لمدّةٍ لا تقلّ عن أسبوعين، وأن تشتمل الأعراض الخمسة التي يُعاني منها الشخص على العَرض الأوّل أو الثاني:

  • أن يعاني الشخص من مزاج اكتئابيّ في معظم وقته.
  • فقدان الاستمتاع بالأنشطة المفرِحة والسعيدة.
  • تغيّر في الشهيّة والوزن (إمّا نزول أو صعود).
  • الإحساس بانعدام الأهمية أو الشعور بالذنب الزائد.
  • الأرق أو زيادة عدد ساعات النوم.
  • انخفاض التركيز.
  • الإحساس بالخمول والتعب.
  • الانفعال.
  • أن تخطر على بال الشخص أفكارٌ انتحاريّة متكررة.

يجب أيضاً أن لا تكون هذه الأعراض نتيجة إدمان الشخص على مادّةٍ مُعيّنة أو دواء معيّن، وليست نتيجة مرضٍ جسديّ آخر؛ كالجلطات الدماغية، أو زيادة إفرازات الغدة الدرقية، ويجب أن تؤثّر هذه الأعراض على حياة الشخص الاجتماعية والعملية.

إذا حدثت أعراض الاكتئاب عند المريض على الأقلّ لمرّةٍ واحدة ولم تخالطها أعراض الهوس؛ أي الأعراض المُتمثّلة بهوس العظمة وزيادة الثقة بالنفس إلى جانب زيادة نشاط الشخص، وعدم حاجته لساعات نوم طبيعية، بالإضافة إلى زيادة كلام الشخص، وتَسارع أفكاره بشكلٍ غير مترابط واتخاذه لقرارات سريعة وحاسمة بشكل متسرّع؛ يتمّ تشخيص الشخص على أنّه مُصاب بالاضطراب الاكتئابيّ.

يُعاني الشخص المصاب بالاضطراب الاكتئابيّ من مَشاكل عديدة في النوم كأن يستيقظ مرات عديدة خلال نومه، أو ينام بصعوبة أو يستيقظ قبل مواعيد استيقاظه المعتادة، كما أن الشخص المُصاب بالاضطراب من غير الشائع أن تزيد عدد ساعات نومه، لكن من المُمكن أن يحدُث ذلك.

أسباب الاكتئاب

إنّ السّبب الرئيسي الذي يؤدّي إلى الإصابة بالاكتئاب غير معروف حتى الآن، لكن تَتظافر العديد من الأسباب لإصابة الشخص بالاكتئاب؛ فالعوامل البيئيّة والبيولوجيّة للشخص إلى جانب العوامل الوراثيّة والتنشئة الاجتماعية كلّها تُؤثّر في نفسية الشخص؛ حيث إنّ الطفل الذي ينشأ في بيئةٍ أسريّةٍ غير مستقرّة، ويُعاني من عنف أسري يُعاني من اضطرابٍ اكتئابيٍّ عندما يتقدّم في السن، كما أنّه إذا كان يعاني أحد أقرباء الشخص من الدرجة الأولى من الاضطراب الاكتئابيّ؛ فإن فرصة إصابة الشخص بهذا الاضطراب تزداد بمقدار مرّتين إلى أربع مرات عن شخصٍ لا يُعاني أقرباؤه من ذات الدرجة من الاضطراب الاكتئابيّ، أيضاً يُمكن أن يكون سبب حدوث الاضطرابِ الاكتئابيّ نتيجة حدوث خللٍ في النواقل العصبيّة في الدماغ، أيضاً هناك افتراض أن يكون سبب حدوث الاضطراب الاكتئابيّ هو زِيادة حساسيّة مستقبلات بيتا الأدرينالية في الدماغ، أو بسبب زيادة نسبة الكورتيزول (بالإنجليزية: Cortisol)

يُمكن أن تَتسبّب الأمراض الجسديّة في إصابة الشخص بالاكتئاب، إلى جانب تَعاطي المواد المخدّرة والممنوعة، ومِن الأمراض والمشاكل الجسدية التي قد تؤّي إلى الإصابة بالاكتئاب:

  • أمراض الأوعية الدموية مثل: الجلطات الدماغية، واحتشاء عضلة القلب.
  • مرض السكّري.
  • متلازمة كوشينغ (بالإنجليزية: Cushing syndrome).
  • مرض أديسون (بالإنجليزية: Addison’s disease).
  • انخفاض مستوى السكّر في الدم.
  • ارتفاع أو انخفاض مستوى إفراز الغدة الدرقيّة.
  • ارتفاع أو انخفاض مستوى الكالسيوم في الجسم.
  • مرض باركنسون (بالإنجليزية: Parkinson’s Disease) أو الشلل الرعاشي.
  • السرطان خاصّةً سرطان الغدد الليمفاوية، وسرطان البنكرياس.

أما بالنسبة للمواد والأدوية التي من الممكن أن تؤدّي إلى الإصابة بالاكتئاب:

  • الأوية المضادة لارتفاع ضغط الدم.
  • الكورتيكوستيرويدات.
  • الأدوية المضادة للاختلاج.
  • الأدوية المضادة للذهان.
  • مدرّات البول.
  • أعراض انسحاب بعض الأدوية مثل: الكوكايين، والأمفيتامين.
  • دواء ليفودوبا (بالإنجليزية: Levodopa).