تعريف انفصام الشخصية
انفصام الشخصية (بالإنجليزية: Schizophrenia) هو اضطراب نفسيّ يعاني بسببه الشخص من تغيّرات غير طبيعيّة في التفكير والمشاعر والعواطف والتصرّفات، ومن الممكن أن يكون الذهان الذي يعني انفصال الشخص عن الواقع أحد أعراضه، ويعدّ اضطراب الشخصيّة اضطراباً مزمناً، وله آثار سلبيّة اجتماعيّة وطبيّة على المريض، ويعاني تقريباً 0.3-0.7% من الناس خلال حياتهم من الانفصام.
يصيب انفصام الشخصيّة النساء والرجال بشكل متساوٍ، لكن يعاني مرضى الفصام الرجال من أعراض متفاوتة وبأوقات مختلفة عن المريضات بالفصام؛ حيث يعاني الرجال من اضطراب الشخصيّة غالباً في بداية العشرينات، أما النساء ففي نهاية العشرينات، والرجال المصابون بانفصام الشخصية عادة ما تتحسّن صحتهم النفسيّة بشكل أبطأ من النساء، كما أنّه من النادر أن يعاني من انفصام الشخصيّة الأفراد الذين تقل أعمارهم عن الخمسة عشر عاماً، أو الذين تزيد أعمارهم عن الخامسة والخمسين، أمّا الأشخاص الذين يعيشون في مجتمعات منخفضة اجتماعيّاً واقتصاديّاً فيعاني أفرادها بشكل أكبر من انفصام الشحصية، أيضاً الأشخاص المشرّدون الذين لا مأوى لهم هم عرضة بشكلٍ أكبر للإصابة بانفصام الشخصيّة.
ويمكن التعبير عن انفصام الشخصية أو الفصام العقليّ بأنّه مجموعة من التغيّرات التي تحدث في العقل مرتبطة بزيادة نشاط الدوباين (بالإنجليزية: Dopamine) وهناك فرضيّات أخرى تقول إنّ السبب هو ارتفاع السيروتونين (بالإنجليزيّة: Serotonin) أو النورايبنيفرين (بالإنجليزيّة: Norepinephrine) مما يسبب حدوث مشاكل في العلاقات بين المريض ومن حوله على أرض الواقع، حيث يكون المرض عبارة عن اضطرابات وجدانيّة وسلوكيّة وعقليّة، ولكن تكون بصورة متفاوتة من شخص لآخر، أو بصورة متفاوتة لدى الشخص نفسه، فيكون الإنسان بعيداً كلّ البعد عن أرض الواقع، كما أنّ الإنسان المصاب بالفصام العقلي أو انفصام الشخصيّة يخلق عالماً خاصّاً به، هذا العالم يكون مليئاً بالهلوسة والأوهام، ويعايشها على أنها حقيقة.
يبدأ الإنسان المصاب بالانفصام حالة من الاضطرابات في التعامل مع الآخرين، وبالتالي يكون من السهل جداً الكشف عن الإنسان المصاب بالانفصام، كما أنّ معظم الأشخاص المصابين بالفصام يكونون مخيفين وخطرين، لأنهم لا يعون حقيقة ما يقومون به على أرض الواقع، ولا يرون الأمور كما يراها الإنسان السليم.
أعراض انفصام الشخصية
يمكن تقسيم أعراض انفصام الشخصية إلى مجموعة من الأعراض الإيجابيّة والسلبيّة والإدراكيّة وهي:
الأعراض الإيجابيّة
الهلوسة من الأعراض الإيجابيّة، ومن يعاني من الهلوسة يرى أموراً غير موجودة وغريبة، وقد يشم روائح غير موجودة أيضاً، وهذه الأمور لا يجدها أحد غيره، وقد يسمع أصواتاً تحدّثه تخوّفه من حصول مكروه أو خطر، أو تأمره بفعل شيء. وإلى جانب الهلوسة يُعدّ التوهم عرضاً إيجابيّاً آخر يمكن أن يعاني منه مريض الفصام، كأن يتوهّم المريض ويعتقد اعتقادات خاطئة كأن أحد الأشخاص أو أن التلفاز يتحكّم بعقله، أو يعتقد بأنه شخص آخر، بالإضافة إلى قيام المريض بعمل تصرّفات غريبة، ويكون كلامه بطريقة غير مفهومة، وإذا كانت هذه الأعراض هي ما يعاني منها مريض الفصام فتكون فرصة استجابته للأدوية المضادّة للذهان أفضل.
الأعراض السلبيّة
تشمل الأعراض السلبيّة عدم المبالاة، وفقدان التلذّذ بالأشياء الجميلة، وندرة التحدّث، وعدم التأثر بالأشياء الحزينة التي يتأثر بها الآخرون، كأن يضحك على الأمور الحزينة، أو يبدو مستاءً عند سماع أمور جيّدة، كما يشعر المريض أنّه فارغ أو مجوّف، بالإضافة إلى انعدام أو قلة الاهتمام بالحياة الاجتماعيّة، وقلّة الكلام، وهذه الأعراض إذا ظهرت على المريض تعني أنّ حالته أسوأ، ويمكن ألا يستجيب المريض الذي يعاني منها لأدوية الذهان، حيث إنّ المريض أيضاً ينعزل اجتماعيّاً.
الأعراض الإدراكيّة
تشمل الأعراض الإدراكيّة ضعفاً في الانتباه والتركيز، وضعفاً في الوظائف التنفيذيّة والذاكرة العمليّة، لذا يؤثّر الفصام عند الأشخاص الذين يعانون من أعراض إدراكيّة في أعمالهم ومهنهم وتعليمهم.
مراحل ظهور الأعراض
تظهر أعراض الفصام على المريض على ثلاث مراحل، هي:
- المرحلة الابتدائيّة: يبدأ الشخص بالتراجع وظيفيّاً قبل التعرّض لأولى حلقات الذهان، ويبدأ بالانسحاب اجتماعيّاً، ويمكن أن يُظهر الشخص تراجعاً في مستواه الوظيفي أو التعليمي، ويمكن أن يبدي اهتماماً جديداً بالمواضيع الدينية أو التي يعتريها الغموض.
- مرحلة الذهان: تظهر هنا أعراض الفصام على الشخص، كالتهيّؤات وغرابة الأفكار غير المنظّمة.
- مرحلة الأعراض الترسّبية: تتبع مرحلة الذهان، وتتصف بمعاناة الشخص من الأعراض السلبيّة، بالإضافة إلى هلوسات وتهيّؤات خفيفة.
التشخيص
حتى يُشخّص إنسان بأنه يعاني من انفصام الشخصية يجب أن يظهر عليه عرضان أو أكثر من الأعراض الآتية لمدة لا تقل عن شهر كامل، والأعراض هي:
- التوهّم.
- الهلوسة.
- التحدّث بطريقة غير منظّمة.
- القيام بتصرفات وحركات غريبة بشكل متواصل ولا معنى لها.
- أحد الأعراض السلبية المذكورة في الأعلى.
- يجب أن يعاني الشخص على الأقل من أحد الأعراض الأولى الثلاثة، بالإضافة إلى أنه يجب أن تؤثّر الأعراض بشكل سلبيّ في حياته الاجتماعيّة والعمليّة، ويجب أن يعاني الشخص من هذا المرض لمدة لا تقل عن ستة شهور بكامل مراحل المرض، ولا يجب أن يكون سبب الفصام تعاطي مواد ممنوعة أو حالة مرضيّة أخرى.
الأسباب
هناك مجموعة من العوامل التي يمكنها أن تتسبّب بحدوث حالة انفصام الشخصيّة، أهمّها العامل الوراثيّ؛ فيلعب العامل الوراثي دوراً كبيراً في إمكانيّة الإصابة بانفصام الشخصية، حيث إنّ العائلات التي يحتوي سجلها على بعض حالات الإصابة بالمرض من قبل يكون أفرادها أكثر عرضة للإصابة بالمرض من غيرهم، كما أنّ بعض الدراسات تشير إلى أنّ الأشخاص الذين عندهم أبناء توائم للبويضة نفسها يكونون عرضة للإصابة بالفصام بنسبة 50%، إذا كان والد ووالدة الشخص مصابَين بالفصام فإن نسبة إصابة الفرد بالفصام تصل إلى 40%، وإذا كان أحد الأقرباء من الدرجة الأولى مصاباً بفصام الشخصية فإنّ نسبة إصابة الشخص بالفصام قد تصل إلى 12%.
تقدّم الحالة
إنّ 40-60% من المصابين بالفصام لا تتحسّن حالتهم بشكل ملحوظ بالرغم من أخذ العلاج، بينما 20-30% من المصابين بالفصام تتحسّن حالتهم مع العلاج، كما أنّ 20% من المصابين بالفصام يحاولون الانتحار أو تراودهم أفكار انتحاريّة، وهناك عوامل تحدد تقدّم حالة المريض بشكل جيد أو سيئ؛ وهي:
أسباب مرتبطة بتقدّم الحالة بشكل جيّد
- ظهور الحالة بوقت متأخر.
- أن يحظى المصاب بدعم أسريّ واجتماعيّ.
- أن تكون أعراض المصاب من ضمن الأعراض الإيجابيّة المذكورة في الأعلى.
- أن يعاني المريض من أعراض مرتبطة بتغيّر المزاج كالاكتئاب.
- أن تكون المريضة أنثى.
- أن يكون عدد الانتكاسات قليلاً.
- أن تكون حالة المريض جيدة قبل الإصابة بالفصام.
أسباب مرتبطة بتقدّم الحالة بشكل سيّئ
- ظهور الحالة بوقت مبكّر.
- ألا يحظى المصاب بدعم أسريّ واجتماعيّ.
- أن تكون أعراض المصاب من ضمن الأعراض السلبيّة المذكورة في الأعلى.
- أن يكون أحد أفراد العائلة مصاباً بالفصام.
- أن يكون المريض ذكراً.
- أن يكون عدد الانتكاسات كثيراً.
- أن تكون حالة المريض سيئة قبل الإصابة بالفصام كأن يكون انعزاليّاً.
- استخدام مواد أو أدوية ممنوعة.
العلاج
ينقسم علاج الفصام إلى علاج نفسيّ وعلاج دوائيّ، أما العلاج النفسيّ فيتمثل بمحاولة تحسين سلوك الفرد اجتماعيّاً بعدة طرق ووسائل؛ لتطوير مهارات الفرد الاجتماعيّة، بالإضافة إلى العلاج العائليّ والعلاج الجماعيّ، كما يلزم القيام ببعض الإجراءات من أجل الوصول إلى مرحلة العلاج الكافية، والتي من أهمها تعرّض المصاب لعلاج وإعادة تأهيل من جميع النواحي، والتي من أهمها النواحي المهنيّة والاجتماعيّة، حيث إنّ جميع هذه الأمور تصب في الهدف نفسه، وهي محاولة دمج الشخص المصاب في المجتمع من أجل الوصول إلى الدرجة المطلوبة من العلاج والشفاء.
أما العلاج الدوائيّ فيتمثل بإعطاء المريض الأدوية المضادّة للذهان، والتي تثبّط نشاط مستقبل الدوبامين، وهناك جيلان من مضادات الذهان؛ كلّ جيل يثبّط نشاط نوع معين من مستقبلات الدوبامين، ومن الأمثلة على الجيل الأول: كلوربرومازين (بالإنجليزية: Chlorpromazine) وهالوبيريدول (بالإنجليزية: Haloperidol)، أما الجيل الثاني فمن الأمثلة على أدويته: أولانزابين (بالإنجليزية: Olanzapine) وريسبيريدون (بالإنجليزية: Risperidone).
ومن الجدير بالذكر أنّ من الأعراض الجانبيّة التي تسببها الأدوية المضادة للذهان من الجيل الأول ذات الفعالية العالية هي حدوث خلل في التوتر العضليّ لعضلات الوجه والرقبة واللسان، إضافة إلى الرعاش، أما عن الأعراض الجانبيّة للأدوية المضادة للذهان من الجيل الثاني والأدوية المضادة للذهان من الجيل الأول ذات الفعالية المنخفضة فتشمل حدوث جفاف في الفم، وإمساك، إضافة إلى حدوث غباش في الرؤية، ومن الأعراض الجانبيّة لأدوية الجيل الثاني حدوث ارتفاع في ضغط وسكر الدم، وتغير في مستويات الكولسترول في الجسم.