مقدمة
تختلف الأمراض من حيث درجة قوّتها أو الجزء الذي تصيبه، فهناك ومنها ما تُعنى بالشعور النفسي، ومنها ما يُصيب الفكر، ومن أهم ما يُجمع عليه الأطباء في هذا العالم أنّ لكل مرض دواء، كما وأنَّ الدواء يكون إما في بطلان المسبب لهذا المرض، أوفي العمل على إزالته من الشخص، ويُواجه الأطباء حالات كثيرة ومنها ما لا نجدهم لديهم أي تفسير عنها، فهناك واجس قد تكون مرتبطة في الأشخاص كالخوف والفزع والتوتر مثلاً، وتكمن المعضلة بالنسبة لهذه الحالات هو الصعوبة في الوصول للسبب الذي تسبب في هذه الحالة، ويمكن إضافة حالة جديدة لتلك الحالات وهي ما سنتحدث عنها في المقال هذا، ألا وفي الحالة التي تدعى بشبح أووسواس الموت، فأي أنواع الأمراض هو؟ وما هي أسبابه وأعراضه؟ وكيف يمكن التغلب عليه؟
مرض وساس الموت: ويطلق عليه الكثيرون بمرض (إرهاب حالة الموت أوإرهاب الموت)، وهو نوع من شعور بالقلق الذي يُصيب الشخص في نفسه، مما يقوده للشعور بالضجر والضيق، ولعل من أخطر ما يقود المرض إليه هو تلك الأفكار التي لا تفارق صاحبها حول موته، فيبدأ التفكير بالموت، وكيف يمكنه أن يبتعد عن الموت، ويخيل له أنه قد يكون عرضة للموت –دائما- بسبب فعل معين أوما يشابه، مع جهله أنَّ الأقدار كلها بيد الله، وأنَّ كل نفس ذائقة الموت، ولا إنسان مخلد في هذه الحياة، ولكنَّها وساوس تدخل على عالمه الفكري، وتبدأ بالانتشار فتخرج بنتيجة قد تودي به للهلاك من كثرة الاضطراب والتفكير.
أنواع وسواس الموت
الأفكار التي تأتي للأفراد حول الموت كثيرة؛ حيث أنَّ الموت أمراً واقعا في الحياة، وكل يوم هناك أموات، ويتم تقسيم هذه الأفكار بطريقة منهجية إلى ثلاث أنواع وهي:
وسواس لصراع حول البقاء
يُسمّى هذا النوع من المرض بالمفترس؛ فهو يعمل على افتراس عقل المريض وفكره، ويعمل على ملء مخيلته بأفكار غير منطقة كمحاولة الطيران والقدرة الخارقة عل القتال، حيث تنبع هه الأفكار من فكرة الوصول للبقاء، والقدرة على تخطي جميع المصاعب وتحملها للبقاء في الحياة، فتقوده الأفكار لمهاجمة الآخرين والعزم على تهديدهم ومحاولة مجاراة جميع الأحداث التي تشابه هذه الحالات، ولعل من أفضل طرق التعامل مع هذا النوع من الوساوس، هي المعاملة الذاتية للشخص، فيبدأ بمقاومته أفكاره من تلقاء نفسه؛ لما لهذا تأثيراً كبيراً عليه بشكل إيجابي.
وسواس مرتبط بماضي مستمر
يعدّ هذا النوع من أخطر الأنواع التي قد يتعرّض لها المصاب، وقد يلخّص هذا النوع بأنّه نتيجة منطقية لذنب قد ارتكبه الفرد سابقاً أومشكلة قد اقترفها ولا زالت آثارها باقية، فتبدأ التخيلات في رأسه بالظهور بأنَّ ذاك الشخص الذي عمل على إيذائه قد يعود ويحاول الانتقام لنفسه والاقتصاص منه، ومثل هذه الأفكار المتعلقة بالمشاكل فقد يخطر بباله أنَّ هذه المشكلة قد تُصيب أناس آخرين، وسبب هذه الحالة تنبع من خليقة المريض نفسه، فمن خصال المصابين بهذا النوع أنّهم سرعان ما قد يتأثرون بعوامل محفزة لهم على ارتكاب الأخطاء.
وسواس مرتبط بالبقاء والوجود
قد يرى معظم الناس أنَّ هذا النوع من الوساوس ليس خطيراً بالشكل الكبير، فهو نابع من خوف الفرد من مستقبله، فيبدأ بالعمل على أنْ يُحصن نفسه من تقلبات الزمن، فمثلاً تجد أحدهم يبدأ بجمع العديد من الأموال، وبناء أكثر من منزل في مناطق مختلفة؛ تحسباً لتقلبات الزمان عليه، ومنهم من يفعل هذا خوفاً من اقتراب أجله فيقوم بتأمين العيش لمن بعده، ولا يخفى علينا أنَّ مثل هذه الحالات يحبها الناس، ولكن بمراعاة عدم التطرق الكبير والخوف الهائل الذي يجعل الفرد خائفاً من الآتي، فهنا تبدأ النظرة المليئة بالتقدير والاحترام لهذا الشخص لنظرة شفقة وعطف على حالته التي يصل لها، بسبب ما هو مقدم عليه.
أعراض وسواس الموت
هناك الكثير من الأعراض التي تظهر على حملة مثل هذه الأفكار ومن هذه الأعراض التالي:
- السرعة في ضربات القلب: فتزداد ضربات القلب عند الإصابة بهذه الحالة، وهذا يزيد من توتر المريض؛ فقد يفقد القدرة على الحركة.
- عدم القدرة على استنشاق الهواء: فيواجه المريض صعوبة بالغة في الحصول على النفس بشكل سليم، ومثل هذه الأعراض تجعل يفقد القدرة على التفكير في محاولة الهدوء.
- عدم القدرة على التحكم في النفس: فينشغل المريض بأعراضه من خفقان في القلب وصعوبة في الحركة والتنفس، ويصحبها الخوف الشديد والتفكير، فلا يعود قادراً على التحكم بأفعاله، وقد يقوده هذا لإيذاء نفسه أوإلحاق الضرر بالآخرين.
- الخوف الشديد والشعور بالضيق: وتلعب مثل هذه الأعراض دوراً في تدهور الوضع عند المريض، ويُصاحب هذه الأعراض شعور المريض بوحدة قاتلة.
- أعراض لحظية: مثل الشعور بالدوار والدوخة، عدم القدرة على تحريك العضلات، والشعور بالجفاف.
التخلص من المرض
كما تَّم الذكر في المقال، بأنّ المرض هو مرض يُصيب الفكر والعقل، فهو نابع من جموع الأفكار السيئة، تلك الأفكار التي إن تطوّرت في العقل، وتُركت من قبل المصاب، فسيجد نفسه في بوتقة لا يستطيع الخروج منها، فالتخلص من المرض ينبع من التخلص من تلك الأفكار، وأيضاً تختلف الحالات باختلاف مدى تأثير هذه الأفكار على الشخص وللتخلص من المرض هذا يمكن اتباع ما يلي:
- تقدير مدى الأثر في الشخص: فهناك حالات يكون الخوف قد تملكهم بشكل كلي فيصعب التعامل مع حالاتهم، وآخرين لم يلبث المرض في أنفسهم إلّا القليل فسرعان ما يمكن التخلص منه والعودة للحياة الطبيعية، فيجيب تحديد نوع الحالة قبل البدء بالعلاج.
- الابتعاد عن المسبب: فعلى المريض أنْ يتجنب كل ما يُذكره بتلك الخيالات السيئة، وعدم محاولة التفكير فيها حتى، ومفارقة كل الوسائل المؤدية لها على اختلاف أنواعها.
- التفكر واستبدال الأفكار: فمن أهم الخطوات التي تُعطي الفائدة الملحوظة لهذه الحالات، هي التأمل والتفكير في الأعمال الجميلة التي تملأ النفس سعادة وطمأنينة، ومحاولة تحفيز الجسم على النشاط والحيوية والمضي في سبل الحياة المختلفة دون الخوف، وزيادة الثقة بالنفس، وأنْ يستخدم المعوذات ويُكثر من قراءة القرآن، فهي تهدّئ النفس وتجعلها أقرب لخالقها، فيذهب كل الخوف من النفس وستستبدلها بحب وثقة بالله.
- التحدي والإصرار: فمثل هذه الكلمات تُحفز المصاب على مواجهة الشيطان الذي ألقى في نفسه الخوف من الموت، وهو يعلم أنه القدر والحق من الله -عز وجل-، فيبدأ المواجهة وتحدي ذاك المسبب لمرضه ويبدأ بتحقيق النجاح تلو النجاح، فتنقلب حياته من خوف وقلق لعمل وحب.
من المهم ذكره في صفحات هذا الموضوع، أنّ العقل ليس بالشيء البسيط، ولعل من أصعب الأشياء في الحياة هي إضفاء أفكار وقناعات جديدة للشخص، فكما نُواجه صعوبة في الاقتناع بفكرة جديدة، أوحتى بإضافة فكرة اخرى للعقل، أواستبدالها بأخرى، فهناك صعوبة بالغة في محاولة سيطرة العقول المريضة بشكل مباشر، فمن المهم جداً اتباع الخطوات الأولى وتمهيد العقل قبل البدء بعملية التأمل، ومبادلة الأفكار والخيالات عند المصابين، فتعامل مع العقل وكأنه خام وأنت عامل على تشكيله كما تشاء، فلا تبدأ بالعلاج إلّا عند التحضير له بشكل كامل؛ كي يطرح نتائجه بشكل ملحوظ.