ما هي أعراض مرض السل

داء السلّ الرئوي

إذا قمنا بتتبع عدّة عقود ماضية، ملاحظين الانخفاض والتّناقص في أعداد المصابين بمرض السّل الرّئوي، سوف نجدْ أنّه قد عاد إلى الزّيادة خاصّة في الدول المتقدمة، ويمكن إرجاع ذلك إلى عدّة أسباب منها ازدياد الإصابة بمرض نقصْ المناعة المكتسبة أو بما يسّمى بمرض الإيدز، والاستخدام الشّائع لعقاقير وأدوية تثبيط المناعة الجسميّة والتي بدورها تنقص منْ قدرة الجسم على مواجهة العوامل الضّارة بالجسم، وسوء الحالات الاجتماعيّة والاقتصاديّة بشكلٍ عام، هذا بالإضافة إلى ازديادْ أعداد الوفود المهاجرة منْ المناطق الموبوءة بداء السلّ الرّئوي.
في المقابل فإنًّ عدد المصابين في الدول النّاميّة يتراوح ما بين العشرين إلى الخمسين ضعْف عمّا هو في غيرها، يعتبر داء السلّ الرّئوي منْ الأسباب الرّئيسيّة المؤديّة إلى الموت حتى لو كانت هي الإصابة الوحيدة في الشّخص أي دونْ أنْ يصاحبه مرض مناعي آخر كالإيدز مثلاً، أو غيرها منْ الأمراض.

آليّة حدوث المرض

يعرف أنّ مرض السلّ الرّئوي من أحد الأمراض التي تصيب الجهاز التّنفسي وبالذّات الرّئتين فيصيب الحويصلات الهوائيّة على وجه الخصوص، بمعنى أنّه بعد الإصابة بنوع معيّن منْ البكتيريا والتي يطلق عليها اسم “مايكوبكتيريوم” أو “بكتيريا السلّ”، فإنًّ سلسلة من العوامل والعمليات المناعيّة والالتهابيّة تحصل في داخل الجسم وفي الرّئتين ممّا يؤدي إلى حدوث وتكوّن بما تسمى ” التجاويف” في الحويصلات الهوائيّة الصّغيرة والتي تتكوّن نتيجة انقسام ونمو هذا النوع منْ البكتيريا داخلها، وينتج عن ذلك عدّة أعراض سيتّم ذكرها في الفقرات التّالية.
أيضاً منْ الممكن حدوث نوع منْ الحساسيّة وهذا بدوره يتسبب في تموّت أو نخرٌ في الأنسجة وفي هذه المرحلة منْ المرض يمكن للطبيب رؤية ومتابعة كيفيّة تطّور المرض باستخدام العيّنات وفحصها هستولوجياً في المعامل وبشكلٍ واضح.
إنّ الإصابة بالبكتيريا بشكلٍ مباشر يسّمى التهاب السلّ الرئوي الأولّي، تبقى هذه البكتيريا متجمعةً في الحويصلات الهوائية بل ويمكن أنْ يتسرّب بعضٌ منها إلى مجرى الدّم، وكل منطقة في الجسم تستقر فيها البكتيريا هناك، وتقوم بتحفيز الخلايا المناعيّة للتوجه لتلك المناطق ممّا ينجم عن هذا حصول التّصلب والتّكلّس.

أعراضْ السلّ الرئوي

وجد أنّ عشرين بالمئة (20%) منْ الحالات التي يحدث فيها التّصلب والتّكلس للأنسجة في الأماكن المصابة لا تزال تحتوي على البكتيريا المسّببة للداء الرّئوي ونسميه بداء السلّ الرّئوي الكامنْ، هذه البكتيريا تتميّز بأنها تستعيد نشاطها وذلك في حالات تدنّي مستوى المناعة الجسميّة لأيْ سبب كان ممّا يؤدي إلى إعادة تنشيط وتقويّة البكتيريا الموجودة أو عنْ طريق الإصابة ببكتيريا جديدة منْ جديد. إنًّ الإصابة بداء السلّ الرّئوي يتسبب في أعراض خاصّة به تتراوح منْ البسيطة وغير الملحوظة إلى الحادّة والمزْعجة، نجملها في الآتي:

  • معظم الحالات يكون فيها السلّ الرّئوي الأوّلي يكون خاملاً وساكناً أيْ بدون ظهور أيّة أعراض على المريض.
  • وفي حالات أخرى يكون ذو طبيعة مبهمة وغير مفهومة أو محدّدة المعالم ويتمثّل في القليل منْ السعال والعطاس.
  • قد يظهر احمرار أو احتقان في الصّدر “البّلورا” وذلك لفترة مؤقتّة.
  • تضّخم في العقد الليمفيّة ممّا يضغط على الشعب الهوائيّة وهذا قد يؤدي إلى تضييق أو حتى تسديد في أجزاءٍ معيّنة منْ الرّئتين.

أعراضه على أجهزة الجسم

بالرّغم من تواجد هذه الأعراض، إلا أنًّ المريض لا تظهر عليه علامات الإعياء أو التّعب الحادّة والتي تدق جرس الخطر، ومنْ المميّز لداء السلّ الرّئوي أنّه لا يكتفي فقط بالتّأثير على عمل الجهاز التّنفسي فحسب، لا بل إنّه يصلْ تأثيره إلى الأجهزة الأخرى في الجسْم وهذا يتسبب في ظهور أعراضٍ مختلفة قد يتوه الطّبيب عن تحديد مصدرها أو سببها، هذه الأعراض نذكر أكثرها شيوعاً هنا كالتالي:

  • الجهاز الهضمي: تتسبب الإصابة به في حدوث تجّمع سوائل في البطنْ ممّا يؤدي إلى انتفاخه وقد يسبب الشعور بالألم عند المريض.
  • الجهازين البّولي والتّناسلي: الإصابة قد تصلْ إليه وتحدث آلاماً، أو تصلْ في بعض الحالات إلى التهاب قناة فالوب عند الإناث أو البربخ عند الذكور.
  • الجهاز العصبي المركزي: قد تظهر أعراض السلّ الرّئوي في البداية كأعراض التهاب السّحايا تماماً، والتي هي: ارتفاع في درجة حرارة الجسم، الشعور بآلام في الرّأس أو صداع شديد، الشعور بعدم الاتّزان، هزال عام وآلام في المفاصل، آلام في العضّلات المحيطة بالعين، وصعوبة في الرؤيّة.
  • الجهاز العظمي “الهيكلي”: يتسبب داء السلّ الرئوي في إحداث التهابات في المفاصل ويأتي المريض وهو يشكو منْ آلام حادّة فيها وصعوبة تحريكها واستخدامها وخاصّة عند كبار السّنْ.
  • الجلْد: تحصل التّهيجات على الجلْد ولها شكل مميّز خاص بها.
  • يمكن أن يأتي مريض السلّ الرّئوي شاكياً فقط من آلام ومشاكل في العينين فقط.
  • القلب: وذلك بأنْ يؤثر على الغشاء المحيط به والمسّمى بالتّامور.
  • الغدّة فوق الكلويّة أو “الكظريّة”: حيث قد تتسبب في إحداث مرض أديسون.
  • الغدد اللّيمفيّة في الجسم: وذلك على اختلاف أماكنها وعددها، لكنّ أكثرها تأثيراٌ هي المجموعات الموازيّة للقصبة الهوائية والرّئوية.

داء السلّ الرّئوي الثّانوي

هو الذي يحصل نتيجة لتنشيط البكتيريا داخل جسم الشّخص والذي كان قد أصيب به في فترة سابقة، ويجب التّنويه إلى أنّ هذه الحالة تكون أصعب في اكتشافها وتشخيصها وبالتاّلي التّأخر في علاجها، وتصيب كبار السّنْ في الأغلب وذلك لتعدد أسباب انخفاض مستوى المناعة لديهم وذلك إمّا للتقدّم في العمر، أو لكونهم في الغالب مصابين بأمراض مزْمنة تضعف حالتهم المناعية بشكل عام، أو لتناولهم لبعض الأنواع منْ الأدوية -كما ذكرنا- المثّبطة لجهاز المناعة في الجسم، لذا وجب الانتباه إلى أيْ أعراض جديدة تظهر عليهم لعدم تأخير التّشخيص والعلاج.
ومنْ المهم ذكر والتّنويه إلى أنّ لهذا النّوع منْ السلّ الرّئوي القدرة الخالصة على التّسبب في موت المريض إنْ لم يتّم علاجه، طبعاّ بالإضافة إلى الأعراض التي ذكرناها يتميّز كبار السّنْ وهذا النوع بأعراض غيرها متمثلة في:

  • نقصان في الوزن.
  • هزال عام يتبعه ارتفاع في درجة حرارة الجسْم.
  • ملاحظة تضّخم في الطحال والكبد وذلك عند إجراء فحص تصّويري خاصْ لذلك.

لعلّ منْ أهم ما يوجب قوله هو أنّ هذا المرض منْ أخطر الأمراض التي يتعرّض لها الإنسان، فالوقاية منه ومحاولة التّخلص ليس بالأمر السّهل، كما وآثاره الجانبيّة تزيد الجسم خطورة بدنيّة، وقد يتضاعف الأمر كثيرا، ومنْ أراد الصّحة والقوة عليه أنْ يتّبع كل التّعاليم اللازمة للحصول على جسم سليم، خالٍ من معظم أعراضْ الأمراض المزمنة ومسبباتها، فالصّحة تاج الحياة على أيْ حال.