البلغم
يعرّف البلغم (بالإنجليزية: Phlegm) على أنّه مادّة كثيفة ولزجة تُفرز من الأنسجة المُخاطيّة (بالإنجليزية: Mucus Membranes) التي تغطي أجزاء مختلفة من الجهاز التنفّسي (بالإنجليزية: Respiratory System) مثل الفم، والأنف، والحلق، والجيوب الأنفيّة (بالإنجليزية: Sinuses)، والرئتين، لتوفير الدعم و الحماية لها، ويبدأ الشعور به في الجزء الخلفيّ من الحلق عند ازدياد إفرازه عن الحد الطبيعي بسبب الإصابة بنزلات البرد أو مشاكل مرضيّة أخرى. ويعدّ البلغم من أشكال المخاط (بالإنجليزية: Mucus) إلا أنّه أنه يُفرز من الأجزاء السفليّة في الجهاز التنفسيّ كردّ فعلٍ على وجود التهابٍ (بالإنجليزية: Inflammation)، ويُسمّى البلغم عند خروجه عن طريق السعال بالنّخامة (بالإنجليزية: Sputum).
لون البلغم ومؤشّراته وأسباب حدوثه
اللون الأخضر أو الأصفر
ينتج هذا اللون من كريات الدم البيضاء (بالإنجليزية: White Blood Cells)، إذ يدلّ ذلك على وجود عدوى (بالإنجليزية: Infection) يواجهها الجسم، إذ يبدأ باللون الأصفر ويتحوّل تدريجيّاً إلى اللون الأخضر بازدياد شدّة العدوى ومدّتها. ومن أسباب ظهور هذين اللّونين:
- التهاب الشعب الهوائيّة: عادة ما يبدأ التهاب الشعب الهوائيّة (بالإنجليزية: Bronchitis) بحدوث سعالٍ جافّ (بالإنجليزية: Dry Cough)، وبمرور الوقت يرافقه ظهور بلغم أبيض أو عديم اللون، وقد يستمرّ مدّةً تصل إلى تسعين يوماً، وبتحول العدوى من فيروسيّة إلى بكتيريّة يصبح لون البلغم أصفرَ أو أخضر.
- الالتهاب الرئويّ: يحدث الالتهاب الرئويّ كإحدى مضاعفات بعض مشاكل الجهاز التنفسيّ، إذ يُعاني المصاب من السعال الذي يُرافقه بلغمٌ ذو لونٍ أصفر، أو أخضر، أو ممزوج بالدّم. ويجدر التنبيه إلى أنّ أعراض الالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) تعتمد على نوعه، إلّا أنّ السعال (بالإنجليزية: Cough)، والحمّى (بالإنجليزية: Fever)، وحدوث القشعريرة (بالإنجليزية: Chills) تُعتبَر أعراضاً شائعة الحدوث في كل أنواع الالتهابات الرئويّة.
- التهاب الجيوب الأنفيّة: قد يحدث التهابٌ للجيوب الأنفيّة (بالإنجليزية: Sinusitis) في حالات التحسّس، أو العدوى البكتيريّة، أو الفيروسيّة. إلّا أنّ وجود البلغم الأصفر أو الأخضر يحدث في حالات العدوى البكتيريّة للجيوب، كما قد يرافقه احتقانٌ في الأنف (بالإنجليزية: Nasal Congestion)، وتنقيطٌ أنفيٌّ خلفيٌّ (بالإنجليزية: Postnasal Drip)، والشعور بضغطٍ في تجاويف الجيوب الأنفيّة.
- التليّف الكيسيّ: يُعتَبَر التليّف الكيسيّ (بالإنجليزية: Cystic Fibrosis) من أمراض الرئة المزمنة التي غالباً ما تصيب صغار السن واليافعين، ويعاني المصاب بالتليّف الكيسيّ من تراكم المخاط في الرئتين، ويسبّب ظهور البلغم بألوان مختلفة كالأصفر، والأخضر، والبُنيّ.
اللون البُنيّ أو الشبيه بالصدأ
يدلّ هذا اللون على وجود دمٍ قديمٍ، ومن الممكن أن يصبح البلغم بنيّ اللون بعد أن كان بلونٍ أحمرَ أو ورديّ. ومن أسباب ظهوره:
- التهاب الرئة البكتيريّ: يتسبّب حدوث التهاب الرئة البكتيريّ (بالإنجليزية: Bacterial Pneumonia) بظهور بلغمٍ أخضرَ يميل إلى اللون البنيّ، أو بلغمٍ بلون الصدأ.
- التهاب الشعب الهوائيّة البكتيريّ أو المُزمن: يظهر البلغم البنيّ بتطوّر مرحلة التهاب الشعب الهوائيّة البكتيريّ (بالإنجليزية: Bacterial Bronchitis)، وقد يحدث أيضاً في حالات التهاب الشعب الهوائيّة المُزمنة (بالإنجليزية: Chronic Bronchitis)، وتزيد احتماليّة حدوثه عند الأشخاص المُدخّنين والذين يتعرّضون للأبخرة والموادّ المُهيّجة.
- التليّف الكيسيّ.
- تغبُّر الرئة: يحدث تغبّر الرئة (بالإنجليزية: Pneumoconiosis) والذي قد يسبب وجود بلغمٍ بنيّ اللون نتيجة استنشاق أنواع الغبار المُختلفة مثل: الفحم، أو الأسبست، أو بعض الأمراض كالسُحار السيليسي (بالإنجليزية: Silicosis).
- خرّاج الرئة: يُعرّف خرّاج الرئة (بالإنجليزية: Lung Abscess) على أنّه تجويفٌ ممتلئ بالصديد ومُحاط بأنسجة ملتهبة داخل الرئة، ويؤدّي إلى خروج نخامةٍ بنيّة اللون، وكريهة الرائحة مع السعال، بالإضافة إلى الشعور بفقدانٍ في الشهيّة (بالإنجليزية: Loss Of Appetite)، وحدوث التعرّق الليليّ (بالإنجليزية: Night Sweats).
اللون الأبيض
قد تتسبّب عدّة حالاتٍ مرضيّة بتكون البلغم الأبيض، ومنها ما يلي:
- التهاب الشعب الهوائيّة الفيروسيّ: يبدأ ظهور البلغم الأبيض في حالات التهاب الشعب الهوائيّة الفيروسيّ (بالإنجليزية: Viral Bronchitis)، وقد يتحوّل إلى الأخضر أو الأصفر في حال أصبح الالتهاب بكتيريّاً.
- مرض ارتجاع المريء المِعديّ: يُعتبَر مرض ارتجاع المريء المِعديّ (بالإنجليزية: Gastroesophageal Reflux Disease) من الحالات الصحيّة التي قد تتسبّب بخروج بلغمٍ أبيض وسميك.
- داء الانسداد الرئويّ المُزمن: يتسبّب داء الانسداد الرئويّ المزمن (بالإنجليزية: Chronic Obstructive Pulmonary Disease) بحدوث تضيّقٍ للمجاري التنفسيّة، وزيادة إفراز المُخاط من الرئتين (بالإنجليزية: Lungs)، وبالتالي صعوبة حصول الجسم على الأكسجين اللازم، الأمر الذي يتسبّب بخروج بلغمٍ أبيض.
- فشل القلب الاحتقانيّ: يُعبّر عن فشل القلب الاحتقانيّ (بالإنجليزية: Congestive Heart Failure) بعدم قدرة القلب على ضخّ الدم وتزويده للجسم بشكلٍ فعّالٍ، ممّا يؤدي إلى تجمّع السوائل في الجسم وحدوث الاستسقاء أو ما يُسمّى بالوذمة (بالإنجليزية: Edema)، وتجمّع السوائل في الرئتين يؤدي إلى زيادة إفراز وتكوين البلغم الأبيض، كما قد يتسبّب فشل القلب الاحتقانيّ بحدوث ضيقٍ في التنفّس (بالإنجليزية: Shortness Of Breath)، وهذا يتطلّب تدخّلاً طبيّاً فور حدوثه.
اللون الأسود
من الأسباب التي تؤدّي إلى تكوّن بلغمٍ أسود اللون (بالإنجليزية: Melanoptysis) ما يلي:
- التدخين: قد يؤدّي تدخين السجائر وغيرها من الأنواع إلى تكوّن البلغم الأسود.
- تغبّر الرئة: قد يؤدّي مرض الرئة السوداء (بالإنجليزية: Black Lung Disease) بشكلٍ خاصّ، وهو إحدى حالات تغبّر الرئة، إلى خروج بلغمٍ أسود اللون، قد يُصاحبه ضيقٌ في التنفّس، وعادةً ما يصيب عمّال الفحم وغيرهم من الأشخاص الذين يتعرّضون لغبار مادّة الفحم بشكلٍ كبيرٍ.
- عدوى الفطريّات: تُعتَبر عدوى الفطريّات (بالإنجليزية: Fungal Infection) من الحالات غير شائعة الحدوث، والتي تسببها إحدى أنواع الخمائر السوداء المعروفة بــ Exophiala dermatitidis، وتُصيب عادةً الأشخاص الذين يعانون من التليّف الكيسيّ.
اللون الأحمر أو الورديّ
يُعتبَر ظهور البلغم باللون الأحمر دليلاً على وجود دمٍ فيه، كما يدلّ اللون الورديّ على وجود كميّةٍ قليلةٍ من الدم أيضاً. وقد يظهر البلغم بأيٍّ من هذين اللونين نتيجةً لعدّة أسبابٍ، ومنها ما يلي:
- الالتهاب الرئويّ: قد يظهر البلغم باللون الأحمر عند ازدياد الالتهاب الرئويّ (بالإنجليزية: Pneumonia) سوءاً، وقد تُصاحبه أعراضٌ أُخرى كآلام الصدر (بالإنجليزية: Chest Pain)، وارتفاع الحرارة، والقشعريرة، وغيرها.
- السل (بالإنجليزية: Tuberculosis): إنّ من أهمّ أعراض السل الرئويّ خروج دمٍ وبلغمٍ أحمر اللون مع السعال، والذي يستمرّ لأكثر من ثلاثة أسابيع، بالإضافة لارتفاع درجة الحرارة، والتعرّق الليليّ. ومن الجدير بالذكر أنّ هذه العدوى البكتيريّة تنتقل بكثرة بين الأشخاص باقتراب المسافات بينهم.
- فشل القلب الاحتقانيّ: قد يرافق حالات مرض القلب الاحتقانيّ (بالإنجليزية: Congestive Heart Failure) ظهور بلغمٍ أحمرَ أو ورديّ اللون بالإضافة إلى أعراض المرض الأخرى.
- الانصمام الرئوي: يحدث الانصمام الرئوي (بالإنجليزية: Pulmonary Embolism) الذي يُرافق حدوثه ظهور بلغمٍ دمويٍّ وملطّخ بالدم نتيجة انسداد الشريان الرئويّ بجلطة دمويّة منتقلة إليه من مكانٍ آخرَ كالقدم.
- سرطان الرئة: يتسبّب سرطان الرئة (بالإنجليزية: Lung Cancer) بخروج دمٍ عند السعال أو بلغمٍ ممزوجٍ بالدم، بالإضافة إلى أعراضٍ أُخرى متعلّقة بالجهاز التنفّسيّ.
علاج البلغم
بالرغم من أهميّة البلغم للجهاز التنفسيّ، إلّا أنّ وجوده فوق الحد الطبيعيّ يُسبّب إزعاجاً للشخص، ممّا يستوجب العلاج، ومن طرق علاجه ما يلي:
- ترطيب الجو: يُساعد ترطيب الجوّ المُحيط على تليين البلغم، ويُفضَّل ترطيب الجو باستخدام جهاز ترطيب بالرذاذ البارد، مع مراعاة تغيير الماء المُستَخدم فيه يوميّاً، ولا يُفضّل استخدام البُخار بسبب عدم وجود أدلّةٍ كافيةٍ على فاعليّة استخدامه، بالإضافة إلى احتماليّة تسبّبه بالحروق.
- المحافظة على رطوبة الجسم: يُسهم تناوُل السوائل وخاصّةً الدافئة منها في سيلان البلغم وبالتالي تخفيف الاحتقان (بالإنجليزية: Congestion).
- تناوُل الموادّ الداعمة لصحة الجهاز التنفسيّ: توجد بعض الأدلة المتداوَلة على أنّ تناوُل الليمون، أو الزنجبيل، أو الثوم يُسهم في علاج نزلات البرد، والسعال، والمُخاط الزائد، كما أنّ الأطعمة الحارّة التي تحتوي على مادّة الكابسيسين (بالإنجليزية: Capsaicin) تساعد على تنظيف الجيوب الأنفيّة وتنقيتها. بالإضافة إلى ذلك، توجد أدلّة علميّة على قدرة بعض الأطعمة والمكمّلات الغذائيّة على علاج أمراض تنفسيّة فيروسية أو الوقاية منها، ومن الأمثلة عليها: عرق السوس، والجنسنج، وبعض أنواع التوت، ونبات الإيكيناسيا أو ما يُسمّى بالقنفذيّة (بالإنجليزية: Echinacea)، والرمان، وشاي الجوافة.
- الغرغرة بالماء والملح: إذ تساعد على التخلّص من البلغم الموجود في المنطقة الخلفيّة من الحلق، وتعقيمه من الجراثيم، وتخفيف الشعور بآلام الحلق. ويتمّ عمل الغرغرة عن طريق مزج نصف أو ثلاثة أرباع ملعقةٍ صغيرةٍ من الملح مع كوبٍ من الماء الدافئ.
- استخدام زيت اليوكاليبتوس: يليّن زيت اليوكاليبتوس البلغم ويسهّل خروجه مع السعال، كما يساعد على تخفيف حدوث السعال المزعج.
- استخدام الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفةٍ طبيّة: مثل المقشّعات (بالإنجليزية: Expectorant) التي تليّن البلغم وبالتالي تسهّل خروجه من الجسم.
- استخدام الأدوية التي تحتاج إلى وصفةٍ طبيّةٍ: حيث يقوم الأطباء بوصف هذه الأدوية لعلاج المسبب الجذريّ الذي أدى إلى تكوّن البلغم، ومن أمثلتها: دورناز-ألفا (بالإنجليزية: Dornase-Alfa) الذي يُستخدَم في حالات التليّف الكيسيّ.
.