النوم
يعدّ النوم وخصوصاً أثناء الليل من نعم الله تعالى على البشر، وهو عملية حيوية مهمة لحفظ وظائف الجسم بالشكل السليم. وقد قال تعالى في كتابه: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا*وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا) حيث أخبرنا الله تعالى في هاتين الآيتين أنّ السنة الكونية التي فُطرنا عليها هي أنّ الليل للراحة والهدوء، أما النهار فللعمل وإعمار الأرض، لذا فإنّ عدم التماشي مع هذه السنة الكونية سيتسبب بإلحاق الأضرار المختلفة بالصحة والجسد.
كيميائية النوم
تتأثر دورة النوم والاستيقاظ بهرمونَين أساسيّين في الجسم؛ وهما هرمون الميلاتونين (Melatonin)، والآخر هرمون الكورتيزول (Cortisol)، إذ يعمل الميلاتونين والذي يُفرز عن طريق الغدة الصنوبرية (بالإنجليزية: Pineal Gland) على تحفيز النعاس، حيث يتم إفرازه عند وجود الظلام، وكأنه يعمل على إخبار الجسم بأن وقت النوم قد حان.
أما الهرمون الآخر وهو الكورتيزول فيتم إفرازه عن طريق قشرة الغدة الكظرية (بالإنجليزية: Adrenal Gland)، حيث ترتفع نسبة هذا الهرمون إلى أعلى مستوياتها قبل الاستيقاظ مباشرة، وكأنها توقظ الجسم وتنبّهه، كما يعمل الكورتيزول على زيادة الطاقة في الجسم، وذلك استعداداً لأنشطة النهار.
الأسباب المؤدية إلى السهر
تتنوع وتتعدد الأسباب المؤدية إلى السهر، حيث إنّ هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر في عمل النواقل العصبيّة في الدماغ التي تلعب دوراً مهماً في التأثير في دورة النوم والسهر، مما قد يؤدي إلى حدوث الأرق.
كما قد يؤثر تناول بعض الأطعمة أو الأدوية في نقل السيالات العصبيّة في الدماغ، بحيث يؤثر في اتزان النوم والسهر، إذ تعدّ بعض الأدوية مثل مضادات الاحتقان (بالإنجليزية:Decongestants) من الأدوية التي قد تؤثر في عملية النوم عن طريق تحفيز بعض أجزاء الدماغ التي قد تتسبب في السهر، وفي ما بعد قد تؤدي إلى حدوث الأرق. بالإضافة إلى أنّ استهلاك النيكوتين والكحول يؤثر في جودة النوم، إذ يتسببان في منع الشخص من الاسغراق في دورات النوم الكاملة، ويبقيانه في المراحل الأولى للنوم فقط.
مضار السهر ليلاً
تعتبر ظاهرة السهر أحد العوامل المهمّة التي حتماً ستلحق الضرر بالصحة، وتترك هذه الظاهرة آثاراً وعواقب وخيمة، ومنها ما يلي:
- يزيد السّهر من احتماليّة الإصابة بارتفاع ضغط الدم، إذ يؤثر النوم والسهر في الجهاز العصبي التلقائي (بالإنجليزية:Autonomic Nervous System)، حيث يلعب الجهاز العصبي التلقائي دوراً مهماً في تنظيم ضغط الدم والتحكم به، وبالتالي سيؤدي هذا إلى زيادة نسبة ارتفاع ضغط الدم، وحدوث أمراض القلب والشرايين.
- يؤثر السّهر بشكل سلبيّ في مناعة الجسم، وبالتالي يقلّل من قدرته على مكافحة الأمراض، وتترتّب عليه زيادة احتمالية الإصابة بالأمراض المعدية.
- إصابة العين بالاحمرار، وظهور الهالات السوداء حول العين؛ نظراً للضعف الذي يحدث للدورة الدمويّة المغذية للعين، وإرهاق العين نتيجة للسهر، بالإضافة إلى نقص المادة المرطّبة للعين، إذ إنّ الطبقة المكوّنة للدموع في العين تحتاج إلى إغلاق العين وراحتها لعدد كافٍ من الساعات؛ من أجل أن تتمكن من إعادة ترطيب العين بالشكل السليم؛ لكي تمنع ظهور الاحمرار في العين، وفي حال لم تأخذ العين هذا القسط الكافي من الراحة، فلن تتمكن من استعادة قدرتها على إفراز المادة المرطّبة، وهذا سيؤدي الى مضاعفة المشكلة في حال كان الشخص يعاني أساساً من متلازمة جفاف العين (بالإنجليزيّة: Dry Eye Syndrome).
- يزيد السّهر من سرعة ظهور أعراض الشيخوخة على البشرة والجلد، وذلك بحسب دراسة أُجريت على ستّين امرأة أعمارهنّ تتراوح بين ثلاثين إلى تسعة وأربعين عاماً، في فترة ما قبل انقطاع الطمث، في مركز الحالة الطبي التابع لمستشفيات الجامعة “University Hospitals Case Medical Center” بعنوان تأثيرات جودة النوم على شيخوخة الجلد ووظيفته “Effects of Sleep Quality on Skin Aging and Function”.
- يسبب السّهر حدوث مشاكل في الجهاز العصبيّ؛ كفقدان القدرة على التركيز، وتأخر استجابة الجسم، وذلك بحسب دراسة أُجريت على خمسين حارساً تتراوح أعمارهم بين ثمانية عشر وخمسة وثلاثين عاماً، حيث تم اختيارهم أصحّاء، وغير مدخّنين، ويتمتّعون بالنوم الجيد، ولا يتناول أيٌّ منهم أي علاجات، ولا يوجد لديهم تاريخ مرضي للاكتئاب، أو أمراض عصبية أو آلام مزمنة، ونُشرت هذه الدراسة في مجلة علم النوم “Sleep Science” في شهر أيلول لعام ألفين وستة عشر.
- يزيد السّهر من احتمالية الإصابة بالسكري من النوع الثاني، واحتمالية الإصابة بأمراض القلب والشرايين عند الرجال من العِرق الأبيض، وذلك بحسب دراسة أخرى أُجريت على مئتين وأربعة وعشرين مشاركاً من الرجال والنساء، تتراوح أعمارهم بين ثلاثين إلى أربعة وخمسين عاماً، توصلت الدراسة إلى أنّ السهر يؤثر في استجابة الجسم لهرمون الإنسولين وهو الهرمون المسؤول عن استقلاب سكر الجلوكوز في الجسم، والتقليل من حساسيّة الخلايا تجاهه إذ إنه يؤثر في وظيفة خلايا بيتا في البنكرياس.
- يتأثر عمل القلب نتيجة للسهر، لكن ما زالت الآلية لتفسير هذه التأثيرات السلبية غير مؤكدة. حيث ينشّط السهر بعض المواد الكيميائية التي تمنع الجسم من تقليل ضغط الدم وسرعة النبض، مما يسبّب لاحقاً ومع مرور الوقت مشاكل للقلب والأوعية الدموية.
- يقلل السّهر من تأثير مضادات الأكسدة (بالإنجليزية: Antioxidants) في الخلايا، وهي مواد مهمتها الدفاع عن خلايا الجسم عن طريق إزالتها للجزيئات التي تدمّر الخلايا وتؤذيها. مما يؤدي الى إلحاق الضرر بخلايا الجسم، وزيادة التأثير السلبي للجذور الحرة (بالإنجليزية: Free Radicals).
أضرار السهر على الحامل وجنينها
تتأثّر المرأة الحامل وجنينها بالسهر بشكل سلبيّ، حيث يتسبب السهر في احتمالية زيادة فترة المخاض، كما أنه يزيد من فرصة حدوث الولادة المبكرة والولادة القيصرية. لذا فإنّ نوم المرأة الحامل لعدد كافٍ من الساعات يعتبر عاملاً ضروريّاً وأساسياً لنمو الجنين وتطوّره بالشكل السليم.
المنشطات وآثارها السلبية
يتناول بعض الأشخاص المنشطات بأنواعها المتعددة، وهي من المواد التي لها القدرة على التأثير في الجهاز العصبي؛ حيث تزيد من اليقظة والقدرة على السهر، والشعور بالنشاط والطاقة والخفّة. لكن الحقيقة أنّ لها في المقابل آثاراً سلبية تفوق الآثار التي تبدو في ظاهرها إيجابيّة، حيث يتسبب بعضها في حدوث مشاكل في القلب والشرايين؛ مثل حدوث تسارعٍ في نبضات القلب، كما أنها قد تؤثر في الجهاز العصبيّ، وقد يؤدي بعضها إلى تقليل الشهيّة.
تُعتبر المنشطات من المواد ذات التأثير الإدمانيّ، إذ إنّ الاستخدام الخاطئ والعشوائي لها يؤدي إلى الإدمان عليها، وعند محاولة الفرد إيقاف استخدام هذه المواد تحدث أعراض انسحابيّة (بالإنجليزية: Withdrawal Syndrome)؛ كفقدان القدرة على الفهم والتركيز، والتقليل من النشاط الذهني والحركي، كما أنها قد تتسبب في اضطرابات النوم، والتعب، والاكتئاب، وذلك بسبب هبوط مستوياتها في الدم.