يقضي الإنسان ثلث حياته نائماً، فمن بلغ الستين من العمر يكون قد أمضى عشرين عاماً منهم نائماً. وقد يعتقد البعض أنّ النّوم مضيعة للوقت، ولكن لو تمعنّا بالتفكير في الآية الكريمة: “وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ” (الروم:23)، لوجدنا أنّ من عجائب قدرة الخالق هذه الخاصيّة التي أوجدها الله في الإنسان، وخصّص لها وقتاً من يومه الطويل ألا وهو النّوم. فما هو النّوم؟ وما هي فوائده؟ وكيف يؤثّر في جسم الإنسان؟
اقتصر تعريف النّوم قديماً على أنّه حالة من غياب الوعي وعدم اليقظة وفقدان الشعور بما يدور حول النّائم، حيث يبدو النّائم أنّه ميّت. أمّا حديثاً وبعد الكثير من الدّراسات والأبحاث اكتشف العلم أنّ النّائم يكون جسمه في حالة حدوث العديد من العمليّات الفيسيولوجية، تجري فيها العديد من التغيّرات في الجسم والدّماغ خاصّة، حيث تكون أعصاب الدّماغ في حالة استرخاء.
لا يخفى علينا أنّ للنّوم أهميّة وفوائد جمّة، فالنّوم الجيّد والمريح له تأثير على ذكائك، فإنّ النّوم يعمل على تقوية الذاكرة وزيادة الإستيعاب، لذلك ينصح طلاب المدارس والجامعات بتنظيم ساعات نومهم والحصول على قسط كاف من النّوم، ليزيد ذلك من معدّل علاماتهم وتحصيلهم الدّراسي.
كما أنّ النّوم يساعد في الحفاظ على الوزن المثالي كما تشير بعض الدّراسات، حيث يتحكّم النّوم بشهيّتنا من خلال إفراز الجسم للهرمون الخاص بالضغط النفسي “الكورتيسول” عن طريقة زيادة الشهيّة ونقصانها. إضافة إلى ذلك، فإنّ النّوم يساعدك في زيادة كفاءتك في عملك؛ فحصولك على قسط كاف من النوم سيشعرك حتما بالراحة وعدم التوتر، مما يزيد من حفاظك على هدوئك، وبالتالي زيادة التوازن بين عملك ومتطلبات حياتك. كما أنّ النوم يساعد الرياضيين على تحسين أدائهم العملي من خلال حصول الجسم على ساعات نوم مريحة وكافية بتجديد الطاقة. كما أنّ النّوم الجيّد له فوائده وتأثيره على الجمال أيضاً؛ فإنّه يقلّل من شيخوخة الجلد وأعراض كبر السن، كما ويساعد على تقليل نمو الخلايا السرطانية ويحافظ على الشباب، إضافة لتأثيره على المزاج وتخفيف التوتّر العصبي.
الحرمان من النّوم الكافي والمريح له عواقب وخيمة على جسم الإنسان، فإنّه يؤثّر في الهرمونات وإفرازها سلبياً؛ فيزيد نقص النّوم من مقاومة الجسم للأنسولين خاصّة عند مرضى السكري، كما ويؤدّي إلى ضعف الجهاز المناعي للجسم، فيزيد ذلك من احتمال الإصابة بالبرد والزكام. إضافة إلى ذلك، فإنّ السّهر يؤدّي إلى رفع ضغط الدّم مما يؤثر في القلب، وله أيضاً علاقة بأورام القولون.
في ظل مجتمعنا الحالي والتطور الكبير الذي نشهده في هذا العالم، كثير من النّاس من يعتقد أنّ النّوم بات ثانوياً، وأنّ تقليل ساعات النّوم قد يزيد من الإنتاجية، وهذا اعتقاد خاطئ، ولا بد لنا أن ننظم أوقات نومنا وساعاتها. فالله سبحانه وتعالى لم يخلق هذا الكون عبثاً، لم يجعل اللّيل إلا للرّاحة والإسترخاء من أعباء الحياة. فإنّنا منينا بهذه النعمة فلنستغلها، ولنستغل فوائد النوم وتأثيره الجيّد على صحتنا، فالجسم السليم في النّوم السليم.