الصحة والسُّمنة
يكثر البحث عن طرق التخلّص من السمنة وتحديداً تلك التي تسبب تراكم الدّهون في منطقة البطن، أو ما يُعرف بالكرش، وفي حين أن الدافع وراء البحث عن طرق التخلص من الكرش قد يكون لهدف جمالي وشكلي عند الكثيرين، وخاصة النساء، فإن الاهتمام بهذا النوع من السمنة له أبعاد أخرى أكثر أهمية، ألا وهي ارتباط السمنة الوسطيّة (تراكم الدهون في النصف العلوي من الجسد أي في منطقة البطن) بارتفاع خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة والوفاة، حيث أنها ترفع من خطر الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وبعض أنواع السرطان.
ويظهر الكرش عادة بسبب الزّيادة في الوزن، والتي يكون سببها تناول السّعرات الحراريّة بكميات أكبر مما يحتاجه الجسم بالإضافة إلى قلّة النشاط البدني، كما يمكن أن تظهر السّمنة وتراكم الدّهون في منطقة البطن وغيرها لأسباب أخرى مثل الخلل الهرموني في الجسم وبعض المشاكل الصحيّة.
توزيع الدهون في الجسم
يتم تخزين الدّهون في الجسم في مناطق مختلفة، ويتمّ وصف الجسم بأحد الوصفين الآتيين بحسب منطقة تراكم الدهون، حيث يسمى الجسم بالتفاحي إذا تراكمت الدهون في النصف العلوي من الجسم، أي في منطقة البطن، في حين يطلق على الجسم وصف الكُمثريّ في حال تراكم الدّهون في النّصف السفليّ من الجسم أي في الورك والأرداف، وبشكل عام فإن شكل الجسم التفاحيّ هو أكثر انتشاراً في الرّجال والنّساء بعد سن اليأس، في حين أن الشكل الكُمثريّ هو أكثر انتشاراً في النّساء في عمر الإنجاب، ولكن ذلك لا يمنع وجود الشكليين في الجنسين، ويرتبط الشكل التفاحيّ برفع خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، في حين أنّ الشكل الكُمثريّ لا يُسبّب ارتفاعاً في خطر الإصابة بالأمراض بشكل عام.
تعتبر النسب الطبيعية للدهون في جسم الإنسان من 8% إلى 24% لدى الرّجال، ومن 21% إلى 35% لدى النّساء، حيث أن جزءاً من هذه الدّهون يعتبر أساسيّاً وضروريّاً للجسم حتى يقوم بوظائفه الفسيولوجيّة بشكل طبيعي، وترتفع نسبة الدّهون لدى الأشخاص المصابين بزيادة الوزن والسمنة عن معدلاتها الطبيعيّة.
مقياس السمنة والسمنة الوسطية (الكرش)
لمعرفة ما إذا كان الشّخص مُصاباً بالسّمنة الوسطيّة يجب أولا أخذ وزنه وتقييمه بحسب مؤشر كتلة الجسم، الذي يتم حسابه بقسمة وزن الجسم بالكيلوجرام على مربع الطّول بالمتر، ويعتبر الوزن طبيعيّاً إذا كان مؤشّر كتلة الجسم ما بين 18.5 كغم/م² إلى 24.9 كغم/م²، ويعتبر الشّخص ذو وزن زائد إذا كان مؤشّر كتلة الجسم ما بين 25 كغم/م² إلى 29.9 كغم/م²، بينما يعتبر مُصاباً بالسّمنة في حال كان مؤشر كتلة الجسم 30 كغم/م² فأكثر، ثم لمعرفة توزيع دهون جسمه، وما إذا كان مُصاباً بالسّمنة الوسطيّة يجب قياس محيط الخصر، والذي يُعتبر مُؤشّراً قويّاً على فرصة الشّخص للإصابة بالأمراض المزمنة، ويعتبر محيط الخصر الطبيعي لدى النساء 88 سم فأقل ولدى الرّجال 102 سم فأقل.
التخلّص من دهون البطن (الكرش)
تدعم الأبحاث العلميّة الحديثة العلاقة الوطيدة بين ممارسة التمارين الرياضية وتأثيرها على خفض دهون البطن بشكل خاص، حيث وجدت العديد من الدّراسات علاقة طردية بين ممارسة رياضة الأيروبيك وخسارة وزن دهون البطن الداخليّة، الأمر الذي من شأنه تحسين المؤشّرات الصحيّة وتخفيض خطر الإصابة بالأمراض المُزمنة التي ترتبط بها السّمنة الوسطيّة، كما تقترح بعض الدّراسات قدرة تمارين الأيروبيك على تقليل دهون البطن حتى دون أن تنتج عنها خسارة في الوزن، إلا أن هذه الدّراسات غير كافية وتحتاج لدعم دراسات علمية أُخرى، كما وجد أنه لابد من ممارسة تمارين الأيروبيك مدّة لا تقل عن 10 ساعات أسبوعيّاً ولعدة أسابيع حتى يتم الوصول إلى خسارة ملموسة في دهون البطن.
كما يتم التخلّص من دهون البطن وتخفيف الكرش عن طريق تخفيف الوزن، الأمر الذي يحتاج إلى جميع أسس خسارة الوزن، والتي تشمل عمل حمية غذائيّة تمنح سعرات حرارية أقل ممّا يقوم الجسم بحرقه يوميّاً، بالإضافة إلى مُمارسة التمارين الرياضيّة وتغيير نمط الحياة والسلوكيات التغذويّة نحو الأفضل، ويمكن الاستعانة باختصاصِي التّغذية حتى يتمكّن الشخص من وضع خطّة واقعية ومنطقيّة تعمل على إدخال التّغييرات التدريجيّة في نمط الحياة حتى يستطيع الشّخص الاستمرار عليها وعدم الشّعور بالملل والإحباط، وتُعتبر الحمية الغذائيّة (الرّجيم) أكثر طريقة فعالة في الوصول إلى خسارة الوزن.
ومن الطّرق التي يمكن استعمالها حتى تتحقق خسارة الوزن:
- زيادة عدد الوجبات المُتناولة يوميّاً مقابل العمل على جعل كل وجبة أصغر حجماً، ويتم ذلك بشرط أن يكون مجموع السّعرات الحراريّة المتناولة يوميّاً أقل من احتياجات الجسم اليوميّة بـ 500 سعر حراري على الأقل ودون أن ينخفض عن الحد الأدنى الذي يجب تناوله يوميّاً (معدّل الأيض الأساسي)، ويمكن الاستعانة باختصاصِي التّغذية للمساعدة في حساب كميّة السّعرات الحرارية التي يجب تناولها يوميّاً وتوزيعها على الوجبات المُختلفة بشكل صحيح حتى تحصل خسارة الوزن.
- بالإضافة إلى خفض السّعرات الحراريّة المتناولة، يجب التّركيز على خفض كميّة الدّهون، حيث إنّ ذلك يعمل وحده على خفض السّعرات الحراريّة المتناولة ويساهم في خسارة الوزن، ومن الأمثلة على ذلك القيام بتناول الحليب منزوع الدّسم بدلاً من كامل الدسم، واعتماد مُنتجات الحليب مُنخفضة الدّهن، وإضافة كميّات بسيطة جداً من الدّهن أثناء تحضير الطّعام، إزالة جلد الدّجاج قبل طبخه، وتجنّب اللّحوم مُرتفعة الدّهن.
- شرب كميات كافية من الماء، بحيث يجب تناول لترين من الماء يوميّاً كحد أدنى، وزيادة هذه الكميّة في حال كان الجو حارّاً أو قام الشّخص بممارسة التّمارين الرياضيّة.
- التّركيز على تناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة.
- البطء في تناول الطعام، ويمكن الوصول إلى ذلك بالمضغ الجيّد واستعمال الشوكة أو الملعقة الصّغيرة بدلاً من الكبيرة، كما يمكن شرب الماء أثناء الأكل، ووضع الملاعق والشُّوَك قليلاً بين كل لقمة والثّانية.
- يمكن أيضاً شرب شاي بعض الأعشاب التي تُساهم في رفع معدل حرق الدّهون في الجسم، مثل الشاي الأخضر. ولكي يتم التخلّص من الكرش بأسرع طريقة ممكنة يجب الجمع بين كل ما تقدّم ذكره، بالإضافة إلى الإصرار والعزيمة والصبر حتى يتم الوصول إلى الهدف.
خلطة يمكن أن تساهم في تخفيف الكرش
بالإضافة إلى الخطوات السّابق ذكرها، يمكن الإستعانة ببعض الأعشاب المُتعارف عليها أو الأغذية التي وردت بالدّليل العلميّ قدرتها أو ما يُشير على قدرتها في المساعدة في خسارة الوزن، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه لا يمكن الاعتماد على هذه الأغذية أو الأعشاب في خسارة الوزن وإنّما يمكن إضافتها على الخطوات السّابق ذكرها، خاصةً وأنّها مُحمّلة بالعديد من الفوائد الصحيّة الأُخرى. وعلى سبيل المثال يمكن عمل خلطة من الثّوم والفلفل الأحمر الحار وإضافة القليل منها على أحد الوجبات اليومية، حيث يمكن لكل منهما أن يساعد في التخلص من الوزن.