الحميات الغذائية
إنّ خسارة الوزن بشكل صحي وطبيعي تحتاج إلى الالتزام بحمية صحية مصممة حسب الاحتياجات الشخصية للفرد، بحيث تحصل خسارة الوزن عندما تكون السعرات الحرارية المتناولة أقلّ من السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم، ويجب عدم تجاوز الحد الأدنى من السعرات الحرارية التي يجب الحصول عليها يوميّاً والتي تعرف بمعدل الأيض الأساسي؛ حيث إنّ تناول أغذية برامج الحميات منخفضة السعرات الحرارية لا يفيد الجسم فعلياً في رحلته في خسارة الوزن.
تتميّز استراتيجيات خسارة الوزن الناجحة بأنّها تتبنّى التغييرات الصغيرة وخسارة الوزن المتوسّطة والأهداف الواقعية والمنطقية؛ حيث إنّ الشخص الذي يخسر القليل من الوزن باختياره أغذيةً صحيّةً عالية بمحتواها من العناصر الغذائية مع ممارسته للرياضة يكون أكثر قابلية لإبقاء الوزن الذي يخسره وأكثر فرصةً في الحصول على الفوائد الصحية من الشخص الذي يخسر الكثير من الوزن باتباع حمية مبتدعة غير مبنية على أسس صحيحة.
أما ما يتكرر علينا من الحميات الدارجة المبتدَعة فهو في الغالب وسيلة لاستدراج الأشخاص المحتاجين لخسارة الوزن إما لشراء منتجات معينة أو في الزمن الحالي لجلب الزوار إلى صفحات مواقع الإنترنت، وغيرها من الأهداف التجارية، ويعتبر رجيم الماء أحد هذه الصرعات التي اشتهرت كثيراً وهي بعيدة عن الصحة، هذا على الرغم من فوائد الماء المتعددة للصحة عامّة وفي خسارة الوزن خاصّة، وفي هذا المقال توضيح لفوائد الماء المتعددة في خسارة الوزن وعن دورها الواقعي فيها.
فوائد الماء في خسارة الوزن
يساعد شرب كميّات كافية من الماء على الشعور بالشبع، ويقلل من كمية الطعام المتناولة، كما أنّه يمنع من تناول الطعام الذي يحصل أحياناً بسبب الشعور بالعطش بدلاً من الجوع، كأن يتناول الشخص بعض الأطعمة المحتوية على الماء لتعويض شعوره بالعطش بدلاً من تناوله الماء مباشرة، كما أنّه يمكن أن يختلط على الشخص شعوره بالجوع والعطش بحيث لا يميّز أنّه يحتاج فقط إلى شرب الماء وليس إلى تناول الطعام.
وُجد أنّ شرب الماء قبل الوجبات يساعد على الشعور بالشبع ويقلل من كمية الطعام المتناولة أثناء الوجبة،، حيث وجدت دراسة أنّ شرب الماء قبل الوجبات يخفض من كمية السعرات الحرارية المتناولة بمقدار 75 سعراً حرارياً، وتعتبر هذه الكمية مؤثرة حتى لو لم تبدُ كبيرة، إلا أنّ تكرار خفض هذه الكمية (75 سعراً حرارياً في وجبة واحدة يومياً) على مدار السنة مثلا ينتج بانخفاض يُعادل 27000 سعراً حرارياً في السنة أي ما يعادل 3.5 كيلوغرامات في كلّ سنة، هذا ما يمكن أن ينتج عن تناول الماء قبل وجبة واحدة يومياً، وبالطبع يمكن الحصول على فروقات أكبر في حال تمّ اعتماد شرب الماء قبل جميع الوجبات المتناولة يومياً.
يمكن أن يلعب الماء دوراً مهمّاً وواضحاً في خسارة الوزن في حال تمّ تناوله عوضاً عن المشروبات عالية السعرات الحرارية، مثل أن يكون الشخص معتاداً مثلاً على شرب المشروبات الغازية أو المشروبات المحتوية على الكريمة والسكر ثم يستبدلها بشرب الماء، الأمر الذي قد يخفض كثيراً من كمية السعرات الحرارية المتناولة يومياً، ويساهم في خسارة الوزن، كما يساهم اختيار الشخص للأغذية ذات المحتوى العالي من الماء، مثل الخضار والفواكه والشوربات إلى جعل الاختيارات التغذوية أكثر إشباعاً، ويجعل من الحمية أكثر احتواءً على الألياف الغذائية التي تتطلب وقتاً أكبر في مضغها وتناولها، مما يساهم أيضاً في خفض كميات الطعام والسعرات الحرارية المتناولة.
وجدت بعض الدراسات الأولية أنّ تناول الماء يرفع من معدل حرق السعرات الحرارية، وفي دراسة أجريت على 7 رجال و7 سيدّات أصحاء غير مصابين بزيادة الوزن وجد أنّ تناول حوالي 500 مليلتر من الماء قد رفع من معدل الأيض بنسبة 30%، حيث بدأ هذا الارتفاع خلال 10 دقائق بعد تناول الماء ووصل إلى حده الأعلى خلال 30-40 دقيق، واختلف سبب زيادة معدل الأيض في كلّ من الرجال والنساء، حيث كان حرق الدهون هو سبب هذا الارتفاع في الرجال، بينما كان سببه في النساء حرق الكربوهيدرات.
حسب نتائج هذا الدراسة فإنّ الشخص الذي يزيد من تناوله للماء يمكن أن يرفع من حرقه للسعرات الحرارية، ووجد أنّه يمكن تفسير حتى 40% من هذه الزيادة البسيطة في السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم بسبب تسخين الجسم للماء المتناول، ولكن تحتاج هذه التأثيرات البسيطة في حرق السعرات الحراية إلى أبحاث علميّة كبيرة لدعمها وتوضيحها، ويذكر أنّه حتى لو تمّ تأكيد هذه النتائج فهي تعتبر بسيطة ومحدودة بعدة سعرات حرارية يومياً فقط ولا يمكن منها اعتبار أنّ الماء حارق للدهون كما يدعي البعض.
تكون تأثيرات الماء في المساعدة في ضبط كمية الطعام، والسعرات الحرارية المتناولة وخسارة الوزن أكثر وضوحاً عند الأشخاص الذين لم يكن تناولهم للماء كافياً قبل البدء باتباع حميةٍ لخسارة الوزن؛ حيث إنّ الماء ضروري في جميع عمليات الأيض التي يقوم بها الجسم، ويسبب نقصها انخفاضاً في كفاءة هذه العمليات. وعليه، فأنّ الماء يساهم في عملية خسارة الوزن دون أن تكون له تأثيرات سحرية حارقة للدهون كما يروّج له البعض في الحميات المبتدعة.
الاحتياجات اليومية من الماء
تختلف احتياجات الشخص من الماء باختلاف الوزن، ومكان المعيشة، ومستوى النشاط البدني، ويتمّ الحصول على الاحتياجات اليومية ببساطة عن طريق الاستماع إلى الجسد وشرب الماء عند العطش، ووجد أنّ تناول 2100 مليلتر إلى 2800 مليلتر يومياً من الماء يعتبر كافياً، بحيث شملت هذه الكمية الماء الموجود أيضاً كجزء من تركيب الطعام، في حين احتل شرب الماء مباشرة ما يعادل 1200 إلى 1500 مليلتر يومياً.
يمكن الاعتماد على خصائص البول من لون ورائحة لتقدير كفاية الجسم من الماء من عدمها؛ حيث يكون لونه فاتحاً، وليست له رائحة في حال كانت كمية الماء المتناولة كافية، بينما يدلّ اللون الغامق وظهور رائحة للبول على عدم حصول الجسم على كميات كافية من الماء.
أضرار حمية الماء
على الرغم من الفوائد الصحية الكثيرة للماء وضرورة تناولها بكميات كافية، إلا أنّه يجب أخذ الحيطة والحذر لمن يتبعون الحميات الرائجة التي تعتمد على كميات كبيرة من الماء أو ما يُسمّى حميةً أو رجيم الماء، والذي يمكن أن يأخذ شكلاً مختلفاً عن غيره في كل مرة حسب مصدره، حيث إنّ بعض هذه الحميات تشجّع على شرب كميات كبيرة من الماء، الأمر الذي يمكن أن يسبّب في حالات معيّنة التسمّم بالماء، والذي يحصل عند تناول كميات كبيرة من الماء خلال فترات زمنية قصيرة، كما يمكن أن تنصح هذه الحميات بتجنّب تناول الطعام تماماً أو الاكتفاء بتناول نوع واحد أو حصة واحدة من مجموعة غذائية واحدة، ويعتبر ذلك مضراً على الصحة، وقد يسبّب التعب والإرهاق، ويمكن أن يسبّب تأثيرات حادّة خطيرة بسبب الحرمان من الطعام.
كما أنّه ليس من الصحي تناول الماء وحده دون الحصول على الأملاح المعدنية الضرورية لتوازن سوائل وإلكتروليتات الجسم، وبشكل عام يجب عدم الوقوع تحت فخّ هذه الحميات وغيرها من الحميات المبتدعة، كما يجب الحصول على نصيحة اختصاصيي التغذية حتى تتمّ خسارة الوزن بشكل صحي وسليم.