ما هو الذهب الأزرق

الذهب الأزرق

جميعنا نعرف الذّهب الأصفر الذي تحرص الكثير من السّيدات على اقتنائه والتّزيّن به، فهو لا يضفي على المرأة رونقاََ فحسب، بل يتعدّى ذلك ليدُلّ على مدى ثراء المرأة. يدلّ مفهوم الذّهب على كلّ ما غلا ثمنه، وكثُر عليه الطّلب لِما له من أهميّة في حياتنا، ومن هنا ظهر مفهوم الذّهب الأسود ليدُلّ على النّفط الذي يُدرك الجميع أهميّته في حياتهم اليوميّة، ولكن ماذا عن الذّهب الأزرق؟ إنّه أرخص الموجود لكنّه بلا شكٍّ أثمن المفقود!! إنّه الماء العذب شريان الحياة، وبالنّظر إلى خريطة العالم سيتبيّن أنّ توزيع المياه العذبة ليس متساوياََ في جميع مناطق العالم، لذلك تعاني بعض الدول من نقصٍ حادٍّ في المياه، ممّا يجعل منه ثميناََ كالذّهب، لذلك أُطلِق عليه مصطلح الذّهب الأزرق.

الماء في القرآن الكريم والسُّنة النبويّة

ورد ذكر الماء في الكثير من آيات القرآن الكريم، ممّا يدلّ على أنّ الماء عصب الحياة وسرُّها، وقد أكدّ القرآن الكريم على حقيقة أنّ الله خلق جميع الكائنات الحيّة من الماء، فقال تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ). وقد منّ الله على عباده بنعمة الغيث الذي يزوّد الناس بماء الشُّرب العذب، وينبت به الزّرع؛ فقال تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ*أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ*لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)، وقوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ).

وقد حثّ الإسلام والرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- على الاقتصاد باستخدام الماء؛ فقد ورد في السُّنة النبويّة: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأ بالمُدِّ، ويَغتسِلُ بالصَّاعِ إلى خمسةِ أمدادٍ)، كما ورد أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مرَّ بسَعدٍ وَهوَ يتوضَّأُ، فقالَ: (ما هذا السَّرَفُ يا سَعدُ؟ قالَ: أفي الوضوءِ سَرفٌ؟ قالَ: نعَم، وإن كنتَ على نَهْرٍ جارٍ).

أهميّة الماء

للماء أهميّة كُبرى في الكثير من المجالات؛ فهو ضروريّ للاستحمام، وغسيل الملابس، وتنظيف المنازل والأواني، وريّ المزروعات، وتصنيع الكثير من المنتجات، كما أنّه يستخدم في مجالات التّرفيه كبِرَك السباحة، إلا أنّ الأهميّة العُظمى للماء هي دورها في أجسامنا؛ حيث تتراوح كميّة الماء في جسم الإنسان ما بين 50-75%، وذلك اعتماداََ على الجنس والعمر، فتكون نسبة الماء أعلى ما يمكن عند الأطفال، ثمّ يليهم الرجال البالغون، ثمّ النّساء البالغات، ومن وظائف الماء في جسم الإنسان ما يأتي:

  • يُشكّل البنية الأساسيّة في تركيب خلايا الجسم المختلفة.
  • يُشحّم مفاصل الجسم ويمنع احتكاكها.
  • يُنظّم درجة حرارة الجسم الدّاخليّة؛ عن طريق إفراز العرق.
  • يزيد استقلاب الموادّ الغذائيّة، مثل: البروتينات، والكربوهيدرات.
  • يدخل في تركيب اللّعاب الذي يُساعد على هضم الكربوهيدرات، ويُسهّل بلع الطّعام.
  • يُحيط بالأعضاء الحيويّة، مثل: الدّماغ، والحبل الشّوكيّ؛ لامتصاص الصّدمات، ويؤدّي السّائل المحيط بالجنين الوظيفة ذاتها.
  • يُخلّص الجسم من الفضلات والسّموم على شكل بول.

نقص الماء

تُشير تقارير وكالة حماية البيئة الأمريكيّة (بالإنجليزيّة: Environmental Protection Agency) إلى أنّ الإمداد العالميّ من المياه قليل نسبياً؛ إذ إنّ أقلّ من 1% من المياه التي تُغطّي 70% من القشرة الأرضيّة هي مياه صالحة لاستخدام الإنسان، كما أنّ هذه الإمدادات لا تتوزّع بالتّساوي في جميع المناطق، ولذلك فإنّ بعض الأماكن تعاني من نقص المياه أكثر من غيرها، وممّا يزيد الطّين بلّة تعرُّض بعض مصادر المياه للتلوّث، وفيما يأتي بعض الحقائق التي تتعلّق بنقص الماء:

  • تشير تقارير منظّمة الأُمَم المتّحدة للتربية والعلم والثّقافة (اليونسكو) أنّ 783 مليون شخص تقريباََ يعيشون دون مياه نظيفة.
  • تشير تقارير المجلس العالميّ للماء (بالإنجليزية: World Water Council) أنّ كل يوم يشهد موت ما لا يقلّ عن 3900 طفل في جميع أنحاء العالم؛ نتيجة تعرّضهم للأمراض التي تنقلها المياه الملوثّة.
  • يفتقر 2.5 مليار شخص إلى المرافق الصّحية الأساسيّة، ممّا يزيد خطر إصابتهم بالأمراض التي يمكن الوقاية منها وفقاََ لمنظمة ((Food & Water Watch: (FWW).
  • يضطرّ مئات الملايين من النّاس في أفريقيا جنوب الصّحراء الكبرى للمشي عدّة أميال؛ للحصول على أيّ نوعيّة من المياه وفقاََ لمنظمة (The Water Project)، ممّا يعرضّهم للأمراض، وضياع الكثير من الوقت.
  • تشير تقارير منظّمة (FWW) أنّ ثلثَي المناطق الحضريّة في الصّين على الأقلّ تُعاني من نقص المياه، وأنّ ما لا يقلّ عن 400 مليون شخص في أفريقيا يعيشون في مناطق تعاني من نُدرة المياه.
  • يستخدم 1.8 مليار شخص مصادر مياه الشّرب الملوثّة بالبراز، ممّا يعني الإصابة بأمراض الكوليرا، والإسهال، والزّحار، والتّيفوئيد، وشلل الأطفال، وحسب التّقديرات يموت أكثر من 500.000 إنسان؛ بسبب الإسهال النّاتج عن تلوّث مياه الشّرب كلّ عام.

الحلول المُقترَحة لمشكلة نقص الماء

من الحلول المقترحة لحلّ مشكلة نقص المياه العذبة، ما يأتي:

  • توعية المجتمع أفراداََ وشركات بأهميّة المحافظة على مصادر المياه المحدودة، وترشيد استهلاك المياه.
  • تطوير تقنيات معالجة مياه الصّرف الصّحي وإعادة تدويرها وتعقيمها؛ لاستخدامها في مجالات عدّة من ضمنها استخدامها كمياه للشرب.
  • تطوير أساليب الرّي للتقليل من هدر الماء؛ إذ إنّ 70% من المياه العذبة في العالم تُستخدَم للزراعة.
  • تطوير كفاءة محطّات تحلية مياه البحر.
  • تحسين المستجمعات المائية التي يتمّ تجميع مياه الأمطار فيها وتطويرها للاستفادة منها، خاصّةََ في البلدان التي لا تمتلك مصادر مياه موثوقة أخرى.
  • مراقبة نوعيّة المياه، وقياسها، والتأكد من نظافتها وخلوّها من الملوّثات؛ لضمان صحة الإنسان، وتعزيز التّنوع البيولوجيّ.
  • مراقبة النّمو السّكانيّ الذي يستدعي زيادة الحاجة إلى المياه العذبة لغرض الرّي، أو الاستهلاك البشري.