القمل
القمل حشرة غير مُجنَّحة لها ستَّة أرجلٍ تنتهي كلٌّ منها بمخلبٍ ملتو يُساعدها على التشبّث بقوَّة شديدة بشعر الإنسان والحيوان، تعيشُ متطفّلة ليسَ لها غذاء سوى دماء الكائنات الحيَّة الأخرى، فتُولَد عليه ومن ثمَّ تتكاثر وتضع بيضها بين منابت الشّعر، وبذلك تُؤمِّن لنفسها الغذاء والملجأ بصُورةٍ دائمة، ممَّا يحميها من تأثير عوامل الطّقس، وارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة، وشُحّ الغذاء. ويُوجد من القمل ما يصلُ إلى 200 نوع مُختلف، ومُعظم هذه الأنواع هي سلالات من القمل تكيَّفت لتعيشَ على نوع مُحدَّدٍ من الثّدييات أو الطّيور، فثمَّة نوعٌ من القمل للشمبانزيّ، وآخر للقطط، وواحدٌ للجرذان، وتُوجد ثلاثة أنواعٍ مُتخصِّصة بالعيش على جسم الإنسان، هي قمل الرّأس (المُتخصِّص بالعيش على فروة الرأس)، وقملُ الجسم (يُصيب في الغالب شعر الصّدر والإبط)، وقمل العانة. ومتى أصابَ داء القمل جُزءاً من الجسم يُصبح التخلُّص منه عسيراً؛ لأنَّه يتكاثر بسُرعة، ويختبئ بحجمه الصغير بين ثنايا الشّعر، ويتشبَّث بفروة الرّأس بإحكامٍ تام، فيُصبح من المستحيل زحزحتُه بحكحكة الأصابع أو بالرّياح القويّة أو الهزّ الشّديد.
عدوى القمل
يُواجه الكثير من الأطفال مُشكلة القمل خصوصاً في المراحل العُمرية المتراوحة ما بين أربع سنوات إلى سبع سنوات، والسَّببُ في ذلك أن القمل داءٌ ينتقلُ بين النّاس بسهُولة، فعند مشاركة الأغراض الشخصيَّة (مثل مشط الشَّعر، أو مِقصِّ الشّعر، أو القُبَّعات) يُصبح من السَّهل انتقالُ القمل من شخصٍ إلى آخر، كما أنَّه قد ينتقلُ على الفور بمُجرَّد التّلامس مع الأشخاص الآخرين، وخُصوصاً مع شعر رأسهم، لأنَّه يجذبُ أنواعاً مُحدَّدة من هذه الحشرات، والأطفال في المراحل المُبكِّرة يُكثرون من الاقتراب والتّلامس مع الآخرين أثناء اللّعب والحركة، كما قد يستهترون بتبادلِ الأغراض الشخصيّة، ولذلك يُصبح انتقال العدوى بينهم كثيراً جداً، وقد تصلُ العدوى منهم إلى منزلهم فتنتقلُ إلى البالغين بذلك وتنتشر، وتزدادُ مُعدَّلات الإصابة بالقمل في المناطق السكنيّة غير النَّظيفة وغير المُعتَنى بها.
من الأشياء والأدوات الشخصيّة التي يُمكن من خلالها تناقل القمل من شخص إلى آخر، والتي قد ينتشرُ فيها بيض القمل (أو كما يُسمّى الصئبان) لدى الشخص المصاب بالقمل، ما يأتي:
- قُبّعات الرأس، والملابس، والوسائد وملاءاتها، وأغطية السّرير، والألعاب الخاصّة بالطّفل التي فيها أنسجة من القماش أو الفرو أو القطن (مثل اللُّعَب المحشوّة)، كما تنتشر حشرات القمل وبيوضها على السجّاد أيضاً، وعلى أيّ سطحٍ قماشيّ يُمكن أن يُلامس الطّفل به رأسه.
- لتجنُّب انتشار العدوى مرَّة أخرى أثناء العلاج لا بُدَّ من تنظيف الأشياء والأدوات التي استعملها الشّخص المُصاب سابقاً بالماء السّاخن جداً، مع غسيل الملاءات والأغطية أيضاً، ويُمكن تغليف الألعاب التي يستعملها الطفل بالأكياس البلاستيكية لعدة أسابيع، كما يجب تعقيم جميع فراشي وأمشاط الشّعر بالماء السّاخن ونقعها لعدّة ساعات، مع إضافة القليل من شامبو القمل إليه للتأكُّد من خلوّه من أيّ أثرٍ لحشرات القمل أو بيُوضها، والتي يمكنها التّكاثر مرَّة أخرى.
أعراض الإصابة بالقمل
من أهمِّ الأعراض التي يُمكن ترقُّبها للتأكّد من التعرُّض لإصابة القمل ما يأتي:
- الحكَّة المُستمرّة في فروة الرّأس.
- يُمكن رؤية بيُوض القمل على شكل بقعٍ بيضاء صغيرة في أنحاء الشَّعر، وهي تُشبه في شكلها القشرة عندما تكونُ غير ناضجة، وعند استعمال عدسةٍ مُكبِّرة قد تبدو هذه البيوضُ واضحة جداً عند منابت الشّعر على وجه الخُصوص، وهي بنيَّة اللون عندما تحملُ داخلها أجنَّة القمل، وأما بعد التَّفقيس فتُصبح شفافَّة فتتَّخذُ لون الشّعر تقريباً.
- العثورُ على حشرات القمل مُكتملة النموّ بين أسنان مِشط الشّعر في أثناء تمشيطه.
- الطّفح أو انتشار التقرُّحات على الجِلْد في المناطق المُصَابة نتيجة عضِّ القمل ولسعه المُستمرّ لبشرة الإنسان المُصَاب.
- عندَ البحث عن حشرات القمل البالغة المُنتشرة على الشَّعر يجبُ الأخذ بعين الاعتبار أنَّ ما تبحثُ عنه هو حشرةٌ تُشبه القرادة ويُماثل حجمها حجم حبَّة السُّمسم تقريباً، وعادةً ما يكونُ لونها بُنيّاً، إلا أنَّه قد يكونُ أصفر أو رماديّاً.
كيف أتخلَّصُ من بيض القمل في الشعر؟
أمّا عن علاج بيض القمل من الرّأس تحديداً، فثمَّة عِدَّة طُرُق ووسائل قد تُساعد على ذلك من أهمِّها:
- من المُفيد في البداية تمشيط الشّعر جيداً لضمانِ عدم تشابكه مع بعضه البعض، ممَّا يُسهِّل تنظيف كل خصلة على حِدّة في الخُطوات التّالية.
- بعد تمشيط الشّعر من الضروريّ غسله بالماء الساخن قدر الإمكان، فكُلَّما ارتفعت درجة حرارته كان أقدرَ على القضاء على القمل، ومن ثم يُمكن غسل شعر الرّأس بشامبو القمل (وهو مُصمَّم بتركيبة كيميائيذة مُخصَّصة لقتلِ هذه الحشرات)، وفركه بكلِّ أجزاء الشّعر جيّداً، ومن ثم يُترك لعشر دقائق.
- تُوجد أمشاط شعرٍ خاصَّة للتخلُّص من القمل، والتي تتوفَّر بكثرة لدى الصيدليّات والمحال الطبيَّة، وتمتازُ هذه الأمشاط بأنَّ لها أسناناً دقيقةً مصنوعة بطريقة مدروسة بحيثُ تسحب القملات من بين ثنايا الشّعر حتى ولو كانت مُتشبِّثةً بها جيِّداً. خطوات استعمال المشط هي الإمساك بخصلات الشّعر واحدةً تلو الأخرى وتمشيطها بفرشاة القمل نحوَ الأسفل بحيث تقع القملات على الأرض أو في إناءٍ بعيداً عن جسم المُصَاب، ويجب تكرار هذه العمليَّة عِدَّة مرات على شعر المُصَاب كله، ويُمكن الاعتماد على البصر لتحديد الخصلات التي عليها الكثيرُ من القمل.
- يُساعد، بعد الانتهاء من هذه الوسائل ولضمانة إضافيَّة في القضاء على القمل، أن يُسكَب كوب من الخل على الشعر ويُمشَّط مرَّة أخرى بمشط القمل، فالخلّ يقتلُ القمل وبيُوضه، كما يُمكن استعمال السّشوار في تجفيفِ الشّعر بسبب التّأثير السيّء للهواء السّاخن على هذه الحشرات.
الوقاية من الإصابة
في مُعظم الأحوال يُنصَح باستعمال الطّرق التي تم توضيحها سابقاً، أو أيِّ نوعٍ من أنواع العلاج، مرَّتين على الأقل، حيثُ تأتي المرَّة الثانية بعد مُدَّة تتراوح من سبعة إلى تسعة أيَّام بعد الأولى، والهدفُ منها هو ضمانُ القضاء على البيُوض التي كانت باقيةً بعد موت الحشرات البالغة، والتي قد تكونُ فقست بعد انتهاء العلاج الأول وموت الحشرات الأخرى. بعد القضاء على القمل الموجود على فروة الرّأس لن تكون هُنَاك حاجة لاتّخاذ أيّة إجراءاتٍ أخرى، فالقمل الذي يعيشُ بعيداً عن جسم الإنسان (في الملابس مثلاً أو أجزاءٍ من المنزل) لن يستطيع البقاء على قيد الحياة طويلاً دُون مُعيل، وسيموت خلال أيَّام معدودة، وفي حال اتّخاذ جميع الإجراءات لتجنّب الإصابة مرّةً أُخرى فمنَ المُمكن غسلُ الملابس وغلي مُستلزمات الشّعر من أمشاطٍ وفراشٍ في الماء السَّاخن، فذلك سيكونُ كفيلاً بتأمين الحماية منها.