الدّورة الشهريّة
خلق الله تعالى الأنثى وهيّأها للقيام بوظائف عديدة وعظيمة للمحافظة على بقاء الجنس البشريّ وتكاثره؛ فهي التي تحمل وتلد وتُربّي الأبناء وترعاهم جنباً إلى جنب مع رفيقها الرّجل، وكي تقوم المرأة بهذا الدّور تعاني من عدّة متاعب قد تؤثّر على جسدها ونفسيّتها. ومن أبرز المتاعب التي تؤثّر على المرأة الدّورة الشهريّة، والتي تُعدّ مُتطلّباً رئيسيّاً لنزول البويضة إلى الرّحم، تمهيداً لتلقيحها بواسطة الحيوان المنويّ لتبدأ حياةً جديدةً مختلفة.
ما هي الدّورة الشهريّة
الدّورة الشهريّة أو فترة الحيض هي مجموعة من التّغيرات التي تصيب بطانة الرّحم، فتنفصل فيها وتتفتّت وتنزل إلى عنق الرّحم لتخرج من الجسم، وتتكرّر هذه العملية مرّة كلّ شهر، ولهذا السّبب سُمّيت بالشهريّة. يؤثّر في الدّورة جهاز مكوّن من عدّة أعضاء أهمّها الغدّة النّخامية المسؤولة عن تنظيم الهرمونات ونسبة إفرازها، المبيضان اللذّان يحفظان البويضات، والحالة النّفسية التي تؤثر بشدّة على صعوبة أو سهولة فترة الدّورة.
موعد الدّورة الشهريّة
تستمر الدّورة الشهريّة مدة 28 يوماً، قد تطول عند بعض النّساء إلى 33 يوما أو تختزل إلى 26 يوماً، ويُحتسب أول يوم للدّورة منذ أول يوم لنزول الحيض. الأيام من 1 -13 في أول أيام الدّورة يكون فيها الدّم خالٍ من الهرمونات الجنسية (إستروجين وبروجستيرون)، ثم تقوم الغدّة النّخامية الموجودة في المخ بإفراز الهرمون المُنشّط لنمو حويصلة المبيض التي تنتج هرمون الأستروجين، ويؤدّي ارتفاع مستوى الإستروجين إلى تنشيط نموّ بطانة الرّحم لتصبح مستعدة لاستقبال البويضة المُلقّحة في حالة حدوث حمل. في منتصف الدّورة الشهريّة يرتفع مستوى هرمون الإستروجين لأعلى درجاته، وهذا يؤدّي إلى إنتاج المزيد من الهرمون المنشط لحويصلات المبيض بنسبٍ عالية ويكون مصاحباً لهرمون ينشّط الجسم الأصفر الذي يفجّر البويضة لتخرج من المبيض. الأيام 15 – 28 تتحرّك البويضة داخل قناة فالوب باتّجاه الرّحم الذي يُفرز هرمون البروجسترون في النّصف الثّاني من الدّورة، وخلال ثلاثة أيام قبل الحيض ينكمش الجسم الأصفر ويموت وبالتّالييي ينخفض هرمون البروجستيرون.
أعراض الدّورة الشهريّة
هناك العديد من الأعراض التي تُصيب النّساء قبل حدوث الدّورة الشهريّة من أهمّها:
- الاكتئاب، والبكاء، والقلق، والعصبيّة، وسوء عام في المزاج، الأمر الذي يُفسّر سبب الإفراز الزّائد للهرمونات.
- الصّداع، والتّعب، وفقدان القدرة على التّركيز واتّخاذ القرارات، والميل إلى الانعزال، والوحدة والاكتئاب.
- الإحساس بألمٍ وانتفاخٍ في أسفل البطن والحوض، ويبدأ منذ نزول دم الحيض وقد يستمرّ لفترةٍ تتراوح بين ثماني ساعات حتّى اثنتين وسبعين ساعة.
- آلامٍ حادّة في الثدي، وهي آلام لا تدوم لكنّها مزعجة وغير خطيرة، وتكون بسبب ارتفاع نسبة هرمون البروجسترون في الدّم، ومع انتهاء فترة الحيض تجد أن الأعراض قد زالت وعاد الثّديان إلى حجمهما الطّبيعيين.
- زيادة الوزن؛ ويعود ذلك إلى الشّهية القويّة والشّراهة والإقبال على تناول الطّعام، خاصّة الغنيّة بالسكريّات كالشوكولاتة، والميل إلى تناول الأطعمة الدّسمة.
- تغيّر عادات النّوم وتتراوح بين الأرق بسبب تزاحم الأفكار السّوداوية، والرّغبة في النّوم لفترة أطول من المعتاد بسبب الحالة النّفسية السّيئة والميل إلى الوحدة.
- مشاكل جلديّة؛ مثل ظهور الحبوب على الوجه، أو جفاف عام في البشرة.
- حدوث آلامٍ في المفاصل والعضلات، وضعف عام في الجسم.
- التّناقص في الاهتمام بالنّشاطات اليوميّة مثل: العمل، والدراسة، والتّواصل مع الأصدقاء وممارسة الهوايات.
- الشّعور بالغضب والانفعال، وتزايد حدوث المشكلات مع الأشخاص الآخرين خلال فترة الدّورة الشهريّة.
- الشّعور بتجمّع السّوائل في الجسم والتّورم والانتفاخ؛ تختلّ النّسبة المثالية للهرمونات في هذه الفترة، فترتفع نسبة الإستروجين الذي يعمل على تخزين الأملاح والسّوائل، وبالتّالي يكون الشّعور بانتفاخ القدمين والبطن والثّديين.
التّخفيف من أعراض الدّورة
هناك بعض الأشخاص الذين يعتقدون بأنّه يمكن التّخفيف من حدّة أعراض الدّورة الشهريّة وتأثيرها على النّساء عن طريق اتّباع بعض الإرشادات الصحيّة الآتية:
- التّغذية الصّحيحة الغنيّة بالفيتامينات، والكالسيوم، والمغنيسيوم، والحديد؛ وذلك تعويض الجسم بالمعادن الأساسيّة التي يخسرها الجسم مع الدّم الطمثيّ.
- اللّجوء إلى المشروبات السّاخنة، فالقرفة تعمل على تنظيف الرّحم من الدّم وتمنع تجلّطه، والنّعناع يهدّئ العضلات، إضافة إلى الزّنجبيل والبردقوش.
- تناول المسكّنات إذا كان الألم شديد.
- المحافظة على الجسم دافئاً وتجنّب البرد، فهو يزيد من أعراض الدّورة.
تأخّر الدّورة
تتأخر الدّورة عن موعدها لأسباب عديدة تختلف حسب اختلاف الجسد ونفسيّة المرأة، ومن هذه الأسباب:
- اضطرابات التّغذية: وخاصّة في حالات الرّجيم القاسية التي تلتزم بها بعض النّساء لخسارة الوزن؛ فالرّجيم يعتمد على تخفيف الدّهون من الوجبات الغذائية، والدّهون هي التي تساعد هرمون الإستروجين في القيام بعمله، وبالتّالي يؤثّر سلباً على الدّورة الشهريّة.
- زيادة الوزن: كما أنّ قلّة الدّهون تؤثّر على الدّورة، فإنّ زيادة الدّهون المتراكمة في الجسم فتعيق عمل الهرمونات الجنسيّة وبالتّالي التّأخر في الإباضة وموعد الدّورة الشهريّة.
- الإجهاد: فالتّغييرات التي تحصل قبل وأثناء الدّورة ليست بسيطة، لذلك يُنصح عادةً بالابتعاد عن إرهاق الجسم قبل وأثناء الدّورة. يساعد التّوتر المصاحب للإجهاد على إفراز هرمون GnRH الذي يتسبّب في عدم حدوث الإباضة أو تأخّر الدّورة الشهريّة من يوم إلى عدّة أيّام.
- الأمراض: بعض الأمراض توخّر عمليّة الإباضة، فتصل البويضة إلى الرّحم متأخّراً، وبالتّالي تظهر أعراض الدّورة المصحوبة بالدّم الطّمثي متأخرّة، علماً بأنّ هذه الحالة مؤقّتة تزول بزوال المرض العائق.
انقطاع الدّورة
تُقسم أسباب انقطاع الدّورة على نوعين:
- أسباب فسيولوجيّة: وهي الحالات الطّبيعية التي يمرّ بها جسم المرأة سواء كانت عند الحَمْل، أو الوصول إلى سنّ اليأس التي يضمر فيها نشاط المبيضين، فتنقطع الدّورة طبيعيّاً.
- أسباب مرضيّة: وتتعدّد هنا الأسباب، أشهرها:
- الإصابة ببعض الأمراض: مثل فقر الدّم (الأنيميا)، وسوء التّغذية، والسّمنة الزّائدة.
- تعاطي الأدوية الهرمونيّة، خاصّة حبوب تأخير الحَمْل.
- خلل في الغدّة النّخاميّة التي تسيطر على إفراز الهرمونات الجنسيّة، والتي بطبيعة الحال تُؤثّر على الدّورة، كما أنّ أيّ اختلال في نشاط كل من الغدّتين الدّرقية أو الكظريّة (فوق الكلويّة) والمبيضين يؤثّر بطبيعة الحال على نسبة الهرمونات في الجسم.
- الحَمْل الكاذب، فيتهيّأ الجسم للحَمْل نتيجة رغبة المرأة الشّديدة في الحَمْل، فتمرّ بأعراض الحَمْل دون وجوده، وانقطاع الدّورة هو أول علامات الحَمْل.
- اختلالات في الرّحم من تشوّهات خلقيّة أو صغر في حجمه.
- الرّضاعة الطّبيعية: فالرّضاعة والدّورة الشهريّة لا تجتمعان.
- الممارسات الرّياضية العنيفة تضرّ بعضلات الجسم بما فيها عضلات الرّحم.
- الأكياس المبيضيّة، وهي الأكياس التي تحتوي على الصّديد النّاتج عن التهابٍ، يتكوّن هذا الكيس فوق المبيض أو في قناة فالوب أو حتّى في حوض الرّحم، ويكون مصاحباً لارتفاعٍ في درجة الحرارة وآلام في أسفل البطن.
ملخّص
- تحدث الدّورة الشهريّة عند الإناث، والغاية منها نزول البويضة إلى رحم الأنثى استعداداً لتلقيحها بواسطة حيوانٍ منويّ من جنس الذّكر؛ وذلك لحدوث عمليّة الحَمْل بجنين، ومن ثمّ إنجاب الأولاد والتّكاثر بهم في الحياة.
- هناك العديد من الأعراض التي تحدث لدى المرأة قبل وأثناء حدوث الدّورة الشهريّة، منها: الاكتئاب، والميل إلى الوحدة، والعصبيّة، والشّعور أحياناً بانتفاخٍ أسفل البطن والحوض، ويكون ذلك عند بداية نزول دم الحيض، والتي تتراوح فترته ما بين 8 ساعات إلى ما يقارب 72 ساعة، كما أنّ الأنثى ربّما تتعرّض إلى آلامٍ حادّة في الثّدي.
- لم يتمّ تفسير أسباب حدوث بعض الأعراض أثناء الدّورة الشهريّة.