أسباب قلة دم الدورة

الدورة الشهريّة

عند وصول الفتاة لسن البلوغ (ما بين الحادية عشرة والرابعة عشر)، تبدأ سلسة من التغيرات بالحدوث داخل جسمها شهريّاً يتحضّر خلالها الرحم للحمل، ويكون ذلك تحت تنظيم الهرمونات، حيث تفرز غدّة تحت المهاد (بالإنجليزية: Hypothalamus) والغدّة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary gland) إشارات هرمونيّة تجعل المبيض والرحم مهيّئَين للحمل، حيث إن هذه الإشارات تحفّز إفراز الهرمونين اللذين يلعبان الدور الأكبر في الدورة الشهرية؛ وهما هرمون الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen) وهرمون البروجسترون (بالإنجليزية: Progesterone).

يقوم هرمون الإستروجين ببناء بطانة الرحم التي تهيّئ مناخاً جيداً للبويضة المخصّبة، ويقوم هرمون البروجستورن الذي تزداد نسبته عند منتصف الدورة الشهرية بالمحافظة على سماكة بطانة الرحم، وعندما لا يحدث حمل، فإن نسبة هرموني البروجسترون والإستروجين تنخفض، ويبدأ دم الدورة الشهرية بالنزول، حيث تُفقَد بطانة الرحم على شكل دم.

تُحسَب مدّة الدورة الشهريّة منذ اليوم الأول لنزول الدم وحتى اليوم الأول لنزول الدم من الدورة التي تليها، وتختلف مدة الدورة الشهرية من امرأة لأخرى، والطبيعي أن تكون مدة هذه الدورة من 21 يوماً إلى 35 يوماً، وعند معظم النساء يستمر نزول دم الدورة الشهرية ما بين ثلاثة أيام إلى خمسة أيام، لكن عند بعضهن يمكن أن ينزل دم الدورة الشهرية على مدة يومين، وعند أخريات من الممكن أن تصل المدة إلى سبعة أيام.

قلة دم الدورة الشهرية

لا تعني قلّة دم الدورة الشهرية بالضرورة أن المرأة تعاني من مشكلة صحيّة، حيث إن الدورة الشهرية تختلف من امرأة إلى أخرى، لكن هناك حدود طبيعية لمدة الدورة الشهرية الطبيعية ولكمية الدم المفقودة أثناء الدورة الشهرية، وإذا كان هناك تجاوزٌ لما هو طبيعي فلربما يدلّ ذلك على وجود مشكلة.

بالنسبة لكمية الدم التي تفقدها المرأة أثناء الدورة الشهرية، فغالباً تتراوح ما بين 20 مل و80 مل، وإذا قلّت كمية الدم المفقودة أثناء الدورة الشهرية عن 20 مل، فإن ذلك يعني أن الدم المفقود قليل.

يمكن أن تكون دورة المرأة الشهرية خفيفة دون وجود سبب أو مشكلة صحيّة، لكن تظلّ هناك احتمالية وجود سبب أدّى إلى قلّة دم الدورة الشهرية، فعلى المرأة أن تتنبه لقلّة دم الحيض، خاصةً إذا كان دم الدورة الشهريّة ينزل على مدّة تقل عن يومين، بالإضافة إلى كون كمية الدم قليلة جداً؛ أي على شكل قطرات دم، أو إذا تغيّبت الدورة الشهرية لمرة أو أكثر، أو إن تكرر نزول دم قليل خلال الدورة الشهرية المعتادة نفسها. من الجدير بالذكر أن على المرأة مراجعة الطبيب في حال تَغيُّب الدورة الشهرية ثلاث مرات متتالية بالتزامن مع عدم وجود حمل.

أسباب قلة دم الدورة الشهريّة

هناك أسباب كثيرة يمكن أن تسبّب قلة دم الدورة الشهريّة، منها ما قد يعني وجود مشكلة، ومنها ما هو طبيعي، من الأسباب التي قد تكون وراء قلة دم الدورة الشهريّة ما يأتي:

  • العمر: قد يكون دم الدورة الشهرية قليلاً لدى النساء اللاتي شارفن على وصول سن اليأس، بسبب تأثير الهرمونات حيث يقل إفراز هرمون الإستروجين، وكذلك لدى الفتيات الصغيرات عند بداية حدوث الدورة الشهرية لأول مرة.
  • الحمل: المعتاد أن الدورة الشهرية تنقطع عن حدوث الحمل، لكن يمكن أن تلاحظ المرأة نزول قطرات من الدم لمدة يومين أو أقل، وقد تظن المرأة أنه دم الدورة الشهرية، لكن من الممكن أن يكون هذا الدم هو الدم الناتج عن زراعة البويضة المخصّبة في جدار الرحم.
  • وزن الجسم والتغذية: لوزن جسم المرأة تأثير في الدم المتدفق أثناء الدورة الشهرية، فخسارة الوزن واكتسابه بسرعة يمكن أن تؤدي إلى اختلال في الدورة الشهرية، بالإضافة إلى النساء ذوات الوزن المنخفض يمكن أن يعانين من اختلال في الدورة الشهرية.
  • الرضاعة الطبيعية: لن تعود الدورة الشهرية عند المراة بعد إنجابها مباشرة إذا كانت مرضعة، حيث يعمل الهرمون الذي يساهم في إدرار الحليب على منع عملية التبويض، وتأخير قدوم الدورة الشهرية، ولكن الرضاعة الطبيعية لا تعني عدم إمكانية حدوث حمل، لذلك إن كانت المرأة مرضعة ولاحظت نزول قطرات دم، فيمكن أن تكون هذه القطرات نتيجة زرع البويضة المخصّبة في بطانة الرحم، لذا من الجيد القيام بفحص حمل.
  • اضطرابات الأكل: من الأمثلة على اضطرابات الأكل فقدان الشهية العصبي (بالإنجليزية: Anorexia nervosa) والنهام العصبي (Bulimia nervosa)،، والنساء اللاتي يعانين من اضطرابات الأكل يمكن أن يكون دم الدورة الشهرية عندهن قليلاً، لأن هذه الاضطرابات يمكنها أن تؤدي إلى انخفاض الوزن، مما يؤثّر في الهرمونات التي تنظّم الدورة الشهرية.
  • وسائل تنظيم الحمل: يمكن أن يكون السبب وراء قلة دم الدورة الشهرية استخدام موانع الحمل، حيث إن بعض موانع الحمل تعمل عن طريق منع تحرير البويضة من المبيض، وتكون هذه الموانع على شكل حبوب أو حلقات أو لاصق، أو حقنة أو لولب داخل الرحم، وعندما لا يتم تحرير البويضة، فإن الرحم لا يشكل بطانةً سميكةً، وبالتالي ينزل دم الدورة الشهرية أقل وأخف من المعتاد. من الممكن أن تغيب الدورة الشهرية لدى المرأة التي تستعمل موانع حمل، ويمكن أيضاً عند بداية استعمال موانع الحمل أو عند التوقف عن استعمالها أن تتسبّب في عدم انتظام الدورة الشهرية.
  • الضغوطات الحياتية: يتأثر الدماغ عند التعرّض للضغوطات الحياتية، وهذا بدوره يؤثّر في الهرمونات المنظّمة للدورة الشهرية، وبالتالي يمكن أن تكون الدورة غير منتظمة أو أخفّ من المعتاد عند النساء اللاتي يعانين من الضغوطات. ويُفترض عند تخلص المرأة من الضغط أن تعود الدورة منتظمة كما كانت.
  • التمرّن بكثرة: تتعرض النساء الرياضيّات للضغط، ويستهلكن الكثير من الطاقة، كما أن أوزانهنّ قليلة، وهذا بدوره يؤدي إلى تغيرات في الدورة الشهرية.
  • أمراض الغدّة الدرقية: تؤثّر أمراض الغدّة الدرقية في الدورة الشهرية عند النساء، حيث إن فرط نشاط الغدة الدرقيّة (بالإنجليزية: Hyperthyrodism) قد يؤدي لنزول كميات قليلة من الدم أثناء الدورة الشهرية، وأحياناً غياب الدورة الشهرية.
  • الحمل خارج الرحم (بالإنجليزية: Ectopic Pregnancy): ويعدّ هذا السبب من الأسباب الخطيرة والتي تستلزم مراجعة طبيب مختصّ، ويمكنها أن تهدّد حياة الأم، حيث إن الحمل خارج الرحم يمكنه أن يسبّب نزول دم كثيف أو خفيف أثناء الدورة الشهرية.
  • متلازمة تكيّس المبايض: قد يكون سبب عدم انتظام الدورة أو انقطاعها عند بعض النساء هو إصابة المرأة بمتلازمة تكيّس المبايض؛ حيث إن هذه المتلازمة تنتج بسبب حدوث عدم انتظام في الهرمونات، وإلى جانب عدم انتظام الدورة الشهرية، يمكن أن تعاني المرأة المصابة بالمتلازمة من حب الشباب، والسمنة، وزيادة الشعر غير المرغوب فيه خاصة في منطقة الوجه، كما أنها قد تعاني من العقم.