حليبُ الإبل
(رُويَ عَنْ أَنَس بن مالك رَضِي اللَهُ عَنْهُ أن ناسًا اجتَوَوا في المدينةِ، فأمَرهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَلحَقوا براعِيْه، يعني الإبلَ، فيَشرَبوا من ألبانِها وأبوالِها، فلَحِقوا براعِيْه، فشَرِبوا من ألبانِها وأبوالِها، حتى صلَحَتْ أبدانُهم، فقتَلوا الراعيَ وساقوا الإبلَ، فبلَغ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبعَث في طلبِهم فجيء بهم، فقطَع أيدِيَهم وأرجلَهم، وسمَر أعيُنَهم).
يُعتبر الإبلُ من الحيوانات المميّزة، ذلك أنّه يستطيع البقاء والعيش والتّكاثر في ظروفٍ مناخيّةٍ قاسيةٍ شديدة الحرارة والجفاف والقحط، ويعدُّ حليبُ الإبل من الأغذية الأساسيّة في حياة سكّان الصّحراء من البدو، وقد استُعملَ منذ القدم في العديد من الأغراضِ العلاجيّة لدى سكّان الشّرق الأوسط وفي بعضِ مناطقِ آسيا وإفريقيا، وقد ظهرت في السّنوات الأخيرة العديد من الدّراسات العلميّة التي تبحث مكونات حليب الإبل واستعمالاته الطبيّة والعلاجيّة، وسيبحث هذا المقال فوائد حليب الإبل وما وجدته البحوث العلميّة من استخداماته العلاجيّة.
الصّفات الحسيّة والتّركيب الغذائيّ لحليب الإبل
يحملُ حليبُ الإبل لوناً أبيضاً معتماً، وله رائحةٌ حلوة وطعمٌ حادّ، كما يُمكن أن يكونَ مذاقُه مالحاً أحياناً، حيث يختلفُ مذاقه باختلاف العَلفِ الذي تتناولته النّاقة ومدى توفّر ماء الشّرب لها، وتظهر طبقة من الرّغوة أو الزبدة عند خضّه قليلاً.
أما بالنّسبة للتّركيب الغذائيّ لحليب الإبل فهو يتكوّنُ بالمعدّل من حوالي 3.1% بروتين، 4.4% سكر اللاكتوز، 0.79% معادن، بحيث يحتوي على حوالي 11.9% كمجموع للمواد الصّلبة، وهي نسبة تُعتبر قريبة لنسبة مجموع المواد الصّلبة في حليب الأم، وتتراوحُ نسبةُ الماء في حليب الإبل ما بين 84-90%، بحيث تختلفُ هذه النّسبة باختلاف وفرة ماء الشّرب للنّاقة، بحيث تكون نسبة الماء فيه أعلى كلما قلّ الماء المتوفّر للشّرب، وذلك لضمان تأمين احتياجات الرّضيع من الماء في حالات الجفاف.
فوائدُ حليب الأبل
لحليبُ الإبل العديد من الفوائد الصحيّة والعلاجيّة، وفيما يلي خلاصة ما وجدته الأبحاث العلميّة من فوائده:
- يُعتبر حليبُ الإبل مصدراً جيداً للعديد من العناصر الغذائيّة، مثل البروتين، والكالسيوم، والفسفور، وفيتامين ج، والنياسين (فيتامين ب3).
- يُحسّنُ تناولُ حليب الإبل من قدرات الجسم المناعيّة والدفاعيّة، وهو يلعبُ دوراً في مقاومة العديد من أنواع البكتيريا والفيروسات.
- السّيطرة على مرض السكري، وخفض كميّات الإنسولين التي يحتاجها الشخص المصاب بهذا المرض للسيطرة على سكّر الدم.
- الوقاية من تضرّرات الكلى وشبكيّة العين التي تنتجُ عن مرض السكريّ.
- خفضُ خطرِ الإصابة بأمراض القلب والشرايين في مرضى السكري.
- مقاومة السّرطان عن طريقِ منع تكوّن الأوعية الدمويّة الجديدة التي تحتاجها الأورام السرطانية لنموّها، بالإضافة إلى تحفيزِ موت الخلايا السرطانيّة.
- مقاومة فيروس الكبد الوبائي ج (بالإنجليزيّة: Hepatitis C virus)، حيث وُجد لبروتين اللاكتوفيرين المستخلص من حليب الإبل تأثيرات مضادّة لهذا الفيروس عن طريق منع دخوله إلى الخلايا، وهو بذلك مضاد لهذا الفيروس بشكلٍ يتفوّق على بروتين اللاكتوفيرين البقريّ وبروتين اللاكتوفيرين المستخلص من حليب الأم، كما أنّ تناول حليب الإبل يحسّن من حالات مرضى الكبد الوبائي ج في العديد من المقاييس.
- وَجدت دراسة أنّ حليبَ الإبلِ مناسبٌ في حالات عدم تحمّل سكر اللاكتوز بسبب محتواه الأقلّ من سكّر اللاكتوز.
- يُمكن أن يساهمَ حليبُ الإبل في علاج الإسهال، حيث وجدت دراسة أُجريت على جرذان التّجارب أنّ تناولَ حليبِ الإبلِ المُخمّرِ يمنح كمّيات أعلى من الصوديوم والبوتاسيوم، وأنّه كان قادراً على وقفِ الإسهال، كما ذُكر أنّه يحسّن من أعراض الإسهال في مرض كرون وفي حالات اضطراب التوحّد.
- وُجد أنّ حليب الإبل مناسب في حالات حساسيّات الأطفال للحليب البقريّ؛ وذلك بسبب اختلاف بروتينه عن بروتين الحليب البقريّ، ولذلك يمكن استخدامه مستقبلاً في تصنيع حليبٍ بديل للأطفال الذين يعانون من هذه الحساسيّة.
- وجدت العديد من الدّراسات والتّقارير أنّ تناول حليب الإبل يحسّن من حالات وأعراض اضطراب التوحّد.
- وُجد لحليب الإبل دور في علاجِ حالات الحساسيّات الغذائيّة.
- يحملُ حليب الإبل تأثيراتٍ مضادّة لتخثّرِ الدّم، وهو بذلك يُمكن أن يلعبَ دوراً في خفضِ خطرِ الإصابة بأمراضِ القلب والأوعية الدمويّة.
- وَجدت البحوث العلميّة أنّ بروتين اللاكتوفيرين المستخلص من حليب الإبل له تأثيراتٍ مضادة للطفيليات في فئران التّجارب.