الحلبة
الحلبة (باللاتينيّة: Trigonella foenum graecum) هي نبتة حوليّة تنتمي إلى الفَصيلة البقوليّة (بالإنجليزيّة: (Leguminosae)، ويعود أصل الحلبة إلى منطقة حوض البحر الأبيض المُتوسّط، وجنوب أوروبا، وغرب آسيا، وهي إحدى الأعشاب المُستخدَمة في تحضير الأطعمة وفي الأغراض العلاجيّة مُنذ القدم؛ وذلك لما تَحمله بذورها من الصّفات العلاجيّة؛ حيث تعود العديد من فوائدها وتأثيراتها العلاجيّة إلى مُحتواها العالي من الألياف الغذائيّة، والتي تُمثّل حوالي 25% منها، وتُفسّر أيضاً استخدامها كمُثبّت ومُغيّر للقوام في العديد من الصّناعات الغذائيّة، ويهدف هذا المقال للحديث عن الفوائد الصحيّة والعلاجيّة للحلبة.
الاستخدامات الشعبيّة للحلبة
يكثر الحديث حول الاستخدامات العلاجيّة للحلبة في العديد من أنظمة الطبّ الشعبيّ القديمة، مثل طب الأيورفيدا (بالإنجليزيّة: Aurvedic medicine) والطب الإغريقيّ، واللاتينيّ، وقد كانت الحلبة مُستخدَمة في مصر القديمة لتسهيل الولادة، وفي زيادة إدرار الحليب في المُرضِعات، ولازالت النّساء في مصر تَستخدم الحلبة في الوقت الحاليّ لتخفيف آلام الدّورة الشهريّة، كما أنهنّ يَصنعن شاي الحلبة لتخفيف آلام البطن الأُخرى، ويعمل الصينيّون كذلك على استخدامها في تخفيف آلام البطن، وتشمل استخداماتها في الطب الشعبيّ علاج حالات التهاب الهلل أو ما يُعرَف بالتهاب النّسيج الخلويّ (بالإنجليزيّة: Cellulitis)، والدّمامل، ومرض السلّ (بالإنجليزيّة: Tuberculosis)، وفي تخفيف أعراض عسر الطّمث (بالإنجليزيّة: Dysmenorrhea)، وأعراض انقطاع الدّورة الشهريّة في سنّ اليأس، كما أنّها تُستخدَم في تحفيز إدرار حليب الرّضاعة، وكبديل عن الإنسولين في خفض مُستوى سكّر الدّم.
فوائد الحلبة
بالإضافة إلى ما عُرِفَ عن الحلبة شعبيّاً من فوائدَ واستخداماتٍ صحيّة وعلاجيّة، فقد أثبتت الأبحاث العلميّة العديد من هذه الفوائد وغيرها، حيث تشتمل فوائد الحلبة على كلّ ممّا يأتي:
- وجدت العديد من الدّراسات التي أُجريت على حيوانات التّجارب المُصابة بالسُكريّ تأثيرات خافضة لمُستوى كولسترول الدم لبذور الحلبة، ويُعزى هذا التّأثير إلى زياة في إنتاج الإنسولين، وإلى ميكانيكيّات أُخرى خارجيّة؛ حيث وجدت الأبحاث أنّ خفض مُستوى الجلوكوز النّاتج عن تناولها يَتعدّى ما يُمكن أن يُسبّبه الارتفاع النّاتج في مُستوى الإنسولين، وتلعب الألياف الغذائيّة الموجودة في الحلبة دوراً في هذا التّأثير بالإضافة إلى غيرها من المُكوّنات.
- وقد وجدت العديد من الدّراسات أنّ تناول بذور الحلبة مع الطّعام يُقلّل من مُستوى الجلوكوز في الدّم بعد الوجبة في حالات السكريّ من النّوع الثّاني، إذ إنّ تناول 5-50 جم من بذور الحلبة يوميّاً يُعتبر فعالّاً، كما وُجِدَ أنّ تناول 50 جم من بذور الحلبة مَرّتين يوميّاً يُخفّض من مُستوى الجلوكوز في البول في مرضى السُكريّ من النّوع الأول.
- وجدت الأبحاث العلميّة أنّ بذور الحلبة فعّالة في تخفيف آلام عسر الطّمث؛ إذ إنّ تناول 1800-2700 ملغم من مسحوق بذور الحلبة ثلاث مرّات يوميّاً خلال أوّل ثلاثة أيّام من الدّورة الشهريّة، ثمّ تناول 900 ملغم ثلاث مرّات يوميّاً خلال دورتين شهريتين يُخفّض من الألم المُرافق لها، كما وقد نتج عنها انخفاض في الحاجة إلى تناول مُسكّنات الألم.
- زيادة إدرار حليب الرّضاعة، حيث يقترح بعض العلماء أنّ تناول الحلبة يُمكن أن يعمل على زيادة كميّة حليب الثّدي خلال 24 إلى 72 ساعة، وقد وجدت بعض الأبحاث أنّ تناول مَسحوق الحلبة أو شايها يُمكن أن يرفع من حجم حليب الثّدي، في حين وجدت دراسات أُخرى أنّ تناول مُكمّل غذائي للحلبة ثلاث مرّات يوميّاً لمدة 21 يوماً ابتداءً من اليوم الخامس بعد الولادة لا يعمل على زيادة إنتاج الحليب.
- أثبتت العديد من الدّراسات العلميّة دور الحلبة في خفض مُستوى سكّر الدّم في حالات مرض السُكريّ من النّوعين الأول والثّاني.
- وجدت بعض الدّراسات تأثيرات مُضادّة للالتهاب في الحلبة.
- وجدت الدّراسات أنّ مُستخلصات الحلبة تحمل تأثيرات مُحارِبة للجذور الحُرّة ومُضادّة للأكسدة، وذلك لمحتواها العالي من المُركّبات الفينوليّة.
- وجدت العديد من الدّراسات العلميّة التي أُجريت على حيوانات التّجارب المُصابة بالسّرطان أو على خطوط الخلايا (بالإنجليزيّة: Cell lines) السرطانيّة أنّ لبذور الحلبة تأثيرات لمحاربة للسّرطان في العديد من أنواعه، وقد وجدت دراسة أُجرِيت على الجرذان قدرتها على مُحاربة خلايا سرطان الثّدي المُحرّض عن طريق تحفيز موت الخلايا السرطانيّة.
- مُحاربة العديد من أنواع البكتيريا والفطريّات، وقد بينت العديد من الأبحاث العلميّة فعاليّة الحلبة ضد الجرثومة الملويّة البوابيّة (باللاتينيّة: Helecobacter pylori) المسؤولة عن نسبة عالية من تطوّر القروح التي تُصيب المعدة والإثني عشر، والتي ترفع أيضاً من فرصة الإصابة بسرطان المعدة.
- وُجد أنّ الحلبة فعّالة في علاج حصوات الجهاز البوليّ (بالإنجليزيّة: Calcic urolithiasis).Helecobacter pylori)
- يُمكن أن تحمل الحلبة تأثيرات إيجابيّة على الجهاز الهضميّ؛ حيث وُجد أنّها ترفع من مستوى إفراز إنزيم اللّيباز البنكرياسيّ (بالإنجليزيّة: Pancreatic lipase)، كما أنّها تُحسّن من حركة الأمعاء، وتُساهم بسبب مُحتواها العالي من الألياف الغذائيّة في تخفيف الإمساك.
- وجدت بعض الأبحاث الأوليّة أنّ تناول 500 ملغم من مسحوق بذور الحلبة يوميّاً لمدّة 8 أسابيع من قِبَل الرّجال قد يُساهم في تحسين الأداء الرياضيّ، حيث وجدت دراسة أنّه يُقلّل من مستوى الدّهون في الجسم، ويرفع من مستوى هرمون التّستوستيرون (بالإنجليزيّة: Testosterone) دون أن يزيد من قوّة العضلات أو من أدائها في تمارين القدرة على الاحتمال، في حين وجدت أبحاث أُخرى أنّ ذلك يُقلّل من مستوى دهون الجسم، ويرفع من القدرة على أداء بعض التّمارين الرياضيّة التي تمّت دراستها.
- وجدت بعض الأبحاث التي أُجريت على مُنتجين من المُكمّلات الغذائيّة التي تحتوي على الحلبة أنّ تناول هذه المُكمّلات قبل الوجبتين الأكبر في اليوم يُقلّل من أعراض حرقة المعدة.
- وجدت بعض الأبحاث الأوليّة أنّ تناول قطرات زيت الحلبة ثلاث مرّات يوميّاً لمدّة أربع أشهر يرفع من عدد الحيوانات المنويّة في الأشخاص المُصابين بقلّة عدد الحيوانات المنويّة، ولكن بيّنت الأبحاث أنّ تناول الأجزاء الأُخرى من الحلبة لا يحمل هذا التّأثير.
- تقترح بعض الدّراسات دوراً للحلبة في خسارة الوزن؛ وذلك عن طريق خفض الشّعور بالجوع، وخفض كميّة الطّعام المتناولة يوميّاً بسبب تأثير مُحتواها من الألياف الغذائيّة التي ترفع من الشّعور بالشّبع، ولكن لا يوجد أبحاث كافية تُبيّن تأثير ذلك على خسارة الوزن.
الأعراض الجانبيّة وأمان الاستخدام
يُعتبر تناول الحلبة بالكميّات الموجودة عادةً في الطّعام، أو بجرعات علاجيّة أعلى من تلك المُستخدَمة في الأطعمة ولمدّة 6 أشهر آمناً، وقد تظهر بعض الأعراض الجانبيّة النّاتجة عن تناولها والتي تشمل الإسهال، وألم المعدة، والنّفخة، والغازات، ورائحة شبيهة بشراب القيقب (بالإنجليزيّة: Maple syrup) في البول، كما أنّها يُمكن أن تُسبّب في الأشخاص مُفرَطي الحساسيّة بعض الأعراض الأُخرى التي تشمل الكحّة، واحتقان الأنف، والصّفير، وانتفاخ الوجه، وتفاعلات تحسُسيّة خطيرة، كما يُمكن أن يُسبّب تناول الحلبة انخفاضاً في مُستوى سكر الدّم.
وتُعتبر الحلبة آمنةً أثناء الحمل، لكنّها يمكن أن تُسبّب انقباضاتٍ مُبكرّة، كما أنّ تناولها قبل الولادة يُمكن أن يُسبّب ظهور رائحةٍ شبيهةٍ برائحة شراب القيقب في المولود، الأمر الذي يُمكن أن يُسبّب لبساً بين هذا العرض وداء البول القيقبيّ (بالإنجليزيّة: Maple syrup urine disease)، كما أنّ تناولها من قِبَل المُرضِعات لفترات قصيرة بهدف زيادة إدرار الحليب يُعتبر آمناً؛ حيث وُجد أنّ تناول 1725 ملغم من الحلبة يوميّاً لمدّة 21 يوماً يُعتبر آمناً ولا يُسبّب أيّة أعراض جانبيّة في الأطفال الرُضّع.
يُعتبر تناول الحلبة من قبل الأطفال آمناً، إلّا أنّ بعض التّقارير ذكرت أنّ تناول شاي الحلبة يرتبط بفقدان الوعي في الأطفال، كما أنّ تناولها قد يُسبّب رائحةً غريبةً، في حين يجب الحذر في الأشخاص المُصابين بحساسيّات غذائيّة لأيّ نبات آخر من الفصيلة البقوليّة، كالفول السودانيّ، وفول الصّويا، والبازلّاء، وذلك لاحتماليّة تحسّسهم للحلبة أيضاً. ونظراً لما تحمله الحلبة من تأثيرات على مُستوى سكّر الدّم، يجب على الأشخاص المُصابين بالسُكريّ مُراقبة مستوى السكّر لديهم في حال تناول الحلبة.
تتفاعل الحلبة مع بعض الأدوية، مثل أدوية السُكريّ، والأدوية التي تُبطِئ من تخثّر الدّم، ولذلك يجب أخذ الحيطة والحذر من قِبَل الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية عند تناول الحلبة.
ملاحظة: هذا المقال لا يُعتبر مرجعاً صحيّاً، يرجى مُراجعة الطّبيب قبل البدء بتناول أيّ علاج عشبيّ أو بديل.