ما هي أعراض نقص فيتامين B12

فيتامين B12

فيتامين B12 هو أحد فيتامينات المجموعة ب، وهو ذائب في الماء، وقد تمّ اكتشافه في محاولات علاج فقر الدّم الخبيث أو الوبيل الذي يتميّز بكونه ضخم الأرومات وكبير الكريات والذي يرتبط بالاعتلال العصبيّ، وقد كان يُعتقد في البداية أنّ هذا النوع من فقر الدم مُتعلّق بالفولات، ولكن علاجه بالفولات كان يساعد في حل مشكلة كريات الدم ويعمل على إعادة تصنيعها، لكنّه لم يعالج تلف الأعصاب المرتبط بهذا المرض.

في عام 1948 قام العلماء بعزل مُركّب أحمر اللّون من الكبد وإعطائه الرّقم B12، وقد عمل هذا الفيتامين الجديد على علاج فقر الدّم الخبيث بتجديد وعلاج الخلل في كريات الدم، وفي علاج تضرّر الأعصاب المُرافق للمرض، وقد أطلقوا على هذا الفيتامين اسم الكوبالامين نظراً لاحتوائه على ذرّة الكوبالت في منتصفه.

ويعتمد كل من فيتامين B12 والفولات مع بعضهما البعض، حيث إنّ فيتامين B12 يعمل على إزالة مجموعة ميثيل لتنشيط إنزيم الفولات المساعد، وفي المقابل عندما يقوم الفولات بمنح مجموعة الميثيل إلى فيتامين B12 فإنّه يقوم أيضاً بتفعيل عمل الإنزيم المساعد لفيتامين B12 وبالتّالي يقوم هذا الفيتامين بعمله على أفضل وجه.

الاحتياجات اليوميّة من فيتامين B12 حسب الفئة العمريّة

في الجدول الآتي سيتم التّطرق إلى الاحتياجات اليوميّة من فيتامين B12 للأشخاص وذلك حسب الفئة العمريّة لكلّ منهم:

الفئة العمريّة الاحتياجات اليوميّة (ميكروغرام/اليوم)
الرُضّع 0-6 أِشهر 0.4
الرُضّع 7-12 شهر 0.5
الأطفال 1-3 سنوات 0.9
الأطفال 4-8 سنوات 1.2
9-13 سنة 1.8
18 سنة فأكثر 2.4
الحامل 2.6
المُرضِع 2.8

ويُنصح كبار السّن بالحصول على احتياجاتهم اليوميّة من الأغذية المدعمة بفيتامين B12 أو من المُكمّلات الغذائيّة، وذلك لأنّ 10% إلى 30% منهم لا تستطيع أجسامهم امتصاص فيتامين B12 الموجود بشكلٍ طبيعيٍّ في الأغذية.

وظائف فيتامين B12 في الجسم

يحتاج جسم الإنسان إلى عدّة معادن وفيتامينات لينمو نموّاً طبيعيّاً وصحيّاً، وليحافظ على صحّته وتوازنه واستمراريّة وظائفه الطبيعيّة، ويعمل فيتامين B12 عملا أساسيّاً كإنزيم مساعد بشكليه (adenosylcobalamine) و (methylcobalamine)، حيث إنّه يعمل في تمثيل البروبيونات والأحماض الأمينيّة والمركبات أحادية الكربون، وبالتّالي فإنّه يلعب دوراً هامّاً في عمليات تمثيل البروتينات، وفي تصنيع الهيم (المكوّن للهيموجلوبين الذي يعطي الدّم لونه الأحمر)، وفي تكوين البروتينات والدّهون المكوّنة لغمد المايلين (myelin sheath) الذي يحيط بالألياف العصبيّة في الدّماغ والحبل الشوكي ويعمل على حمايتها. ويلعب فيتامين B12 مع الفولات دوراً أساسيّاً في تكوين أحماض DNA وRNA، كما تعتمد خلايا العظم ونخاعه وخلايا الجهاز الهضمي على فيتامين B12 في نشاطها والحفاظ على صحّتها.،

نقص فيتامين B12

تعدّد أسباب نقص فيتامين B12 من حالة إلى اخرى، وعليه تختلف حالات العلاج أيضاً:

أسباب نقص فيتامين B12

يحصل نقص فيتامين B12 عادةً بسبب سوء امتصاصه وليس بسبب قلّة تناوله، وفي حالات سوء امتصاص فيتامين B12، فإنّ نقصه يحصل حتّى لو تمّ تناوله بكميّات عالية. ويحصل سوء امتصاصه في حالتين:

  • الحالة الأولى: تكمن في نقص إفراز حمض الهيدروكلوريك في المعدة، ممّا يُعيق هضم البروتينات التي يرتبط بها هذا الفيتامين في الطّعام وبالتالي يُعيق تحريره وارتباطه ببرووتينات R والعامل الداخليّ، فيُعيق امتصاصه.
  • الحالة الثّانية: تكون بسبب عدم توفّر العامل الداخلي والذي يسبّبه تلف خلايا المعدة التي تقوم بإنتاجه، ويحصل ذلك في حالات التهاب المعدة الضموريّ الذي يصيب العديد من الأشخاص وخاصةً بعد عمر الخمسين، وحالات إصابة المعدة ببكتيريا الهيليكوباكتر التي تُسبب القرحة، وأيضاً في حالات نقص الحديد.

هناك بعض الأشخاص لا يستطيعون تكوين العامل الداخلي لسبب جينيّ وراثيّ، وهناك بعض الأشخاص لديهم جهاز مناعة قويّ يقوم بمحاربة العامل الداخليّ ذاتيّاً. ويعمل عدم توفر العامل الداخلي على عدم قدرة خلايا الأمعاء على امتصاص فيتامين B12، وفي أيّ من حالات عدم توفر العامل الداخليّ فلابدّ من أخذ فيتامين B12 على شكل حقن أو بخاخات في الأنف لتعذُّر امتصاصه من الأمعاء. كما أنّ إزالة جزء من المعدة أو الأمعاء الدّقيقة جراحيّاً، والاستعمال المُتكرّر لمُضادّات الحموضة، والإفراط في شرب الكحول قد يُسبّب نقصاً في فيتامين B12 أيضاً.

وتتضمّن أسباب نقص هذا الفيتامين أيضاً إصابة الشّخص بداء الكرون، وهو أحد أمراض الأمعاء الالتهابيّة والذي يصيب جميع الطّبقات النسيجيّة للجهاز الهضمي، كما تتضمّن إصابة الشّخص بالاضطرابات الهضميّة ونمو البكتريا أو الطُّفيليات.

أعراض نقص فيتامين B12

نظراً لدور فيتامين B12 في انقسام الخلايا وتكوين حمض DNA، فإنّ نقصه يؤثر بشكلٍ واضحٍ على الخلايا سريعة الانقسام مثل خلايا نخاع العظم وخلايا الجهاز الهضمي، ولأنّ له دوراً في تنشيط الفولات لأداء دوره في تكوين خلايا الدم الحمراء، فإنّ نقصه يسبب نقصاً ثانويّاً في الفولات، وينتج عنه فقر دم مشابه لذلك الذي يحصل بسبب نقص الفولات وهو فقر دم ضخم الأرومات كبير الكريات، حيث تفشل خلايا الدم الحمراء بالانقسام وتضعف قدرتها على أداء وظيفتها في نقل الأكسجين، إلا أنّه يتميّز عن فقر الدّم النّاتج عن نقص الفولات بوجود تلف في الأعصاب مرافق له، ويُسمى فقر الدم النّاتج عن نقص فيتامين B12 بسبب غياب العامل الداخليّ بفقر الدّم الخبيث أو الوبيل.

ومن أعراض نقص فيتامين B12، ما يأتي:

  • يسبب نقص فيتامين B12 تلفاً في الأعصاب، وذلك نظراً للدّور الهامّ الذي يلعبه هذا الفيتامين في تكوين غمد المايلين الذي يحيط ويحمي الألياف العصبية.،
  • تظهر أعراض نقص فيتامين B12 على شكل تراجع في الذّكاء، وسرعة في النّسيان، وفقدان الذّاكرة قصيرة المدى.،
  • الشعور بالخدران في الأطراف وصعوبة في المشي.
  • قد يُسبّب تلف الأعصاب الشّلل في الحالات المتقدمة، حيث يبدأ تلف الأعصاب من الأطراف ثم يصل إلى الجهاز العصبيّ المركزي، وتظهر الأعراض العصبية عادة متأخرة عن أعراض فقر الدّم، ولذلك يجب تشخيص وعلاج نقص فيتامين B12 في مراحله الأولى.،
  • التّعب العام والإرهاق، وسرعة نبضات القلب والتّنفس النّاتجة عن عدم فاعلية خلايا الدّم الحمراء في نقل الأكسجين.
  • مشاكل في الجهاز الهضميّ؛ مثل: الإمساك، والإسهال، والغازات.
  • قد يسبب أيضاً اصفراراً في لون الجلد والعينين النّاتج عن تكرار حصول فقر الدّم وفشل تكون خلايا الدّم الحمراء، واحمرار وتملّس وانصقال اللّسان.
  • يمكن أن تظهر بعض العوارض النفسيّة مثل الاكتئاب، وتجدر الإشارة إلى أنّ فحص مستويات فيتامين B12 في الدّم هي ليست طريقة فعّالة لمعرفة حالته في الجسم، ولكن يجب فحص النّواتج المُعتمدة عليه في الدّم، والتي تشمل حمض الميثيل مالونيك والهوموسيستين، وعلى الرّغم من أنّها تُعتبر فحوصات مكلفة، إلا أنّها أكثر حساسيّة وفاعلية في الكشف عن نقصه.
  • قد يحدث في بعض المراحل من نقص فيتامين B12 أن يعاني المريض من رؤية غير واضحة أو فقدان للبصر.
  • يعمل الفولات المتناوَل بكميات كافية على علاج فقر الدم الذي يُسبّبه نقص فيتامين B12 وإخفاء الأعراض الأوليّة لنقصه، لذلك يمكن أن يحصل تلف الأعصاب دون أن تصاحبه أعراض فقر الدّم، ويكون هذا واضحاً في حال تناول كميّات عالية من الفولات.

علاج نقص فيتامين B12

يعتبرعلاج نقص فيتامين B12 من العلاجات السّهلة وغير المكلفة، فغالباً ما يتمّ العلاج بإعطاء حقن فيتامين B12 خاصةً في حالات فقر الدّم الخبيث، ثم يتم إعطاء مكمّلات B12 عن طريق الفم أو بخاخات الأنف مدى الحياة. أما في حال كان نقص فيتامين B12 بسبب الحمية النباتيّة، فيجب على الشّخص المصاب أن يقوم بتعديل حميته حتّى تحتوي على منتجات الحبوب المُدعّمة بالفيتامين، بالإضافة إلى الحصول على الحقن أو المُكمّلات اللازمة.

ويجب على جميع كبار السّن تناول المُكمّلات الغذائيّة المحتوية على فيتامين B12 بشكل دوريّ، أو الحصول على الحقن في حال سوء الامتصاص. وفي حال لجأ الشّخص إلى تناول فيتامين B12 على شكل مكمّلات غذائيّة، يجب أن يراعي أنّ فيتامين B12 بكميات علاجيّة قد يتعارض مع بعض العقاقير؛ كالمضادّات الحيويّة، وبعض أدوية السّرطان، والعظام، والمعدة، والقلب، والأعصاب، وغيرها. لذلك يجب استشارة الطّبيب لتجنّب حدوث أيّ مضاعفات.

امتصاص فيتامين B12 وانتقاله في الدّم وتخزينه

يوجد فيتامين B12 في الأغذية مرتبطاً بالبروتينات، ويجب تحريره من هذه البروتينات عن طريق هضمها بإنزيم البيبسين الهاضم للبروتينات في المعدة حتّى يتم امتصاصه، بعد أن يتمّ تحريره، يرتبط فيتامين B12 ببروتينات R في المعدة والتي تحمله إلى الأمعاء الدّقيقة حيث يتم هضم هذه البروتينات وتحرير فيتامين B12 الذي يرتبط بعدها ببروتين رابط خاص بفيتامين B12 تنتجه خلايا المعدة، ويسمّى هذا البروتين الخاص بالعامل الداخليّ، ثم يرتبط هذا المُركّب المكوّن من العامل الداخلي والكوبالامين بمستقبلات خاصّة موجودة على خلايا الجزء الدقّاق في أسفل الأمعاء الدّقيقة، حيث يتم امتصاص الكوبالامين وطرح العامل الداخلي.

يتم امتصاص 99% من فيتامين B12 بهذه الطريقة، بينما تُمتَصّ نسبة 1% بطريقة الانتشار البسيط. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ المستقبلات الموجودة على خلايا الجزء الدّقاق من الأمعاء الدّقيقة لا يستطيع التّعرف على فيتامين B12 دون أن يكون مرتبطاً بالعامل الداخليّ.

ينتقل الكوبالامين في الدّم بعد ارتباطه ببروتينات R الموجودة في البلازما، وتستقبله خلايا الجسم عن طريق مستقبلات خاصة ليقوم بأداء دوره كإنزيم مساعد في وظائفه المختلفة، ويتم تخزين فيتامين B12 في الأشخاص الأصحاء الذين يحصلون على تغذية سليمة في الكبد بكميّات تكفي لما يتراوح بين 5 إلى 7 سنوات، حيث يحتوي الكبد على ما نسبته 50% من مخزون فيتامين B12 في الجسم بينما يوجد المتبقي منه موزعاً في خلايا الجسم. وكما هو الحال مع الفولات، فإنّ فيتامين B12 يخضع للدّوران المعويّ الكبديّ، وذلك يعني أن الفيتامين يُطرح إلى الأمعاء من الكبد عن طريق العصارة الصّفراء، ثمّ يتم إعادة امتصاصه مرة أخرى إلى الكبد، ويساهم ذلك أيضاً في مخزون الكبد، ولذلك فإنّه من النّادر أن يُصيب نقص فيتامين B12 الأشخاص الأصحّاء والذين لا يعانون من مشاكل في الامتصاص.

المصادر الغذائيّة لفيتامين B12

يتميز فيتامين B12 عن غيره من الفيتامينات بأنّه موجود في الأطعمة الحيوانيّة فقط، وتعتبر اللّحوم الحمراء، ولحم الكبد، والكلى، والسّمك، والدّواجن، والحليب، والبيض، والجبن، مصادراً غنيّاً به. لذلك فإنّ الأشخاص الذين يتناولون الأطعمة الحيوانيّة يستطيعون ببساطة الحصول على احتياجاتهم اليوميّة منه، كما أنّ النباتييّن الذين يتناولون الحليب والبيض يحصلون أيضاً على كفايتهم من فيتامين B12، أمّا بالنّسبة للأشخاص النباتيين الذين لا يتناولون الحليب والبيض، والأشخاص الذين يعانون من نقص في إفراز حمض الهيدروكلوريك في المعدة، فبإمكانهم الحصول على احتياجاتهم عن طريق تناول الحبوب المُدعّمة به كالخبز المُدعّم، أو عن طريق المُكمّلات الغذائيّة. وللمحافظة على فيتامين B12 في الأغذية يجب عدم تحضيرها أو تسخينها بالمايكرويف لأنّه يسبب خسارة هذا الفيتامين.

سميّة فيتامين B12

لا يوجد للفيتامين B12 سميّّة تذكر.،

علاقة فيتامين B12 بأمراض القلب والشرايين

يعمل ارتفاع مستوى الهوموسيستين في الدّم على رفع خطر الإصابة بأمراض القلب والشّرايين، والسّكتة الدماغيّة عن طريق دوره في تصلّب الشّرايين، ويُسبّب نقص فيتامين B12 ارتفاعاً في مستوى الهوموسيستين في الدّم. لوحظ من قبل الباحثين أنّ فيتامين B12 يساعد على خفض مستوى الهوموسيستين، وبالتّالي فإنّ نقص فيتامين B12 يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والشّرايين.

علاقة فيتامين B12 بالعظام

منذ أن تمّ اكتشاف فيتامين B12 لعلاج فقر الدّم الخبيث، تم اكتشاف دوره في علاج هشاشة العظام في المصابين بهذا النّوع من فقر الدّم، وقد وضّحت الدّراسات دور هذا الفيتامين في تكون وتكاثر الخلايا البنّاءة للعظم، وفي حالات نقص فيتامين B12 فقد وجد أنّ ارتفاع الهوموسيستين وحمض الميثيل مالونيك يعمل على رفع نشاط الخلايا النّاقضة للعظم، ولكن تبقى علاقة فيتامين B12 بصحّة العظام والميكانيكيّات المتعلّقة بها غير واضحة وتحتاج إلى المزيد من الأبحاث.

هل يعتبر نقص فيتامين B12 شائعاً في الأردن؟

انتشرت شائعات على نطاق واسع بأنّ نسبة المرضى المصابين بنقص فيتامين B12 في الأردن عالية جداً، ولذلك نظّمت اللّجنة العلميّة والتّعليم الطبي في نقابة الأطباء الأردنية أُمسية علميّة في الملتقى الاجتماعيّ العلمي للأطباء منذ سنوات حول هذا المرض، حيث حضر الملتقى الدكتورة سناء السّخن استشاريّة أمراض الدم والأورام بالقطاع الخاص، والدكتور زياد نصير استشاري أمراض الدّماغ والأعصاب بمستشفى الجامعة الأردنيّة، ونوقش الموضوع من عدة جوانب، وبعد نقاش مستمر تبيّن أن نسبة هذا المرض في الأردن مشابهة للدول الأخرى، وأنّها غير مرتفعة كما رُوّج له من قِبل بعض الجهات، حيث تبلغ النّسبة أقل من 2%.

ولقد أكد المحاضرَين من خلال هذه الأمسية العلمية أن المستفيد الأول من نشر هذه الشائعات هي المختبرات الطبيّة وشركات الأدوية، حيث عَمِلت هذه الشّائعات على جعل الكثيرمن المواطنين يطالبون بإجراء فحوصات مُستمرّة لفيتامين B12 ويقومون بشراء أدوية فيتامين B12 على الرغم من عدم حاجة العديد منهم لاستخدامها.