السل الرئوي

مرض السّل

يعدّ مرض السّل الرئويّ من الأمراض المعدِية التي تصيب الرئة غالباً، ويمكنها أيضاً أن تصيب الأجزاء الأخرى من الجسم. وتتسبّب في هذا المرض بكتيريا المتفطّرة السليّة (بالإنجليزيّة: Mycobacterium Tuberculosis)، وتنتقل عدوى السّل عن طريق الهواء؛ فعند انتشار بكتيريا المتفطّرة السليّة في الهواء عن طريق العطاس، أو السعال، أو الحديث، أو ضحك الشخص، واستنشاق شخص آخر لهذا الهواء تزيد فرصة الإصابة بالسّل.

من المهمّ التمييز بين العدوى بمرض السّل، أو ما يُعرَف بالسّل الكامن (بالإنجليزيّة: Latent Tuberculosis)، وبين الإصابة بمرض السّل الرئويّ النّشط (بالإنجليزيّة: Clinically Active Tuberculosis Disease). بالنسبة للسلّ الكامن فإنّ جرثومة السّل توجد في الجسم ولكنّ جهاز المناعة يقوم بحماية الجسم من الجرثومة، وحمايته من الإصابة بالمرض، أمّا بالنسبة للسّل الرئويّ النشط؛ فيكون الشخص مصاباً بالمرض، ويمكن أن ينشر العدوى حوله للأشخاص الآخرين، ويجب عليه مراجعة الطبيب في أسرع وقت.

أعراض الإصابة بمرض السّل

من الجدير بالذّكر أنّ الشخص الحامل لعدوى السّل أو ما يُسمّى بالسّل الكامن لا تظهر عليه أيّ أعراض، وبالنّسبة للأشخاص الذين لديهم السّل الرئويّ النّشط فإنّه قد تظهر عليهم أعراض، وقد يتمتّعون بصحة جيدة تماماً، أو قد يعانون من السّعال فقط من فترة لأخرى، وفيما يأتي الأعراض المصاحبة لمرض السّل الرئويّ النّشط والتّي إماّ أن تظهر مجتمعةً، وإمّا واحدة منها:

من المهمّ جداً مراجعة طبيب أخصائيّ لتشخيص الحالة، حيث إنّ هذه الأعراض قد تكون مصاحبةً لأمراض أخرى، ومن المهم أيضاً إجراء فحص السّل في حال اعتقد الشخص أنه تعرّض للسّل. تختلف فترة الحضانة للسّل؛ فقد تتراوح من أسبوعين إلى اثني عشر أسبوعاً، وقد يبقى الشخص ناقلاً للعدوى طالما أنّ بكتيريا السّل موجودة في البلغم لديه، أو إلى حين تلقّيه العلاج المناسب.

عوامل الإصابة بمرض السّل

تختلف فترة ظهور مرض السّل بين المصابين بعدوى السل؛ فقد يظهر المرض بعد حدوث العدوى بفترة قليلة، وذلك قبل أن تهاجم جهاز المناعة في الجسم البكتيريا المتسبّبة بالسّل، وقد يظهر بعد حدوث العدوى بسنوات وذلك عند وجود مسبّب يؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة في الجسم. بشكل عامّ يمكن تصنيف الأشخاص الذين لديهم نسبة احتمالية إصابة عالية بمرض السّل إلى مجموعتين كالآتي:

  • الأشخاص الذين تعرضوا لعدوى السّل خلال فترة قريبة: مثل الأشخاص المعرّضين للاحتكاك القريب مع أفراد مصابين بمرض السّل، والمهاجرين من مناطق ذات نسبة عالية لحدوث السّل، والأطفال دون سنّ الخامسة، والذين يُظهرون نتيجةً موجبةً لفحص السّل، والمجموعات المعرّضة لسرعة انتقال عالية للسّل مثل الأشخاص المشرّدين ومتعاطي المخدّرات، والأفراد العاملين أو المقيمين في بيئة ذات نسبة تعرّض عالية للسّل كالعاملين في المستشفيات وغيرها.
  • الأشخاص الذين لديهم حالات صحيّة معيّنة تتسبّب في إضعاف المناعة: مثل المصابين بمرض نقص المناعة البشرية (بالإنجليزيّة: Human Immunodeficiency Disease)، والمصابين بمرض السُحار السِّيليسي (بالإنجليزيّة: Silicosis)، ومرضى السّكري، والمصابين بأمراض حادّة في الكلى (بالإنجليزيّة: Severe Kidney Disease)، والأشخاص ذوي الوزن المنخفض، والمصابين بسرطان الرأس والرقبة، والأشخاص الذين تعرّضوا لزراعة الأعضاء، والأشخاص الذين يتناولون بعض الأدوية كالكورتيكوستيرويد (Corticosteroid)، أو بعض الأدوية المستخدمة لعلاج التهاب المفاصل الروماتويديّ (بالإنجليزيّة: Rheumatoid Arthritis) أو المستخدمَة لعلاج مرض كرون (بالإنجليزيّة: Crohn’s Disease).

الفحوصات التّشخيصيّة لمرض السّل

يعتبر فحص الجلد (بالإنجليزيّة: TB skin test) وفحص الدّم (بالإنجليزيّة: TB blood tests) من الفحوصات التشخيصيّة للسّل؛ حيث تمكّننا هذه الفحوصات في حال كانت نتيجة الفحص موجبة من معرفة إذا كان الشخص قد تعرّض للإصابة بعدوى بكتيريا السّل فقط، ولا تمكّننا من معرفة إذا كان الشخص لديه السّل الكامن، أو أنّه تطوّر لمرحلة مرض السّل. كما تُستخدَم فحوصات أخرى لمعرفة وجود مرض السّل مثل التصوير الإشعاعيّ للصدر (بالإنجليزيّة: Chest X-ray)، أو أخذ عينة من البلغم وفحصها.

علاج مرض السّل

بشكل عام يُستخدم في علاج مرض السّل مزيجٌ يتكوّن من أربعة أدوية مجتمعة، ويتم تقليلها بحسب إرشادات الطبيب المختصّ، وبحسب تأثّر بكتيريا السّل بالأدوية، وبعد شهرين من بدء العلاج يتمّ الاستمرار على نوعين من العلاج لمدة أربعة أشهر إضافية. قد تمتد مدّة العلاج إلى ستّة أشهر أيضاً، وذلك حسب استجابة المريض للأدوية، وحسب نتائج الفحوصات والزراعة.

تتمّ مراقبة وفحص البلغم لوجود بكتيريا السّل عند الأشخاص المصابين بشكل أسبوعيّ إلى أن تتغير نتيجة الفحص، بالإضافة إلى مراقبة إنزيمات الكبد، والكرياتينين، وفحص الدم الكامل (بالإنجليزيّة: Complete Blood Count)، وغيرها من الفحوصات للتأكد من عدم حدوث تسمّم بسبب الأدوية. ومن المهم جداً عزل المصابين بعدوى السّل في غرف خاصة، بحيث يكون ضغط الهواء فيها سلبيّاً؛ أيْ أن يتحرك الهواء باتجاه الخارج أو أن يتمّ إخراجه عن طريق فلاتر هواء خاصّة ذات كفاءة عالية، ويجب الاستمرار في العزل حتى تصبح نتيجة فحص البلغم سلبيّةً لثلاثة فحوصات متتالية، ويحدث ذلك عادةً بعد أسبوعين إلى أربعة أسابيع من بدء العلاج، كما يجب على الفريق الطبيّ المعالج ارتداء أقنعة خاصة قابلة للإتلاف بعد الاستخدام وذات كفاءة عالية في تنقية الهواء.

مضاعفات مرض السّل

بعد إنهاء العلاج اللازم والسّليم للسل الرئويّ يبقى المريض معرّضاً لحدوث مضاعفات، مثل إعادة الإصابة بالسّل، والتي تكون فرصة حدوثها عادةً خلال سنتين من إنهاء العلاج. وهناك فرصة لحدوث مضاعفات أخرى مثل الورم الفطريّ (بالإنجليزيّة: Aspergilloma)، وهو نمو فطريّ كرويّ يصيب الرئة، ويظهر عن طريق الصور الإشعاعيّة للصدر. كما قد يحدث توسّع القصبات (بالإنجليزيّة: Bronchiectasis)، وتَحصّي الرئة (بالإنجليزيّة: Broncholithiasis)، والتليّف الصدري (بالإنجليزيّة: Fibrothorax)، واحتمالية حدوث أورام سرطانيّة، لذلك فمن المهمّ جداً إعطاء المريض نسخة عن الصورة الإشعاعية للصّدر عند إنهاء العلاج وذلك لتسهيل تشخيص المضاعفات المستقبليّة التي قد تحدث.