مقدمة
خلق الله الحياة على هذه الأرض، وأودع فيها العديد من الظواهر، التي خلقنا لنجدها بداخلنا بدون أي تفسير يذكر، فمن أراد أن يتعامل مع الآخرين مثلاً ما عليه إلّا أن يتقبله، هذا ليس بأمر مستحدث علينا، وإنما فطرنا لنكون على هذه الهيئة بشكل أو بآخر، والناظر إلى الأمور المختلفة بشأن الحديث عن مختلف هذه الظواهر، فإنه بذلك سيدخل في دوامة من الحكم التي لم يجد لها الإنسان تفسيراً، رغم أن الله هو الذي أوجدها، وله الحكم من قبل ومن بعد، وعند الحديث عن أبرز الظواهر، فنجد أن ظاهرة تكوين الأسرة من أكثر الأمور الغريزية المرتبطة بالقلب مباشرة، والتي يحاول الإنسان من خلالها التصدي لفكرة أن يكون موجوداً بلا هدف في هذه الحياة، فتكوين الأسر من أهم الدوافع التي فطرها الله في قلوبنا، وجعل لها السعي كاملاً طوال فترة الحياة بمختلف أشكالها وألوانها، ومن منّا لا يحبّ أن يرتبط بأسرة تكون هي المعيل، وهي الصاحب الأول لكل كلمة تصدر.
حديثنا اليوم سيطال موضوعاً مهماً جداً، وحساساً في نفس الوقت يطال النصف الآخر من حياة الإنسان ألّا وهي المرأة، التي هي عنوان بهجة الحياة وسر وجودها وبقائها بهذا الشكل حتى الأن، والناظر إلى التاريخ يجد أن الكتب قد أقرت بأهمية المرأة في حياة كل رجل، فقالت وراء كل رجل عظيم امرأة، تستطيع الاعتماد عليها وتوكل إليها المهام الصعبة وأنت مطمئن بأنها لن تخذلك أبداً.
غريزة الأمومة
تعتبر غريزة الأمومة من أكثر المشاعر التي تصدرت حياتنا بشكل ملفت، حتى أصبحت الحياة مرتكزة عليها، فتجد الفتاة بعد انتهاء فترة الدراسة تبدأ بالتفكير الجدي بهذا الأمر، وتطمح إليه بكل الطرق اللازمة لذلك، وهي في الحقيقة لا تريد إلّا أن تكون عنصراً فعالاً في الحياة من خلال إنشاء جيل متكامل قادراً على توفير الاحتياجات، وتدبير الأرض، وإعمارها بكافة الوسائل المحيطة، والتي تعين أصحابها، والعائلة بشكل خاص، والأطفال هم زينة الحياة الدنيا، وقد ذكرهم الله في كتابه العزيز فقال: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَ) ولم يكن من المستغرب قول ذلك، فالأطفال هم النعمة، وهم البهجة وهم الطريق السديد للتواصل مع الناس بشكل صحيح، ولو نظرت إلى حال أشخاص لم يتسنى لهم الإنجاب لشعرت بسوء أوضاعهم، فالمال في هذا الوقت لا يمثل شيئاً بالنسبة لهم، لأنه لن يكون هناك من يستمتع به حقا، هذا إذا لم تصرف المبالغ الطائلة لقاء العمليات التي تسفر عن الإنجاب بالتدخل الجراحي، والزراعة وغيرها من أشكال الطب الحديث.
إنّ النساء اللواتي لم ينجبن يشعرن بأن هناك شيء ما في حياتهن ناقص ويحتاج للإكمال، ولا سبيل لإكماله إلّا من خلال التعامل الفوري مع هذه المشكلة، فهناك نوعين من الحلول التي صرح بها رجال الدين لكل من الرجل والمرأة، الأولى وهي ظاهرة التبني، وهي أن تقوم بتبني طفل ما في الملجأ مثلا، وأن تتكفل بكامل مصاريفه ،و علاجه، ومأكله ومشربه، وبالتالي يكون بمثابة الابن المخلص لهما، والظاهرة الآخرى هي ظاهرة الزواج المتعدد التي أبيحت للرجل بدون أي شروط في مثل هذه الحالات، وإن أنجبت الزوجة الثانية فإن الأولى ستسعد بوجود الأطفال في بيتها، وهم من صلب زوجها.
المرأة الحامل
تشعر المرأة الحامل بأنّها بدأت تتغير حالاتها، و بدأت تشعر بالضيق من وضع الحمل، وهذا ليس لأنّها تكره ما شرّع الله، ولكن لأنها أحسن بأن تغييراً جذرياً قد طرأ على حياتها وعلى شكلها، وعلى كل ما في طريقها، وعليه كان لابد للحامل أن تتحلى بالثقة بالنفس، والصبر على تحمل المشاق، لأنها مقبلة على مرحلة صعبة جدا، وهي مرحلة ما بعد الإنجاب، مرحلة الاهتمام بالطفل ،و توفير كافة الاحتياجات المخصصة له بكافة الأشكال.
كيف تعتني الحامل بنفسها
إنّ المرأة الحامل يجب أن تتعامل مع نفسها على أنّها تحمل مسؤولية طفل في أحشائها، وعليها أن تعي خطورة هذا الأمر، وأن تتقبل فكرة أن يكون جانب الاهتمام بالنفس وارد جدا، حتى يتسنى لها أن تنجب طفلاً سليماً معافى بدون أي مشكلات صحية قد تصيب جسمه أثناء فترة الحمل أو حتى الإنجاب، ومعروف أيضاً أنّ الطفل يتأثر بكل ما تتأثر به الأم، فيشعر بالبرد، والحر والضيق والكبت، والفرح أيضاً، ولا عجب في ذلك، فهو مرتبط بقلب أمه بشكل كبير، وهذا ما يجعله قادراً على الشعور بما تشعر به.
كيف تعتني الحامل بجنينها
إنّ من أهم الأمور التي يجب على المرأة أن تتخذها لكي تعتني بطفلها وبنفسها ما يلي:
- على المرأة أن تعي خطورة الوضع الذي أصبحت عليه، فالحركة والجري من أهم العوامل التي تعمل على إحساس الأم بالإرهاق خاصة في فترة الحمل الأولى، والتي يجب أن تكون الأم على دراية بخطورة الحركة الكثيرة في هذا الوقت.
- كوني على يقين أن ما كتب لك ستنالينه بإذن الله، وعليه إن أردت أن تستمتعي براحة أثناء فترة الحمل أن تواظبي على استخدام الأدوية التي كتبت لك بالفحص الطبي، لأنّها تساعدك بشكل كبير على التخلص من تشوهات الحمل التي قد تؤثر سلباً على حياتك، وتجعلك تعانين بشكل كبير إن أصاب الجنين أي مكروه لا سمح الله.
- الفحص الدوري أو الشهري من أهم الأمور التي يجب على المرأة الالتزام بها، لأنها تساعدك في الوصول إلى التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالجنين، وبصحتك بشكل كبير، كما أنّها توفر لك العديد من المعلومات عن عمر الجنين، وطوله، ووزنه، وامكانية زيادة الحجم من وقت لآخر، كما أنه يتسنى لك سماع دقات القلب بشكل كبير، والاستمتاع بشعور الأمومة كما لم تستمتعي من قبل.
- اتّباع نصائح الطبيب من أهم الأمور التي يجب أن تأخذيها على محمل الجد، فلا تستهيني بكلمات الطبيب، لأنّها قد يؤثر عليك تجاهلها بالسلب إن لم تكوني على دراية بما تفعلين، وحاولي أن تأخذي الأمور بالبركة بدون أي حسابات وغيرها.
- إن أردت أن تكوني بصحة جيدة، وطفلك ينعم بصحته أيضاً تناولي طعامك بشكل دوري، وابتعدي عن المنبهات كالقهوة والشاي والتدخين والأرجيلة وغيرها، لأنها تؤثر سلباً في صحتك وصحة جنينك، وعليك أن تعرفي عزيزتي المرأة أنّ المضاعفات التي قد تحصل لك بسبب هذه المنبهات قد تضر بمستقبل جنينك بشكل أو بآخر.
- التزمي بالقواعد التي يجب عليك اتباعها عندما تبدئين بالتقرب من الموعد النهائي للولادة، ويجب أن يكون لديك القدرة على تحمل مشاق الحمل بدون التذمر، وتناول الطعام الصحي يفيد في هذه الحالة، إذ إنّه يخفف من معاناتك الصحية من جهة، ويحميكِ ويحمي الجنين من الضعف العام سواءً في قدرتك على الولادة بدون أي مشكلات، أو على القيام بولادة طفل خال من أي مشكلات صحية.
- ختاماً فإن المرأة الحامل يجب أن تستعد لمرحلة الولادة بشكل طبيعي، وألّا تتوتر إن حدث أي أمر غير متوقع، ويجب أن تبقى على تواصل مع الطبيب، حتى يأذن الله لها، فتقوم بسلامة وعافية هي والطفل الذي تحمله.