السخونة عند الأطفال
تُعتبر مُشكلة السّخونة أو ارتفاع درجة حرارة الجسم شائعة وبشكل كبير عند الأطفال لما لها من مُسبّبات عديدة، وتُسبّب هذه المشكلة مُضاعفاتٍ على الطّفل نفسه، وقد تُشكّل خَطَراً على حياته في حال ارتفاعها بشكل كبير، كما تُشكّل مصدرَ قلقٍ وإزعاج للأهل الذين يحاولون جاهدين تخليص طفلهم منها. وبشكل عام، تُعرّف السّخونة عند الأطفال على أنّها ارتفاع درجة حرارة جسمه لما يزيد عن 37.5 درجة مئويّة، وتظهر كإحدى علامات مُقاومة الجسم للعدوى.
أسباب السخونة عند الأطفال
ترتفع درجة حرارة جسم الطفل عند تعرّضه لمختلف أشكال العدوى والمرض، إذ تُشّكل إحدى وسائل مُقاومة الجسم لها، وتسهّل من القضاء على البكتيريا والفيروسات المُسبّبة للعدوى، وتمنعها من التّكاثر. وتظهر السّخونة عند الأطفال إثر التهابات عديدة: كالإصابة بفيروس الإنفلونزا، أو التعرّض لالتهابات المجاري التنفسيّة العليا، أو التهاب اللوزتين، أو التهاب الأذن، أو التهابات الكِلى والمسالك البوليّة، أو الإصابة بالطّفح الورديّ (التهاب يُسبّب ارتفاع درجة الحرارة وظهور طفح جلديّ)، أو الإصابة بالحصبة، أو السُّعال الديكيّ، كما قد تأتي السّخونة كعَرَض جانبيّ للعديد من مطاعيم الأطفال، كما قد تكون بسبب ارتداء الطفل لملابسَ كثيرة في جوٍّ حار.
ما علاج السخونة عند الأطفال
لعلاج سخونة الأطفال طرق ووسائل عدّة، لكن معظم حالاتها لا تستدعي مُراجعة الطّبيب وتناول الأدوية، وتتمّ معالجتها منزليّاً إلّا إذا كان الطّفل يُعاني من نقص المناعة، أو يتّبع العلاج الكيميائي، أو أجرى عمليّةً جراحيّةً مؤخّراً، وتبقى الإجراءات الطبيّة محصورةً لتحقيق غايات مُعيّنة. أمّا الطّرق المنزليّة فتكون لتحقيق الأهداف الآتية:
- العمل على تخفيض درجة حرارة الجسم، وتلزم ما يأتي:
- القيام بقياس درجة حرارته، ولهذا الغرض أنواع مختلفة من موازين الحرارة، فمنها الزئبقيّ، والأذنيّ، والرَقميّ، ويُنصح الأطباء عادةً بقياسها عن طريق الشّرج لدقَّة النتيجة الظاهرة عندها، ومن الممكن القيام بقياسها عن طريق الفم للأطفال الأكبر سنّاً.
- إعطاء الأدوية المصروفة دون وصفة طبيّة؛ مثل أسيتامينوفين، وأيبوبروفين لخفض درجة الحرارة، وعند استخدامها يجب الانتباه للتّعليمات الموجودة في النّشرة المُرفَقة بكل دواء، وكذلك العمل على الاستمرار بتقديمها للطّفل مدّة لا تقل عن 24 ساعة كي لا تعود السّخونة مرّة أخرى، وأيضاً تجنّب إعطاء الأسبيرين لعلاج السّخونة عند الأطفال خصوصاً إذا جاءت مُصاحبةً للإصابة بالجدري، أو الالتهابات الفيروسيّة، وذلك لاحتماليّة ارتباط هذه الأعراض بإصابة الطفل بفشل الكبد.
- تخفيف الملابس التي يرتديها الطّفل داخل المنزل حتى لو كان الجوّ بارداً؛ لأنّ ارتداءه الكثير من الملابس يعمل على عزل الحرارة في جسمه، وبالتّالي منعها من الانخفاض.
- استحمام الطّفل بالماء الدافئ مدّة لا تزيد على عشر دقائق في السّاعة الواحدة، ويُفضّل استخدام الإسفنجة.
- تجب الإشارة إلى تجنّب استخدام الكحول لعلاج السّخونة عند الأطفال، وهو تصرّف شائع، وذلك لخطورته على صحّتهم.
- منع إصابة الطفل بالجفاف: إذ يخسر الطّفل كميّات كبيرة من السوائل عن طريق الجلد والرئتين إذا ارتفعت درجة حرارة جسمه، وللعمل على حمايته من الجفاف يُنصح بتشجيع الطّفل على شرب كميّات كبيرة من السوائل؛ كالحساء مثلاً، ومحاليل إعادة تروية الجسم المُتوفّرة في المحلّات التجاريّة، ويُشترط ألّا تحتوي هذه السّوائل على مادّة الكافيين؛ لأنّها تعمل على زيادة إدرار البول وما ينتج عنه من خسارة للسّوائل، وبالتّالي المُساهمة بشكل أكبر في الجفاف. ولا يُجدي كذلك شرب الماء وحده نفعاً لعدم احتوائه على الجلوكوز والمعادن الضروريّة لصحّة الطفل. وفي حال مُعاناة الطفل من الاستفراغ أو الإسهال، وكانا يُساهمان في حدوث الجفاف ويمنعان إعادة تروية الجسم، يجب عندها مُراجعة الطّبيب.
الإجراءات الطبيّة لعلاج السخونة عند الأطفال
يكتفي الكثير من الأطبّاء بإعطاء مُخفّضات الحرارة ومحاليل إعادة تروية الجسم كإجراء طبيّ لعلاج السّخونة عند الأطفال، إذ من النّادر إعطاء المُضادّات الحيويّة في هذه الحالة، لأنّ أكثر أسباب ارتفاع درجة حرارة الجسم عند الأطفال شيوعاً هي الإصابة بالالتهابات الفيروسيّة في الجهاز التنفسيّ، فلا تنفع المُضادّات الحيويّة في هذه الحالة، بل قد تزيد الأمر سوءاً من خلال إضعاف مناعة الطفل، وتعريضه للأضرار الجانبيّة للأدوية. وتُصرف المُضادّات الحيويّة فقط إذا تمّ التأكّد من إصابة الطّفل بعدوى سببها البكتيريا، كالتهاب المسالك البوليّة، أو التهاب الحلق، أو التهاب الأذن، أو التهاب الجهاز الهضميّ أو الجيوب، أو غيرها.
الحالات التي يجب عندها مراجعة الطبيب
تعالج معظم حالات ارتفاع درجة حرارة الطّفل منزليّاً وباستخدام أدوية لا تحتاج لوصفة طبيّة، ولكن يجب أخذ الطّفل الذي يُعاني من السّخونة إلى الطّبيب في حالات عدّة، منها:
- استمرار انزعاج الطفل واضطرابه على الرّغم من انخفاض درجة حرارته.
- عدم ذرف الطّفل للدّموع عند البكاء وكذلك عدم تبوّله في الثّمان ساعات الأخيرة، لما لذلك دلالة على إصابته بالجفاف.
- رجوع الأعراض المُصاحبة للحرارة بعد اختفائها.
- أو إذا عانى من ارتفاع درجة حرارته ليومين متتاليين، خصوصاً إذا كان يبلغ من العمر أقل من سنتين، أو إذا كان عمره أقل من 3 أشهر وبلغت درجة حرارته 38 درجة مئويّة.
- أن يُعاني الطّفل من ارتفاع شديد في حرارته لأكثر من 40 درجة مئويّة، إلّا إذا انخفضت بسرعة وبشكل ملحوظ باستخدام طُرُق العلاج المُختلفة.
- إذا ظهرت على الطّفل أعراض وعلامات تدلّ على الإصابة بمرض يحتاج للعلاج؛ كالإسهال، أو التقيّؤ، أو ألم الحلق، أو ألم الأذن.
- إذا كان يعاني من مُشكلة صحيّة حَرِجة سابقة، كأن يكون مُصاباً مثلاً بمرضٍ في القلب، أو بالأنيميا المنجليّة، أو بداء السكّري.
- يجب أخذه للمستشفى فوراً في حالات طارئة عدّة منها؛ البكاء الشديد دون توقّف، وعدم القدرة على المشي إذا بدا مشوّشاً، وإذا واجه صعوبة في التنفّس، وإذا حدث له ازرقاق في الشّفتين أو اللّسان أو الأظافر، وإذا عانى من صداع شديد، وإذا حدث له تشنّج في الرّقبة، وإذا ظهر عليه طفح جلديّ أو كَدَمات.