اليرقان
الصفار أو ما يُسمّى اليرقان (بالإنجليزية: Jaundice)، هو مشكلة صحية معروفة قد يُصاب بها حديثو الولادة والأطفال والبالغون، ولكنها أكثر شيوعاً بين حديثي الولادة، والأطفال الذين لم يتمّوا أشهر الحمل كاملة (أقلّ من 38 أسبوع)، والأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعيّة، ويُعرف الصفار على أنّه تغيّر في لون الجلد والعينين إلى اللون الأصفر، وينتج هذا الاصفرار عن ارتفاع مستوى مادة البيليروبين (بالإنجليزية: Bilirubin) في الدم عن حدّها الطبيعيّ، والبيليروبين مادّة صفراء اللون تنتج عن عملية تحلّل كريات الدم الحمراء التي تحدث بشكل طبيعي في الجسم.
أسباب اليرقان
لا يعتبر اليرقان مرضاً بحد ذاته، ولكنه مشكلة صحية تنتج عن ارتفاع مستوى البيليروبين في الدم، ممّا يُكسب الجلد والعيون والأغشية المخاطية اللون الأصفر، وارتفاع مستوى البيليروبين في الدم قد يكون ناجماً عن تحلّل كريات الدم بشكل كبير فلا يستطيع الكبد التخلّص منه بالسرعة المطلوبة فيتراكم في الدم، أو ينجم عن وجود مرض أو مشكلة ما في الكبد، ممّا يجعله غير قادر على تخليص الجسم من هذه المادة فتتراكم في الدم أيضاً.
أسباب اليرقان عند حديثي الولادة
إصابة الأطفال من حديثي الولادة باليرقان ليس بالأمر الذي يستدعي القلق، وفي أغلب الحالات لا يحتاج إلى علاج، ومن أهمّ أسبابه:
- تكون نسبة تحلل كريات الدم الحمراء عند حديثي الولادة أعلى منها عند البالغين، لذلك يكون إنتاج مادة البيليروبين لديهم أعلى ممّا يؤدي إلى تراكمها.
- يعتبر الكبد هو العضو الرئيسي المسؤول عن التخلّص من مادة البيليروبين، ولكنه قد يكون غير مكتمل لدى حديثي الولادة وما زال في طور النموّ وغير قادر على التخلّص من الكميّة المتراكمة من البيليروبين في الدم.
- في العادة يعمل الكبد على تخليص الجسم من البيليروبين من خلال إفرازها على شكل عصارة المرارة في الأمعاء ومن ثم خروجها مع البراز، ولكن عند حديثي الولادة قد تقوم الأمعاء بإعادة امتصاص البيليروبين عوضاً عن خروجه مع البراز إلى خارج الجسم.
أعراض وعلامات الإصابة باليرقان
يبدأ اليرقان بالظهور مع اليوم الثاني أو الثالث من الولادة ومن أهمّ أعراضه اصفرار الجلد ويظهر أولاً على وجه الطفل، ثم الصدر، والبطن ومن ثم الأرجل، كما تتحوّل المنطقة البيضاء من العين إلى اللون الأصفر، وفي الغالب يغادر معظم الأطفال المستشفى قبل مرور يومين على الولادة، لذلك من المهم أن يلاحظ الوالدين أعراض اليرقان على الطفل، وقد يكون هذا الأمر صعباً إذا كانت بشرة الطفل داكنة، وفي هذه الحال ينصح بالضغط قليلاً على جبهة الطفل أو أنفه بواسطة الإصبع وسيظهر الجلد باللون الأصفر بمجرد إزالة الإصبع إذا كان الطفل مصاباً باليرقان، ومن الأعراض الأخرى التي ترافق اليرقان عند حديثي الولادة الخمول وقلّة الحركة، وقلّة الرضاعة، والبكاء بشدة، وغيرها.
أنواع اليرقان عند الأطفال
فيما يتعلّق بفئة الأطفال، هناك أنواع مختلفة من اليرقان قد تحدث لهم وهي:
- اليرقان الفيسيولوجيّ أو الطبيعيّ: معظم الأطفال من حديثي الولادة يصابون باليرقان، والذي يظهر على شكل اصفرار خفيف في الجسم بعد الولادة بيومين إلى أربعة أيام، وهذا النوع لا يشكل أيّ قلق، هو ناجم عن عدم اكتمال الكبد كونه ما زال في طور النموّ، ويختفي هذا النوع من اليرقان من تلقاء نفسه خلال أسبوع إلى أسبوعين من الولادة.
- اليرقان المصاحب للولادة المبكّرة: هو شائع في حالات الولادة المبكرة والتي لم يتمّ فيها الجنين أشهر الحمل كاملة، وسببه الرئيسي عدم قدرة جسم الطفل غير الناضج على التخلّص من مادة البيليروبين، ولتجنّب حدوث أيّ مضاعفات تتمّ معالجة هؤلاء الأطفال حتى إذا كان مستوى البيليروبين أقلّ ممّا هو عند الأطفال الذي أكملوا أشهر الحمل ولديهم أعراض اليرقان الطبيعيّ.
- اليرقان المصاحب للرضاعة الطبيعيّة: عدم حصول الطفل حديث الولادة على كمية كافية من حليب قد يؤدي إلى ظهور أعراض اليرقان، وهو غير ناتج عن وجود مشكلة في حليب الأم وإنّما لعدم حصول الطفل على كفايته منه، لصعوبة ما في عملية الرضاعة أو عدم إفراز الحليب من ثدي الأم بالكمية المطلوبة، وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى الرضاعة الاصطناعية أو استشارة الطبيب في الأمر.
- اليرقان المصاحب لحليب الأم: ويحدث هذا النوع من اليرقان عند ما نسبته 1-2% من الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية، وهو ناتج عن وجود مواد في حليب الأم تعيق عمل الأمعاء في التخلّص من مادة البيليروبين، وبالتالي ارتفاعها في الجسم وحدوث اليرقان، ويلاحظ ظهور الصفار بعد 3-5 أسابيع من بدء الرضاعة ويخفّ تدريجياً وبشكل تلقائي خلال 3-12 أسبوع، ولا داعي للتوقّف عن الرضاعة في مثل هذه الحالة.
علاج اليرقان الطبيعيّ عند الأطفال
كما ذُكر سابقاً فإنّ معظم حالات اليرقان عند الأطفال من حديثي الولادة هي حالات بسيطة وتزول من تلقاء نفسها دون الحاجة للعلاج، ولكن يمكن اتباع بعض الإجراءات للتخفيف من الحالة وهي:
- الاستمرار بالرضاعة الطبيعيّة من الأم وبشكل متكرّر يومياً؛ فالرضاعة الطبيعيّة تعمل على تنشيط حركة الأمعاء، وبالتالي التخلّص من مادة البيليروبين المسبّبة لليرقان عن طريق البراز.
- استخدام العلاج الضوئي بتعريض الطفل إلى ضوء معيّن (وليس لمبة النيون)، مع مراعاة تغطية العين والأعضاء التناسلية بحيث يتمّ تسليطه على الجلد مباشرة، يعمل على تحطيم مادة البيليروبين، كما ينصح بتعريض الطفل لأشعة الشمس في الصباح الباكر؛ بحيث تكون أشعة الشمس غير قويّة لمدّة عشر دقائق تقريباً.
- تبديل الدم وذلك عن طريق سحب كميّة صغيرة من دم الطفل عن طريق جهاز مخصّص لذلك، ثم تتمّ تنقية الدم من مادة البيليروبين الزائدة ثم تتمّ إعادته مرة أخرى إلى جسم الطفل، وقد يحتاج الطفل إلى تبديل الدم أكثر من مرة حسب نسبة الارتفاع في مستوى البيليروبين كي نتجنّب تلف الدماغ، وهذا النوع من العلاج يستخدم في حالة فشل العلاج الضوئي.