شلل الأطفال
poliomyelitis، ويطلق عليه علمياً اسم التهاب سنجابية النخاع، ويصنف ضمن الأمراض المعدية، ويصاب به الأطفال بسبب الفيروس النجابي، حيث يغزو الأطراف السفلية بشكل أكبر من العلوية في جسم الطفل، وتتفاوت شدته من عدوى بسيطة إلى شديدة، ويعتبر الفيروس المسبب لشلل الأطفال بأنه معوي بشري ويندرج من عائلة الفيروسات البيكورناوية.
كشفت بيانات صادرة عن منظمة الصحة العالمية أنّ مرض شلل الأطفال بدأ بالانحسار في نهايات الثمانينات من القرن الماضي، إذ شكلت نسبة انحساره ما يقارب 99% من انتشاره، وبالرغم من ذلك ما زالت الهند، والباكستان، وأفغانستان، ونيجيريا تعاني من وجوده.
شهد عام 1988م تسجيل ثلاثمائة وخمسين ألف حالة إصابة بشلل الأطفال، وبعد انحسارها واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة والعلاجية انخفض العدد إلى ثلاثمائة وتسع وخمسين حالة فقط في عام 2014م، وفي الآونة الأخيرة أصبح مرض شلل الأطفال محصوراً في كل من أفغانستان، وباكستان فقط.
طرق انتقال شلل الأطفال
يغزو فيروس شلل الأطفال جسم الإنسان عن طريق المجاري التنفسية المتمثلة بالفم والأنف، فينتقل إلى الحلق ثم إلى الأمعاء التي تعمل على امتصاصه وتوزيعه على جميع أنحاء الجسم بواسطة الدم، ويرقد الفيروس في فترة حضانة داخل الجسم قبل ظهور الأعراض في فترة تمتد ما بين خمسة وخمسة وثلاثين يوماً، وينتقل هذا الفيروس من شخص إلى آخر بالطرق التالية:
- الاتصال المباشر مع الشخص المصاب.
- الاختلاط به وملامسة البلغم أو الفم أو الأنف.
- البراز الملوث.
- تلوث الأطعمة والماء بفيروس شلل الأطفال.
أعراض شلل الاطفال
تبدأ أعراض الإصابة بمرض شلل الأطفال بالظهور على الطفل بعد انتهاء فترة الحضانة، التي قد تصل إلى خمسة وثلاثين يوماً، وبعد انقضاء هذه المدة تبدأ الأعراض التالية بالظهور:
- الحمى الخفيفة وتتمثل بشكوى المصاب بألم بالحلق.
- التعب العام.
- القيء.
- ألم في الرقبة والظهر والأطراف.
- تشنج العضلات.
- التهاب السحايا.
- إصابة النخاع الشوكي أو الدماغ بالفيروس أو الاثنين معاً.
- ارتخاء الأطراف.
- فقدان السيطرة على الأطراف.
تشخيص شلل الأطفال
تصنف أعراض مرض شلل الأطفال إلى سريرية، وغير شللية، وشللية، وتبدأ مرحلة تشخيص المرض بالاعتماد على الأعراض السريرية التي تبدأ بالتشنجات التي تصيب العنق والظهر، ثم تتطور المرحلة فيصبح الطفل يواجه صعوبة في البلع، وفي حال ظهور هذه الأعراض الأولية يلجأ الطبيب إلى إجراء فحوصات مخبرية بأخذ عينة من براز الطفل، أو من اللعاب، أو السائل الشوكي، ووفقاً للنتائج التي تظهر يتم التأكد من مدى سلامة الشخص أو إصابته بالفيروس.
علاج شلل الأطفال
لم يتوصل الطب إلى وقتنا هذا لعلاج جذري لمرض شلل الأطفال، إنما اقتصرت الحلول الطبية على التخفيف من حدة الأعراض وتفادي المضاعفات التي تترتب على الإصابة به، ويكمن العلاج باتخاذ التدابير العلاجية الداعمة كالمضادات الحيوية وذلك لمنع انتقال العدوى إلى العضلات الضعيفة، كما يلجأ الطبيب إلى إعطاء المصاب مسكنات الألم، ويُنصح بممارسة التمارين الرياضية والنشاطات البدنية باعتدال، بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي متوازن.
يشار إلى أن مرض شلل الأطفال يحتاج إلى فترات طويلة للتخفيف من حدة الاصابة به، ويخضع المريض للعلاج الطبيعي وارتداء الأحذية الطبية الخاصة والسنادات، وقد يلجأ الأطباء إلى التدخل الجراحي في بعض الحالات.
تنادي منظمة الصحة العالمية الأفراد بالتبليغ الفوري وعدم التباطؤ في حال الاشتباه بالإصابة بمرض شلل الأطفال، أو بدء ظهور الأعراض عليهم، لتتخذ الاجراءات الوقائية في عزل المصاب بالمستشفى وتوفير العلاج اللازم له، حيث تتخذ المستشفيات إجراءات التعقيم والتطهير المتواصل لإفرازات المصاب وأدواته.
الوقاية من شلل الأطفال
تعمل الجهات الحكومية الصحية بالتعاون من منظمة الصحة العالمية في مختلف دول العالم على توفير مطعوم ضد شلل الأطفال في فترات معينة مجاناً، حيث يعّد هذا المطعوم درعاً واقياً من الإصابة بمرض شلل الأطفال، إذ يحتوي هذا المطعوم على فيروسات المرض غير المفعلة وبالتالي تصبح عاجزة عن غزو جسم الإنسان والتسبب بالإصابة بمرض الشلل.
يكون هذا الفيروس قادراً على منح جهاز المناعة القدرة على إنتاج الأجسام المضادة لتشكل سلاحاً مناعياً في وجه الفيروس، ومهاجمته والقضاء عليه، وتؤخذ الجرعات الخاصة بهذا المطعوم على النحو التالي:
- تؤخذ الجرعة الأولى عندما يبلغ الطفل من العمر خمسة وأربعين يوماً.
- تؤخذ الجرعة الثانية عندما يصبح الطفل بعمر الثلاثة أشهر.
- تؤخذ الجرعة الثالثة عند بلوغ الطفل سن خمسة أشهر.
- تؤخذ آخر جرعتين من المطعوم على فترتين الأولى في عمر الثمانية عشر شهراً والأخيرة في سن الأربع سنوات.
لقاح شلل الأطفال
يعود الفضل في اكتشاف لقاح شلل الأطفال للعالم الأمريكي جوناس سالك، الذي حقق نجاحاً في تلك الفترة وساهم في القضاء على مرض شلل الأطفال والحد من انتشاره، ويتكون هذا اللقاح من فيروسات ميتة غير نشطة وتعطى للمصاب عن طريق حقن الإبرة بالعضل.
احتمالات الشفاء من شلل الأطفال
هناك احتمالية لتعافي بعض المرضى الحاملين لفيروس شلل الأطفال، وذلك في حال الكشف المبكر عن حمل الفيروس والسيطرة عليه قبل أن يغزو الأعصاب ويؤثر عليها، فيصاب الفرد بمرض التهاب السحايا فقط دون شلل، وتظهر الأعراض على المصاب لفترة تتراوح ما بين يومين وعشرة أيام ويتماثل بعدها للشفاء التام.
يصنف الشلل إلى دائم و مؤقت في حالة تطور الأمر وغزو الفيروس للأعصاب، ويكون الشلل دائماً في حال تدمير الخلايا العصبية في العمود الفقري، أما الخلايا المتبقية فيكون شللها مؤقتاً، وتحتاج فترة الشفاء إلى مدة تصل ما بين شهر وشهر ونصف تقريباً، ومن الممكن أن يترك المرض إعاقات بسيطة لدى المصاب ومنها ما يكون حاداً.
مضاعفات مرض شلل الأطفال
يتسبب مرض شلل الأطفال بحدوث مضاعفات بعد الإصابة به، ومنها:
- الإصابة بإعاقة جسدية تكون دائمة أو مؤقتة أحياناً.
- الإصابة بالالتهابات الرئوية.
- التهاب عضلة القلب وقصورها.
- الإصابة بالتهابات في المسالك البولية.
- اضطراب عمل الرئتين وقصورهما وبالتالي الموت أحياناً.
- الإصابة بمتلازمة ما بعد شلل الأطفال وتطور الحالة.
متلازمة ما بعد شلل الأطفال
Post-polio syndrome، تعتبر متلازمة ما بعد شلل الأطفال حالة متطورة من الإصابة به، وتعرف بأنها جملة من الأعراض تظهر بعد مرور فترة زمنية طويلة على من أصيب بشلل الأطفال، وتبدأ هذه الأعراض بالظهور بعد مرور خمسة وعشرين عاماً إلى خمسة وثلاثين عاماً تقريباً بعد الإصابة بالمرض.
تتضاعف الأعراض على المصاب أكثر من السابقة كإصابة العضلات بالضعف، وانتشار العدوى إلى عضلات أخرى لم تصب من قبل بالمرض، وتبدأ أعراض هذه المتلازمة بالظهور على النحو التالي:
- ضمور العضلات وضعفها.
- ضعف المفاصل والشعور بآلامها.
- التعب الشديد وعدم القدرة على ممارسة أي نشاط بدني.
- الحساسية للجو البارد.
- مواجهة صعوبات بالبلع والتنفس.
- الاختناق أثناء النوم.
تعتبر هذه المتلازمة غير قابلة للشفاء، حيث لا يتوافر أي علاج لمنح العضلات القدرة على استعادة قوتها، وإنما يتمثل بتمكين المصاب على التأقلم والتعايش مع المرض قدر الإمكان، ومن أساليب التعايش توفير الراحة اللازمة، والحفاظ على ممارسة النشاطات البدنية طول اليوم، والاستعانة ببعض الأدوات المساندة للمشي كالعصا أو حمالات الساق أو الكرسي المتحرك الخاص لذوي الإعاقات الحركية.
اليوم العالمي لشلل الأطفال
يصادف الثامن والعشرون من شهر أكتوبر سنوياً اليوم العالمي لشلل الأطفال، وتم انتقاء هذا اليوم ليكون عالمياً لشلل الأطفال لكونه يصادف تاريخ ميلاد مطوّر لقاح شلل الأطفال العالم الأمريكي جوناس سالك ، وكان قد أعلن عنه في عام 1955م وحقق نجاحاً عظيماً في تاريخ الحياة الصحية.