كيفيّة حدوث الحمل
يبدأ الحمل الحقيقيّ عند المرأة بعد أسبوعين من أوّل يومٍ في دورتها الشهريّة الأخيرة؛ حيث تخرج البويضة النّاضجة من حوصلتها في أحد المبيضَيْن؛ لتنتقل إلى قناة فالوب، وتُدعى هذه المرحلة الإباضة؛ وفيها تُفرَز بويضة ناضجة شهريّاً عبر دورة الرّحم الشّهريّة؛ في اليوم الرّابع عشر منها تحديداً، أمّا بداية حالة الحمل فإنّها تبدأ عندما ينجح حيوانٌ منويٌّ واحد بين ملايين الحيوانات المنويّة التي يُفرِزها الذّكر بإخصاب البويضة الأنثويّة عند ممارسة الجِماع.
يحدث التّلقيح باندماج كلتا النُّطفتَيْن الذّكريّة والأنثويّة معاً؛ ليُشكِّلا معاً بويضةً مخصَّبةً، تبدأ منها مرحلةٌ من الانقسامات المُتتاليِة والتغيُّرات المهمّة التي تمايز الكتلة الخلويّة، وتساعدها على الانزراع داخل جدار الرّحم، ثمّ تتطوّر هذه الكتلة الخلويّة لتمرَّ بسلسلةٍ من الانقسامات التي تؤدّي في نهايتها إلى تكوين الجسد البشريّ، ثمّ يتعرّض الجسد الصّغير إلى مراحل نموٍّ داخل رحم أمّه؛ ليكتسب أثناء فترة الحمل البالغة تسعة أشهرٍ طبيعةً تنعكس من خلالها مظاهر الحياة الاعتياديّة للجنين المُكتمِل حال خروجه من الرّحم، وتُحتسَب مرحلة الحمل لدى النّساء منذ اليوم الأوّل لآخر دورةٍ شهريّةٍ مرّت بها المرأة، وفي الواقع لا تشعر المرأة بحملها أثناء الفترة البسيطة المتمثِّلة بالإخصاب وانزراع الجنين؛ بل إنّها قد لا تشعر به قبل انقضاء أربعة أسابيع من الحمل، أو انقطاع دورتها الشهريّة اللاحقة؛ بوصفها أحد أعراض الحمل.
مراحل الحمل
يصل مجموع أسابيع الحمل إلى أربعين أسبوعاً في العادة، يبدأ تعدادها منذ اليوم الأوّل لآخر دورةٍ مرّت بها المرأة، ولا يُعدّ الأسبوعان الأوّل والثّاني أسبوعي حملٍ حقيقيّين؛ لأنّهما لا يشتملان حملَ الجنين وتكوُّنه في رحم المرأة؛ إنّما يقتصران على نزول البويضة، وإخصابها في قناة البيض، ثمّ هجرتها باتّجاه الرّحم؛ لتزرع نفسها في بطانته، وبالرّغم من ذلك يدخل هذان الأسبوعان ضمن احتساب مراحل الحمل بشهوره وأسابيعه.
ويمكن تقسيم مراحل الحمل إلى ثلاثة أقسامٍ، هي:
- المرحلة الأولى: تبدأ من الأسبوع الأوّل، وتمتدّ إلى نهاية الأسبوع الثالث عشر.
- المرحلة الثّانية: تستمرّ من الأسبوع الرّابع عشر حتّى نهاية الأسبوع السّابع والعشرين.
- المرحلة الثّالثة: يبدأ تعدادها من بداية الأسبوع الثّامن والعشرين حتّى ولادة الطّفل في أيّ أسبوعٍ كانت.
مراحل تكوين الجنين بالأسابيع
المرحلة الأولى من الحمل
- الأسبوعان الأوّل والثّاني: يمثّل هذان الأسبوعان بداية حالة الحمل ونشأَتها الأولى، وفيهما تحدث عمليّة الإباضة عند الأنثى في اليوم الرّابع عشر تقريباً، ثمّ تُخصَّب البويضة؛ لتصبح بويضةً ناضجةً مُخصَّبةً قابلةً للانقسام، وتنتقل هذه البويضة إلى الرّحم؛ لتنزرع في بطانة الرّحم مُعلنةً بدء حالة الحمل.
- الأسبوع الثّالث: تدخل البويضة المُخصَّبة سلسلةً من الانقسامات المُتساوِية بدءاً من الأسبوع الثّاني؛ فتصبح مُكوَّنةً من كتلةٍ خلويّةٍ مجموعها ستّ عشرة خليّةً، تُسمَّى مُجتمِعة التّوتة (بالإنجليزيّة: Morula)، وتنتقل التّوتة إلى الرّحم لتنزرع في فترتي الأسبوعين: الثّاني، والثّالث، ثمّ تتجوّف التّوتة لتصبح كرةً مملوءةً بسائلٍ وتُدعى الكبسولة البلاستوليّة (بالإنجليزيّة: Blastocyst)، حيث تتمايز إلى كتلتَين؛ إحداهما ستكوِّن أعضاء الجنين المختلفة، واسمها الكتلة الخلويّة الداخليّة، أمّا الأخرى فاسمها الأرومة المُغذِّية.
- الأسبوع الرّابع: يبدأ تمايز الجنين إلى طبقتَين: داخليّةٍ، وخارجيّةٍ، وتتطوّر المشيمة بتأثير الهرمونات التي تمنع انسلاخ خلايا بطانة الرّحم، ويزيد سُمكها وغزارة الأوعية الدمويّة فيها.
- الأسبوع الخامس: يبدأ القلب بالنّبض، وينتظم ضخّ الدّم، ويصبح نموّ الجنين سريعاً مُقارنةً بالأسبوع الرّابع، وتظهر براعم الأطراف العلويّة والسُّفليّة، كما تبدأ بعض الأعضاء بالنموّ، مثل: الكبد، والكليتَين، والأمعاء.
- الأسبوع السّادس: تبرز في هذا الأسبوع بعض تفاصيل الجنين بروزاً بسيطاً؛ حيث يبدأ ظهور فتحتَي الأنف، ونتوء الأُذنَين، ونقطتين سوداوتين مكان العينَين، وتبدأ الأطراف بالانفصال عن جسم الجنين، فتبدو مماثلةً لمنظر المجدافين.
- الأسبوع السّابع: في هذا الأسبوع يتّضح قلب الجنين ونبضه؛ إذ يمكن قياس النّبض بجهاز الموجات فوق الصوتيّة، وتبدأ الدّورة الدمويّة عملها بانتظامٍ، ويستمرّ نموّ الأعضاء الدّاخليّة مع تطوُّر وظائفها الفسيولوجيّة، مثل: الكليتَين، والكبد، والدّماغ.
- الأسبوع الثّامن: تظهر الأطراف بشكلٍ أوضح، وتتهيَّأ الأصابع للبروز، كما تظهر أجفان العينَين، وتبدأ العظام بالتكوُّن، ولا يبدو جسد الطّفل مُتناسِقاً في هذه الفترة؛ حيث يكون حجم رأسه أكبر من جسده، إلّا أنّه بالرّغم من ذلك يظهر بصورة إنسانٍ صحيح الهيئة.
- الأسبوع التّاسع: تبرز في هذا الأسبوع أصابع اليدَين والقدمَين بشكلٍ أوضح، غير أنّها لا تزال غير مُكتملةٍ، كما يبرز شكل المرفق الذي يصبح قادراً على القيام بعمله، ويزداد نموّ الذّراعين والقدمَين.
- الأسبوع العاشر: يتميّز هذا الأسبوع بظهور بعض التّفاصيل الجديدة، مثل: الأظافر، ووضوح العمود الفقريّ، واكتمال نموّ الأعضاء الداخليّة، مثل: القلب، والكليتَين، والكبد، والدّماغ، مع أدائها لوظائفها الفسيولوجيّة أداءً كاملاً، كما يبرز شكل الجبين ومستواه في رأس الجنين.
- الأسبوع الحادي عشر: تبدأ عظام الجنين بالتصلُّب، وتتكوّن براعم الأسنان تحت اللّثة، أمّا جلد الجنين فما تزال الشّفافية سِمَته؛ إذ تظهر الأوعية الدمويّة من خلاله بسهولةٍ، وفي هذا الأسبوع يكتمل نموّ الأصابع وانفصالها عن بعضها البعض.
- الأسبوع الثّاني عشر: يتنفّس الجنين بواسطة السّائل الأمينوسيّ، ويتباطأ معدّل نموّ دماغه مقارنةً بالأسابيع السّابقة، ومع اكتمال نموّ الكِليتَين، يطرح الجنين فضلاتِه إلى السّائل الأمينوسيّ.
- الأسبوع الثّالث عشر: يكتمل في هذا الأسبوع نموّ الأُذن، ويستمرّ نموّ براعم الأسنان وتشكُّل الأوتار الصوتيّة، ويمتلك الطّفل قُدرةً عضليّةً تتمثّل في البلع.
المرحلة الثّانية من الحمل
- الأسبوع الرّابع عشر: يكتمل نموّ الكبد والطّحال؛ فيُفرِز الكبد العُصارة الصّفراويَّة، أمّا الطّحال فتتمثّل مهمّته بإنتاج كريات الدّم الحمراء، ويكتسب الجنين مرونةً ونشاطاً، فتزيد حركته وركلاته، إلا أنّها لم تصل بعد حدّ إحساس الأمّ.
- الأسبوع الخامس عشر: يمكن في هذه الفترة التعرُّف إلى جنس المولود عبر تكنولوجيا الموجات فوق الصّوتيّة، أمّا ما يخصّ الحجم فيُلاحَظ نموّ السّاقين بشكلٍ أطول من الذّراعين، وتعمل المفاصل بصورةٍ جيّدة؛ إذ تمنح الأطراف حريَّة الحركة بما يتناسب مع العضلات، كما يبدأ تكوين الحوَيْصلات الهوائيّة لدى الجنين في هذه المرحلة.
- الأسبوع السّادس عشر: تنشط حركة الذِّراعين والسّاقين، ومعها تتكوّن الضّربات القويّة التي تمنح الشّعور والإحساس لدى الأمّ بطبيعة الحركات وموقعها، أمّا على المستوى التنظيميّ فإنّ الغُدّة الدرقيّة تُصبح قادرةً على إفراز الهرمونات الخاصّة بالتّمثيل الغذائيّ.
- الأسبوع السّابع عشر: يظهر في هذا الأسبوع الشّعر على رأس الجنين، وحاجبيه، ورموشه، أمّا بيولوجيّاً فتبدأ عمليّة التّمثيل الغذائيّ؛ نتيجةً لعمل الغُدّة الدرقيّة وإفرازاتها المتمثِّلة بالهرمونات، كما تعمل معظم الأجهزة في جسم الجنين، مثل الجهازَين: البوليّ، والدّوران، ونظراً لزيادة نشاط العينَين فإنّ الجنين يتأثّر بالضّوء، ويستجيب للإحساس به.
- الأسبوع الثّامن عشر: تستقرّ الأذنان في مكانِهما على جانبَي الرّأس، وتأخذ العينان مكانَهما الأمثل، وتتكوّن الأعضاء التّناسليّة في الأنثى؛ بدءاً من المهبل، وقناة فالوب في الرّحم.
- الأسبوع التّاسع عشر: يتميّز هذا الأسبوع بفعاليّة حركة أطراف الجنين في إحساس الأمّ، وشعورها بطبيعة الحركة، أمّا الجهاز العصبيّ الحسيّ فيكون في أوج نموِّه؛ حيث تستقرّ الخلايا العصبيّة المسؤولة عن الشمّ، والتّذوُّق، السّمع، والنّظر، واللّمس في مكانها، ويزداد حجم الخلايا العصبيّة، وتصبح الرّوابط العصبيّة أكثر تعقيداً فيما بينها.
- الأسبوع العشرون: يُخرِج الجنين بُرازَه لأوّل مرّةٍ في هذه الفترة، وتتكوّن مادّة البراز من بقايا جلدٍ ميتٍ وإفرازاتٍ هضميّةٍ مُتجمِّعةٍ في أمعاء الجنين، ممّا يجعل البُراز ذا طبيعةٍ غير مُضرّةٍ بجسم الجنين أو جسد أمِّه، وفي هذا الأسبوع تبدأ الأسنان الدّائمة بالتكوُّن خلف الأسنان اللبنيّة.
- الأسبوع الحادي و العشرون: يبدأ إحساس الجنين في هذا الأسبوع؛ نتيجةً لتطوّر حاسّة اللّمس لديه؛ إذ يشعر بجدار الرّحم عند ملامسته له، كما يسمع الأصوات المُنتشرة حوله، ويستجيب للمؤثّرات الصوتيّة الخارجيّة، ويكسو الشّعر جسمَه بأكمله؛ ليقدِّم له الحماية.
- الأسبوعان الثّاني والعشرون والثّالث والعشرون: يزداد نموّ الجنين بشكلٍ لافتٍ؛ حيث يصل طوله نهاية الأسبوع الثّالث والعشرين إلى 30سم تقريباً، فيما يزداد وزنه ليبلغ ما يقارب 600غ.
- الأسبوعان الرّابع والعشرون والخامس والعشرون: تظهر لأصابع الجنين أظافر دقيقةٌ، وتكون يداه مختلفتين تنعمان بالحسّ والاستكشاف، مع وصلاتٍ عصبيّةٍ ذات مسارٍ طويلٍ.
- الأسبوعان السّادس والعشرون والسّابع والعشرون: تبدأ العينان بالتفتُّح شيئاً فشيئاً، وتكتمل شبكة الأعصاب المُتَّصلة بالأُذنَين، ويبتلع الجنين رشفاتٍ من الماء عبر محاولاته التنفسيَّة البدائيّة، ويصل طوله في نهاية هذه الفترة إلى 36.5سم، بينما يصل وزنه إلى ما يُقارب 900غ.
المرحلة الثّالثة من الحمل
- الأسابيع من الثّامن والعشرين وحتّى نهاية الثاني والثّلاثين: تغطّي الجنينَ مكتملَ الخِلقة طبقةٌ دهنيّةٌ بيضاء تُسمَّى الطّلاء، تحمي هذه الطّبقة جلد الجنين من الوسط المحيط به داخل رحم الأمّ، وسرعان ما تتلاشى هذه الطّبقة مع الطّبقة الوبريّة التي اعتلت جلدَه سابقاً، وفي نهاية هذه الفترة يجهّز الرّحم الجسد لمرحلة الولادة، فينقلب اتّجاه رأس الجنين إلى الأسفل شيئاً فشيئاً.
- الأسابيع من الثّالث والثلاثين وحتّى نهاية السّادس والثّلاثين: لا شيء مميّزٌ في هذه المرحلة عدا التّجهيز لوضعيّة الولادة، والاستدارة المُستمرَّة مع نزول الجنين إلى منطقة الحوض، ويكتمل بناء الدّماغ، وتتصلّب العظام، كما تتحرّك الخصيتان متّجهتَين من تجويف بطن الجنين الذّكر نحو كيس الصّفن.
- الأسبوعان السّابع والثّلاثون والثّامن والثّلاثون: تزول الطّبقة الوبريّة نهائياً، وتتكوّن طبقةٌ دهنيّةٌ تنظّم حرارة الجنين، وتهيِّئ خروجه إلى العالم الجديد، وفي هذه الفترة تكون أعضاء الجنين جميعها مُكتمِلةً عدا الرّئتَين؛ إذ يكتمل نموُّها وتمايُزها بعد ولادته، ويتراوح وزن الجنين مع نهاية هذا الأسبوع بين 3-3.2كغ، وقد يختلف الأمر حيث يولد الذّكور بحجمٍ أكبر من الإناث قليلاً، كما تنمو أظافر الجنين وتحتدّ، ويتكوّن البراز داخل معدته.
- الأسبوعان التّاسع والثلاثون والأربعون: يتّخذ الجنين وضعيّةً محدّدةً أسفل الحوض؛ فيكون رأسه للأسفل، وتتلاشى آثار الطبقة الوبريّة قبل الولادة، ويبتلع الجنين كميّاتٍ من السّائل الرهليّ الذي يتحوّل في معدة الجنين إلى فضلاتٍ، ويهيِّئ الرّحم للدّخول في مرحلة مخاض الولادة.