الحمل
يَحدُثُ الحَملُ عندَ المرأةِ بتخصيب البويضة الأنثويّة المفرزة أثناء طور الإباضة ضمن دورة الرحم الشهريَّة عبر تلقيحها بالحيوان المنويّ، ويحدُثُ التَّلقيحُ باندماجِ كلتا النُّطفتينِ الذَّكريةِ والأنثويَّةِ، ليُشكِّلا معاً بويضةً مُخصبةً تنقسم وتتطوّر عدة انقسامات متساوية، لتنتج منها كتلٌ خلوية تبدأ مِنها حياةُ الجَنينِ، ثمَّ تتطوَّرُ هذه الكتلة عبر انقساماتٍ أُخرى جديدة، لِتكوِّنَ كامِلَ الجَسَدِ البشريِّ بكافة أعضائه المُتخصِّصة التي تتطوّر وتتمايز أثناءَ فترةِ الحَملِ البالِغةِ تِسعة أشهُرٍ ليخرج إلى الوجود طفل مكتمل الخلقة.
الحمل في الشهر الثاني
يَدخُل الشَّهر الثَّاني ضِمن الثُّلُث الأوَّل من الحَمل، ويمتدُّ من الأسبوع الخامِس وحتى نهاية الأسبوعِ الثَّامن، وغالباً ما تَعلم الأم بحملها في بداية هذا الشَّهر، حيث يدلُّ غيابُ دورةِ الحيضِ على حُدوثِ الحَمل افتراضياً، لِتلجأَ الأمُّ لتأكيد شُكوكِها عبر إجراءِ الفُحوص الطبيَّة والمخبريّة اللازمة التي تثبت أو تنفى حدوث حالة الحمل، وفي هذه الأثناء تظهر المزيد من علامات الحمل الناتجة من زيادة إفرازِ بعضِ الهرمونات الجنسيَّة التي تُسبِّب تغيُّرات في بيئة الرَّحم؛ لِتسمَح للبويضَة بالمُرور عبر قناة فالوب باتجاه الرَّحم، ثمَّ لتنقسم عدة انقسامات أثناء مرورها بالقناة، وتُكوِّن ما يُعرف بالمُضغة التي تستقرّ في بطانة الرَّحم، وتبدأ مرحلة الانغراس.
تطوّرات الحمل والجنين في الشهر الثاني
يبدأُ الجنينُ بالتشكُّل والتطوُّر بشكلٍ واضحٍ وسَريع، حيثُ يصل طوله في نهاية الشهر الثاني إلى حوالي سنتيمترين ونصف السنتيمتر، فيما يصل وزنه قرابة 30 غراماً، وتتشكَّل الرِّئتان والقلب والمعدة والأمعاء والأعضاء التناسليَّة والأطراف والجُفون وغيرها من الأعضاء بصورة عامة، وفي نهاية هذا الشهر يكونُ شَكل الجنين على هيئة كائنٍ بشريٍ صغيرٍ جداً.
الجنين في الأسبوع الخامس
يبدو الأسبوعُ الخامسُ من الحمل مميّزاً لدى الأم، فهي إمَّا أن تكون على درايةٍ حديثةٍ بحملِها، أو ما زالت تُساورها الشكوكُ بطبيعة الأعراضِ والتَّغيراتِ التي باتت تَشعُر بها، وبشكلٍ عام فإنَّ جنينَها مُستَمرٌ بالنُّموِّ في هذه المَرحلة، إذ يبلغُ طول الجنينِ بين الأربعة مليمتراتٍ إلى نحو ستة مليمترات، ويكون نموُّ الرأس سريعاً بالنِّسبة لباقي أجزاء الجسم؛ نظراً لنموِّ الدِّماغ الذي يقومُ بدوره بتنظيم العمليّات الحيوية، وتبدأ الأطراف بالتَّكوُّن فتكون الأطراف العلويَّة على شكل المجدافِ، والأطراف السُّفلية على هيئة زعانف، ويبدأ تخلُّق الجهاز العصبي بتشيكل مجموعة من الخلايا على تجويف يمتدُّ على جِدار المُضغة، فيكوِّن أنبوباً أجوفَ يُدعى بالأنبوبِ العصبيِّ الذي سيمثِّل الحبل الشَّوكي فيما بعد، وتتشكل الأوعية الدموية داخل المُضغةِ تمهيداً لِتكوين الحبل السُّري في وقتٍ لاحِق، ويَبدأ في هذا الأسبوع أيضاً تطوُّر ونموّ القلبِ والكليتين والكبد.
الجنين في الأسبوع السادس
يَستمرُّ نموُّ الأعضاءِ الدَّاخليَّة في هذا الأسبوع من الدِّماغ والكبد والجهاز العصبيِّ والحَبل الشَّوكي، ويَظهر تجويفُ الأُذُنِ مع نُموِّ الأُذن الدَّاخلية، وتَبدأ مَلامِح الوَجهِ بالتشكُّل من عينين وأنفٍ وفكٍّ وخدَّين وذَقن، وتبدأ الأصابع بالتَّشكُّل، وفي هذا الوَقتِ يَميلُ جسم الجنينِ إلى الاستقامة، ويتخلَّق القَلبُ على هيئة أربعِ حُجرات لِيبدأ بذلك ضَخُّ الدَّم إلى جِسم الجَنين، ويَتحتَّم على الأمِّ التَّأكُد من ظُهورِ نَبض الجَنين عِند الطَّبيبِ باستِخدامِ جهاز الموجاتِ فوق الصوتية، إذ يُعتبر هذا الأسبوع الأنسَب لِفحصِ قلبه ومُعدَّل نبضاته، ويبلغُ طول الجنين في الأسبوع السادس بين التِّسع مليمتراتٍ إلى حُدود اثني عَشَر مليمتراً، وفي آخر هذا الأُسبوع يبدأ الجنين بالحركة، وتكون هذه الحركة خفيفةً لا تشعر الأمُّ بها، ويستمرُّ الشُّعور بالغثيان والدّوار المصاحب لآلام الرأس والصدر.
الجنين في الأسبوع السابع
تُواصِلُ جَميعُ أعضاءِ جِسمِ الجَنينِ نُموَّها وتطوُّرها، حيث تبدأ الأظافِر بالتَّشكُّل، وكذلك عدسة العَينين، ويظهَرُ بُروزُ الكتِفينِ والرُّكبتينِ والكاحِلينِ بما يَتناسبُ مع حَجمِ الجَنينِ، فيما يَبلغُ طولُ الجنينِ 13 مِليمتراً، وتَزيد الحَركةُ في هذا الأسبوعِ بشكلٍ لافتٍ عن سابِقِهِ، وعلى الرُّغمِ من اشتدادِ الحَركةِ نسبياً إلَّا أنَّها لا تزالُ دونَ مُستوى إحساسِ الأمِّ بها واستشعارِها كمؤثِّر، ويَنتظِم عَمَلُ القَلبِ بِضخ الدَّم إلى الجِسم لِتسير بِذلك الدَّورةُ الدَّمويَّة من جِسم الجَنين وإليه بشكل واضحٍ وجيِّد، ثمَّ تبدأُ الوظائِفُ الفِسيولوجيَّة للأَعضاءِ كالكِليتينِ والكَبد والدِّماغ بالتطوُّر، وفي هذه المَرحلة تَأخذ الكِليتان مَكانَهُما المُناسب في جِسم الجنين، وتُسيطِر الهرموناتُ على جسمِ الأمِّ نتيجةً للتغيُّراتِ المُرافِقة لتطوُّر الجَنين وتَهيئةِ الرَّحم، الأمرُ الذي يؤثِّر في نفسيَّة الأمِّ وانفِعالاتِها، وتَظهر بالإضافة إلى ذلك حالة غَثيانِ الصَّباحِ المُرافقة للتأثير الهرموني.
الجنين في الأسبوع الثامن
يتميَّزُ مظهر الجنينِ في الأسبوعِ الثَّامِنِ من الحملِ ببُروزِ الأطرافِ وازديادِ طولِها، وتكتمل الصورة البشرية للجنين صغير الحجم ليكون طوله بين أحد عشر مليمتراً إلى ما يقارب أربعة عشر مليمتراً، ويبدأ تشكّل العين الخارجية والجُفون، كما تبرز فتحة الفم وفتحتا الأنف، وتلتحم عظام الفك، لتكتمل بذلك معالم الوجه البشريِّ بشكله الأولي، ويستمر تطوّر الجهاز العصبي والحبل الشوكي، فَضلاً عن تطوُّرِ الأعضاءِ والأحشاء الدَّاخلية كالمعدة والأمعاء والكبد، إضافة إلى تخلُّق الحبل السُرِّي الذي يربط بين الجنين ومشيمة الرحم، أما الدِّماغ فإنَّه ينمو بسرعة كبيرة بمعدل 100 خلية في الدقيقة، وتنمو في هذه المرحلة العظام والعضلات والغضاريف، كما تصل نبضات قلب الجنين إلى 150 نبضة في الدقيقة، ومن المُلاحظ لدى المرأة الحامل تمييزُ الشُّعور بِحالةِ غَثَيان الصَّباح المُرافقةِ للتغيُّراتِ الفسيولوجيَّة، إضافةً إلى ازديادِ الشُّعورِ بارتداد المريء أو ما يُدعى بالحرقة وتقلّب المزاج وبعض الغازات وتكرار التبوُّل.