الطفل الرضيع
تعدّ مرحلة رضاعة الطفل أولى مراحل حياته، وهي مرحلة مهمة على كثيرٍ من الأصعدة بالنسبة للوالدين والطفل، حيث يبدأ الطفل في هذه المرحلة العمرية بالنمو، والاستجابة، والتأقلم مع البيئة المحيطة به بسرعة كبيرة على نحو مدهش، بالإضافة إلى تعلم الكثير عن العالم المحيط به وعن نفسه، لذلك يُعتبر فهم مراحل نموّ الطفل الرضيع أمراً في غاية الأهميّة.
مراحل نمو الطفل الرضيع
على الرغم من نموّ كل طفل على نحوٍ مميّز وخاصّ، إلا أنّ عملية تطور الأطفال ومراحل نموهم تكون إلى حدّ ما متشابهة، فكل رضيع يجب أن يكون قد اكتسب بعض المهارات وأتقن أخرى خلال فترة زمنية تقديرية معينة، وبناءً على مراحل نمو الطفل الرضيع (بالإنجليزية: Infant Milestones) يتم الاطمئنان على نموّه بشكل سليم، وإذا تمّ ملاحظة وجود أي مشاكل في نموّه، فتجدر مراجعة الطبيب لمعرفة ما إذا كان الأمر طبيعياً أو لا بناءً على عمره، ومن الجدير بالذكر أنّ مراحل نموّ الطفل تُصنّف في ثلاث مجموعاتٍ رئيسيّة؛ وهي النموّ الحركيّ، والنموّ الاجتماعيّ، والنموّ العاطفيّ.
الطفل في شهره الأوّل من الحياة
لأنّ جهاز الطفل العصبيّ لا يزال في طور النضج؛ فإنّ معظم سلوكيات الطفل الرضيع تكون كردّة فعل (بالإنجليزية: Reflexes) تلقائية، ولاحقاً عندما ينضج الجهاز العصبيّ يغدو الطفل قادراً على إحداث سلوكيات أكثر نضجاً، ومن السلوكيات التي يمكن للطفل في شهره الأوّل من الحياة القيام بها ما يلي:
- النموّ الحركيّ: يستطيع الطفل الرضيع إغلاق قبضة يده بإحكام، ورفع رأسه عن مستوى جسده بشكل بسيط عند وضعه على بطنه.
- النموّ الاجتماعيّ: ينظر الطفل الرضيع حوله وفي وجوه الناس مع تفضيله النظر إلى الأشكال ذات الألوان المتباينة كاللونين الأبيض والأسود، كما ويقوم بإغلاق العينين أو التغيير في وتيرة التنفّس عند سماع الضجيج.
- ردّات الفعل: يمكن للطفل الرضيع القيام بردّات الفعل الآتية:
- ردّات فعل الفم المنعكسة (بالإنجليزية: Mouthing reflexes) وتشمل ردّ فعل المصّ المنعكس (بالإنجليزية: Sucking Reflex) الذي يقوم به الطفل بشكل تلقائيّ عند لمس الآخرين فمه، ورد فعل البلع المنعكس (بالإنجليزية: Swallowing Reflex)، وتُعتبر هاتان العمليتان مهمتَين جداً لبقاء الطفل على قيد الحياة، وتشمل ردّات فعل الفم المنعكسة رد فعل التجذير المنعكس (بالإنجليزية: Rooting Reflex) أيضاً، والذي يفيد الطفل الرضيع في توجيه رأسه نحو الشيء الذي يلمس وجهه، ويساعده ذلك على إيجاد حلمة الثدي.
- رد فعل مورو المنعكس (بالإنجليزية: Moro Reflex): يقوم الطفل بمدّ ذراعيه وأقدامه عند سماعه للصوت العالي أو عندما يسقط إلى الخلف، ومن الجدير بالذكر أن ردّ الفعل المنعكس هذا يختفي عند وصول الطفل الرضيع شهرين إلى ثلاثة شهور من العمر.
- رد فعل القبض الراحي المنعكس (بالإنجليزية: Grasp Reflex): يقوم الطفل الرضيع بالقبض على أي شي يوضع في راحة يده.
- رد فعل الخطو الانعكاسيّ (بالإنجليزية: Stepping Reflex): عند إيقاف الطفل الرضيع ووضع قدميه على سطح مستوٍ؛ فإنه يبدأ بمحاولة الخطو.
الطفل من عمر شهر إلى ثلاثة أشهر
يتغير شكل الطفل خلال هذه المرحلة، كما يفقد أغلب ردات الفعل المنعكسة في هذه الفترة، ومن التغيّرات التي تُلاحظ في هذا العمر ما يلي:
- النموّ الحركيّ: في هذه المرحلة من الحياة تصبح عضلات رقبة الطفل أقوى؛ فيغدو قادراً على رفع رأسه عن مستوى جسده لبضع ثوانٍ عند قلبه على بطنه، ويبدأ بمسك الأشياء بيده التي يفتحها ويغلقها باستمرار، كما يبدأ بوضع يده في فمه والتّحديق فيها بداعي استكشافها.
- النموّ اللغويّ: يبدأ الطفل الرضيع بإصدار الأصوات في هذا العمر.
- النموّ الاجتماعيّ: يبدو الطفل في هذه الفترة من حياته أكثر نشاطاً واستجابة مع محيطه، كما يتطور نظره، فتثيره الأجسام اللامعة والألوان البرّاقة، ويبدأ بالتعرّف على الناس من حوله، فيبتسم في وجوههم، ويألف أصواتهم، ويستجيب للّعب معهم.
الطفل من عمر أربعة أشهر إلى سبعة أشهر
يصبح الأطفال في هذه المرحلة أكثر قدرة وسيطرة على ما يقومون به، ففي هذه المرحلة العمرية يمكن ملاحظة المعالم الآتية:
- النموّ الحركيّ: يستطيع الطفل في هذا العمر جلب الأشياء ووضعها في فمه، لذا يجب الحرص على إبعاد الأشياء الصغيرة من حوله، ويبدأ الطفل الرضيع برفع صدره عن الأرض عند وضعه على بطنه، حيث إنّ عضلات الجزء العلويّ من جسده تصبح أقوى، وهذه الحركات ما هي إلّا لتهيّء الجسد لعملية الجلوس، إضافة إلى ذلك يبدأ الطفل في هذا العمر بتحريك يديه بشكل يشبه تحريكهما أثناء السباحة، ويقوم بركل قدميه، وهذه الحركات تهييء لعملية الزحف أو الحبو، وفي نهاية هذه الفترة من حياة الطفل، يمكن للطفل قلب نفسه عند وضعه على بطنه إلى ظهره والعكس دون مساعدة والديه.
- النموّ اللغويّ: ينتقل الطفل من ترديد حروف العلّة إلى لفظ الحروف الساكنة فيبدأ بترديد: “با-با-با-با”، كما يستطيع تمييز المشاعر من نبرة صوت المتكلّم، ويصبح قادراً على الضحك.
- النموّ الاجتماعيّ: تكون صلة الطفل الرضيع بوالديه قويّة في هذا العمر، إلّا أنه يتقبل الغرباء، ويلعب معهم، ويبتسم في وجوههم في بداية هذا المرحلة، أمّا مرحلة القلق من الغرباء فتبدأ على عمر 5-6 شهور تقريباً، فيفضّل الطفل البقاء مع الوالدين ويبدأ بالبكاء عند حمله من قبل شخص آخر، وعلى مستوى الحواسّ؛ فإنّ حاسة البصر تصبح أكثر حدّة، فتزداد قدرة الطفل على التركيز ويفضّل الطفل في هذه المرحلة الأشكال المعقّدة، كما يحبّ أن ينظر إلى نفسه في المرآة.
الطفل من عمر ثمانية أشهر إلى اثنَي عشر شهراً
من معالم نموّ الطفل في هذه المرحلة ما يلي:
- النموّ الحركيّ: يستطيع الطفل في هذه المرحلة الجلوس دون مساعدة أو إسناد أحد، كما يستطيع تغيير موضع جسده من وضعية الجلوس إلى النوم على البطن والعكس، ويبدأ بالحبو تقريباً بين عمر السبعة والتسعة شهور، وتكمن أهمية عملية الحَبُو في المساعدة على تكامل تطوّر وتواصل جانبي الدماغ، ويجدر بالذكر أنّ هناك بعض الأطفال الذين لا يَحْبُون بالمعنى المتعارف عليه، بل يقومون بالزحف وهم جالسون أو وهم مستلقون على بطونهم، وبعد ذلك يستطيع الطفل المشي وهو مستند إلى شيء، ثمّ المشي بعض الخطوات دون مساعدة، حيث إنّ اتزان الطفل الرضيع في هذا الوقت يزداد نضجاً، لذا فإنّ الأطفال عادةً ما يخطون خطواتهم الأولى عند وصولهم الاثني عشر شهراً، ولكن بعض الأطفال يخطون خطواتهم الأولى قبل أو بعد هذا العمر، من جانب آخر تنضج قبضة الطفل بشكل أكبر في هذا العمر، فيلاحظ أن الطفل يبدأ بمسك الأشياء باستخدام الإبهام والأصبع الأول أو الثاني، ويبدأ برجّ الأشياء وإسقاطها أثناء عملية اسكتشافه للمحيط.
- النموّ اللغويّ: يبدأ الطفل الرضيع لفظ وتمييز المقاطع الصوتية مثل “ما”، و”با” في الفترة التي تتراوح بين الثمانية أشهرٍ والسنة من عمره، ثم تتطور اللغة أكثر ليستطيع الطفل لفظ كلمة ماما وبابا، وعند وصوله لعمر السنّة فإنّ بإمكانه لفظ كلمة أخرى على الأقل إلى جانب ماما وبابا.
- النموّ الاجتماعيّ: إنّ الأشكال التي تثير اهتمام الطفل في هذه الفترة العمريّة هي الأشكال والأشياء المتحركة وتلك التي تغلق وتفتح، لذا يجب الحرص على سلامة الطفل من المقابس الكهربائية لأنّ الأطفال يبدؤون بوضع أصابعهم الصغيرة في الثقوب من حولهم في هذا العمر، ومن جهة أخرى يمكن للطفل فهم الأوامر، وفهم معنى كلمة لا، وهزّ الرأس بمعنى لا، والتواصل مع من حوله بالتأشير، والحبو نحو الأشياء التي يريدها، كما يستطيع التلويح بمعنى وداعاً، ويستطيع لعب الألعاب التفاعليّة، وتعود حالة الخوف من الغرباء في هذه المرحلة العمريّة، وهذا أمر طبيعيّ كمرحلة من مراحل التطوّر العاطفيّ والشعوريّ عند الطفل، وتبلغ حالة القلق من الغرباء أوجها بين الشهر التاسع والثامن عشر من عمر الطفل، وتتلاشى قبل وصوله السنتين من العمر.