نوع الجنين
يُعدّ جنس المولود القادم لُغزاً محيّراً منذ القِدَم؛ حيث يحاول الأبوان تحديده قبل أوانه، فغالباً ما تبدأ الحامل التّفكيرَ في جنس الجنين فور تأكُّدها أنّها حامل، وربّما قبل ذلك بكثير، وهناك الكثير من المُعتَقدات التي يتناقلها الناس عن طُرق تحديد جنس الجنين، وكذلك طرق التنبّؤ بجنسه قبل الولادة.
اعتماداً على علم الوراثة، فإنّ الرّجل هو الذي يُحدّد جنس الجنين؛ فالطّراز الكروموسوميّ للرّجل هو (XY)؛ وهذا يعني أنّ نصف الحيوانات المنويّة التي ينتجها تحمل كروموسوماتٍ أنثويّةً (X)، بينما تحمل الحيوانات المنويّة الباقية الكروموسوم الذّكري (Y)، وتحمل الأُنثى الطراز الكروموسوميّ (XX)؛ أي إنّ البويضات التي تنتجها جميعها تحمل الكروموسوم الأنثويّ (X)، وإذا لُقِّحت البويضة (X) بحيوان منويٍّ يحمل الكروموسوم (X)، فسينتج جنينٌ يحمل الطراز الكروموسوميّ (XX)؛ أيْ أُنثى، أمّا إذا لُقِّحت البويضة بحيوانٍ منويٍّ يحمل الكروموسوم (Y)، فسينتج جنين يحمل الطراز الكروموسوميّ (XY)؛ أي ذكر.
تطوّر الأعضاء التناسليّة للجنين
يبدأ تطوّر الأعضاء التناسليّة للجنين في الأسبوع السّابع تقريباً؛ حيث تتكوّن الخِصية والمِبيض في تجويف البطن، وتكون الأعضاء التناسليّة الخارجيّة في هذه الفترة متماثلةً لدى كلٍّ من الذّكر والأنثى، وعند الأسبوع التاسع تقريباً تظهر الاختلافات بين الجنسَيْن، فبالنّسبة للإناث يخرج برعم صغير من بين أنسجة السّاقين، ويتطوّر فيما بعد إلى برعم البظر، ثمّ ينفصل الغشاء الذي يشكّل أخدوداً تحت البرعم مُكوِّناً الشّفرَين الصّغيرَين، وفتحة المهبل، وقبلَ أن يصل عمر الجنين إلى اثنين وعشرين أسبوعاً، يكتمل تكوين المِبيض، وينتقل من البطن إلى الحوض، ويحتوي هذا المِبيض على ما يقارب ستّة ملايين بويضةٍ ابتدائيّةٍ.
عند الذّكور، يتطوّر البرعم إلى القضيب، ويبدأ بالاستطالة في الأسبوع الثاني عشر تقريباً، ثمّ ينمو الغشاء الخارجيّ، ويكوِّن كيس الصّفن الذي سيحيط في وقتٍ لاحقٍ بالخِصيتَين، وقبل الأسبوع الثاني والعشرين من الحمل، يكتمل تكوين الخِصيتَين اللّتين تحتويان حيواناتٍ منويّةً غير ناضجةٍ في البطن، ثمّ تبدأ الخصيتان بالنّزول تدريجيّاً إلى كيس الصّفن، لكنّهما تستغرقان وقتاً طويلاً؛ إذ تصلان إلى وجهتهما في وقتٍ متأخّرٍ من الحمل، وأحياناً بعد الولادة.
موعد تحديد جنس الجنين
لن يتمكّن الطّبيب من تمييز جنس الجنين عندَ فحصه باستخدام السّونار أو الأمواج فوق الصّوتيّة (بالإنجليزيّة: Ultrasound) قبل الأسبوع الرّابع عشر، بعد ذلك يُفترَض أن يكون الطّبيب قادراً على تمييز جنس الجنين إذا كانت وضعيّته داخل الرّحم تسمح للطّبيب برؤية الأعضاء التناسليّة، وبالإضافة إلى السّونار يمكن الكشف عن جنس الجنين باستخدام مجموعةٍ من الفحوصات منها:
- فحص الدّم للكشف عن متلازمة داون (NIPT): يتمّ إجراء هذا الفحص ابتداءً من الأسبوع العاشر، ويهدف أساساً للكشف عن وجود بعض الاضطرابات الكروموسوميّة، مثل: متلازمة داون، إلا أنّه يكشف عن جنس الجنين أيضاً.
- فحص السّائل الأمنيوسيّ: يمكن إجراء هذا الفحص بين الأسبوعين السّادس عشر والعشرين من الحمل؛ لتحديد ما إذا كان الطفل مُصاباً باضطرابٍ وراثيٍّ، أو شذوذٍ في الكروموسومات، مثل: متلازمة داون، والكشف عن جنس الجنين.
- فحص المشيمة الزّغبي (CVS): هذا الفحص مُشابِهٌ لاختبار فحص السائل الأمنيوسيّ، إلّا أنّه يمكن إجراؤه بين الأسبوعين العاشر والثالث عشر من الحمل.
- اختبارات الحمض النوويّ: يمكن إجراء هذا الفحص أثناء الأسبوع التّاسع من الحمل، ويهدف إلى الكشف عن التشوّهات الجينيّة المُحتمَلة، إلا أنّه يمكن بواسطته الكشف عن وجود الكروموسوم (Y) الذي يدلّ على أنّ الجنين ذكر، وتصل دقّة هذا الاختبار إلى 100%.
التنبُّؤ بجنس الجنين بالطُّرق الشعبيّة
توجد الكثير من الخُرافات والطُّرق الشعبيّة للتنبّؤ بجنس الجنين، وقد تجد تضارباً كبيراً بينها؛ فقد يفسّر البعض ظاهرةً معيّنةً بأنّ الأم حامل بأنثى، بينما يفسّرها آخرون بأنّها حاملٌ بذَكَرٍ، ومن أكثر طرق التنبّؤ بجنس الجنين الشعبيّة انتشاراً ما يأتي:
- تحريك خاتم مُعلّق بسلسلةٍ ـ غالباً خاتم الزّواج ـ أمام بطن الحامل، فإذا تأرجح الخاتم جِيئةً وذهاباً مثل البندول، فهذا يعني أنّ الجنين ذكر، أمّا إذا تحرّك حركةً دائريّةً، فهو أنثى.
- إذا كان عدد ضربات قلب الجنين بين 110-130 في الدّقيقة، فإنّ الجنين ذكر، أمّا إذا كان بين 140-160 فالجنين أنثى.
- شكل الخطّ الغامق الذي يتكوّن في مُنتصَف بطن الحامل (بالإنجليزيّة: Linea Nigra)؛ فإذا امتدّ الخطّ من منطقة الحوض إلى السُّرّة فقط فالجنين أنثى، أمّا إذا امتدّ باتّجاه عظمة القصّ فسيكون ذكراً.
- اختبار السّائل المنظّف (بالإنجليزيّة: Drano)؛ حيث يُمزج سائل التّنظيف مع بول المرأة الحامل، فإذا تحول إلى اللّون البنيّ يكون الجنين أنثى، أما إذا كان اللون أخضر مزرقّاً فهو ذكر.
- إذا كانت الحامل تبدو أكثر جمالاً فهي حامل بذكرٍ، أمّا إذا بدت أقلّ جمالاً من المعتاد فهي حامل بأنثى.
- إذا كان بطن الحامل مُنخفِضاً وإلى الأمام، فسيكون الجنين أنثى، أمّا إذا كان البطن مرتفعأً ومستديراً فسيكون ذكراً، ويظنّ الأطبّاء أنّ شكل بطن الحامل يعتمد على وضع عضلات البطن، ووضعيّة الجنين.
- إذا شعرت الحامل برغبةٍ كبيرةٍ في تناول الحلويّات، يكون الجنين ذكراً، بينما إذا كانت لديها شهيّة للأطعمة الحامضة، فسيكون أنثى، ويعتقد الأطبّاء أنّ شهيّة الحامل تتغيّر تِبعاً لتغيُّر الهرمونات، ولا علاقة لجنس الجنين في ذلك.
- إذا عانت الحامل من الغثيان صباحاً، يكون الجنين أُنثى.
- استخدام الجدول الصينيّ لتوقّع جنس الجنين؛ إذ تتوفّر على بعض المواقع الإلكترونيّة حاسبةٌ يمكنها التنبّؤ بجنس الجنين، اعتماداً على عمر الحامل القمريّ الصينيّ في الوقت الذي حدث الحمل فيه، والشهر القمريّ الصينيّ الذي حدث الحمل فيه، وكلّ ما على الأمّ فعله هو إدخال تاريخ حدوث الإخصاب، وعمرها في ذلك الوقت، حينها ستقوم الحاسبة بحساب عمرها القمريّ الصينيّ، والتنبّؤ بجنس الجنين.
اختيار جنس الجنين
ترغب بعض العائلات بالتحكّم بجنس الجنين لأسبابٍ متعدّدةٍ، منها: تحقيق التّوازن بين الذّكور والإناث، أو منع أبنائهم من وراثة الأمراض الوراثيّة المرتبطة بالجنس، ومن الطّرق التي تُستخدَم لتحديد جنس الجنين قبل الحمل ما يأتي:
- توقيت الجِماع لتحديد جنس المولود: تعتمد هذه الطّريقة على معرفة الخصائص الفيزيائيّة للحيوانين المنويّين: الذكري (Y)، والأنثوي (X)؛ فالحيوان المنويّ الذكريّ يتميّز بخفّة الوزن، وسرعة الحركة، ولكنّه يعيش فترةً قصيرةً من الزّمن، بينما يتميّز الحيوان المنويّ الأنثوي بثقل الوزن، وبطء الحركة، ولكنّه يعيش فترةً زمنيّةً أطول، وإذا رغب الزّوجان مولوداً ذكراً يُنصَح أن يحدث الجِماع بعد الإباضة مباشرةً، وبذلك يصل الحيوان المنويّ الذكريّ إلى البويضة قبل الحيوان المنويّ الأنثويّ البطيء، وعند رغبة الزوجين بإنجاب أنثىً، يُنصح بحدوث الجماع قبل الإباضة بيومين إلى أربعة أيّامٍ، فبحلول الوقت الذي تحدث فيه الإباضة ستكون أغلب الحيوانات المنويّة النّشطة حيواناتٍ منويّةً أنثويّةً، بعد موت أغلب الحيوانات المنويّة الذكرية قصيرة العمر، وتصل فعاليّة هذه الطريقة إلى 75% تقريباً، إلّا أنّ بعض الأطبّاء يشكّكون بفاعليّة هذه الطريقة.
- الحِميات الغذائيّة: تعتمد هذه الطّريقة على التحكّم بالتوازن الأيونيّ للصّوديوم والبوتاسيوم، مقابل الكالسيوم والمغنيسيوم؛ فزيادة نسبة الصّوديوم والبوتاسيوم في الغذاء، وانخفاض نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم، يؤدّيان إلى تغيّر المُستقبِلات الموجودة على جدار البويضة، بحيث تصبح أكثر جذباً للحيوان المنويّ الذكريّ الذي يحمل الكروموسوم (Y)، وترفض الحيوانات المنويّة التي تحمل الكروموسوم (X)، وبهذا تكون نتيجة التّلقيح ذكراً، ويحدث العكس عند زيادة نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم في الدّم، وانخفاض الصّوديوم والبوتاسيوم؛ إذ يتمّ استبعاد الحيوان المنويّ حامل الكروموسوم الذكريّ (Y)، فتكون نتيجة التلقيح والحمل أنثى. وللاستفادة من هذه الطّريقة فعلى السيّدة الالتزام بحميةٍ غذائيّةٍ مدةً زمنيّةً لا تقلّ عن شهرَين قبل الحمل؛ لدعم المخزون الغذائيّ الذي يشجّع الجنس المرغوب به.
- التلقيح الصناعيّ: يعتمد هذا الأسلوب على فصل الحيوانات المنويّة (X)، والحيوانات المنويّة (Y) باستخدام ضوء اللّيزر، والصّبغات، وآلة قياس التدفُّق الخلويّ، وبعد فصل الحيوانات المنويّة، تُحقَن الحيوانات المنويّة المرغوبة في جسم الزّوجة، ونسبة نجاح هذه الطّريقة تصل إلى 91% بين الأزواج الرّاغبين بإنجاب الإناث، ونسبة 73% لأولئك الذين يرغبون إنجاب الذّكور.
- التحكّم بدرجة حموضة الوسط: استخدام هذه الطّريقة يزيد نسبة نجاح ولادة طفلٍ من الذّكور بنسبة 5%، وتعتمد على معرفة أنّ الوسط الحمضيّ يلائم الحيوان المنويّ الأنثويّ، وأنّ الوسط القاعديّ يلائم الحيوان المنويّ الذكريّ، ويمكن التحكّم بدرجة حموضة الوسط بأخذ دوش مهبليّ حامضيّ أو قاعديّ؛ اعتماداً على جنس الجنين المرغوب.
- أطفال الأنابيب (IVF): يبدأ التلقيح الصناعيّ بإعطاء الزوجة أدوية الخصوبة؛ لتحفيز المبيض لإنتاج أكثر من بويضةٍ، ثمّ يُدخِل الطّبيب إبرةً رفيعةً من خلال جدار المهبل؛ لاستخراج البويضات، بعد ذلك يتمّ إخصاب البويضات مع الحيوانات المنويّة في طبقٍ بتريٍّ، وبعد 3-5 أيّامٍ تُفحَص الأجنّة؛ للتأكّد من جنسها، ثمّ يحقن الطّبيب الأجنّة المرغوبة في الرّحم عن طريق إدخال أنبوبٍ رفيعٍ من خلال المهبل وعنق الرحم.