تحديد نوع الجنين
يُعرّف تحديد نوع الجنين (بالإنجليزية: Fetal Gender Selection) على أنّه استخدام التقنيّات الطبيّة لتحديد جنس النسل القادم، ويرتبط هذا المصطلح بعلم الجينات، إذ يمكن استخدام التقنيات الجينيّة لاختيار جنس المولود، ولكن لمفهوم تحديد نوع الجنين آثار وأبعاد متنوّعة، إذ قد يرتبط بالمفاهيم الأخلاقيّة، والقانونيّة، والاجتماعيّة، ومن أهمّ هذه التأثيرات أنّ تحديد نوع الجنين من دون وجود سببٍ طبيّ قد يُسهم في تعزيز التمييز بين الجنسين وخاصّةً التمييز ضد المرأة.
دوافع تحديد نوع الجنين
قد يلجأ الوالدان إلى تحديد نوع الجنين ومعرفته لأسبابٍ عديدةٍ، وتتلخص الدوافع في ثلاثة أهداف رئيسيّة نذكرها فيما يأتي:
- تحقيق التوازن الأسريّ، حيث يقوم الأزواج باختيار إنجاب طفلٍ بجنس معيّنٍ بسبب وجود طفلٍ واحدٍ أو أكثر من الجنس الآخر لديهم.
- تفضيل نوعٍ جنسٍ معيّنٍ على الآخر، ويحدث ذلك نتيجةً لتحيّز بعض المفاهيم الثقافيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة. غالباً ما يكون هذا التحيّز لصالح الذكور، كما وقد يحدث ذلك نتيجةً لبعض القوانين والتشريعات كتلك التي تقتضي إنجاب طفلٍ واحدٍ فقط كما هو الحال في الصين.
- بعض الأسباب الطبيّة؛ كتفادي ولادة طفلٍ مُصاب أو لديه احتماليّة الإصابة بمشكلةٍ صحيّةٍ مرتبطة بالكروموسوم، X وهو أحد الكررموسومات الجنسيّة، حيث يوجد في خلايا الأنثى كرموسومان منه، أمّا عند الذكور فيوجد كروموسومٌ واحدٌ منه وكرمومسومٌ واحدٌ من نوع Y.
طرق تحديد نوع الجنين
يوجد عدّة طرق لتحديد نوع الجنين نذكرها حسب التقسيم الآتي، ومن المهم الإشارة إلى أنه لا توجد طريقة مضمونة النجاح تماماً.
الطرق منخفضة التقنيّة
قد تُستخدَم طرق ذات تقنيات منخفضة (بالإنجليزية: Low-Tech Methods) لتحديد نوع الجنين، لكن للخبراء آراءٌ متعددة فيما يخصّ هذه التقنيات، فمثلاً يقول الطبيب ريتشارد فريدر أخصائيّ الطب النسائيّ في إحدى مستشفيات سانتا مونيكا التابعة لجامعة كاليفورنيا أنّ هذه الطرق غير مُثبتة بعد وأنّ عمل أيّ من هذه الإجراءات لن يكون ذا أهميّة، لكنّها بشكلٍ عام لن تتسبّب في حدوث أضرارٍ حتّى وإن كانت غير فعّالة، وتُحذّر الطبيبة أليسون غونزاليس أخصائيّة الطب النسائيّ في نفس المستشفى من الاعتماد على هذه الطرق فقط حيث إنّها غير مدعّمة بأساسٍ علميّ، لكنّها لا تعارض استخدامها إن لم يتسبّب ذلك في إحداث أضرارٍ للوالدين أو للطفل. من هذه الطرق والتقنيات ما يأتي:
- توقيت الجماع: (بالإنجليزية: Intercourse Timing)، إنّ الجماع الذي يحدث في وقتٍ قريبٍ من وقت الإباضة (بالإنجليزية: Ovulation) يزيد من احتماليّة الحمل بجنينٍ ذكر؛ وذلك لأنّ الحيوانات المنويّة التي تحمل الكروموسومات الذكريّة والتي تُسمّى كروموسوم Y تُعتبر أكثر هشاشةً، لذا كلّما كان توقيت الجماع أقرب للإباضة سيعطي فرصة لهذه الحيوانات المنويّة للالتقاء بالبويضة والسيطرة عليها. بينما تُعتبر الحيوانات المنويّة التي تحمل الكروموسومات الأنثويّة والتي تُسمّى كروموسوم X أكثر قوة.
- التحكّم بالبيئة المهبليّة: إنّ البيئة الحامضيّة للمهبل تُناسب تكوين جنينٍ أنثى بشكلٍ أكبر، ويمكن جعلها حامضيّة عن طريق استخدام غسولٍ مكوّنٍ من الخلّ والماء. بينما تناسب البيئة المهبلية القاعديّة تكوين جنينٍ ذكر، ويمكن جعلها قاعديّة عن طريق استخدام غسولٍ مكوّن من الماء وصودا الخبز.
- العادات الغذائيّة: أُجريت دراسة على 740 امرأةً بريطانيّة في بداية حملهن لدراسة واستذكار العادات الغذائيّة التي اتبعنها خلال السنة السابقة للحمل، وقد تبيّن في نتائج هذه الدراسة أنّ النساء اللواتي تناولن حبوب الإفطار (بالإنجليزية: Breakfast cereals)، والأطعمة الغنيّة بالبوتاسيوم، واللواتي قمن باستهلاك كميّة سعراتٍ حراريّةٍ (بالإنجليزية: Calories) يوميّةٍ بشكلٍ أكبر أنجبن عدداً أكبر من الذكور مقارنةً باللواتي لم يتناولن وجبة الإفطار وكان استهلاكهن للسعرات الحراريّة أقلّ.
- اتّخاذ وضعيّاتٍ مختلفة أثناء الجماع، حيث قد يختلف جنس الجنين بوضعيات معينة.
الطرق عالية التقنيّة
يُمكن استخدام بعض الإجراءات عالية التقنيّة (بالإنجليزية: High-Tech Methods) لتحسين فرصة واحتماليّة تحديد نوع الجنين، ومن هذه التقنيات ما يأتي:
- فصل الحيوانات المنويّة: يتمّ ذلك باستخدام تقنية مايكروسورت (بالإنجليزية: MicroSort)، حيث تستخدم هذه التقنية أشعة الليزر، والصبغات، وجهاز قياس التدفق الخلوي (بالإنجليزية: Flow Cytometer) لفصل الحيوانات المنويّة التي تحمل الكرموسوم X عن الحيوانات المنويّة التي تحمل الكروموسوم Y. تُعتبر هذه الطريقة حاليّاً هي الطريقة الأساسيّة والمعياريةّ لتحديد نوع الجنين.
- الفحص الجينيّ قبل الزرع: (بالإنجليزية: Preimplantation Genetic Diagnosis)، تُستخدم هذه الطريقة لتحديد الحالات المرضيّة والعيوب الجينيّة في الأجنّة، كما أنّها قد تُستخدم لتحديد جنس المولود، حيث يتمّ إجراء الإخصاب المخبريّ المُعتاد للبويضة أو ما يُسمّى بأطفال الأنابيب (بالإنجليزية: In-Vitro Fertilization) وأخذ بعض الخلايا بتقنية مجهريّة بعد مرور حوالي خمسة أيّامٍ، ويتمّ بعدها تجميد الأجنّة بشكلٍ آمنٍ، ومن ثمّ تقييم ودراسة الحمض النووي للخلايا التي تمّ أخذها، وفي حال تم التأكد من عدم وجود مشاكل جينيّةٍ عند الأجنّة يتمّ إرجاع هذه الأجنّة إلى الرحم وانتظار زراعتها والتأكد من فحص الحمل الإيجابيّ، أمّا بالنسبة للأجنّة التي تحتوي على مشاكل جينيّة فيتمّ إتلافها، ويتمّ تجميد الأجنّة السليمة التي لم يتم إرجاعها من أجل الاحتفاظ بها لاستخدامها لاحقاً.
تأثيرات تحديد نوع الجنين وتبِعاته
قد يكون تحديد نوع الجنين انعكاساً للتحيّز الذي تتعرض له المرأة في بعض المجتمعات وللوضع المتدنّي الذي تعيشه المرأة، وقد يتسبّب انعكاس نسبة جنس الأطفال في المجتمع بالتأثير بشكلٍ كبيرٍ على التوازن الطبيعيّ، وقد يتسبّب أيضاً في تحطيم النسيج الاجتماعيّ والأخلاقيّ؛ حيث إنّ وجود نسبةٍ قليلةٍ من الإناث لن يؤدّي إلى تحسين حالة المجتمع ووضعه كما قد يظنّ البعض، بل في المقابل ستزيد نسبة العنف ضدّ المرأة، والاغتصاب، والاختطاف، والاتّجار بهن، وزيادة بعض الممارسات كتعدّد الزيجات. من ناحيةٍ قانونيّةٍ فإنّ منع تقنيات تحديد جنس المولود تهدف إلى منع سوء استخدام بعض التقنيات مثل تصوير الجنين بالموجات فوق الصوتيّة (بالإنجليزية: Ultrasound) لمعرفة جنسه قبل ولادته، حيث إنّه من غير القانونيّ معرفة نوع الجنين بهدف التخلّص من الجنين الأنثى.